تقرير يتهم البي بي سي بالتضليل الإعلامي

06-05-2006

تقرير يتهم البي بي سي بالتضليل الإعلامي

اتّهم تقرير أعدّته لجنة مستقلة بهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، اخيرا، المؤسسة الإعلامية بأن تغطيتها للقضية الفلسطينية "مضلّلة" جرّاء تغليبها الحيادية على الموضوعية وكشف حقيقة الصراع العربي- الإسرائيلي كي لا تُغضب أحد الطرفين. غير أن الهيئة دافعت عن معالجتها الإعلامية، مشدّدةً على أنها تلتزم بمعايير مهنية وسياسة تحريرية تساعدها في تحقيق أكبر قدر من الحيادية والشمول في التغطية. 

ووصف التقرير، الذي نشرته جريدة "ذا جارديان" البريطانية ، المواد الصحفية التي تتناول القضية الفلسطينية على وجه الخصوص بأنها "قاصرة" و"مضللة". وقال: إن تغطية الهيئة لا تعكس حجم التحدّيات والممارسات الوحشية التي يعانيها الفلسطينيّون تحت وطأة الاحتلال الإسرائيلي.

وبيّن التقرير أن الهيئة تحرص على انتقاء ألفاظ وعبارات تخرجها عن دائرة النقد، وهو ما قد يؤثّر بالطبع على مصداقيتها منتقدا عدم استعمال كلمة "إرهابي" في رصد الأعمال المسلحة التي يقوم بها الطرفان.

وحثّ التقرير الهيئة على أن تكون أكثر موضوعية في انتقاء الألفاظ والعبارات التي تجسّد ما يدور على الساحتين الإسرائيلية والفلسطينية دون التقليل من شأن هذه الأحداث أو المزايدة عليها، مشيراً إلى ضرورة استخدام لفظ الإرهاب في وصف أعمال العنف بين الجانبين.

ويبرّر بعض المراقبين موقف هيئة الإذاعة البريطانية حيال لفظ "الإرهاب" بأنها تحاول عدم إغضاب الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني. حيث يعتبر الفلسطينيون كافة العمليات التي تستهدف الإسرائيليين "استشهادية" وتندرج ضمن المقاومة المشروعة، في حين يرى الإسرائيليون أن ممارستهم مبرّرة، وتستهدف "الرد" على عمليات فصائل المقاومة.

وركّزت اللجنة في تقريرها بشكل خاص على "عدم تصوير التباين في التجربتين الإسرائيلية والفلسطينية، الذي تعكس حقيقة أن أحدهما مسيطر والآخر يعيش تحت الاحتلال، حيث تتعامل مع ما يحدث وكأن هناك طرفي صراع، دون الحديث عن فلسطين باعتبارها قطراً عربياً محتلاً.

وقالت اللجنة: إن "المحتوى الذي تقدّمه الهيئة فشل في رصد الصراع العربي-الإسرائيلي، بموضوعية، وبدلاً من ذلك عرض صورة منقوصة للأحداث، وبالتالي أصبحت التغطية في نهاية المطاف مضللة وخادعة".

وأوصى التقرير الهيئة بألاّ تدع معايير الموضوعية والحياد-التي تتبنّاها- تقف عائقاً دون تصوير الوضع كما هو من الجانبين، أو أن تصبح بمثابة الحجاب الذي يمنعها من رسم صورة شاملة ومتكاملة للقضية المثارة. كما دعا الهيئة إلى استحداث منصب تحريري رفيع المستوى لتقييم المواد الإعلامية المختلفة, ومدى معالجتها لمختلف القضايا بجرأة وموضوعية دون الإخلال بمعايير الحيادية.

وأضاف التقرير أن هيئة الإذاعة البريطانية في حاجة إلى وضع الصراع العربي الإسرائيلي في سياقه الطبيعي أمام المشاهدين والقرّاء، بحيث يهتمّ القائمون على الهيئة بتوجيه هؤلاء المشاهدين والقراء إلى مصادر تساعدهم على التعمّق في القضية المطروحة وخلفياتها المختلفة.

من جانبه، قال مجلس تعزيز التفاهم العربي البريطاني: إن التقرير مُحقّ في تركيزه على ضعف التغطية فيما يتعلق بالصعوبات والتحديات التي يواجهها الفلسطينيّون في حياتهم اليومية من جرّاء ممارسات الاحتلال الإسرائيلي.

وكان مجلس إدارة هيئة الإذاعة البريطانية قد فوّض لجنة مراجعة مستقلة لرصد تغطيتها للصراع بعد تلقّي الهيئة شكاوى عديدة من الجانبين العربي والإسرائيلي حول هذه التغطية.

وأسندت مهمّة رئاسة لجنة المراجعة إلى كوينتين توماس، وهو مسؤول عن المصنّفات الفنية داخل الهيئة.

يذكر أن تقارير سابقة حول تغطية الهيئة لقضايا حسّاسة أخرى قد امتدحت جودة التغطية الإخبارية لها، وأظهرت وجود "قليل جداً من المواد التي قد يعتبرها البعض تحيّزاً متعمّداً أو غير مقصود"، لكنها حدّدت عدداً من نقاط الضعف الحتمية.

