مستقبل العلاقات السورية- العراقية بعد العدوان الأمريكي على سورية

01-11-2008

مستقبل العلاقات السورية- العراقية بعد العدوان الأمريكي على سورية

الجمل:   بدأت تداعيات الغارة العدوانية الأمريكية تلقي بتداعياتها وظلالها القاتمة على العلاقات السورية- العراقية، هذا وتقول المعلومات بأن بغداد بدأت تدرك العواقب الوخيمة المترتبة على الإجراء العدواني الأمريكي.
أبرز ردود الأفعال على خط دمشق- بغداد:
بعد مرور لحظات من وقوع الغارة العدوانية الأمريكية ضد سوريا، بدا واضحاً عدم تماسك الموقف في بغداد، وبدأت تصريحات نخبة المتعاملين العراقيين أكثر تضارباً، لجهة الانقسام ضمن ثلاثة توجهات:
- مجموعة تعاملت بقدر من اللامبالاة مع الموضوع.
- مجموعة أبدت موقفاً منحازاً إلى جانب أمريكا.
- مجموعة أبدت بعض الأسف على أمل أن تتم معالجة الأمر لاحقاً.
وبتحليل هذه المواقف يتبين لنا، أمرين، هما:
- أن تكون بغداد على علم مسبق بموضوع الغارة، وآثرت أن تقف بعيداً بافتراض أن الأمر يتعلق بنزاع سوري- أمريكي.
- أن تكون بغداد قد شاركت في الإعداد للغارة، وتركت أمر التنفيذ للأمريكيين.
هذا، وبعد حدوث الغارة، سارعت دمشق إلى ممارسة حقها المشروع في مواجهة الاعتداء، وذلك:
- لجهة تحميل واشنطن وبغداد المسؤولية عن الغارة.
- لجهة تفعيل التحركات الدبلوماسية إقليمياً ودولياً.
- لجهة الاحتفاظ بحق الرد.
• سيناريو الأزمة على خط دمشق- بغداد:
برغم إدراك دمشق، وبقية العواصم العربية، والعالمية، بما في ذلك واشنطن وتل أبيب، لطبيعة نخبة المتعاملين العراقيين التي نصبتها سلطات الاحتلال الأمريكي في بغداد، فقد سعت دمشق إلى محاولة أن لا يكون وجود المتعاملين العراقيين في بغداد سبباً للإضرار بالعلاقات السورية- العراقية، وذلك لعدة أسباب، أبرزها:
- تدهور الأوضاع الإنسانية الخاصة بالعراقيين داخل وخارج العراق.
- تعمد دول المنطقة تجنب وتفادي الدخول في الروابط والمعاملات الدبلوماسية مع بغداد.
- مساعدة العراقيين بكافة اتجاهاتهم على التخلص من كارثة الاحتلال الأمريكي.
وعلى خلفية هذه الثوابت، سعت دمشق إلى المشاركة في كل اللقاءات والمؤتمرات الخاصة بدول الجوار الإقليمي العراقي، ولم تقف دمشق موقف المتفرج، وإنما سعت بفعالية لجهة الالتزام بالترتيبات المتفق عليها من أجل ضمان أمن واستقرار وسلامة العراق.. وكان من أبرز ذلك:
- التزام دمشق بضبط الحركة والمعاملات على طول خط الحدود السورية- العراقية..
- التزام دمشق بإقامة العلاقات والروابط الدبلوماسية مع بغداد.
- استقبال واستضافة دمشق لملايين اللاجئين العراقيين.
وبرغم كل هذه الترتيبات والتسهيلات غير المسبوقة، والتي لم تقدمها لبغداد أي دولة من دول الجوار العراقي الأخرى، بما في ذلك إيران الداعمة لتحالف المتعاملين في بغداد، أو السعودية والكويت والأردن، الذين أيدوا ودعمهم الاحتلال الأمريكي في العراق، فإن دمشق كان نصيبها أكبر من الأضرار والمخاطر المهددة لأمنها الوطني والقومي، ومن أبرز هذه المخاطر والمهددات:
- وجود اللاجئين العراقيين بأعداد كبيرة في سوريا.
- تسلل عناصر المتعاملين العراقيين، المرتبطة بالأجهزة والقوات الأمريكية.
- تزايد نشاط شبكات التهريب العراقية
- تسلل المسلحين العراقيين، والسيارات المفخخة العراقية.
هذا، وبخلاف المخاطر والأضرار الاجتماعية الأخرى التي نعف عن ذكرها.. وبرغم كل ذلك:
- تزايدت اتهامات نخبة المتعاملين العراقيين المعادية لدمشق.
- تزايدت اتهامات وتهديدات الإدارة الأمريكية المعادية لدمشق.
- تزايدت نفقات وخسائر دمشق إزاء التزامها بتكثيف الحراسة وضبط حدودها مع العراق، وذلك دعماً لأمن وسلامة العراق والعراقيين.
