غازي الخالدي ترك ارثاً فنياً عملياً ونظرياً ورحل

02-01-2007

غازي الخالدي ترك ارثاً فنياً عملياً ونظرياً ورحل

بعد نصف قرن من مزاولة الفن التشكيلي وتدريسه والكتابة عنه والعمل في أهم مفاصله في سوريا، غيّب الموت الفنان التشكيلي السوري المعروف "غازي الخالدي" تاركاً إرثاً فنياً عملياً ونظرياً، سيبقى يدل ويشير إليه، كلما استعرض تاريخ الفن التشكيلي السوري الحديث.
 ينتمي الفنان الراحل إلى جيل ما بعد الرواد في الحركة الفنية التشكيلية السورية المعاصرة. ولد في دمشق عام 1935. درس الرسم والتصوير في كلية الفنون الجميلة بالقاهرة وتخرّج فيها عام 1962 ليعمل بعدها وحتى العام 1963 رساماً في التلفزيون السوري، ثم مديراً لمركز الفنون التطبيقية بدمشق، ثم نائباً لمدير الفنون الجميلة.شغل منصب أمين سر نقابة الفنون الجميلة، ثم نقيباً لها. كما شغل منصب أمين السر العام لاتحاد الفنانين التشكيليين العرب. بعدها أصبح مسؤولاً عن قطاع الفنون الجميلة في قيادة منظمة طلائع البعث، وظل في هذا المنصب حتى رحيله.
 نفذ الفنان الخالدي أثناء حياته مئات اللوحات المتعددة التقانات الصغيرة منها والجدارية الكبيرة، كما عمل رساماً للموتيفات في عدة صحف ومجلات سورية. وضع حوالي عشرة كتب في الفن والقصص القصيرة، وعلّم الجمال، ونشر آلاف المقالات حول الفن والفنانين السوريين والعرب، وأقام عشرات المعارض الفردية، وله مشاركات عديدة في المعارض الجماعية الداخلية والخارجية، كما حصل على الدكتوراه في علوم الفن من الأكاديمية الملكية في لندن عام 1996.
 أحب الفنان الخالدي مدينته «دمشق» وخصها بعشرات اللوحات التي رصد فيها حاراتها القديمة، ومعالمها الأثرية، ومحيطها من البساتين والقرى والمصايف والمنتزهات، كما كرس معظم نتاجه لقضايا وطنه وأمته، وآخرها نفذ على هذا الصعيد، لوحة عن انتصار المقاومة اللبنانية على العدو الصهيوني خلال الصيف الماضي، عرضها الشهر الماضي في المعرض العام للفنانين التشكيليين السوريين، وقد أنجزها قبل إصابته بمرض مفاجئ لم يمهله أكثر من ثلاثة أشهر في الحياة.
 حافظ الفنان الخالدي في تجربته الفنية، على نوع من الواقعية المبسطة، وعلى الرسم كقيمة أساسية في غالبية لوحاته. مع ذلك، شهدت تجربته تململاً أسلوبياً، ونزعة تجريب ثقافي، جرّب من خلالها، طرائق استخدام عجائن لونية جديدة قادرة على إيجاد وشائج بينه وبين الموضوع المتناول في لوحته «وهو لصيق بالواقع بشكل عام».
 ولأن الفنان الخالدي مارس رسم الموتيفات الصحافية مدة طويلة، احتضنت لوحته سطوة واضحة للرسم على اللون، وبرز فيها الجانب الغرافيكي.
 ارتاد الفنان الخالدي عدة شواطئ في بحر الثقافات اللونية، لكنه كان دائم الارتداد إلى أسلوبه الخاص، ومدرسته الواقعية التي تربى فيها، وأخلص لها خلال مراحل تجربته كافة، وقد قدّم الفنان الخالدي مجموعة متميزة من اللوحات، حملت ألوانها وسامة مرصعة بخبرة ليست سهلة، تنم عن خبرة صاحبها، وتمكنه الواضح من أدوات تعبيره، وعكست في الوقت نفسه سعادته بالحالة التي يرسمها.
 هذه النزعة الانطباعية، كانت تطل بين الحين والآخر، من أعمال الفنان الخالدي، لكنها لم تُشكل إضافات هامة وأساسية على بنائها التشكيلي والتعبيري، كونها كانت نوعاً من الاغتراب في أصول ومكونات تجربته الرئيسية، وليس عنها!!.


محمود شاهين
المصدر: البيان

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...