«إن شاء الله» كتاب سويدي عن آلام الفلسطينين

08-03-2007

«إن شاء الله» كتاب سويدي عن آلام الفلسطينين

مصداقية أي كتاب في الدول الغربية تنبع من مكانة الكاتب نفسه داخل المجتمع، وهذا ما نجده في كتاب "إن شاء الله" الذي يحمل قيمة مضاعفة، إذ هو من ناحية يسلط الضوء على معاناة الفلسطينيين من خلال 200 صورة فوتوغرافية مؤثرة جدا التقطتها عدسة بوستروم (صاحب الكتاب) بين الانتفاضتين، ومن ناحية أخرى يعرف القارئ العربي بالعديد من الشخصيات الإعلامية السويدية المرموقة من خلال مقالات مختارة تضمنها الكتاب.
الطبعة السويدية من الكتاب التي صدرت لأول مرة عام 2001 وأعيدت طباعتها أربع مرات مع إضافة جديدة تتماشى مع التطورات الحاصلة على أرض الواقع في كل طبعة، أحدثت ضجة إعلامية في الشارع السويدي وأثارت حفيظة أصدقاء إسرائيل، في حين أعطت دفعا قويا لأصدقاء فلسطين لما تضمنه الكتاب من وقائع ومقالات تفضح وتعري إسرائيل أمام الرأي العام.

النسخة العربية من الكتاب التي صدرت طبعتها الأولى حديثا لم تضف شيئا جديدا للقارئ العربي من حيث الصور المعبرة لكونها تشاهد من خلال القنوات الإعلامية العربية المختلفة، لكن الأهمية الأكبر هي في التعرف عن قرب على الشخصيات الأخرى المشاركة في العمل.

ما يؤسف له هو وجود بعض الأخطاء في الصرف والنحو لأسباب لوجستية وبسبب تنقل الكتاب بين أيد عدة خلال رحلة الترجمة.

ولعلي أتحمل جزءا من المسؤولية لكوني أحد المشرفين على التدقيق لا الصياغة، ومع ذلك أستطيع القول بأمانة إن هذه الأخطاء في المجمل لم تؤثر من حيث القيمة الضمنية على محتوى الكتاب نفسه.

إن أية قراءة للكتاب دون التعريف بالمشاركين في إنجازه تعد انتقاصا من قدرهم وقيمتهم خصوصا إذا ما عرفنا أن بينهم من كان من طلائع من ساروا عكس التيار في الوقت الذي كانت فيه القضية الفلسطينية خارج اهتمام الرأي العام السويدي.

والفضل كل الفضل يعود إلى هؤلاء ولأمثالهم في الدول الأوروبية الأخرى في إحداث التغيير داخل مجتمعاتهم التي باتت في غالبيتها تتعاطف مع القضية الفلسطينية.

مصور وكاتب صحفي معروف في الوسط الإعلامي ويعتبر من أبرز المصورين الصحفيين في السويد. عمل مع كبرى المؤسسات الإعلامية السويدية على مدى سنوات طويلة.

والصور الفوتوغرافية التي احتواها الكتاب هي غيض من آلاف الصور التي التقطتها عدسته من خلال ثلاثين زيارة قام بها للأراضي الفلسطينية على مدى عقدين من الزمن، جاب خلالها البلاد طولا وعرضا موثقا بالصورة والقلم تفاصيل المعاناة اليومية التي يعيشها الفلسطينيون تحت الاحتلال.

واليوم يحمل بوستروم هذه الصور متنقلا بها بين المدارس والجامعات والمؤسسات شارحا للرأي العام ما لا يعرفونه عن وحشية الاحتلال؛ لذا ليس غريبا تعرضه هو وأسرته للعديد من المضايقات ابتداء من المكالمات الهاتفية في ساعات متأخرة من الليل، ومرورا بسيل من الشتائم، وآخرها تسلمه طردا بريديا يحتوي على نسختين من الكتاب إحداهما ممزقة قطعا صغيرة والأخرى بها عدة طعنات بسكين حاد.

