«غوغل» يقدم خدماته الاقتصادية للجمهور العربي

11-11-2007

«غوغل» يقدم خدماته الاقتصادية للجمهور العربي

على غرار عبارة «ترقبوا هذه المساحة الفارغة» التي تكتبها الشركات الكبرى على لوحات الاعلانات قبيل إطلاق منتج جديد أو خدمة يُعتقد أنها تُشكّل تغييراً كبيراً بالنسبة لعلاقة تلك الشركات مع الجمهور، تبدو شركة «غوغل» هذه الأيام وكأنها تقول العبارة نفسها، ولكنها تستعملها لشرح وجهة نظرها في مجريات أعمالها في منطقتي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

ويظهر ذلك من ميل المهندس محمد جودت، المدير العام للأسواق الواعدة في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا في «غوغل» للتكتم أثناء أحاديثه عن تطورات «غوغل» العربية للمواطن العربي خلال الفترة المقبلة. وفي المقابل، فإنه لا يتردّد في القول إن الطرق التقليدية للاتصالات وإدارة الأعمال لم تعد مناسبة هذه الأيام، ولا تصلح لتغطية المساحات الشاسعة التي تمثلها منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: «لقد أخذنا على عاتقنا مساعدة متحدثي اللغة العربية من مستخدمي الانترنت لكي يستشعروا بالطاقات الكامنة في «الويب» وبقدرتها على دفع أعمالهم والاقتصاد العربي إلى الأمام».

ويبدو أن المشاريع الصغيرة والمتوسطة في المنطقة العربية تتبوّأ مكان الصدارة ضمن اهتمامات «غوغل» في الفترة المقبلة. إذ يشير جودت إلى أن التكنولوجيا الرقمية الحديثة، بكل ما تحوي من فرص وإمكانات، ما زالت حكراً على الشركات الكبيرة والضخمة في غالبية الدول العربية. ويضيف: «أصحاب الشركات والمشاريع المتوسطة والصغيرة عربياً هم خارج مجال الاستفادة الواسعة من الإمكانات العملاقة للإنترنت، وهو ما ستركز عليه «غوغل» في المستقبل القريب».

ومن المتوقع أن تبدأ «غوغل» التعاون مع حكومات وهيئات في المنطقة العربية بهدف تقديم الدعم والمساعدة التقنية اللازمة لأصحاب المشاريع والأعمال الصغيرة في ما يختص بالاستعمالات العملانية للشبكة العنكبوتية. ويضرب جودت مثالاً على ذلك الكثير من شركات السياحة العربية التي هي في حاجة ماسة إلى التواجد الإلكتروني على الشبكة الدولية للكومبيوتر من أجل الوصول إلى قاعدة أكبر من العملاء، ما يؤدي إلى توسيع الفائدة من أعمالها. وبيّن أن هذا الأمر لا يتطلب سوى تكلفة مالية بسيطة. وأوضح أن التقنيات اللازمة لتلك الأمور متاحة بسهولة في دول كثيرة، لكن الدول العربية تعاني نقصاً حاداً فيها.

ويعطي قسم «آد سنس» ad sense، وهي خدمة أطلقها محرك «غوغل» على موقعه العالمي أخيراً، مثالاً عن قدرة الأنترنت على تعزيز الفائدة للمشاريع التي تهتم باستخدامها بطريقة مجدية. وقد شرع «آد سنس» في جذب كثير من أصحاب المواقع الإلكترونية، لا سيما الشباب.

والمعلوم أن هذا القسم يقدم لمن يشترك فيه من أصحاب المواقع الرقمية، إمكان نشر إعلانات نصية ومصورة مناسبة للمحتوى المعروض على تلك المواقع. والمعنى المقصود هو أن تأتي تلك الإعلانات منسجمة الى حد بعيد مع موضوع الموقع. وكما يربط بين الإعلانات والنتائج التي يحصل عليها الجمهور أثناء استخدام «غوغل» بحيث تظهر الإعلانات مع ما يناسبها من مواضيع في نتائج البحث. وتتقاسم «غوغل» أرباح هذه الإعلانات مع أصحاب المواقع.

