هل ينتقل لقب «هوليود الشرق» من القاهرة إلى دمشق؟

20-08-2008

هل ينتقل لقب «هوليود الشرق» من القاهرة إلى دمشق؟

واحد من الملامح الأساسية للإنتاج الدرامي السوري هذا العام هو الإنتاج المتعدد المصادر، لا من نواح مادية وحسب، بل من النواحي الفنية أيضاً، على نحو لا يعد ممكناً لنا الجزم بـ»هوية« حاسمة للمُنتَج الدرامي، /صبا مبارك وتيم حسن في »صراع على الرمالأي إذا كان سورياً صرفاً أو أردنياً أو مصرياً.. هو أمر يستطيع المتابع أن يلاحظه بسهولة في أكثر من عمل درامي طرح على انه مشروع سوري في الأصل، لكنه قدم بصيغة عربية خالصة.
مراقبة الشراكات الفنية التي يحرص عليها الإنتاج السوري، تجعل مصر تبدو متأخرة في مجال الإنتاج الدرامي العربي المشترك، شكلاً ومضمونا، بالرغم من صيت مصر المكتسب عن جدارة بكونها »هوليود الشرق« والحاضنة لكل الفنانين العرب.
يأتي التمايز السوري في هذا المجال من طبيعية العقلية الإنتاجية والفنية التي تحكم الإنتاج الدرامي في سوريا، فهنا المخرج لا النجم هو الأساس في تشكيل العمل الفني، الأمر الذي يتيح له الخروج من سطوة الممثل »ابن البلد«، باتجاه الممثل الأكثر جدارة وقدرة على تجسيد الدور.. وهو الأمر الذي اعتمده، على سبيل المثال، المخرج حاتم علي هذا العام عندما أسند دور البطولة في مسلسله »صراع على الرمال« للأردنية صبا مبارك.
لطالما أبدى النص الدرامي السوري انفتاحاً على قضايا عربية عامة، يصــح معها الاستعانة بنجوم عرب من دون أن يبدو أي منهم مُقحماً فيها، كما أن هناك رؤوس أمــوال عربــية عديدة وُظفت في الإنتاج الدرامــي السوري، فكان من الطبيعي أن يتوجه هذا الإنتاج لـملايين العرب بشكل عام.
ولعل مسلسل »أسمهان« هو النموذج الأمثل للدراما العربية المشتركة، فمشروع مسلسل »اسمهان« الذي بدأ سورياً خالصاً، حمل مسؤوليته النجم السوري فراس ابراهيم، وعمل عليه وحده طوال أربع سنوات قبل أن يخرج المسلسل الى النور هذا العام.. ولكن بصيغة عربية لا سورية، إذ تقاسم كتابة نص العمل كل من السوريين ممدوح الأطرش وقمر الزمان علوش، وفي حين كتب المخرج نبيل المالح السيناريو، وقام المصري بسيوني عثمان بإتمام المعالجة الدرامية النهائية للعمل. وكما بات معروفاً، يخرج المسلسل التونسي شوقي الماجري وبرفقته طاقم فني وتقني سوري ومصري، بينما يشارك في التمثيل نجوم من سوريا ومصر ولبنان والأردن وأجانب أيضاً، ويتقاسم الانتاج جهتان الأولى سورية هي شركة فراس إبراهيم للإنتاج الفني والأخرى مصرية يمثلها المنتج المصري اسماعيل كتكت.
أما مسلسل »عرب لندن« الذي كتب السيناريو له وأخرجه المخرج السوري أنور قوادري، بدا مع حلم شخصي للنجم السوري عابد فهد، كمنتج وممثل، ولكن المشروع الذي تتطرق حكايته إلى جوانب مهمة من حياة أفراد الجالية العربية في لندن، ترك الأبواب مشرعة لكل الفنانين والفنيين العرب، وفي هذا العمل أيضاً يتقاسم أدوار البطولة نجوم من سوريا ولبنان ومصر والأردن والخليج العربي والمغرب العربي.
وبالمثل جاء مسلسل »عندما تتمرد الأخلاق« بإدارة المخرج السوري الشاب فراس دهني الذي قاد نخبة من نجوم التمثيل في سوريا والجزائر، بالإضافة إلى فنيين من البلدين لتجسيد نص الكاتبة الجزائرية سميحة سعيد خليفة.
إلى جانب المسلسلات السابقة ثمة أعمال سورية عديدة نفذت بمشاركة عربية أبرزها مسلسل »صراع على الرمال« الذي أخرجه حاتم علي، في حين تعود الأفكار وكتابة النص للأمير محمد بن راشد آل مكتوم أما الإنتاج فلتلفزيون »دبي«.
أعمال درامية عربية أخرى جاءت لتصور أحداثها في سوريا واستعانت بطاقم فني وتقني سوري أبرزها المسلسل الكويتي »دندرمة« الذي أخرجه المخرج السوري الشاب وائل رمضان بشراكة مع الممثلين الكويتيين صاحبي المشروع حسن البلام وعبد الناصر درويش، ولكن المخرج رمضان استعان إلى جانبهما بنجوم دراما من سورية والأردن ولبنان والعراق.
وإذا أضفنا إلى كل ذلك التسهيلات التي تقدمها الحكومة الســورية لعملية الإنتاج الدرامي والدعم اللوجستي الذي تبديه لصانعيها.. لا بد من الاعتراف بريادة الســوريين في صناعة دراما عربية مشــتركة بامتياز، ومع اعترافنا هذا يصــبح السؤال مشروعاً: هل ينــتقل لقب »هوليود الشرق« من القــاهرة إلى دمشــق؟

