أسرار "البارد": المعركة القادمة مع اليونيفيل

23-06-2007

أسرار "البارد": المعركة القادمة مع اليونيفيل

معركة نهر البارد انتهت  (ميدانيا على الاقل) ومواصلة محاصرة المخيم آلية عسكرية للتفاوض السياسي. والقتال الضاري الذي ادى الى سقوط عشرات الشهداء والجرحى عسكريين ومدنيين وتهديم كامل للمخيم الجديد, وهو احد اكبر التجمعات الفلسطينية في لبنان, ترك اسئلة كبيرة لم يجب عنها احد حتى الآن, لعل ابرزها كيف استطاع عشرات فقط من المسلحين السيطرة الكاملة على مخيم يضم اربعين ألف فلسطيني, واستدراج الجيش الى المواجهة, على الرغم من الوجود القوي للفصائل الفلسطينية الاخرى, وكيف استقطب الوافدون من وراء الحدود عطف مناطق معينة في الشمال اللبناني من اجل الاعداد للمواجهة.
حاورنا الشيخ محمد الحاج عضو رابطة علماء فلسطين الذي تولى التفاوض مع قادة «فتح الاسلام» على وقف النار من طرف واحد, ومفتي عكار الشيخ الدكتور اسامة الرفاعي والشيخ محمد هلو احد اقطاب الحركة السلفية في الضنية (أحد المعاقل الاصولية) حول المواجهة الاخيرة, في قراءة باردة للحرب التدميرية, وسجلت مجموعة من الحقائق المتصلة بـ«فتح الاسلام» وتركيبتها ونهجها العقائدي وخياراتها السياسية.

عندما زار وفد رابطة علماء فلسطين المخيم من اجل التفاوض على الهدنة, كان همها ان تتعرف الى طريقة تفكير قادة «فتح الاسلام» كي تصوغ اقتراحات لا تصطدم بهذا التفكير ولا تشكل استفزازا. والمقاربة لم تكن صعبة لأن القادة الذين حاورهم الوفد قالوا بصراحة كاملة لماذا قدموا الى لبنان وشرحوا بوضوح نهجهم القتالي والاهداف التي يسعون اليها من هذا القتال.
وفي معلومات «الكفاح العربي» ان شاهين شاهين القائد العسكري المباشر الذي تولى وضع خطط المعركة شخصية جدلية مرنة تهوى التنظير الفكري والعقائدي على طريقة ايمن الظواهري و«ابو قتادة» الفلسطيني, وقد اوضح لمحاوريه ان الهدف النهائي للتنظيم في نهاية المطاف هو مقاتلة الاميركيين والاسرائيليين لا مقاتلة الجيش اللبناني, وأن المواجهة المقبلة سوف تكون مع قوات «اليونيفيل» التي تحمي الحدود الاسرائيلية في جنوب لبنان, أما الجيش اللبناني فمجرّد مرحلة في قتال طويل. من جهته ابو الليث (سعودي) الذي يعتبر مصدرا اساسيا لتمويل التنظيم: جئت الى لبنان احمل خمسماية ألف دولار كي احجز مقعدا في الجنة, وعلى هذا الاساس انضممت الى «فتح الاسلام», وقد ساعدني على عبور الحدود ان اجهزة الامن اللبنانية تمنح تسهيلات للسياح القادمين من الخليج لأغراض سياحية, وقد قدمت نفسي كما آخرين على انني سائح ولم يعترضني احد.
حديث آخر نقله احد اعضاء الوفد عن «ابو يزن» احد المتهمين الرئيسيين في تفجير عين علق (الى جانب شاكر العبسي) اذ قال: نحن لم نفجر البوسطتين في عين علق لكننا اكتشفنا ان عددا من المطلوبين الذين دخلوا المخيم وأمنا لهم الحماية بعد دخولهم, مقابل مبلغ من المال, هم الذين اعدوا عملية التفجير, وهذا هو الخطأ الذي ارتكبناه. واعترف «ابو يزن» ان التنظيم كان يؤمن الحماية لأعداد من المطلوبين من القضاء اللبناني او من جهات اخرى قضائية خارج لبنان, ما دام هؤلاء يقاتلون «الكفار والصهاينة».
