الجمعيةالعامةتناقش«غولدستون»والأوروبيون يقطعون طريق مجلس الأمن

05-11-2009

الجمعيةالعامةتناقش«غولدستون»والأوروبيون يقطعون طريق مجلس الأمن

بدأت الجمعية العامة للأمم المتحدة أمس، جلسة علنية للنظر في مشروع قرار عربي يدعو لدعم التوصيات التي وردت في تقرير القاضي الدولي ريتشارد غولدستون، والذي اتهم فيه إسرائيل والفصائل الفلسطينية بارتكاب ما قد يرقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، خلال العدوان الإسرائيلي على غزة.
ويطالب مشروع القرار، الذي من المتوقع التصويت عليه اليوم، بعد الاستماع لإجمالي 43 متحدثا، الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بإحالة التقرير إلى مجلس الأمن، وهي خطوة سبق لبان كي مون أن أبدى تحفظه عليها خشية إغضاب الولايات المتحدة. كما يدعو مشروع القرار، الذي يبدو أن التفاوض ما زال جاريا بشأنه بين الدول العربية والأوروبيين تحديدا، الفلسطينيين والإسرائيليين إلى القيام بتحقيقات مستقلة في الاتهامات التي وردت في تقرير غولدستون. كما يطالب الجمعية العامة للأمم المتحدة بالعودة لمناقشة الملف خلال ثلاثة شهور والنظر في إحالة التقرير إلى مجلس الأمن في حالة عدم قيام إسرائيل والفلسطينيين بالتحقيقات.
ورعت الدول العربية مجتمعة القرار المطروح أمام الجمعية العامة، في ما عدا سوريا التي قال مندوبها بشار الجعفري إنه سيدعم القرار رغم عدم تبني دمشق له بدعوى أنه «ضعيف وأقل من سقف التوقعات كما أنه يساوي بين الضحية والجلاد»، وذلك في إشارة إلى الفقرة الواردة في القرار التي تطالب الفلسطينيين القيام بتحقيق مستقل في الانتهاكات التي أوردها تقرير غولدستون.
وأضاف الجعفري أن دولا إسلامية وأخرى تنتمي لحركة عدم الانحياز أعربت كذلك عن عدم رضاها عن القرار وعدم قيام المجموعة العربية بالتشاور معهم مسبقا وتقديمهم القرار لهم فقط للموافقة. وأوضح إنه كان يتوقع أن يطالب المشروع العربي مجلس الأمن بتناول التقرير مباشرة. وتابع «يجب على مجلس الأمن تحمل مسؤولياته كما هو محدد في الميثاق، وأن يتخذ كل الإجراءات الضرورية لتقدم مرتكبي هذه الجرائم من الإسرائيليين إلى العدالة ووضع حد لاستهتار إسرائيل بالبشرية».
وكان مندوب مصر ماجد عبد العزيز، الذي يرأس مجموعة دول عدم الانحياز، قد أثار لغطا عندما أعلن عند تقديمه لمشروع القرار إنه يحظى بدعم كل الدول العربية «ما عدا ثلاث» وذلك في إشارة إلى سوريا والجزائر والسودان.
ولكن مندوب السودان عبد المحمود عبد الحليم محمد قال لـ«السفير» إن بلاده والجزائر قاما في آخر لحظة بضم اسميهما لقائمة الدول التي ترعى القرار، و«لكن يبدو أن هذه المعلومات لم تكن قد وصلت لزميلنا السفير المصري بعد».
وشدد المندوب المصري في خطابه على ضرورة رفع الحصار المرفوع على غزة، موضحا أن غولدستون أشار في تقريره إلى أن إبقاء الحصار لهذه الفترة الطويلة هو عقاب جماعي قد يرقى إلى درجة جرائم الحرب. كما دعا الدول الأعضاء في الأمم المتحدة لدعم القرار، معتبرا أن من شأن ذلك أن يضع حدا لشعور العرب بازدواجية المعايير الدولية.
وقال مصدر عربي مطلع إن الدول الأوروبية، والتي تشعر أنها في موقف حرج لأنها لا تستطيع أن تعارض قرارا يدعو للمحاسبة عن انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، تحاول التفاوض مع الدول العربية بشأن نقطتين أساسيتين تتعلقان بإعلان مشروع القرار العربي «تأييد» تقرير غولدستون بينما ترغب الدول الأوروبية بالاكتفاء «بالترحيب» بالتقرير. كما أنها لا ترغب في تضمين أي لغة تطالب بنقل الملف إلى مجلس الأمن، ولو عبر الأمين العام، لأن ذلك سيضعها في موقف متعارض مع موقف الولايات المتحدة التي ترفض بشدة تداول الملف في المجلس. وأبدى الروس والصينيين تحفظات كذلك على تداول ملفات لها علاقة بحقوق الإنسان في مجلس الأمن خشـــية تسجــيل سابقة تسمح للدول الغربية لاحقا بطرح ملفات حقوق الإنسان في بلدانهم.
