مصر: تشكيك بحقيقة «انتحار» شلبي: قضية «الرشوة» تزداد غموضاً

04-01-2017

مصر: تشكيك بحقيقة «انتحار» شلبي: قضية «الرشوة» تزداد غموضاً

برغم محاولات النائب العام المصري إسدال الستار باكراً على القضية المعروفة إعلامياً بـ«الرشوة الكبرى» في مجلس الدولة (أعلى جهة قضائية مختصة بالقرارات الإدارية) عبر حظر النشر في القضية، بعدما أعلن العثور على المتهم، الأمين العام للمجلس، المستشار وائل شلبي، مشنوقاً في غرفة احتجازه داخل هيئة الرقابة الإدارية.

فبعد ساعات من بدء هذه الهيئة بالتحقيق معه بعد سجنه أربعة أيام على ذمة التحقيق، أثير نبأ «انتحار» المستشار، كنهاية لهذه القضية، لم تزدها إلا غموضاً.
ولا تبدو القضية بحثاً عن فساد بشكل حقيقي في الدولة. ليس فقط لأن المتهم الرئيسي في القضية هو مدير المشتريات في مجلس الدولة، أي إن مصدر أمواله الرئيسي هو تجارة العملة، لكنه أيضاً ذائع الصيت في مجلس الدولة، إذ يمتلك شركات صرافة مسجّلة بأسماء أشقائه، وبحكم طبيعة عمله موظفاً في الدولة، لا يفترض ممارسته نشاطاً تجارياً. أما قضية الفساد الرئيسية، فمرتبطة بإسناد تأثيث مقرّ جديد لمجلس الدولة في سوهاج في صعيد مصر إلى شركة بعينها، وهي عملية مناقصة تجارية لا تتجاوز قيمتها مليوناً و900 ألف جنيه، بينما يصل مبلغ الرشوة الذي يعتقد أنه تقاضاه هو والمستشار الراحل إلى أقل من 200 ألف جنيه (أقل من 8 آلاف دولار).
وبالعودة إلى التفاصيل الكاملة للقضية، فقد أطلع النائب العام رئيس مجلس الدولة على مجريات سير التحقيق في القضية، وطلب رفع الحصانة عن القاضي لاستحالة القبض عليه واستدعائه، في ظل تمتعه بالحصانة القضائية، وهو ما استلزم جلسة طارئة جرى التوافق فيها، على أن يقدم المستشار الراحل استقالته من منصبه.
النائب العام استند في اتهام المستشار المستقيل إلى تسجيل صوتي مع المتهم الرئيسي في القضية، الذي عثر في منزله على نحو 150 مليون جنيه مصري من عملات مختلفة. وسُمع في التسجيل يقول جملة: «خلي الفلوس عندي في البيت»، وهي الجملة التي أدت إلى إسناد الاتهام له، علماً بأن شلبي يُعَدّ من أبرز القضاة الذين انتدبوا في جهات قضائية خلال السنوات الماضية، وعمل مستشاراً لغالبية الوزارات المهمة على مدار أكثر من عشر سنوات.
ونقل قضاة ومحامو شلبي حديثه عن رغبته في الانتحار، بعدما أجبر على الاستقالة التي كان يفترض أن تنهي ملف القضية بالنسبة إليه، إذ رفض الإجابة عن أسئلة المحققين على مدار سبع ساعات، مؤكداً أنه لا يوجد لديه ما يقوله في التحقيق، فيما جاءت الرواية الرسمية بأن شلبي شنق نفسه في حمام غرفة الحجز عبر استخدام الكوفيه الخاصة به. لكن قوة بنيان المستشار الراحل وقصر طول الكوفية طرحا تساؤلات عن الوفاة الغامضة التي قالت الرقابة إنها «اكتُشفت خلال محاولة استدعائه مجدداً لاستكمال التحقيقات قبل نقله إلى سجن طرّة».
التطورات الدراماتيكية السريعة في القضية لم تلقِ فقط بظلالها على التحقيقات، بل أيضاً على قضاة مجلس الدولة الذين تسيطر عليهم حالة من الصدمة نتيجة عدم تصديقهم الرواية الرسمية، وانتحاره قبل استكمال التحقيق معه، علماً بأن الأمين العام الجديد للمجلس استبعد في تصريحات تلفزيونية انتحار القاضي، بينما وصفه والده بالشهيد، ورفض مع عائلته فرضية الانتحار.
بالعودة إلى الساعات التي فصلت بين استقالة المستشار والقبض عليه من فندق «ألماسة» (تابع للقوات المسلحة)، فإنه يعتقد أنها شهدت اتصالات مكثفة أجراها مع مسؤولين عدة، وعدد من أصدقائه، خاصة أن القضية بالرغم من أنها تتعلق بفساد مالي في مبلغ بسيط نسبياً، هي سابقة تاريخية في مجلس الدولة وقضاته الذين يصدرون أحكاماً ضد فساد الحكومة وأخطاء الرئاسة.
ولا تنفصل التطورات السريعة في القضية، عن التصريحات المتضاربة للمصادر بهيئة الرقابة الإدارية والجهات الأمنية، فهناك من يقول إن قضاةً آخرين سيتورطون في القضية، وسيُكشَف عن أسمائهم تباعاً، وهناك آخرون يؤكدون إغلاق الملف لعدم وجود قضايا فساد أخرى، لكن المؤكد أن الهدف من القضية ليس كشف فساد فقط، بل أيضاً «الانتقام» من مجلس الدولة وتشويه صورته أمام الرأي العام، ولا سيما في ظل الأحكام القاسية التي يصدرها ضد الحكومة.
يرتبط هذا التفسير بوضوح بما يحدث مع المجلس خلال الفترة الحالية من محاولات التنكيل ورغبة في إبعاد المستشار يحيي الدكروري الرئيس المقبل للمجلس عن منصبه بإجراء تعديلات على قانون انتخاب رؤساء الهيئات القضائية الذي طرح داخل البرلمان، بالإضافة إلى التشكيك في قضية الرشوة من أصلها، في ظلّ إمكانية أن يكون مصدر الأموال هو تجارة العملة.

المصدر: الأخبار

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...