هذه الاعترافات غيض من فيض نقله بعض الذين دخلوا المخيم للتفاوض على الهدنة واخلاء الجرحى. وقد روى الشيخ محمد الحاج لـ«الكفاح العربي» الخلفيات التي قادت المفاوضات خلال الاسبوعين الاخيرين والتي اوقفت القتال لمصلحة المبادرة السياسية, ومما قاله: في البداية كانت مهمتنا صعبة, لأن شاكر العبسي كان متشددا, لكن انتقال القيادة الى شاهين شاهين ساعد على انجاح مهمتنا, وشاهين مقتنع بلا جدوى زج الجيش اللبناني في مواجهة مفتوحة, لأن ذلك سوف يفسح في المجال لـ«الاميركيين والعملاء» كي يزيدوا تدخلهم في الشؤون اللبنانية و«ليس لنا مصلحة في ذلك في الوقت الحاضر على الرغم من ان معركتنا المقبلة سوف تكون مع «اليونيفيل» القوات التي تحمي امن اسرائيل».
ويعزو شاهين قوة التنظيم الى كون قادته قادة ميدانيين من الطراز الاول وأحيانا هم يعتذرون منه عندما يحدثونه على الهاتف فقط لتأمين تغطيتهم بينما وهم الى جانب المقاتلين يسعون الى الشهادة, ونيل مقعد في الجنة, كما يعتقدون. كما ينقل الحاج عن قادة «فتح الاسلام» بأنهم لا يتصلون بـ«القاعدة» على الرغم من توافقهم الفكري معها. ويصف شاهين شاهين بـ«القيادي» الذي يقدم شرحاً وافياً قبل أن يدخل في التفاوض معهم بالنقاط المشتركة (وهو يتحدث اللغة العربية بطلاقة لافتة) على عكس شاكر العبسي (الرجل العسكري المتشدد في تصرفاته وآرائه).
ويقول الحاج ان «فتح الاسلام» ظهرت ما بين تموز /يوليو/ 2006 وتشرين الاول /اكتوبر/, قبل هذه المرحلة كان وجود هذه المجموعة ضمن مكاتب «فتح الانتفاضة». وقد لاحظ أهالي نهر البارد وجوهاً غريبة قبل اجتياح تموز /يوليو/ وأخذوا يتساءلون عن هوياتهم. كان التبرير أنهم من القطاع الغربي في «فتح الانتفاضة» وهذا له شأن خاص من حيث التمويل والخطط العملانية, ولم تكن هناك معلومات دقيقة عن جنسياتهم. بعد 12 تموز /يوليو/ 2006, تاريخ الإعتداء الإسرائيلي, ازداد عددهم كون قواعد «فتح» في البقاع تعرّضت للقصف الإسرائيلي, كما ازدادت بعض الظواهر الغريبة, كثرة العائلات التي يحضر نسوتها منقبات. وحتى تاريخ 18/11/2006 تاريخ إعلان «فتح الإسلام», كان هؤلاء في كنف «فتح الانتفاضة» حتى بمن فيهم أبو هريرة والآخرون. جرى حادث في مخيم البداوي فتخلّت «فتح الإنتفاضة» عنهم, فاضطروا للجوء الى نهر البارد وإعلان حركة «فتح الإسلام», وبدأ تحركهم العلني. بالمناسبة فإن حضور «فتح الانتفاضة» كان خجولاً في الشمال ما سمح لعناصر أمثال شاكر العبسي وأتباعه أن يستغلوا هذه النقطة لمصلحتهم وأن يسيطروا على مراكز الحركة التي كانت تملك مخازن كبيرة من السلاح.
وعن قتال الجيش اللبناني واصدار الفتاوى بهذا الشأن قال الحاج إن هذا معتقد إسلامي عند كثير من الفرق الإسلامية. والعقيدة هي التي تدفع هؤلاء للتحرك في هذا الإتجاه. التعبئة الدينية الموجودة خصوصاً وما في الجنة ورضى الله سبحانه وتعالى هو الذي يدفع هؤلاء للسير في القتال حتى النهاية تحت مسمّيات الجهاد. والحقيقة ان هذه تربية خاطئة ولا شك في أن المؤمن يسعى للوصول الى رضى الله ويسعى الى بلوغ درجات الجنة ونيل الشهادة ولكن ليس بهذه الطريقة ندخل الجنة وليس بالضرورة انها تؤدي الى سبيل الشهادة.
