الثلاثي الخطير: ضغط الدم وضغط العين وضغط الدماغ

20-05-2017

الثلاثي الخطير: ضغط الدم وضغط العين وضغط الدماغ

ارتفاع ضغط الدم، وارتفاع ضغط العين، وارتفاع الضغط داخل القحف، ثلاثة أمراض لا يجب التهاون معها لأنها قد تثير مضاعفات دائمة في حال لم يتم اكتشافها وعلاجها قبل فوات الأوان.

ويتسلل ارتفاع ضغط الدم إلى الجسم من دون أن يشعر به صاحبه لأنه لا يعطي عوارض، إلا إذا بلغت أرقامه معدلات عالية أو بعد بطشه بعضو أو أكثر من أعضاء الجسم.

وإذا لم يعالَج ارتفاع الضغط فإنه يفتح الباب أمام اختلاطات عينية وقلبية ودماغية وكلوية وأضرار لا يستهان بها في أعضاء الجسم الأخرى، وكلما طال أمد ارتفاع الضغط الشرياني من دون سيطرة يكون تأثيره على القدرات الذهنية كارثياً على كبار السن، وبينت التجارب أن نسبة التدهور في هذه القدرات أكثر بستة أضعاف، أسوة بالآخرين الذين يملكون ضغطاً طبيعياً.

ومن المهم جداً مراقبة ضغط الدم على مدى أسبوع كامل للحصول على قياسات دقيقة بعيداً عن عيادة الطبيب التي تثير المخاوف وترفع أرقام الضغط، ومن الضروري أخذ القياس في الموعد نفسه من اليوم من أجل استبعاد التقلبات المزاجية التي تؤثر فيه، ويفضل إجراء القياس قبل تناول وجبتي الفطور والعشاء وبعد الحصول على فترة من الراحة. والوسيلة المثالية للتحقق من ارتفاع الضغط هو إجراء اختبار قياس الضغط على مسجلة لمدة 24 ساعة متواصلة.

وإذا أثبتت التحريات أن هناك ارتفاعاً في مستوى ضغط الدم فإن تغيير أسلوب الحياة يصبح أمراً لا مفر منه، وهو يقوم أساساً على الاستغناء عن تناول الملح، والتغذية السليمة المتوازنة، وممارسة الأنشطة الرياضية بوتيرة مستمرة، وخفض الوزن في حال وجوده. وإذا فشلت هذه التدابير في خفض أرقام الضغط إلى حدودها المعترف بها في الوسط الطبي فلا بد وقتئذ من تناول الأدوية لتفادي أخطار ارتفاع الضغط المستمر.

نصل الآن إلى المرض الثاني الذي ينشأ هو الآخر بصمت وهو ارتفاع ضغط العين الذي يعد عامل الخطر الأكبر في الإصابة بمرض الغلوكوما (المياه الزرقاء في العامية)، الذي يمكن أن يؤدي في حال عدم علاجه إلى أضرار بالغة في العصب البصري وربما إلى الإصابة بالعمى.

وتملك السوائل داخل العين ضغطاً طبيعياً هو الذي يعطيها شكلها الدائري، كما يساهم في تنظيم حركة مرور المواد الغذائية والأوكسيجين من الدم إلى أنسجة العين، وإذا زاد ضغط السوائل داخل العين عن حد معين فإن العصب البصري يتعرض للضرر وتظهر مشاكل على صعيد الرؤية.

ولتفادي الأخطار التي يتركها ارتفاع ضغط العين على العصب البصري وعلى الرؤية ينصح كل شخص فوق الأربعين من العمر بزيارة طبيب العيون مرة كل سنة أو سنتين، وفي فترات أقرب في حال وجود خلفية عائلية.

ولا بد هنا من الإشارة إلى مسألة في غاية الأهمية هي أن بعض المرضى لا يحصل لديه ارتفاع في ضغط العين في النهار وإنما في الليل، من هنا فإنه لا يتم رصد ارتفاع ضغط العين عند هؤلاء خلال مواعيد الكشف في النهار، وبالتالي لا يتم رسم صورة دقيقة للخطر الذي يتهددهم.

ويتم علاج ارتفاع الضغط داخل العين دوائياً أو جراحياً، ويمكن لبعض النصائح البسيطة أن تساهم في خفض أرقام الضغط داخل العين، مثل شرب الماء بكميات خفيفة على دفعات، وممارسة الرياضة المستمرة.

يبقى المرض الثالث، وهو ارتفاع الضغط داخل القحف الذي يمكن أن يحدث فجأة أو في شكل تدريجي، وتكمن خطورته في تأثيره المباشر على تدفق الدم إلى داخل الرأس، وبالتالي على التروية الدماغية التي تحمل معها الغذاء والماء والهواء، ولا غرابة في هذا إذا عرفنا أن القحف هو عبارة عن حيز مغلق غير قابل للتمدد، من هنا فإن أي ارتفاع في الضغط داخل هذا الحيز يمكن أن يسحق أنسجة المخ ومكوناته، ما يؤدي إلى اضطرابات عصبية لا تحمد عقباها.

ويشاهد ارتفاع الضغط داخل القحف في أي عمر، لكنه أكثر حدوثاً بعد منتصف العقد الخامس، ولدى النساء أكثر من الرجال. وهو ينشأ نتيجة عدد من الأسباب، مثل الأورام الدماغية، والتهابات الدماغ، واستسقاء الدماغ (تراكم السوائل داخل أجواف المخ)، وإثر الإصابة بأمراض عصبية وبعض العلل الجهازية. وهناك حالات من ارتفاع الضغط داخل القحف مجهولة السبب.

ويتظاهر ارتفاع الضغط داخل القحف عند الكبار بصداع نابض وغثيان وتقيؤ وتشوش في الرؤية وطنين في الأذنين ونعاس وتشوش ذهني واضطرابات في نظم القلب والتنفس، ومشاكل على صعيد الوعي والإحساس.

إن العوارض المذكورة يجب أن تدفع إلى الشك بوجود ارتفاع الضغط داخل القحف، ولا بد في هذه الحال من إخضاع المريض لعدد من الفحوص الطبية، مثل إجراء التصوير المقطعي أو التصوير بالرنين المغناطيسي وعمل البزل القطني.

وإذا ما تأكد تشخيص ارتفاع الضغط داخل الجمجمة فعندها يجب الإسراع في اتخاذ التدابير الكفيلة التي تسمح بالشفاء منه ومنع حدوث الاختلاطات. ومن أبرز هذه التدابير: خفض الضغط المرتفع داخل القحف، وإعطاء مدرات البول، والحفاظ على الكمية المناسبة من السائل الدماغي الشوكي، وضبط السوائل والأملاح المعدنية في الجسم، والوقاية من العدوى.

ويجب أن يخضع المصاب للمراقبة المستمرة طيلة حياته لمنع حدوث هجمات ارتفاع الضغط داخل القحف التي تميل إلى الظهور من حين إلى آخر.

المصدر: الحياة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...