قلوب الشباب السوريين «ضحية» السمنة والنارجيلة ومتاعب الحياة

09-09-2008

قلوب الشباب السوريين «ضحية» السمنة والنارجيلة ومتاعب الحياة

أعداد متزايدة من شباب في مقتبل العمر يرقدون في أقسام أمراض القلب في المستشفيات السورية وكأنهم يتنافسون مع الشيوخ على شغل غرفها. ظاهرة باتت لافتة تشير إلى أن هذه الأمراض وفي مقدمها الذبحة الصدرية وارتفاع ضغط الدم وتصلب الشرايين لم تعد واسعة الانتشار بين كبار السن فقط، بل أضحت من الأمراض المنتشرة في صفوف الشباب في شكل بدأ يدق ناقوس الخطر.

أمراض القلب المتزايدة لدى الشباب لا تعود إلى أعراض جسدية بمقدار ما تعود إلى عوامل نفسية على علاقة مباشرة بتوترات الحياة اليومية وصعوبتها. وفي هذا الإطار تبرز امراض ارتفاع ضغط الدم الناجمة عن غياب آفاق مستقبل إيجابية للشباب بدءاً من تأمين لقمة العيش مروراً بتكوين الأسرة وانتهاءً بتأمين السكن. «حاولت الحصول على عمل إضافي يساعدني على توفير بيت زوجية لكنني لم أوفق»، يقول هادي (30 سنة) الذي يعاني ضغط دم مرتفعاً جراء حالة نفسية نتيجة التفكير بالمستقبل وتأمين لقمة العيش.

وتوافق الدكتورة أميمة ناصر، أستاذة الأحياء الدقيقة في الجامعات السورية، على فكرة إن غياب الأمل يؤدي إلى اليأس والتشاؤم اللذين بدورهما يتسببان بجلطة دماغية، ومن خلال تجربتها مع طلابها اتضح لها إن أمراض القلب لدى الشباب تزداد بعد التخرج بسبب عدم إيجاد فرص العمل. وتقول: «يتمنى طلاب كثر ممن تخرجوا لو أنهم ما زالوا طلاباً ويعللون ذلك بأنهم كانوا يعتقدون إن الحياة أفضل بعد التخرج لكنهم يكتشفون العكس».

إضافة إلى توتر الحياة اليومية والضغوط، هناك عامل انتشار السمنة بين الشباب وخصوصاً الفتيات اللواتي لا يمارسن الكثير من التمارين الرياضية وتعتقد غالبيتهن أن الشاب يفضل الفتاة السمينة صاحبة لحم وشحم يهتز كلما تحركت. «إنها صورة المرأة العربية الملآنة التي يحبها الرجل الشرقي»، تقول جمانة (28 سنة). وللمرة الأولى أصبحت بعض الفتيات السوريات يفخرن بالكيلوغرامات الزائدة غير آبهات بعواقب السمنة على صحتهن، والأمر الذي يتيح لهن التمتع بما لذ وطاب من دون ان يضطررن إلى تقليد جماعة «ما إلك إلا هيفاء». «الشاب يفضل الفتاة السمينة على النحيلة»، تضيف عبير التي تحاول جاهدة أن يبلغ وزنها خمسة وستين كيلوغراماً.

أما العامل الثالث الذي لا يقل خطورة عن العاملين السابقين فيتمثل في موضة جديدة تضاف إلى موضة التدخين وتدعى النارجيلة! فجأة، ومن دون مقدمات، اجتاحت النرجيلة والسجائر جلسات الشباب وحتى المراهقين في اعمار دون الخامسة عشرة وبالتالي ضاعفت فرص الإصابة بتصلب الشرايين. وتواجه النرجيلة وهي «في طريقها للمجد» كما يقول عنها الشباب تيارين كبيرين. أحدهما يعارضها ويضمها إلى قائمة مسببات الأمراض التي تصيب القلب على رغم أن غالبية المرضى قد لا يشعرون بأي أعراض إلا إنهم يشعرون بالدوخة وعدم التوازن والتعب أو الصداع، والثاني يرحبون بها باعتبارها «أفضل من السجائر» وظاهرة شبابية لا بد من مجاراتها. وينظر البعض لزملائهم من غير المدخنين على أنهم «رجعيون» ولا يواكبون الموضة فيبدأ الهمس واللمز حولهم في الجلسات. ويقول عامر (26 سنة) إنه يجد نفسه مضطراً أحياناً لتدخين النارجيلة خوفاً من تأنيب أصدقائه له. وعند سؤال بعض الشباب المصابين بأمراض القلب عن ضرورة الكف عن النارجيلة والتدخين، يسارعون إلى إلقاء اللوم على القدر وإن «من له عمر لا تقتله شدة».

عفراء محمد

المصدر: الحياة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...