بوستروم ليس مصورا فحسب، بل هو كاتب صحفي أيضا، وقد ضم الكتاب عدة مقالات له تتحدث عن تجاربه الذاتية ابتداء من لقائه أول مرة مع الرئيس ياسر عرفات في تونس، مرورا بسرد حكاية بلال غنام أحد نشطاء الانتفاضة من قرية أم التين الذي استشهد على أيدي جنود الجيش الإسرائيلي عام 1993 وسحبت جثته لتسلم لذويه بعد عدة أيام وقد خيط جسده من الرقبة إلى أسفل البطن، مما يدل على قيام الإسرائيليين بسرقة أعضائه الداخلية.

مقالة أخرى له يتحدث فيها عن كيفية دخوله الحرم القدسي لتصوير ليلة القدر، في الوقت الذي يحظر فيه الحرس الإسرائيلي عند بوابات الأقصى دخول كل من هو غير مسلم.

بوستروم أصدر مؤخرا كتابا آخر مع الصحفية السويدية المعروفة بريجيتا ألبونز بعنوان "الجدار" وهو لا يقل أهمية من حيث المشاهد والمقالات عن كتاب "إن شاء الله"، وسيجد طريقه إلى الترجمة إلى اللغة العربية على يد السيدة أمل كسواني التي أخذت على عاتقها مشكورة ترجمة كتاب "إن شاء الله".

كاتب وصحفي مستقل يتمتع بمصداقية كبيرة في الشارع السويدي له تجربة ذاتية بصفته يهوديا سويديا عاش في بداية حياته أكذوبة دولة كل اليهود، فعاد منها واحدا من أكبر المعادين للفكر الصهيوني، وأسس مع آخرين ما يعرف باسم "الروابط الفلسطينية" التي ما زالت ناشطة في الدفاع عن الحقوق الفلسطينية حتى يومنا هذا. له عدة مؤلفات أبرزها "الأرض المفقودة".

له مشاركة في كتاب "إن شاء الله" بمقال بعنوان "إسرائيل ممكنة" تناول فيه الصراعات داخل المجتمع الإسرائيلي بين التيارات الدينية والعلمانية ومحاولات إلغاء الآخر.

وأقتبس هنا قوله: "إن الأساس الأيديولوجي لقيام إسرائيل يضعف باستمرار.. والسؤال المهم هو هل يمكن التوفيق بين فكرة "دولة يهودية وفكرة المواطنة غير العرقية؟".

روزنباري يرى أن اليهودية كدين أكبر وأهم من الفكر الصهيوني، وهو لا يرى أي مستقبل لإسرائيل إلا من خلال التعايش في ظل تعددية سياسية وثقافية ودينية دون أن يلغي الواحد الآخر".

سياسي وإعلامي مخضرم كان عضوا بارزا في حزب الشعب المعروف بولائه الشديد لإسرائيل؛ عمل مراسلا للإذاعة السويدية في حرب عام 1967 على الجبهة المصرية.

وعاد بعدها ليقدم استقالته من الحزب احتجاجا على العلاقة مع إسرائيل وأسس مع آخرين "حزب الخضر" ومثل السويد في عضوية البرلمان الأوروبي، وكان أول من وصل إلى مخيم جنين بعد المجزرة.

وهو معروف بدفاعه المرير عن الحقوق الفلسطينية كما أنه يرأس اليوم مؤسسة "الروابط الفلسطينية"، وله عدة مؤلفات حول الشرق الأوسط.

شارك في كتاب "إن شاء الله" بمقال تحت عنوان "العودة" يسرد من خلاله بعض تجاربه في سياق تاريخ القضية الفلسطينية.

وكلمة العودة مستقاة من الباخرة اليونانية التي كانت ستحمل شخصيات من كافة أنحاء العالم للتوجه بها إلى حيفا عام 1988 لفرض السلام على إسرائيل.
ناشط نقابي وصحفي مستقل له مقالة بعنوان "الحلم بإسرائيل" يتحدث من خلالها عن مستوطن اسمه ديفد ويلدر هاجر من بروكلين إلى مستوطنة "بيت هداسا" في الخليل.