ويشرح الحاج أجواء الوساطات وملامح الحل مع «فتح الاسلام»: عرضت بعض الجهات وساطات ومبادرات كانت كلها تبوء بالفشل لأنها كانت تصل الى طريق مسدود, والاسباب هي ان «فتح الاسلام» قد رفعت سقف مطالبها كثيرا كعدم تسليم قتلة جنود الجيش اللبناني, وعدم الاستسلام والخروج من المخيم, وحجتهم انهم سيقاتلون حتى الموت. الخطاب السياسي اللبناني كان بدوره عائقا لأنه كان يطرح كرامة الجيش اللبناني ومكانته ودوره. وجرى التسويق لفكرة استسلام عناصر «فتح الاسلام» ورفض التفاوض الا تحت هذا البند, وقد طرحت الرابطة بعض الافكار التي لقيت قبولا عند بعض المرجعيات اللبنانية والفلسطينية لتحقيق سلسلة اهداف ابرزها تحقيق امن لبنان واستقراره, اذ لا نقبل ان يكون اساس المشكلات في لبنان فلسطينيا. الامر الثاني هو الحفاظ على حياة المدنيين داخل المخيم, لأن الفلسطيني له الحق في ان يعيش آمنا مطمئنا. أما الامر الثالث وهو مطلب الدولة اللبنانية وكل الفصائل الفلسطينية فهو كرامة الجيش, وهنا اخذت الرابطة بعض الافكار حول هذه النقطة وعرضتها على «فتح الاسلام» كما الفصائل الفلسطينية والاطراف اللبنانية؛ وتمت الموافقة على بدء حوار تحت هذه العناوين. في البداية لقينا مصاعب كثيرة في اقناع «فتح الاسلام» ببعض النقاط وكانت قيادتها تتعنت في الموضوع لأكثر من سبب. رفضت تسليم الاشخاص الذين شاركوا في القتال لكن بعد مضي عشرة ايام من القتال تبدل الموقف إذ افضت المعارك الى قتل معظم من شارك في قتل الجنود اللبنانيين ؛ ثم ان قيادة الجيش اسرت حوالى 35 عنصرا من الحركة, كما ان عدد القتلى من الحركة كان قد بلغ 50 عنصرا. كل هذه المعطيات, مع ما حققه الجيش اللبناني على الارض, دعتنا لأن نستمر في الوساطة. والعامل الاهم الذي ساعدنا هو تعديل القيادة داخل «فتح الاسلام». شاهين شاهين شخصية اصفها بأنها مرنة وهو متفهم وكان يقدم قراءة موضوعية للوضع في المخيم, وهذا ما كنا نفتقده في شاكر العبسي.
وعن الوضع الحالي لـ«فتح الاسلام» قال محمد الحاج: الحقيقة أننا لم نتطلع على ما جرى داخل حركة «فتح الاسلام» نظرا لتكتمهم الشديد حتى اننا بقينا اياما لنتأكد من هوية شاهين وما اذا كان مكلفا فعلا بالحوار معنا كي لا يكون الامر مضيعة للوقت. وقد سألت ابو سليم طه وهو الناطق الرسمي باسم الحركة عما اذا كان شاهين شاهين مكلفا فعلا بالتفاوض, وكان الجواب بالايجاب. وهنا اقول ان الناس في المخيم تتحدث عن احتمالات اربعة: اختفاء العبسي وابو هريرة داخل المخيم او اصابتهما او مقتلهما في المعارك, او حتى نجاحهما في الهروب الى خارج المخيم, واؤكد ان الاحتمالات كلها واردة.
