«شاعرة داعش» تثير جدلاً حول «جهاد النكاح»

17-10-2014

«شاعرة داعش» تثير جدلاً حول «جهاد النكاح»

لم يعد سفر النساء الأجنبيات إلى سوريا، للالتحاق بهذا التنظيم المسلح أو ذاك، أمراً خارجاً عن المألوف، حيث باتت غالبية الفصائل الإسلامية تحوي في صفوفها أعداداً من النساء، بل عمدت بعض هذه الفصائل إلى تأسيس كتائب نسائية بحتة.
غير أن وصول أحلام النصر، المعروفة بلقب «شاعرة داعش»، إلى مدينة الرقة، وزواجها سريعاً من أبي أسامة الغريب أحد قيادات تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» ـ «داعش» هناك، أعاد إحياء الجدل القديم حول عدد من القضايا مثل هجرة المرأة من دون محرم و«جهاد النكاح». والجديد أن هذا الجدل اقتصر على الإسلاميين في ما بينهم، فمنهم من انتقد ومنهم من أيّد، وبين الموقفين ظهرت حقائق مهمة لم يعد بإمكان الطرفين إنكارها.احد اشعار احلام النصر
وكان «جهاد النكاح» أحد أبرز المآخذ على الفصائل الإسلامية. ورغم بروز أدلة على ممارسته، أهمها تصريحات وزير الداخلية التونسي لطفي بن جدو التي تحدث فيها عن عودة فتيات تونسيات من سوريا وهن حوامل، إلا أن الموقف الموحد آنذاك للفصائل الإسلامية، وإلى جانبها الفصائل المسلحة الأخرى بالإضافة إلى طيف واسع من المعارضة السورية «السياسية» الذي رفض هذا الاتهام واستخف به، بل سخر ممن يطلقه، ترك الأمر معلقاً ومحاطاً بشكوك كثيرة.
لكن الأمر اختلف، وما كان مسكوتاً عنه بالأمس من قبل بعض الفصائل، بما فيها المتشددة مثل «جبهة النصرة»، صار اليوم الكلام حوله مباحاً، بل ربما مفضّلاً، بفضل الخلافات التي لم تترك لسر غطاء. فالمسؤول الشرعي العام السابق لـ«جبهة النصرة» ميسرة الجبوري (أبو ماريا القحطاني) يرى أن «نفير النساء هو مسألة شهوات لا علاقة لها بالطاعات» وذلك في هجومه الذي شنه على حسابه على «تويتر» ضد «داعش» بسبب استقباله النساء المهاجرات.
ويبدو أن القحطاني نسي، أو تناسى، في غمرة حماسته للرد على خصومه، أن «جبهة النصرة» بدورها سبق أن استقبلت مئات الأجنبيات من ذوي مقاتليها أو غيرهم، وما سجى الدليمي، التي أصرت «النصرة» على إخراجها ضمن صفقة تبادل الراهبات إلا دليل على ذلك.
وكان «أسد الجهاد 2»، وهو من الأقلام المعروفة في المنتديات «الجهادية» ومواقع التواصل الاجتماعي، أكثر جرأةً من مسؤول «جبهة النصرة»، حيث رأى في «نفير» النساء تأكيداً لاتهام «الجهاديين» بممارسة «جهاد النكاح»، حيث كتب «قيل إن جهاد النكاح أكذوبة ولكن يأبى الدواعش إلا أن يحققوا جميع الأكاذيب على أرض الواقع، ويجهروا بها، ليلحق عار أفعالهم بالجهاد عامة».
وكان لافتاً أن القحطاني لم يستنكر «نفير النساء بغرض الشهوات» لذاته، بل لعدم توافر الظروف المناسبة له، حيث تساءل عن مصير النساء الحوامل إذا اقتحم «الكفار» مدنهم. كما استنكر أن النساء الحوامل سيضطررن في هذه الحالة إلى الإنجاب في بلاد «الكفار»، ويؤكد ذلك بقوله «السبي (أي استرقاق النساء) يكون إن كانت هناك دار إسلام ومنعة وشوكة، وألا تترتب عليه مفسدة أعظم».
وكانت أحلام النصر قد وصلت إلى الرقة بصحبة أحد محارمها، كما روت في قصة نفيرها المنشورة على حسابها على «تويتر». وبعد ساعات من ذلك أعلن، الأحد الماضي، عن زواجها من أبي أسامة الغريب، على نحو أشعر أن ثمة ترتيباً خاصاً اتبع للتهيئة لهذا الزواج، وأن سفر أحلام النصر كان لهذا الغرض فقط، وهو ما أثار موجة عارمة من السجال الحاد بين المؤيدين والرافضين.
واستند كل من الطرفين إلى أسباب ومسوغات شرعية تقوم على فهم خاص للنص الديني، وتعكس في الحقيقة مصلحة كل طرف والمكاسب التي يمكن ان يحصّلها من خلال هذا الفهم. فأنصار «الدولة الإسلامية» يرون أن «دارهم هي دار إسلام وتمكين» وبالتالي من الجائز هجرة النساء إليها لقوله تعالى «إذا جاءتكم المؤمنات مهاجرات»، بينما يرى الرافضون أن «الدار هي دار حرب» وبالتالي لا تجوز هجرة النساء إليها، وهذا يعود في أصله إلى الجدل حول شروط إعلان «الخلافة»، وهل توافر التمكين لإعلانها أم لم يتوافر.
وليس من قبيل المصادفة أن أبا أسامة الغريب سبق له أن كتب دراسة دينية، بعنوان «المحكم في نفير المرأة من غير محرم»، والتي يبدو أنها عكست معاناته الشخصية وصقلت رؤيته الخاصة للموضوع، وقد ردّ عليه أحد منظري «الجهاد» ويدعى الطريفي الشامي وفند الحجج التي يعتمد عليها.
وحملت أحلام النصر لقب «شاعرة الخلافة» بعد نظمها عددا كبيرا من القصائد التي تنافح فيها عن «داعش» وتدافع عن مواقفه وعقائده، رغم أنها في وقت سابق تعرضت لحملة تشكيك بمدى ولائها، واعتبر بعض أنصار التنظيم المتشدد أنها عميلة استخبارات وتلعب على أكثر من حبل.
أما أبو أسامة الغريب، فهو زعيم «حركة ملة إبراهيم» التي نشأت في ألمانيا، ومن أعضائها البارزين المطرب التائب أبو طلحة الألماني. والغريب مصري الجنسية، واسمه الحقيقي محمد محمود شوقي محمد. وكانت السلطات التركية قد اعتقلته العام الماضي، لكنه خرج مؤخراً من خلال صفقة التبادل التي أُطلق بموجبها الديبلوماسيون الأتراك، حيث انضم الغريب إلى «داعش» كما فعل معظم عناصر حركته، وعلى رأسهم المطرب التائب. كما سبق للغريب أن تعرض للاعتقال عدة مرات من قبل السلطات النمساوية التي يحمل جنسيتها منذ العام 2007.

عبد الله سليمان علي

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...