ماهر منصور

المصدر: السفير

التعليقات

الوطن العربي يشكل مساحة جغرافية و سكانية مهمة لإنشاء مركز لصناعة السينما و التلفاز مثل بوليوود الهند. بغض النظر عن كون مركزه سوريا او عمان. و لكن الحقيقة هي ان الشاشة بنوعيها تحتاج الى خزان من اسلوب الحياة يرفدها . و هنا يمكن المقارنة بين مدرستين آسيويتين و هما: الهند و الصين . فالهند تقدم سينما استهلاكية بامتياز . و لا نتحدث هنا عن سينما ثقافية و إنما عن سينما شعبية. الصين هي على الطرف الآخر من هذه الصناعة: فقد عكست الصين في هذه الفن مستوى تطورها و مخزون ثقافتها المتنوع و الجذاب مدعوماً بتقدم لم يكن أحد يتوقعه من الدولة الشيوعية. أعتقد ان الخيار العربي سيكون أقرب الى النموذج الهندي . بسبب واقع الحياة و الإقتصاد. فبعكس الغرب حيث الفيلم يتم تحميله على الأشكال الحضارية الغنية و المنوعة , فإن السينما و التلفاز في بلادنا يعكس مدى فقر سلوكنا و مواردنا الحضارية. فالذهنية لا تزال بدائية مثل اقتصادنا و المثال هو أن المخرجين البساطاء انتقلوا بموضوعاتهم من الحارة الى الفيلا بنفس الطريقة معتقدين أن هذا يشكل نقلة انتاجية. و أن الحياة انتقلت الى مستوى أعلى. و لكن هذا ليس إلا خديعة . فمازالت الكاميرا و الذهنية سياحية ,بمعنى أن المخرج يسمع ببناء جديد فيرغب بتصوير لقطات فيه أو يسمع بظهور بيئة جديدة -اصوليين, محدثي نعمة, حشاشين... فيرغب بتصويرها. يسمع احدهم بكاميرا ديجيتال فيرغب باستعمالها. هكذا بهذه (العفوية )!!!!!! أين تكون ميديلوود أو إيستوود أو ميزاوود او بابيلوود أو أنيوود ليس هو السؤال لأنها ستنتج لكل ناطقي العربية و سيمثل فيها كل العرب و سينتج فيها كل العالم. و سيتم تداولها في كل البلاد العربية. و ستتنقل مواقع التصوير بين جبال رم في ألأردن و صحراء سيناء و أحراش النيل و تحت مياه البحر الأحمر. هل قلت تحت مياه؟؟؟ غداً عشرة مخرجين سوريين سينتجون أفلام تحت الماء و سيتحدثون عن التحديات التي واجهتهم و كيف ذللوا الصعوبات .

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...