وعن طرحٍ الترحيل للمقاتلين العرب الى الخارج, ومدى جدّية هذا الخيار, قال: قبل المعركة كنا نطرح موضوع خروج «فتح الإسلام» من البارد, وأن يتم ترحيل المقاتلين العرب, وكان هناك تنسيق مع بعض السياسيين اللبنانيين. وافقوا على ترحيل المقاتلين العرب قبل اندلاع المعارك بعشرة أيام لأننا كنا قد علمنا بأن عدد العرب لا يتجاوز الـ35 عنصراً على أبعد تقدير. أمّا بقية العناصر فهم إما لبنانيون أو فلسطينيون يحملون جوازات سفرٍ سورية وأردنية, وهذا بصراحة ما كشفته لنا قيادة «فتح الإسلام» قبل المعركة. لكن اليوم صرّحت «فتح الإسلام» بأن العناصر العربية لديها لا يتجاوز عددها أصابع اليد الواحدة لأن الباقين قتلوا في المعارك.

ماذا يقول الشرع؟
في السياق نفسه قدم مفتي عكار في دار الفتوى اللبنانية الشيخ الدكتور اسامة الرفاعي عرضا مطولا لحركة «فتح الاسلام» من الناحية الشرعية ومن وجهة نظر دار الفتوى.
حول حقيقة ظاهرة «فتح الإسلام» في مخيم نهر البارد وحقيقة تكوينها الفكري والسياسي وارتباطاتها بتنظيم «القاعدة» قال: «فتح الاسلام» وفق العنوان الكبير تعرّف عن نفسها بأنها مجموعة إسلامية سنية مشكلة من فلسطينيين يقيمون في لبنان, وإن كانت المعلومات تشير إلى أن عددهم محدود داخل هذا التنظيم وأن لبنانيين من الجنوب التحقوا بهم, وانضم اليهم بعض الشباب من منطقة الشمال وفلسطينيون يحملون جوازات سفر سورية أو أردنية وعرب وغير عرب... وبحكم عملي كمفتٍ في هذه المنطقة التي يتبع لها هذا المخيم أردت أن اخفف قدر المستطاع من الإشكال الذي قد يقع وعلمت لاحقاً أن الحركة تتبنى الفكر الإسلامي السلفي, ونحن على علم سواء بحكم الدراسة أو الاحتكاك المباشر أو الاطلاع على الكتب التي ينشرونها, أن الفكر السلفي المنتشر في العالم يعرف السلفية ايضا ًبتنظيم «القاعدة» في العالم, وما يجري حالياً في ارض افغانستان أو حتى الولايات الإسلامية الموجودة بعد تفكك الاتحاد السوفياتي, وحتى كما يجري حاليا ًفي الجزائر والمغرب العربي.
واضاف: منذ البداية احببنا أن نتعرف الى هذه الجماعة, بعدما وصلت إلينا بعض المعلومات عن ان افرادها يتبنون الفكر السلفي, حتى أنني كنت على تواصل مع المشايخ في رابطة علماء فلسطين بقصد إيجاد قابلية المحاورة أو المناقشة لتخفيف الاحتقان وبالتالي إيجاد تسوية سلمية للازمة قبل أن تستفحل. لم يكن لي لقاء مباشر معهم لكن أعضاء رابطة علماء فلسطين كانوا يضعون تصوراً لإمكان الحوار ووصلوا إلى طريق مسدود. البعض منهم صرحوا بأنهم قدموا إلى مخيم نهر البارد «طواعية» و«نحن لا ندري إلى أين ننتقل»؟ يعني المسألة في البداية كان فيها نوع من الضبابية لكن ما لفت النظر أن هؤ لاء تبنوا الفكر السلفي وهذا التبني ينطوي على الكثير من التناقضات. هناك منشورات صدرت عنهم وأنا جمعتها كون المخيم له خصوصية وحساسية معينة ووجدت أنها تتطابق في الخط العريض مع الفكر السلفي كما وجدت فيها ما لا يتفق مع كبار علماء الخط السلفي في العالم الإسلامي, ولا يتفق حتى مع ما يعتمدونه في فكر ابن تيمية. وبالتالي لمسنا أنهم في النهاية جماعة للخط القتالي. وانا أتحفظ على تسمية الجهادي, لأنهم ليسوا على حظ كبير من العلم وإنما هم على ثقافة عامة, وهذا ما جعلنا ندخل إلى حقيقة هؤلاء.
