الخرطوم من قمة اللاءات إلى قمة التشرذم

29-03-2006

الخرطوم من قمة اللاءات إلى قمة التشرذم

اختتمت القمة العربية اجتماعها الثامن عشر بإعلان اعتيادي يؤكد تجديد القادة العرب لمجمل مواقفهم السابقة، وفيما كانت تعول السودان على نجاح هذه القمة، بعد مضي حوالي أربعة عقود على قمة الخرطوم  التي عرفت بقمة اللاءات الشهيرة "لا صلح لا اعتراف لا تفاوض" بعد نكسة 1967 ، جاءت قمة اليوم على الضد مما تشتهي السفن العربية مع دخول الاحتلال الأمريكي للعراق عامه الرابع، وفي وقت تعاني فيه الدول العربية من ضغوط أمريكية كبيرةو تأزم الوضع في منطقة الشرق الأوسط جراء تعطل عملية السلام، وتوتر العلاقات السورية ـ اللبنانية، ... إلخ من مشكلات وتحديات ، كان من المتوقع أن يأتي اجتماع القمة على مستوى يتناسب وحجمها، إلا أن هذا الاجتماع عقد بغياب ثمانية من الزعماء العرب، ما فسره محللون بعدة أسباب منها استجابة بعض الدول إلى الضغوط الأميركية، أو هواجس أمنية وعدم الاطمئنان للإجراءات الأمنية السودانية، أو بسبب الخلافات بين بعض الدول العربية وبينهم الدول المضيفة . فيما ذهب فريق آخر نحو اعتبار التشرذم العربي كما عبرت عنه القمة في اجتماعها الأخير أحد نتائج الضغوط الأمريكية،  فالدول التي حضرت هي في غالبيتهامن تلك الواقعة تحت الضغط  المباشر مثل "سوريا ، فلسطين ولبنان" ودول أخرى لا مشاكل بينها وبين الولايات المتحدة الأمريكية، تمنعها من حضور القمة، كما فضلت دول أخرى كمصر والسعودية، الاهتمام بتحسين علاقتها مع أمريكا على المشاركة في هكذا اجتماع  كان سيبدو روتيني جداً، لولا الملهاة الليبية في المقاطعة ، و لولا ايضاً وهو الأهم الفنتازيا اللبنانية، التي بدأت بمشادة كلامية بين الرئيس أميل لحود ورئيس وزرائه فؤاد السنيورة ، وتصاعدت مع إصدار الأخير بيان يتهم فيه لحود بعرقلة الحوار اللبناني،ولم تنته بتصريحات في مؤتمر صحفي أو في دردشات في طائرة العودة الطيارة، وبالطبع لم يكن حال الوفد العراقي أفضل كثيراً، بعد أن غزت الخلافات الوفد الواحد، وبات كثير من القضايا يسبب الحرج لأعضاءه فيما بينهم، فما بالنا بالاحراجات التي تسببها للقادة ؟ لتستحق قمة الخرطوم عن جدارة وصفها بقمة الشرذمة، أما اللاءات الخرطوم، فقد تكررت على نحو آخر  يصح فيه تعليق أحد الصحافيين بيت شعر للفرزدق قاله في زين العابدين:
ماقال لا قط إلا في تشهده       لولا التشهد كانت لائه نعم
وهكذا جاء إعلان الخرطوم الذي تلاه الأمين العام لجامعة الدول العربية، عمرو موسى، في الجلسة الختامية، ليؤكد تمسك القادة العرب مجدداً بالمبادرة العربية للسلام التي أقرتها قمة بيروت عام 2002 ورفضهم الإجراءات الإسرائيلية أحادية الجانب وأشادتهم بالممارسة الديمقراطية في فلسطين ونزاهة الانتخابات التشريعية. وإعرابهم عن تأييدهم التام للسلطة الوطنية الفلسطينية وقيادتها، كما دعا الإعلان المجتمع الدولي إلى احترام إرادة الشعب الفلسطيني. ومن جانب آخر أكدوا على ضرورة تبنى ثقافة الحوار والتحالف مع الحضارات والأديان تكريسا للأمن والسلم الدوليين وترسيخا لقيم التسامح والتعايش السلمي، معلنين رفضهم الحازم وإدانتهم القاطعة للإساءة والتطاول على الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وأى مساس بالأديان أو رموزها أو بقيم الإيمان الروحية، كما جدد القادة العرب تضامنهم مع الشعب العراقي واحترام سيادة العراق ووحدة أراضيه وحريته واستقلاله وعدم التدخل فى شئونه الداخلية.
ومن أبرز القرارات التي اتخذها العرب في قمتهم رفض خطة زعيم حزب كاديما رئيس الوزراء الإسرائيلي بالوكالة إيهود أولمرت لرسم حدود إسرائيل من جانب واحد. كما قررت القمة تخصيص مبلغ 155 مليون دولار للمساهمة في تمويل القوات الأفريقية العاملة في دارفور خلال الأشهر الستة القادمة. وبخصوص الوضع اللبناني اعتمدت القمة صيغة تدعم لبنان في "سعيه لاستعادة مزارع شبعا" واعتبار "المقاومة اللبنانية هي تعبير صادق وطبيعي عن حق الشعب اللبناني في تحرير أرضه والدفاع عن كرامته في مواجهة الاعتداءات والأطماع الإسرائيلية".
وفيما اعتذرت السعودية عن استضافة اجتماع القمة القادم، اعلن أنه سيتم عقده في القاهرة في آذار العام القادم،  هذا إذا بقيت الجامعة العربي على حالها ولم تتحول كما يطالب البعض الى مؤسسة لنشر اللغة والثقافة العربية

 

الجمل

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...