وعلى خلفية، معايرة حسابات الفرص والمخاطر، فقد بدا واضحاً أن إيجابية دمشق طوال الفترة السابقة لم تجلب الفرص الإيجابية لدمشق، وإنما استغلتها نخبة المتعاملين المسيطرة في بغداد، لجهة محاولة "تقمص" شخصية أمريكا في المنطقة.. وبدأت تصريحات كبار المتعاملين العراقيين.. تحمل قدراً كبيراً من طاقة العجرفة والاستكبار التي تتضمنها تصريحات بوش وديك تشيني، وذلك برغم الفارق الكبير بين جماعة المتعاملين العراقيين.. وجماعة المحافظين الجدد المسيطرة على البيت الأبيض وهو فارق يتمثل في أن جماعة المتعاملين العراقيين توجد ضمن "معتقل" المنطقة الخضراء.. بينما جماعة المحافظين الجدد تسيطر على البيت الأبيض و"معتقل" المنطقة الخضراء.
الغارة العدوانية الأمريكية الأخيرة ضد سوريا، سوف تكون بمثابة الحادثة (س) التي يصفها خبراء علم إدارة الأزمات باعتبارها الحادثة التي سوف تحرك مفاعيل الأزمة التي سوف يترتب عليها مراجعة سوريا لكل مواقفها الإيجابية السابقة إزاء بغداد، وذلك على أساس التساؤلات المشروعة الآتية:
- ما جدوى أن تتحمل دمشق نشر قواتها لضبط أمن الحدود العراقية، متحملة الخسائر البشرية والمالية والمعنوية؟
- لماذا لم تتحمل بغداد مسؤوليتها إزاء أمن الحدود مع سوريا؟
- ما هي فعالية بغداد ومدى قدرتها على تحمل المسؤولية في القيام بالإجراءات الوقائية المستقبلية لمنع تمادي القوات الأمريكية من القيام بمثل هذه الغارة العدوانية؟
- ما مدى مصداقية بغداد إزاء الالتزام بتنفيذ الترتيبات التي يتم التوصل إليها بواسطة دول الجوار الإقليمي العراقي؟
إن انطلاق غارة من أراضي دولة لمهاجمة أراضي دولة أخرى هو عمل عدواني يحرمه القانون الدولي، وإزاء هذا الانتهاك السافر، لم تقم بغداد حتى الآن بالإعلام عن تشكيل لجنة تحقيق للنظر في الحادثة ودراسة تداعياتها ورفع التوصيات اللازمة.
حتى الآن لم تتصرف بغداد بالشكل اللائق والمطلوب لردع هذا العمل العدواني، والعمل على منع تكراره..
• ماذا تحمل الإشارات الجديدة القادمة؟
تقول المعلومات، بأن بغداد سوف ترسل المندوبين لأجل التشاور مع دول الجوار الإقليمي العراقي، وشرح أبعاد " اتفاقية وضع القوات" التي سوف تمنع الإدارة الأمريكية حق إبقاء قواتها على الأراضي العراقية لفترة ثلاثة سنوات على الأقل، وتقول بغداد بأنها طالبت بضرورة تشديد بنود الاتفاقية لجهة:
- تحديد تاريخ محدد نهائي لانسحاب القوات الأمريكية من العراق.
- تأكيد الالتزام القوي بضمان وتعهد عدم استخدام الأراضي العراقية لجهة شن العدوان ضد دول الجوار الإقليمي العراقي..
وأشارت المعلومات إلى أن واشنطن تدرس حالياً إمكانية إضافة التعديلات المطلوبة على بنود الاتفاقية.. والتي تقول واشنطن وبغداد بأنها اتفاقية تسعى لملء الفراغ الذي سوف يحدث عندما تنتهي فترة ولاية قرار مجلس الأمن الدولي الذي اعترف بالاحتلال العسكري الأمريكي للعراق باعتباره "أمراً واقعاً"..
اتفاقية وضع القوات، والتي كما هو واضح سوف توقع عليها "حكومة" المالكي، هي اتفاقية تستبدل الغطاء الدولي الشكلي الذي كان يقدمه قرار مجلس الأمن الدولي، بالغطاء الأمريكي الفعلي الذي يمثله وجود القوات الأمريكية في العراق..
استخدام الأراضي العراقية لاستهداف سوريا، له امتداداته الأخرى، وقبيل حدوث الغارة بيوم واحد أصدرت محكمة ولاية كولومبيا الأمريكية حكماً ضد سوريا يقضي بدفع مبلغ 414 مليون دولار أمريكي لأسر اثنين من المتعاقدين الأمريكيين الذين قطع رأسهما الأردني أبو مصعب الزرقاوي في أيلول (سبتمبر) 2004 والمتعاقدين هما:
- جاك ارمسترونف
- جاك هينسلي
وتقول المعلومات، بأن محكمة ولاية كولومبيا قد استندت في حيثيات الإدانة على:
- تقارير وزارة الخارجية الأمريكية.
- تصريحات المتعاملين العراقيين المعادية لسوريا
- تصريحات كبار المسئولين الأمريكيين المعادية لسوريا
هذا، ومن الواضح أن الإدارة الأمريكية سوف تسعى لاحقاً لمحاولة ابتزاز سوريا، عن طريق احتمالات تطبيق سيناريو يشبه سيناريو تعويضات قضية لوكربي.. هذا إضافة إلى احتمالات استهداف الأموال والأرصدة السورية الموجودة في أمريكا..

الجمل قسم الترجمة والدراسات


 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...