وتابع: ما يلفت النظر أن ثقافتهم ليست تلك الثقافة العلمية الشرعية الواعية أو الكافية, وليسوا من المكانة العلمية بالمنهج او الفكر السلفي, كما عند الآخرين, بدليل أن كثيرين من السلفيين لم يتوافقوا معهم, بل ابتعدوا عنهم واختلفوا معهم في مسائل عدة, وبعض الاخوة ممن لديهم مشرب سلفي التقوا بهم فحصل نقاش وخرجوا بانطباع بأن بعضهم كفّر البعض الآخر. لذلك أصبحنا نرى الأمور من الزاوية الأخرى. لفت نظرنا انهم أتوا إلى المخيم فدخلوا إلى مواقع «فتح الانتفاضة» التي انشقت عن الرئيس ياسر عرفات, وشغلوا مركز «صامد» ومراكز اخرى. وفي المحصلة فإنه تبين لنا مع الوقت أن هذه المجموعة ليست تلك المجموعة التي تتبنى فكراً سلفياً قائماً على جملة من الدعائم العلمية والدراية الواعية الصحيحة المعتمدة على نصوص وإنما ثقافة سطحية عامة. صحيح ان بينهم بعض الشباب الذي يلتزم المنهج السلفي لكنهم لم يصلوا إلى مرتبة المعرفة التي من خلالها يستطيعون أن يقدموا الفكرة التي يدافعون عنها بالدليل المقنع ويستطيعون تسويقها من خلال عرضها بحجج مقنعة وإنما تحركهم العاطفة فقط.
ولفت المفتي الرفاعي الى ان التشكيل الفكري لجماعة «فتح الإسلام» هو خليط غريب وعجيب من هؤلاء الشباب الذين تنوعوا في بلادهم وثقافاتهم يجمعهم ليس الفكر السلفي بل فكرة واحدة مملوءة بقتال الأميركيين وقتال اليهود في فلسطين. ولكن هذا الشعار مطروح بالخط العريض ويمكن ان يطرحه أي إنسان وقد يكون هذا الشعار مجرد ستار تختفي وراءه قضايا أخرى, وهذا يشكل خطراً لأن كثيرين من الناس خصوصاً في العالم العربي الإسلامي رفعوا شعار الدفاع عن فلسطين وخربوا الكثير من البلاد, ونحن في لبنان عندنا أمثلة كثيرة, على غرار حرب تموز €يوليو€ التي حصلت. ثم انه في أمكنة أخرى اندلعت الحرب في العراق كما في أفغانستان تحت شعارات منازلة الأميركيين واليهود, فأصبح لدينا نوع من الهاجس الذي سيجعلنا نتأمل كثيراً وبعمق, هل يا ترى ما يطرح من شعار الدفاع عن فلسطين هو في محله أم أن فلسطين أصبحت مجرد ستار يختفي وراءه أولئك الناس ليمرروا أفكارهم ومشاريعهم ونياتهم التي يريدون تنفيذها؟ وهذا ما انطبق عند المتابعين لقضية «فتح الإسلام» لأن هؤلاء أتوا بصورة معينة ورفعوا شعار فلسطين الذي تاجر به الكثير من الناس, حتى حكام العرب, وربما لديهم أهداف تختلف عن أهداف تحرير فلسطين لأن الذي يريد أن يحرر فلسطين لا يمكن أن يأتي إلى شمال لبنان الذي يبعد عن فلسطين حوالى 200 كيلومتر ولا يمكن أن يكون في مخيم نهر البارد في الشمال ويفعل ما فعله باسم تحرير فلسطين, ولبنان له تركيبته الخاصة من ناحية الطوائفية, وله تركيبته الخاصة من ناحية الجغرافية, بالنسبة إلينا فإن ما توافر لدينا أن هذه المجموعة ثلاثة أقسام:
­ القسم الأول: أناس لهم ارتباطاتهم المشبوهة اتوا إلى لبنان ربما لأغراض اقليمية.
