بيريز: على سوريا الاختيار بين الحرب والسلام

20-11-2008

بيريز: على سوريا الاختيار بين الحرب والسلام

مرة أخرى تكشف بريطانيا عن أسلوبها في التعامل الملتبس مع الأمور ذات الصلة بإسرائيل والشرق الأوسط. وفيما تستعد الملكة اليزابيث الثانية لمنح الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز اليوم لقب »نبيل« في قصر بكنغهام، كانت جموع طلاب في جامعة أوكسفورد تقاطع خطابه وتلقبه بـ»مجرم الحرب«.
ومع ذلك فإن بيريز الذي يرأس الدولة الوحيدة في العالم التي تصر على وجوب الاعتراف بيهوديتها، حاول تجنيد البريطانيين ضد طهران التي تريد إنشاء »معسكر ديني« في المنطقة. ومن المقرر أن ينهي بيريز زيارة رسمية حافلة في بريطانيا، باجتماع مع رئيس الحكومة غوردن براون اليوم. ويسبق ذلك تسلم لقب »نبيل« من الملكة في حفل خاص يعقد في قصر بكنغهام.
وامتدح بيريز، في خطاب ألقاه أمس أمام مجلسي البرلمان البريطاني، المبادرة العربية، إلا أنه شدد على صعوبة تنفيذها في ظل استمرار تساقط الصواريخ من غزة على المستوطنات الإسرائيلية المحاذية.
وأشار بيريز إلى أن إيران »تحاول أن تفرض صيغتها الدينية على الجميع، حيث ينبغي لمن لا يقبل ذلك أن يختفي عن الخريطة«. وقال إن »القيادة الإيرانية مسكونة بمحاولات فرض الهيمنة الدينية في المنطقة، وهي تدعم هذا التوجه بصواريخ بعيدة المدى، ويورانيوم مخصب وتحريض متعصب، وكل ذلك بتمويل من أسعار نفط مبالغ فيها، فالقيادة الإيرانية معنية بأن تحوّل الشرق الأوسط من منطقة مقسمة إلى دول إلى معسكر ديني واحد. وفي حواراتي مع زعماء عرب أخذت الانطباع بأنهم يعارضون كل نوع من أنواع الكولونيالية الدينية«.
وأشار بيريز إلى أن المبادرة السعودية، التي غدت مبادرة عربية، هي على نقيض اللاءات الثلاث، تدعو إلى سلام إقليمي شامل، ومع ذلك شدد على أن هذه المبادرة لا يمكن أن تحقق أهدافها من دون مفاوضات »إذ ليس بوسعنا قبول كل بنود المبادرة العربية«. وأضاف »في الحقيقة يصعب تقبل عموم المطالب فيها حين لا توافق جهات معينة في المنطقة على السلام، فحماس ترفض السلام عبر استخدام العنف وهي تواصل إطلاق الصواريخ على المدنيين في إسرائيل«.
ودعا بيريز سوريا الى الاختيار بين »السلام أو الحرب« مع إسرائيل، وبين علاقات مع إيران أو الدولة العبرية. وأضاف »لا يمكنهم (السوريون) الهروب من هذا الخيار ... حتى لو كان لديهم الانطباع بأنهم يستطيعون القيام بالاثنين«. وتابع »عليهم الاختيار، إما السلام أو الحرب«، موضحا »إذا ظنوا أنه في إمكانهم إبرام اتفاق سلام مع اسرائيل وإقامة علاقات وثيقة مع ايران وحزب الله فسيدركون« أن هذا الأمر مستحيل.
واعتبر بيريز انه ما من وسيط أميركي محتمل طالب به الرئيس بشار الأسد، سيوافق على أن تتفاوض دمشق مع تل أبيب حول السلام وتقيم علاقات وثيقة مع الإيرانيين. وقال »لا أتصور (وسيطاً) أميركياً يقبل القيام بالاثنين: مساعدة السوريين للتوصل الى اتفاق حول تقاسم الأراضي والمساعدة على إبقاء علاقات وثيقة مع الإيرانيين«.
ومقابل الترحيب الرسمي الواسع ببيريز في بريطانيا، تلقى الرئيس الإسرائيلي سيلا من الاتهامات في خطابه أمس الأول أمام طلاب جامعة أوكسفورد. وقد استقبله الطلاب أولا بلافتات كتب عليها »لا يمكن تسمية من يطور سلاحا نوويا رجل سلام«. وهتفت مجموعات من الطلاب عند حضوره تطالب بتحرير فلسطين وبأن »الاحتلال جريمة«.
ووزعت هذه المجموعات في محيط قاعة المحاضرة نشرات تتهم بيريز بأنه مجرم حرب وبأنه كان »في الأعوام الستين الأخيرة مشاركا ومسؤولا عن الإرهاب الإسرائيلي، وعن الاحتلال المستمر. فهو جند وسلح إرهابيي »الهاغاناه« الذين نفذوا التطهير العرقي في فلسطين عام .١٩٤٨ وهذا الرجل وقف خلف ترسانة السلاح النووي الوحيدة في الشرق الأوسط. وكرئيس لإسرائيل فإنه مسؤول عن تجويع مليون ونصف مليون فلسطيني يعيشون تحت الحصار في قطاع غزة«.
غير أن المفاجأة كانت في انتظار بيريز أثناء المحاضرة التي حضرها حوالى ألف طالب. فقد بدأت المقاطعات له من جانب مجموعة طلاب تهتف ضده باسم ١١ ألف أسير فلسطيني في السجون الإسرائيلية، وأخرى تهتف ضده باسم العائلات التي سلبت أراضيها من أجل إقامة المستوطنات. وهتف آخر باسم مئات آلاف الفلسطينيين الذين هجروا من أرضهم في عام .١٩٤٨
غير أن أحد المقاطعين لم يكتف بالصراخ بل توجه نحو بيريز على المنصة منددا به كقاتل للمدنيين اللبنانيين في مجزرة قانا وكرئيس لدولة التفرقة العنصرية. وقال هذا المقاطع لبيريز: »أنت يا شمعون بيريز مسؤول عن قتل مئة مدني في قانا. أنت مجرم حرب، عليك أن تخجل من نفسك«.

حلمي موسى

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...