ويتحدث فيها عن التطرف اليهودي في تلك المنطقة؛ مسلطا الضوء على المعاناة التي يتعرض لها 150000 مواطن فلسطيني من سكان مدينة الخليل على أيدي 400 مستوطن من غلاة المتطرفين اليهود.

يهودية سويدية مراسلة صحيفة "سفنسكا داغ بلاديت" في الشرق الأوسط لسنوات طويلة، وكانت مقالاتها في الماضي مسيئة للعرب لكنها انقلبت بعد الانتفاضة الأولى، وبعد تعرفها عن قرب على العديد من الفلسطينيين بمن فيهم الرئيس الراحل ياسر عرفات.

كورديليا حاصلة على جائزة نادي الصحافة عام 2002 عن كتابها "الطفل الملسوع ينجذب للنار". أما مقالتها فهي بعنوان "الانتفاضة الأولى" وتتحدث من خلالها عن حضورها احتفالا في "مخيم البريج" للشبيبة الفلسطينية عام 1994، حيث شهدت بأم العين الشبيبة الذين قادوا الانتفاضة الأولى عام 1987 تملؤهم الحيوية رغم المعاناة التي عاشوها ويعيشونها.

وتقارن تلك الشبيبة بالجنود الإسرائيليين العائدين في إجازات من الخدمة العسكرية، وحالة الإحباط تلفهم من جراء ممارساتهم القمعية على الفلسطينيين مع أنهم هم من يقومون بدور الجلاد.

أما مقالتها الثانية فتتحدث عن انتفاضة الأقصى وتميزها عن انتفاضة الحجارة، ولعل أصدق ما جاء فيها أن إسرائيل استطاعت من خلال اتفاق "أوسلو" الحصول على اعتراف فلسطيني بوجودها، مما خلصها من عقدة الذنب في حين أنها لم تقدم شيئا للفلسطينيين، بل غالت في تشديد القيود وضم المزيد من الأرض وإقامة المستوطنات.

أما مقالتها الثالثة بعنوان "الانتحاريون" فتتناول الجانب الإنساني من علاقة أمهات الاستشهاديين الفلسطينيين مع بعض أمهات قتلى إسرائيليين في محاولة منها لتسليط الضوء على مآسي الحروب.

سياسي بارز ومخضرم، تبوأ العديد من المناصب الرسمية وغير الرسمية، منها على سبيل المثال رئاسة مؤسسة حماية الطفولة، ومبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى كمبوديا، ووزير بلا حقيبة للشؤون الإنسانية. وآخر منصب له كان رئاسة مركز ألوف بالمه للسلام.

حاول الوصول إلى مخيم جنين إثر المجزرة، لكن السلطات الإسرائيلية أبعدته إلى خارج البلاد. له أياد بيضاء كثيرة في مساندة الشعب الفلسطيني، وله عشرات المقالات والعديد من المؤلفات.

مساهمته في الكتاب جاءت بمقال بعنوان "الدمار في فلسطين" يتناول من خلاله تحليل الواقع الفلسطيني من موقعه الرسمي عند نشر هذا المقال، لكنه وضع اللوم على إسرائيل في تدمير البنى التحتية الفلسطينية عبر سياسة ممنهجة في مصادرة الأراضي وبناء المستوطنات.

وبالمقابل وجه النقد للجانب الرسمي الفلسطيني، وهو ما أردت الإشارة إليه بأن موقعه السياسي لم يسمح له بالتعبير عن حقيقة مواقفه الناقدة دوما للسياسة الإسرائيلية.
مصور صحفي وكاتب، ارتبط اسمه بالعديد من الأفلام الوثائقية التلفزيونية عن الشرق الأوسط وأفريقيا اللذين كانا مصدر إلهامه في العديد من الروايات والقصص التي كتبها ونشرها في السويد.