­ القسم الثاني: مقتنع بأنه سيجاهد في سبيل الله, لكن هذا الفريق اتى من بلاده بجملة من القناعات أراد ان يمارسها في لبنان ولم يجد مناخاً مناسباً, وهذا ينطبق على بعض العناصر الذين التقوا تلك المجموعة في بنغلادش او داغستان او افغانستان وحتى الآن لم تتضح الصورة. هذه المجموعة كانت تظن أن معركتها في لبنان ستكون ضد اليهود والاميركيين وهي تشبه ما حصل في العراق.
­ القسم الثالث والاخير مجموعة من الشباب غرر بهم خصوصاً من اللبنانيين أو الفلسطينيين الذين يقيمون في لبنان وهم متحمسون للقتال في لبنان خصوصا في المرحلة الاخيرة في لبنان كونه يمر بمخاض سياسي معين, خصوصا بعد الاعتصامات التي حصلت في ساحة رياض الصلح, ونشوء فرز طائفي ثم فرز مذهبي. داخل هذه المجموعة بعض اليائسين المحكومين إما بجريمة أو اعتداء أو خريجي السجون الذين انضووا تحت لواء «فتح الاسلام» لغاية خاصة. اللافت أنهم اختاروا إسم «فتح الإسلام» كبديل عن «فتح الانتفاضة».
وحول حقيقة فكرهم القتالي ومستنداته الشرعية يقول المفتي: هم يقولون إنهم صادقون في أهدافهم, لكن الواقع أثبت لنا أن المسألة ليست بهذه البساطة أن نقول بأن هؤلاء يدافعون عن الإسلام وعن أهل السنة وأنهم أتوا لنصرتنا ليس صحيحا بالضرورة, وأنا أطلب من الرأي العام المسلم في لبنان والبلاد العربية بأن لا ينخدع بالاسماء البراقة, وان لا ينساق وراء العاطفة بل ان يحكّم العقل. وربما يتهم من يطرح خيار العقل إما بالجبن او اتباع السلطة, بينما العقل في الإسلام يقتضي أن ننظر إلى أي ظاهرة من خلال ممارستها بعد معرفة أفكارها. ذلك أن الفكر وحده لا يكفي والعقيدة وحدها لا تكفي, إنما يجب أن ننظر الى الفكر والعقيدة من ناحية الممارسة, وإذا كانت الممارسة سليمة دلت على سلامة المعتقدات والأفكار, وإذا كانت خاطئة دلت على أن هذه الممارسة خاطئة. ولهذا السبب لا يمكن أن تكون هناك عقيدة سليمة وفكر سليم وأن ينتجا ممارسة خاطئة. إذاً من خلال المعلومات التي جمعناها تبين لنا انها جماعة محكومة بطبيعة المواجهة والصدام وليس بطبيعة إنهاء المسألة حبيا قبل أن يقع الصدام وتجنيب المدنيين الويلات التي وقعت عليهم لاحقاً. وبنتيجة اقتناعي بالتشدد الذي يتصفون به وسهولة القتل وبأنهم زنروا أنفسهم بهذه المتفجرات ويربون جماعتهم على هذه التربية الخاطئة وأنهم أتوا إلى لبنان من أمكنة مختلفة قلت بأن هؤلاء سيتسببون بحرج كبير للواقع الفلسطيني واللبناني, لأن ما يحملونه من أفكار وما يطرحونه من آراء وما يمارسونه من أعمال لا ينفع معها الحوار. فمن البداية هذه المجموعة تسير في اتجاه الصدام وليس في اتجاه الحوار, والدليل أنهم حتى اللحظة يقولون «إننا أتينا إلى لبنان لمقاتلة الأميركيين والإسرائليين وعزمنا النية على هذا وبايعنا لله بيعة صادقة وأتينا لنحجز أمكنة في الجنة» ومن كان على هذا الاعتقاد, وهم يعتمدون آيات كثيرة في القرآن الكريم التي تدعو إلى الجهاد في سبيل الله وإلى مقاتلة الكفار, وأن منازلة الاعداء في هذه الأرض المباركة في بلاد الشام التي ستجري فيها المعركة الكبيرة في آخر الزمان. وهو شرعاً يعتبر تنزيلاً للنصوص في غير محلها وتفسيراً للنصوص بخلاف ما فسره العلماء خصوصاً أن هؤلاء ليس لهم راية وامير اختارته الأمة الإسلامية وفق معايير الشرعية لمواد اختيار السلطان أو الأمير أو الخليفة.