يشار إلى أن أصحاب المواقع يشتركون في هذه الخدمة بصورة مؤتمتة كلياً. وتتولى شركة «غوغل» مهمات البيع المباشر بالنيابة عن تلك المواقع، خصوصاً تلك التي تنجح في اجتذاب الجمهور إليها. من ناحية أخرى، ترتبط «غوغل» مع تلك المواقع من خلال عقود تتفاوت شروطها ومدتها الزمنية. فمثلاً هناك خدمة «آد سنس للمحتوى» Ad Sense for Content التي تسمح لأصحاب المواقع بزيادة أرباحهم كلما نقر المستخدمون على الإعلانات الموجودة على صفحات تلك المواقع. ويعني ذلك صنع علاقة مباشرة بين الربح وبين عدد زوار المواقع المرتبطة مع «غوغل» تجارياً.

كما يعطي هذا البرنامج أصحاب المواقع الفرصة لزيادة أرباحهم من خلال برنامج «آد وردس» Ad Words الذي يُظهر الاعلانات بعد تحليل محتوى النص، فلا يقدم للقارئ سوى الاعلانات التي تتناسب مع المحتوى الذي يطلبه. ويوضح جودت إن هذه الخدمة تساعد أصحاب المواقع على تغطية مصاريف النشر الإلكتروني، بل قد تصبح مصدراً رئيساً للربح، علماً بأن الاشتراك في مثل هذه التقنية لا يتطلب تسديد أي مصروفات.
إذا كانت تقنيات الاعلانات تهتم بهموم شريحة معينة من الجمهور الالكتروني وهواجسه، وخصوصاً المالية، فإن شركة «غوغل» تركز انتباهها بقوة على تقنية عنكبوتية أثبتت أنها أوسع انتشاراً وأبعد تأثيراً، بل أنها نجحت في هزّ عالم السياسة بقوة في بلدان عدة. ويدور الحديث عن موقع «يوتيوب» Youtube. ويوضح جودت أن «غوغل» تنظر بكل الاهتمام إلى المحتوى المؤلف من جانب المستخدمين، في ما يتعلق بالمواد التي تتراكم يومياً على موقع «يوتيوب». «إن العمل على الانترنت يشبه أحياناً مصارعة الأمواج الضخمة... إن «يوتيوب» هو إحدى هذه الأمواج البالغة الضخامة. إنه ليس مجرد موقع إلكتروني لكنه يدخل في صميم مبدأ دمقرطة المحتوى الرقمي على الشبكة الدولية للكومبيوتر». ويعتبر الموقع من أهم مظاهر الإعلام الجديد راهناً. المفارقة الجديرة بالنقاش، هي أن قوته تأتي فعلياً من أنه يتيح تبادلاً حراً لأشرطة يصنعها الجمهور بنفسه. وبسرعة البرق نُظر إلى «يوتيوب»، على نطاق واسع، باعتباره من أهم مظاهر الإعلام الرقمي راهناً.

وفي هذا السياق، تمكن الإشارة أيضاً الى توقع بيل غيتس، مؤسس شركة مايكروسوفت العملاقة، ان يزيد عدد المشاهدين لمواقع مثل «يو تيوب» وأن يتخلوا عن التلفزيون التقليدي، خلال السنوات القليلة المقبلة. وأرجع ذلك الى المرونة التي تتيحها مواقع الفيديو على الإنترنت، والمشاهدة الثابته المواعيد للبرامج، والإعلانات التي تقطع متعة المشاهدة.

وكذلك يبدو الناس وكأنهم لا يتركون أي شيء يمكن تصويره من دون ان يلتقطوه ويحوّلوه فورياً الى مادة قابلة للتداول على الجمهور العالمي، مُلغياً الفوارق بين الشخصي والمحلي والدولي!