وتضم هيئة الإذاعة البريطانية عدداً من الإذاعات الموجّهة للخارج، وقنوات فضائية مثل "بي بي سي"، و"بي بي سي ورلد" العالمية، و"بي بي سي" الاقتصادية، إضافة إلى موقع إلكتروني بـ33 لغة.

وللهيئة التي يتمّ تمويلها بواسطة الحكومة البريطانية من أموال دافعي الضرائب معايير للتحرير الصحفي والأخلاق المهنية من خلال ميثاق شرف منشور إلكترونياً أقرّه مجلس الإدارة. يشار إلى أن إذاعة البي بي سي بدأت مؤخراً بثّها على موجة ال FM في مدينة غزة.

جدير بالذكر أن اللجنة التي ترأسها سير "كوينتين توماس" رئيس "مجلس تصنيف الأفلام البريطانية" فحصت محتوى ما تنشره هيئة الإذاعة البريطانية في بريطانيا.

وقال كوينتين:" ما تقوم به البي بي سي حاليا جيد في معظمه، بعضه جيد جدا."

لكنه أضاف:" لكن يمكن للبي بي سي أن تقوم بما هو أفضل ويجب عليها أن تفعل ذلك لتحقق المستوى الذهبي الذي تضعه لنفسها في أفضل برامجها."

وقال التقرير إنه بصرف النظر عن بعض الهفوات الفردية التي تتعلق أحيانا بالأسلوب أو اللغة أو الموقف، فإن ما يشير إلى حدوث انحياز ممنهج أو متعمد هو ضئيل."

وقال التقرير "إنه على العكس، فإن هناك أدلة على أن نوعية التقارير المرسلة من مسارح الأحداث عالية الجودة، وأن بعض برامج شؤون الساعة ومواقع البي بي سي على الإنترنت تقدم معلومات تاريخية وغيرها في غاية الأهمية."

لكن التقرير يقول أيضا إن هناك فجوات في التحليل والسياق ووجهة النظر فضلا عن وجود فشل في تقديم الدعم المستمر للمعاييرالتحريرية.

وأضاف التقرير أن الأخبار يعوزها الخلفية التاريخية وأن الأخبار لا توضع في الغالب في سياقها الأوسع، فضلا عن وجود نقص في التحليل المناسب ونقل الأحداث والمواضيع المهمة.

وتوصل التقرير إلى ان مجال الأخبار ورؤيتها ضيق وإن استعمال المراسلين للغة غالبا ما يكون غير منسجم.

وقال التقرير إن استخدام اللغة غالبا ما يكون متضاربا. ويشمل ذلك استخدام كلمات مثل "إرهاب" و "إرهابي".

معلوم أن بي بي سي تنصح صحفييها بتجنب استخدام الكلمة الأخيرة لأنها "يمكن أن تكون عائقا أمام الفهم."

غير أن اللجنة قالت إن على البي بي سي استخدام كلمة "إرهاب" لوصف أي حدث عنيف ضد مدنيين بغرض إحداث الرعب لأهداف إيديولوجية "سواء كان مرتكبوها دولة أم منظمات غير حكومية."

ورد مدير بي بي سي مايكل غريد على التقرير بالقول إنه "مطمئن" لأنه لم يجد انحيازا مقصودا أو ممنهجا.

وأضاف "أن اللجنة اكتشفت الكثير من الأشياء التي تستحق الثناء لكنها أيضا اكتشفت بعض نقاط الضعف في تغطية البي بي سي."

وقال غريد إنه طلب من إدارة البي بي سي النظر في توصيات اللجنة المستقلة وإبلاغ ردها في اجتماع الإدارة في حزيران/يونيو القادم.

وأضاف أن هيئة الإذاعة البريطانية يجب أن تظهر باستمرار جهودها المتواصلة لتلبية المعايير التحريرية العليا لأن الحياد والتجرد هما أهم ضمان لاستقلالية بي بي سي التحريرية.

وقد أشار بيان من إدارة أخبار بي بي سي إلى أن "إجراءات اعتمدت مؤخرا ترمي إلى تعزيز الأداء" مثل تعيين جيريمي براون محررا لشؤون الشرق الأوسط وبدء برنامج رئيسي للتدريب.

وقال بيان إدارة الأخبار:" إننا سعداء لإطراء اللجنة على نوعية وثقل تقاريرنا من مكتب القدس."

وأضاف البيان:" نحن نتفق على أن هناك مزيدا يمكننا فعله لتزويد الجمهور بسياق وفهم أكبر للصراع."

وأردف البيان:" نحن على ثقة أن لدينا البنى التحريرية الصحيحة والآليات الموجودة في مكانها الصحيح لتقديم صحافة عالية الجودة ونزيهة ولضمان أن نستمر في تحقيق تقدم في تطوير ثقل وشمولية ما ننتجه."

وقال البيان:" إن مساهمتهم ستساعد البي بي سي في تقديم أفضل تغطية إخبارية ممكنة لدافعي ضريبة مشاهدة التلفزيون".

هذا ومن المقرر أن يحضّر مديرو البي بي سي التنفيذيون الآن خطة لمجلس حكام الهيئة يفصلون فيه كيف يعتزمون تنفيذ التوصيات المناسبة."

 

المصدر : النبأ

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...