مقالته "مقتل رئيس الوزراء" يتحدث من خلالها عن تجربته عندما كان في مقر الرئيس عرفات في قطاع غزة عام 1995 ولاحظ ملامح انزعاج شديد على وجه أبي عمار فتبين أن سببه هو ورود أنباء عن اغتيال إسحاق رابين، كما يتناول فيها انتقاله إلى القدس لتغطية الخبر.
مراسل صحيفة "داغنز نيهتر" كبرى وأهم الصحف السويدية في الأراضي الفلسطينية، وله كذلك عمود دائم بها، وهو يتمتع باحترام كبير في الوسط الإعلامي.

من أبرز مقالاته "جنين 2002" يتحدث من خلاله عما أصاب جنين معتبرا إياها إبادة بشعة، وواصفا ما ارتكبه جنود الاحتلال من أعمال تندي الجبين، وما قامت به الجرافات من تدمير للمنازل بطرق وحشية.

وردا على تبريرات شارون بأن ما يقوم به الجيش الإسرائيلي ضرورة للقضاء على الإرهاب الفلسطيني يقول: ".. الإرهاب الحقيقي يتمثل في الإهانات التي توجه يوميا ضد الجسد والعقل والروح الفلسطينية".

مراسل التلفزيون الرسمي السويدي لسنوات عدة، أبعدته إسرائيل لأنها اعتبرت تقاريره منحازة إلى الجانب الفلسطيني. له العديد من الأفلام الوثائقية المتعلقة بالقضية الفلسطينية وقضايا الشرق الأوسط.

مقالته "عرفات.. الرجل والأسطورة" يتحدث فيها عن ياسر عرفات الذي التقى به مرات عدة ونصحه بقراءة تاريخ الشعب الفلسطيني، وهو ما فعله في بحثه عن تاريخ ياسر عرفات شخصيا الذي اختلف المؤرخون حوله.

البحث في حياة عرفات وضعه بيتر في فيلم وثائقي أيضا أظهر من خلاله أن الأسطورة التي بناها أبو عمار هي من صنع يديه.
أهم روائي في الشمال الأوروبي، ناصب إسرائيل العداء منذ عام 1967 عندما كشف لأول مرة عن علاقة الموساد بالمخابرات السويدية.

له أكثر من 20 رواية كلها تحولت إلى أعمال تلفزيونية وسينمائية، وأبرزها مسلسل رجل البوليس كارل هاملتون الذي برهن من خلاله على أن العمليات الإرهابية في أوروبا في الثمانينيات هي صناعة إسرائيلية وليست فلسطينية.

أما آخر أعماله (أربعة أجزاء) فعن رحلة آرن السويدي للقتال في صفوف الصليبيين ضد العرب والمسلمين المتخلفين، وكيف اكتشف أنهم شعوب متحضرة خصوصا بعد تعرفه على صلاح الدين الأيوبي. تعرض لمحاولة قتل على يد الموساد، وهو اليوم يعتبر الشخصية الأكثر حضورا في الإعلام السويدي.

مقالته "معاداة السامية كسلاح" يتحدث من خلالها عن كذب إسرائيل حول ارتكاب المجازر بحق الفلسطينيين، مستشهدا بما توصل إليه المؤرخون الإسرائيليون الجدد الذين أقروا بارتكاب العصابات الصهيونية للمجازر.

كما يشير أيضا إلى الأسطوانة المشروخة التي تستعملها إسرائيل وأصدقاؤها في الغرب لتكميم الأفواه عن طريق نعتهم بأنهم أعداء السامية.

علاقتي الشخصية بكل من ذكرت بدرجات متفاوتة تجعل من الصعب علي اختصار تاريخ كل واحد منهم، لكن أردت أن أعرف القارئ العربي أن لنا أصدقاء كثرا في هذا العالم، وأنصح باقتناء الكتاب لأنه بحق وثيقة تاريخية تتحدث عن نفسها.

 

قيس مراد قدري

المصدر: الجزيرة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...