الحكومة الفرنسية تزيد معاشات المحاربين القدامى بسبب فيلم

05-10-2006

الحكومة الفرنسية تزيد معاشات المحاربين القدامى بسبب فيلم

نجح فيلم "السكان الاصليون" الذي يحكي عن تضحيات الجنود الافارقة على الخطوط الامامية خلال الحرب العالمية الثانية في مواجهة النازي دفاعا عن فرنسا في التأثير على السياسة الفرنسية تجاه المحاربين القدامى من مواطني مستعمراتها السابقة. ولكن بعض المحاربين الافارقة القدامى يقولون ان تصرف الحكومة جاء متأخرا للغاية ولا يقدم الا القليل.

وقررت الحكومة الفرنسية يوم 27 سبتمبر ايلول زيادة معاشات الاف المحاربين القدامى في الخارج الذين قاتلوا دفاعا عن فرنسا في الحرب العالمية الثانية لتتساوى في نهاية الامر مع معاشات تعادل ما يحصل عليه نظراؤهم الفرنسيون.

وتزامن هذا الاجراء مع عرض الفيلم الذي انتجه واخرجه الجزائري رشاد بوشارب وبعد ان شاهد الرئيس الفرنسي عرضا للفيلم وتأثر به وطالب باتخاذ اجراء بشأن التفاوت في المعاشات.

وقال رئيس الوزراء الفرنسي دومينيك دو فيلبان في اجتماع للمحاربين الافارقة القدامى يوم الاول من اكتوبر تشرين الاول "طوال نحو أربعين عاما لم يحصل الرجال الذين قاتلوا في نفس الوحدات ونفس الخطوط الامامية (مع الجنود الفرنسيين الاوروبيين) على نفس التقدير من فرنسا. قررنا ان نفعل المزيد لتقدير هؤلاء الرجال. سنعيد التوزان بين معاشات الجنود الفرنسيين والمحاربين القدامى في الخارج."

وقاتل ما يزيد على 250 الف جندي من سكان المستعمرات الفرنسية السابقة في انحاء العالم دعما للقوات الفرنسية في الحرب العالمية الثانية. وقاتل جنود من الجزائر والمغرب وتونس والسنغال ومناطق اخري مع قوات الحلفاء لتحرير ايطاليا وفرنسا وتكبدوا خسائر فادحة.

ولكن الذين نجوا من الموت يتقاضون 30 في المئة بحد اقصى من مبالغ المعاشات التي تدفع للمحاربين الفرنسيين القدامى.

ومن المتوقع ان يسري الاجراء الجديد على نحو 80 الف من المحاربين القدامى أو أراملهم في نحو 23 دولة. وسيبدأ تطبيقه عام 2007 وسيكلف الدولة نحو 110 مليون يورو سنويا.

ولكن بعض هؤلاء المحاربين القدامي يقولون ان الاجراء الجديد لا يعوض التفاوت على مدار العقود الماضية ولا يأخد في الاعتبار معاناة المحاربين الافارقة القدامى نتيجة اشتراكهم في الحرب.

وقال السنغالي جاي مدني "زيادة معاشاتنا... هذا سيبدأ في أول يناير (كانون الثاني) 2007. انا لا افهم. ماذا عن الاربعين عاما الماضية. أين كل هذه السنوات."

وقال محمدو سار الذي ينحدر أيضا من أصل سنغالي "قاتلنا مثلما فعل الفرنسيون ومررنا بنفس المعاناة. كيف نتغاضى عن التفاوت بين المعاشات التي يتقاضونها والمعاشات التي نتقاضاها... هذا الامر ما زال قائما رغم المحكمة الدولية لحقوق الانسان لاننا قدمنا هذه القضية الى المحكمة منذ فترة طويلة. لكن فرنسا مازالت صماء. ولكن اليوم وبفضل الفيلم... ربما لم يكن الشعب الفرنسي يعرف قصتنا. وربما لو كان يعرف لتصرف بطريقة مختلفة."

وقالت منظمة لدعم المهاجرين ان المحاربين الافارقة القدامى ليسوا وحدهم الذين يتقاضون معاشات أقل مما يحصل عليه نظراؤهم الفرنسيون. فالمحارب الفرنسي القديم يتقاضى معاشا رمزيا سنويا يبلغ 340 يورو بينما يتلقى الجندي السابق من كمبوديا 16 يورو سنويا فقط.

والمستفيدون الرئيسيون من الاجراء الجديد هم المحاربون الذين اصيبوا بجروح في الحرب. فالجندي السابق المصاب باعاقة في فرنسا يتقاضى معاشا يبلغ نحو 690 يورو شهريا بينما يتقاضي نظيره التونسي او المغربي 61 يورو فقط.

وحضر مدني وسار ومحاربون افارقة قدامى اخرون عرضا خاصا للفيلم يوم الاول من اكتوبر تشرين الاول وأجابوا على اسئلة المشاهدين بعد العرض.

وقالت فاتن التي حضرت العرض وهي من اصول شمال افريقية ان الفيلم يؤكد اعتقادها بان الفرنسيين من اصل افريقي ما زالوا يتعرضون للتمييز في فرنسا.

وقالت فاتن "في المدرسة ندرس كثيرا من دروس التاريخ ولكننا لم ندرس هذا قط. رؤية هذا صعب. فاليوم نرى اننا (الفرنسيون من اصل افريقي) غير مقبولين بالفعل هنا في فرنسا واننا ندعى.. السكان الاصليون.. رغم ان البعض قاتل في سبيل فرنسا."

واوقف الرئيس الفرنسي السابق شارل ديجول دفع معاشات المحاربين القدامى في الخارج عام 1959 مع استقلال المستعمرات الفرنسية.

واثير النقاش بشأن تعامل فرنسا مع ماضيها الاستعماري بعد صدور قانون عام 2005 حث المعلمين على تأكيد "الدور الايجابي للوجود الفرنسي في الخارج"

ويشكك منتقدو القانون في ان فرنسا التي انتهت امبرطوريتها بحروبها في الهند الصينية والجزائر لم تتعلم شيئا من ماضيها الاستعماري. واصدر شيراك امرا بابطال القانون موضع الخلاف بعد اسابيع من جدل محموم.

ومنحت جائزة أفضل ممثل مشاركة بين جميل ديبوز وسامي نصري وسامي بوعجيلة أبطال فيلم "السكان الاصليون" في مهرجان كان السينمائي لهذا العام. ويحكي الفيلم قصة مجموعة من الاصدقاء من شمال وغرب افريقيا يدعمون القوات الفرنسية في قتالها ضد النازية.

ويقاتل هؤلاء الاصدقاء بكل حماس في سبيل "فرنسا الام" التي لم تطأها اقدامهم قط ولكنهم يواجهون معاملة سيئة واهانات من الجيش الفرنسي.

وابطال الفيلم الفائزون بالجائزة بالاضافة الى الممثل رشدي زم جميعهم من أصول شمال افريقية وقد تكون مشاركتهم في الفيلم حفزتها رغبتهم في أن يروا دور اسلافهم الذي لعبوه في الحرب يحظى بالاعتراف في نهاية المطاف.

المصدر: رويترز

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...