وكان المندوب الفلسطيني رياض منصور حذر، في كلمته، من عواقب السماح لإسرائيل بالإفلات من العقوبة. وقال إن « عدم التغاضي عن هذه الجرائم والالتزام المبدئي بالقانون سيساهم في إنهاء ثقافة الإفلات من العقاب ويضع حدا للجرائم التي تسببت في الكثير من المعاناة وإطالة أمد هذا الصراع المأساوي».
كما حذر من محاولات تهميش تقرير غولدستون والتغاضي عن الاتهامات الخطيرة الواردة فيه. وقال «إذا كانت هذه محاولة جديدة للتغاضي عن الانتهاكات الخطيرة والخروقات الجسيمة التي ارتكبتها، السلطة القائمة بالاحتلال، خلال عدوانها على غزة فإننا نؤكد لهم أن جهودهم ستبوء بالفشل، لأننا عازمون على متابعة هذا التقرير وتوصياته في كافة المحافل الدولية المعنية، بما فيها مجلس الأمن والمحكمة الجنائية الدولية، حتى يتم إحقاق العدل من خلال محاسبة مرتكبي هذه الجرائم والانتهاكات».
وبينما امتنعت الولايات المتحدة عن الحديث في الجلسة رغم حضور القائم بأعمال المندوبة الأميركية اليخاندور وولف للاجتماع، فإن الدول الأوروبية ألقت بيانا موحدا أكدت فيه تأييدها لمبدأ المحاسبة من دون تحديد موقف نهائي من مشروع القرار العربي. ويواصل الطرفان مفاوضاتهم لإدخال تعديلات تجعل القرار أكثر توازنا من وجهة نظر الأوروبيين لكي يصوتوا لصالحه.
وقال مندوب السويد اندريه ليدن إن التقرير يحتوي على معلومات عن انتهاكات خطيرة للقانون الإنساني الدولي بما في ذلك هجمات متعمدة على المدنيين. ووصفه بأنه «تقرير جاد والاتحاد الأوروبي ملتزم بتقييمه بجدية. وإن الاتحاد الأوروبي يضع في الاعتبار توصيات البعثة ويؤكد التزام كل أطراف النزاع باحترام القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان»، ولكن الأوروبيين طالبوا كذلك بوقف الهجمات الصاروخية الفلسطينية وإطلاق سراح الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليت وكذلك السجناء الفلسطينيين في معتقلات إسرائيل.
أما مندوبة إسرائيل غابرييلا شاليف فرفعت مجددا شعار مكافحة «الإرهاب» لتبرير عدوان غزة، وهاجمت مجلس حقوق الإنسان الذي أمر بتشكيل لجنة تقصي الحقائق. وزعمت أن غولدستون تجاهل قيام حماس بشن حربها ضد إسرائيل من مناطق مأهولة بالمدنيين ومن داخل المساجد والمستشفيات. وأضافت إن التقرير يحرم إسرائيل من حقها في الدفاع عن النفس ولا يضع في الاعتبار مؤسساتها القضائية المستقلة التي قامت بالفعل في السابق بالتحقيق في المخالفات التي ترتكبها القوات الإسرائيلية.
وتحدث في الجلسة المسائية مندوب لبنان نواف سلام الذي أقر أمام أعضاء الجمعية العامة بأن غولدستون منحاز، ولكنه «كان منحازا طوال حياته لشيء واحد هو الحقيقة». واستعرض سجل غولدستون كقاض دولي في جنوب أفريقيا ويوغسلافيا السابقة ورواندا، وكذلك ما ذكره هو شخصيا عن علاقته القوية بإسرائيل لكونه يهودي الديانة. ولكنه اعتبر أن «الحملة الشرسة من الاتهامات الموجهة ضد القاضي غولدستون وعمل بعثة تقصي الحقائق لا هدف لها، في رأينا، سوى حرف الأنظار عن جوهر الموضوع، ألا وهو النتائج التي توصّلت إليها هذه البعثة».

المصدر: السفير


 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...