وأضاف: نشرح القضية بهذا الشكل عندما تأتي جماعة وتفرض نفسها في بلد وتقول بايعنا شخصاً ما ليكون أميراً لنا وبالتالي فإن طاعته واجبة ومعصيته محرمة ومن خالفه يناقش وإن لم يعد يقتل, والرد الشرعي على هؤلاء ان اختيار الامير له آلية في الشريعة.
وخلص المفتي الرفاعي بأن «فتح الاسلام» وباسم «فتح الاسلام» وأهل السنة والجماعة تريد ان تدافع عن فلسطين وتقاتل الأميركيين وتناصر اهل السنة والجماعة في لبنان, لكن نتيجة أفعالها هي قتل أهل السنة والجماعة من الجيش اللبناني الذين أعرف معظمهم بأنهم مؤمنون وأتقياء, إلا إذا أرادت هذه الجماعة ان تكفر أفراد الجيش اللبناني وعندها ستدخل المسألة في دائرة أبعد من دائرة المؤامرة والارتباط بأجهزة إقليمية. وبالتالي نحن لا نفسرها إلا أنها مسألة انحراف عقدي وأنهم دخلوا في فكر الخوارج الذين خرجوا على الأمة الإسلامية وترتب على فكرهم المنحرف المتطرف المعقد ان كفرّوا سيدنا علياً رضي الله عنه واستباحوا دمه وقتلوه بعد أن قتلوا سيدنا عثمان رضي الله تعالى عنه, وبالتالي ألزموا بمشكلاتهم ونصبوا انفسهم الآمر والمشرّع والقاضي والحكم في الوقت نفسه. لذلك تقضي مسألة الانحراف الديني تفرض علينا أن ننظر إلى المسألة بحجمها الطبيعي وان لا يجري تضمينها كما يقول البعض بأن هؤلاء مسلمون ويرفعون راية الإسلام وأتوا لنصرتنا.
وقال ايضا: نحن لسنا مقصرين عن نصرة انفسنا ولا نحتاج الى أوصياء خارجين. ودار الفتوى اللبنانية بجميع علمائها اصدرت في هذا المجال بياناً أكدت فيه أن هذه الظاهرة لا تمت إلينا بصلة وأنهم اساءوا إلى اهل السنة في لبنان, وأنه لا يجوز أن يحملنا أوزاراً وأن يقول بأن السنة في لبنان يتسببون بإخلال الأمن في لبنان. ولا أرى في ظاهرة «فتح الإسلام» إلا إعادة لما جرى في منطقة الضنية منذ سبع سنين حتى صدور العفو عن الموقوفين مع أنها بقيت عالقة سنوات. هذه الفئة أدخلت الأذى إلى القضية الفلسطينية وإلى الفلسطينيين في لبنان, كما ألحقت الأذى بأهل السنة والجماعة وتسترت بالإسلام الذي هو يحرم قطعيا أفعالهم». ويتحدث كثير من الناس عن الفكر السلفي في الإسلام والذي يتستر به كثيرون ممن يخرجون على طوع الحكام ويرتكبون المشاكل مثل «القاعدة» و«السلفية الجهادية» وأنا درست في الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة لمدة 12 عاما التي تدرس الفكر السلفي بمفهومه الاصطلاحي, وبالتالي قرأت وعاشرت وعاصرت كبار من يتصفون بأنهم مراجع سلفية في العالم الإسلامي ومنهم زملاء دراسة كانوا معنا ثم ذهبوا إلى بلدانهم واصبحوا قادة العمل الإسلامي فيها, ولذلك اعتبر ان على, قادة وعلماء الفكر السلفي في العالم ان يتداعوا إلى مؤتمرات متكررة, ويعيدوا النظر في قراءة المناهج من جديد, وأن يتوسطوا في فهم النصوص الشرعية وليس على فهم إمام او إمامين بل في دائرة الأئمة الأربعة رضي الله عنهم. وأن يسمحوا بتدريس الفكر الأمر الذي هو يحتاج البشر وليس تغيير النص الثابت حتى