جنازة شعبية لمحفوظ كما أوصى وأدباء سوريون يودعونه

01-09-2006

جنازة شعبية لمحفوظ كما أوصى وأدباء سوريون يودعونه

شارك المئات من محبي وأصدقاء ومريدي وقراء الأديب العالمي الكبير نجيب محفوظ وجيرانه بحي الجمالية في تشييع جنازته الشعبية صباح أمس الخميس من مسجد الإمام الحسين‏,‏ تنفيذا لوصيته التي أوصي بها زوجته وأصدقاءه المقربين.‏

وكان محفوظ طلب أن يتم تشييع جثمانه من مسقط رأسه والمكان الذي عاش فيه فترة شبابه وخرجت من بين أحيائه جميع إبداعاته الفنية‏.

وفي تمام الساعة التاسعة والنصف من صباح أمس وصلت إلي ميدان الحسين سيارة تحمل جثمان الفقيد الراحل وسط إجراءات أمنية غير مسبوقة‏,‏ وبالرغم من ذلك نجح الأهالي في حمل الجثمان إلي داخل مسجد الإمام الحسين‏.

وتقدم المصلين في صلاة الجنازة علي الراحل الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر‏,‏ وشارك فيها كل من: الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية‏,‏ والدكتور محمود حمدي زقزوق وزير الأوقاف‏,‏ والمئات من المصريين وعدد كبير من الجنسيات العربية والآسيوية ممن اكتظ بهم المسجد عن آخره‏.

وعقب الصلاة ردد شيخ الأزهر الدعاء للأديب الراحل بأن يتغمده الله بواسع رحمته‏,‏ لأنه قدم لمصر وللأمة العربية العديد من الأعمال الإنسانية‏,‏ وأسهم بالخروج بالرواية المصرية الي العالمية‏,‏ فهو عملاق الأدب العربي في العصر الحديث‏.‏

وعقب انتهاء المصلين من صلاة الجنازة علي الأديب الراحل‏,‏ تم وضع جثمانه داخل سيارة خاصة تحيطها العديد من السيارات؛ حيث انطلقت به إلي مسجد آل رشدان  حيث انطلقت الجنازة العسكرية‏ يتقدمها الرئيس المصري حسني مبارك وكبار رجال الدولة ، وحمل الجثمان على عربة مدفع يجرها الخيول  على وقع الموسيقى العسكرية.
وفي بيروت نشرت جريد السفير كلمات وداعية لأدباء عرب تحدثت عن مكانة نجيب محفوظ الأدبية وتأثيره في الثقافة العربية ، ومن السوريين المشاركين:
 الروائي فواز حداد الذي قال :يرحل محفوظ بعد أن أكمل مشواره مع الحياة التي أجاد كتابتها روائياً، وشكل في عالمنا الأدبي مرجعية ثقافية واجتماعية، وأحياناً سياسية. وكان إنجازه الأهم الذي أراده وعمل عليه، نجاحه في وضع الرواية العربية على طريق واضحة، مثمرة وبلا نهاية، موفراً على من جاء بعده الكثير من التخبط. لم يصبح العمل الروائي أقل عناء ولا خطورة، وإنما أكثر جلاء وعنفواناً. وسواء ابتكر محفوظ أم استعار أشكالاً غربية، تبقى مأثرته العالية، أنه طوّعها للعربية، من دون حذلقة ولا افتعال، وأكد على الأخذ مع الإضافة. لم يكن متأثراً سلبياً، كان روائياً فاعلاً، مبتكراً ورائداً، وما قدّمه لا يضارعه به كاتب من ناحية شموله واتساع آفاقه وغنى مراحله. يحمد له بأنه كان أستاذاً متواضعاً لعدة أجيال، تعلمت منه، سواء الذين اعترفوا بتأثيره أو الذين أنكروا أستاذيته؛ الجميع مدينون له.
نجيب محفوظ لم يختطفه الموت، ذهب إليه وكأنه يكتب رواية أخرى، راودته طوال حياته، وإذا كان من رسالة كُلف بحملها، فقد أتمّها على أحسن وجه، لكن ودّعنا بشيء من الألم العميق: أحوال الأمة ليست بخير.
أما اللأديب شوقي بغدادي فقد اعتبر رحيل محفوظ نكبة ثانية وقال : هكذا دفعة واحدة تقفز إلى وجداني عوالم هذا الروائي الكبير مع خبر موته الفاجع بدءاً من روايته التاريخية إلى الاجتماعية إلى السياسية إلى الفانتازية، إلى مذكراته، إلى كل كلمة قدّمها أو تصريح تفوّه به، كي أتأكد من خلود هذا الرجل الكبير الذي أذكره الآن وقلبي يكاد يتفتت على وطني العربي المصاب بألف داء وداء، وكأن موت نجيب محفوظ لم يأت إلا في سياق النكبات الكبرى. غير أنني أتفاءل بذكراه، هذه الذكرى التي تعلمنا الكثير، نحن المثقفين المغلوبين على أمرنا، تعلمنا الصبر والاستمرار وحب السلام والعدالة والحرية والشجاعة في قول الرأي، والإيمان بالناس الذين نعيش معهم، والأرض التي نحيا فوقها. تلك هي دروس نجيب محفوظ المحفورة في قلبي. لقد مات الجسد في نجيب محفوظ كي تبقى الروح وحدها، وليس لهذا من معنى سوى أن نجيب محفوظ لم يمت، ولن يموت.
القاص ابراهيم صموئيل قال:ربحناه وربحه الأدب ، لم يكن خبر رحيل أديبنا الكبير نجيب محفوظ فاجعة، فالفاجعة، على نحو ما، تتضمن الخسارة، أو الفقدان. نحن لم نخسر نجيب محفوظ، ربحناه وربحه الأدب العربي الحديث برمته. ولم نفتقده، لأنه فينا منذ أن تعلمنا ما معنى مفردة الأدب، ولنا منذ أن عانينا، وبنا طالما نحن أحياء.


المصدر: اتحاد الاذعات العربية + السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...