مشافي الجنوب تعوض نقص الأدوية بالأعشاب البرية

13-08-2006

مشافي الجنوب تعوض نقص الأدوية بالأعشاب البرية

هل تُضاف ساقا الدركي اللبناني المُصاب في مستشفى تبنين في الجنوب الى قائمة المجازر الاسرائيلية، بعدما تعفنتا وأصيبتا بمرض الغرغرينا وباتتا مُهددتين بالبتر؟ لم تكن اصابته قوية، لكن ذلك الشاب وجد نفسه مُحاصراً بفعل التدمير المنهجي للبنية التحتية الذي مارسته اسرائيل خلال شهر من عدوانها على لبنان. لم تعد الطرق في قرى الجنوب اللبناني تصل الى أي مكان، ولم يتمكن المُصاب الذي قضى عمره في حفظ أمن الناس من الوصول الى مستشفى. ولم يجد مُعالجوه دواء سوى عشب الطيون و... البن. حاولوا استعمالهما، مع ما تيسر من مُزق قماش شُكّلت كضمادات، لوقف النزيف. لم يتوقف خيط الدم، وساهم العلاج البدائي في منع التغذية الدموية من الوصول الى رجلي الشاب. فازرقّتا ثم شحبتا واسودّتا، وشرعت رائحة كريهة تتصاعد منهما. انها الغرغرينا. وفي هدأة من القصف، تمكنت سيارة للدفاع المدني من نقل الشاب، مع بقية طاقم المستشفى، الى صور المحاصرة، حيث يحاول جراحون دفع شبح البتر عن ساقيه. هل تنجح محاولة اللحظة الأخيرة، أم يصبح المُصاب مقطّع الأوصال، كأنه صورة مُصغرة للوطن الذي أمعنت الطائرات الحربية الاسرائيلية في تقطيع أوصاله على مدار شهر من انفلات العنف الهمجي؟

في حديث الى «الحياة»، وضع وزير الصحة اللبناني الطبيب محمد جواد خليفة يده على الجرح مباشرة: «لم تعد المُعالجات الجزئية تكفي. لا يمكن الوضع الصحي ان يصمد بالمساعدات الجزئية، وهي مشكورة، لأن اسرائيل تدفع الوضع في لبنان الى صورة تُشبه الصومال وأفغانستان، عبر التدمير المنهجي للبلد بأسره. ولو أن دولة كبرى مثل اميركا تعرضت لما يكابده لبنان، لانهارت. نحاول الصمود... اليوم قُتل 7 مسعفين في الشمال، ومنذ شهر تستهدف الطائرات سيارات الاسعاف، مخالفة القوانين الدولية، كما تستهدف شاحنات المساعدات. يمكننا تأمين بعض الامدادات، ولكن ثمة مشكلة هائلة في تأمين الفيول والمازوت للمستشفيات، كي تُشغّل المولّدات التي تنهار الخدمات الطبية من دونها إذ تصبح مستحيلة. نتعاون مع الجهات الدولية، لكن اسرائيل تتعنت. ابلغتنا منظمة الصحة العالمية اليوم (امس) ان اسرائيل سمحت بنقل كميات مُحددة من الفيول والمازوت، لكنها اشترطت ان يجرى النقل بالبراميل وليس بالصهاريج، ما يحد كثيراً من القدرة على ايصال كميات مناسبة من الوقود للمستشفيات، خصوصاً ان الحاجة تتزايد مع استمرار العدوان وارتفاع اعداد الجرحى على مدار الساعة». واستخلص الوزير: «نعيش كارثة كبرى. اليوم اقفِل مستشفى مرجعيون، بسبب نفاد الوقود والماء، والتحق بمستشفيات ميس الجبل وبنت جبيل. لا مستشفيات تعمل في القطاع الشرقي. تسألني ماذا يحصل إذا لم تُحل تلك المشكلة؟ الذين يجرحون الآن لا يجدون من يسعفهم، ويحوم الموت فوق رؤوس جرحى المستشفيات العاملة».

يهدج صوت الدكتور حسن وزني، مدير مستشفى النبطية الحكومي في وصف ما يعانيه الناس: «لن نتمكن من الاستمرار اكثر من يومين، إذا لم يصلنا الوقود. أمس استعملت آخر مثبت للعظام، وأُقنن في استعمال المسكنات وأدوية الالتهابات، على رغم انني أعالج حالات جراحية صعبة». ويشدد وزني على ان «برّاد المستشفى يضيق بالجثث».

ويحدث الدكتور محمد قبلان عن الأيام الأخيرة التي سبقت اقفال مستشفى ميس الجبل الحدودية، قبل اسبوع: «لم يبقَ لدى الطاقم الطبي (34 شخصاً) سوى غالون ماء تقاسمناه على مدى 5 أيام، ثم عانينا الظمأ ثلاثة أيام قبل ان نخرج على مسؤوليتنا الشخصية، لأن الصليب الأحمر الدولي رفض حتى تأمين سلامتنا، من دون سبب واضح! قبل ذلك، استقبلنا عشرات من جرحى العدوان، وعالجناهم. نقلنا الحالات الخطرة الى بيروت، مع دخول القوات الاسرائيلية، اضطررنا الى اقفال المستشفى... لم نتلقَ أي مساعدة خلال العدوان».

ولاستكمال صورة المستشفيات تحت العدوان، أفادت وكالات انباء ان قوات الاحتلال الاسرائيلي منعت باخرة تنقل مساعدات ومواد غذائية تابعة للصليب الاحمر من دخول مرفأ صور، فيما يصر العدو على منع مرور قافلات الصليب الأحمر عبر خط القاسمية.

المصدر: الحياة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...