ومن الملاحظ أيضاً أن الخليوي وكاميرته ساعدا في توفير أداة مناسبة لالتقاط أشرطة تكاد تشمل كل لحظة وملمح من الحياة اليومية. مع كاميرا الفيديو، بات كل شخص مخرجاً، ووُضعت بين يدية أداة تصوير جاهزة على مدار الساعة وحاضرة في كل مكان تقريباً. يدخل موقع «يوتيوب» سبعين آلف شريط جديد يومياً، وسجّل أحد الأشرطة الفضائحية سبعين مليون مشاهدة في 24 ساعة! وعلى رغم النجاح الضخم الذي حققه «يوتيوب»، يراه جودت طفلاً يافعاً «ما زال في المراحل التعليمية الأولى». وربما بذلك يقصد السجال الذي ثار في عدد من الدول العربية، وعلى رأسها مصر، عندما نشر ذلك الموقع الكثير من المواد المرئية - المسموعة، وخصوصاً شرائط الخليوي، التي تجاوزت الكثير مما كان يعتبر من المحرمات والتابوهات عربياً، بداية بتصوير حوادث التحرش الجنسي، ومروراً بكليبات تعذيب الشرطة للمواطنين في الأقسام، ووصولاً الى الأفلام ذات الطابع الجنسي الفاضح. وفي إطار شرح علاقة «غوغل» مع تلك المواد البصرية المؤثرة، يشدّد جودت على أن شركة «غوغل» تتكل على جمهور المستخدمين «لكي يلفتوا نظرنا إلى المواد غير المناسبة مع ثقافات وعادات وتقاليد المجتمعات والشعوب المختلفة».

بما أن تعداد شعوب منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يزيد حالياً على 300 مليون نسمة، يستخدم 26 مليوناً منهم الإنترنت، فقد استشعرت «غوغل» أن في المنطقة مجالاً واسعاً وكامناً للنمو والتوسّع. وكمثال عن الامكانات الكامنة، يكفي الإشارة الى أن المحتوى العربي على الإنترنت ما زال ضئيلاً. ولا يزيد عدد الصفحات العربية العنكبوتية على 150 مليون صفحة في مقابل 30 بليون صفحة على «الويب». ويؤكد جودت أن الفترة المقبلة ستشهد جهوداً «غوغلية» مكثفة للمساهمة في زيادة المحتوى العربي. ويعطي أمثلة عن بدايات تلك الجهود مثل شروع «غوغل» في توفير أدوات إدارة المحتوى وبرامج الاتصالات باللغة العربية بهدف تسهيل عملية تبادل المعلومات على المستوى الإقليمي، ما يتوقع أن يساهم في تغيير جغرافية الأعمال والاستثمار في المنطقة العربية، إضافة إلى إثراء المحتوى العربي. من جهة أخرى، يشدّد جودت على فكرة مفادها «إن هذا النطاق الواسع الذي يسهل الوصول إليه قادر على إحداث فارق كبير في الجدوى الاقتصادية للمحتويات الرقمية المتخصصة، ومن ثم سيكون قادراً على التأثير على حياة المواطن العربي اليومية، كما من شأنه العمل كمحفز للنمو الاقتصادي في المنطقة أيضاً».

وينعطف الحديث مع جودت ليصل الى بعض خصوصيات الشأن المصري: «نبحث حالياً عن مدير جديد للسوق المصرية ليقود الفترة المقبلة من التوسع والنمو، فمصر هي مركز استراتيجيات غوغل للتوسع والنمو العربيين». وما زالت «غوغل» تعمل على التوسع عربياً سواء من حيث المحتوى، أو لجهة تقديم الخدمات التقنية. ولم تتنه بعد من عملية صوغ قائمة أولوياتها عربياً بالنسبة الى الاستراتيجية المبيعات وتحقيق الأرباح. وهكذا، فإن «المساحة الفارغة» التي تعد «غوغل» بملئها في المستقبل القريب تحمل الكثير من الوعود لمستخدمي الإنترنت، لا سيما الشباب العربي وأصحاب الأعمال الصغيرة والمتوسطة والباحثين عن المعلومات والحالمين بديموقرطة المعلومة والرأي والصورة وغيرها.

أمينة خيري

المصدر: الحياة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...