يقف الطالب على جملة من المشارب كي يعلم ان النص ليس قطعياً على دلالة معينة بل هنالك تنوع. وعندما يعرف طالب العلم عندما ينشأ في مدرسة سلفية, أو على أيدي علماء سلفيين, أن المسألة فيها أكثر من قول, يلتمس العذر للآخر وبالتالي لا تكتسب آراؤه حدة في اتجاه واحد. ندعو لهذا الأمر علماء الفكر السلفي إذا أعادوا النظر في كيفية تدريس مناهجهم نكون قد سحبنا ذريعة من أيدي الآخرين الذين يتسللون إلى جسد الأمة ويتسترون بالشعارات البراقة كما خرج الخوارج في السابق وقالوا لا حكم إلا لله ولما اتوا إلى المدينة المنورة أرادوا بنظرهم أن يصححوا الخلل في الخلافة ونتج عن فهم السقيم أن استباحوا المنورة وأن قتلوا الخليفة عثمان رضي الله عنه, ونحن نرى بأن الأمة لا تجمع على ضلالة وأن يد الله مع الجماعة وأنه لا توجد مجموعة تختفي عن اعين السلطان تعمل على تأسيس فكر مستقل عن عامة الأمة إلا كانت على تأسيس ضلالة كما يقول العلماء نحن في حاجة إلى تكريس هذا المعنى وإلى إعادة النظر بمناهج التدريس, لأن الخوف أن ندرّس هذا الفكر بصدق وإخلاص, لكن قد يستخدمه اعداؤنا ليكون آلة تدمير. والآن أنا أرى ان صورة المسلم في العالم أنه إنسان متشدد ثوبه قصير لحيته كبيرة مبعثرة وحاجباه مقطبان وهو غضبان من كل شيء وفي يديه قنابل ورشاشات ويريد أن يسفك الدماء, فهل أضحت الساحة السنية حاضنة لظواهر التكفير تميل إلى التشدد والأصولية, ولماذا هذا الانطباع السائد عن الفكر التكفيري المنتشر في لبنان؟

من هم؟
الشيخ محمد هلو من الحركة السلفية في الضنية يشدد على انه ليس هناك تيار سياسي سلفي بالمعنى الحرفي للكلمة في الشمال لأسباب شرعية, معتبراً ان كل المسلمين هم مسلمون الا ان تسمية السلفية هي فقط للتمييز بين الذين يتبعون الكتاب والسنة تماماً وما بين أتباع المشارب الأخرى في الاسلام. سألناه:
€ هل ان جماعة «التكفير والهجرة» الذين قاموا بما يعرف بأحداث الضنية سابقاً في بداية العام 2000 يتبنون الفكر السلفي او هل لهم ارتباط بالسلفية؟
­ قبل ان نقول ان لهؤلاء الجماعة علاقة بالفكر السلفي يجب ان نعرف ما هي السلفية. انتشرت بين المسلمين بعد انتهاء الخلافة الاسلامية صحوات اسلامية وبالأخص صحوة الدعوة السلفية, والمقصود بهذه الدعوة فهم القرآن والسنة اللذين هما المصدران الوحيدان للتشريع على فهم سلف الأمة الذين هم التابعون وتابعو التابعين. هذا هو الفكر السلفي واليوم لا يوجد هناك ما يسمى بالحركة السلفية, بمعنى أن الموجود حركة حزبية هناك فكر سلفي وهذا الفكر هو العودة الى الكتاب والسنة لفهم سلف الأمة, بمعنى ان الدين لم يكن ضائعاً ووجدناه, بل هو كان موجوداً منذ بداية الاسلام وهذا المفهوم هو مفهوم وسطي ومعلوم عند جميع الخلق والمنهج من دون شك هو دين الله سبحانه وتعالى مع الخلاف بوجهات النظر مثلاً المذهبيين الذين قالوا انهم يتبعون مذهب الامام حنيفة رحمه الله او غيره من الأئمة, فالله سبحانه وتعالى لم يقل لنا ان نتبع فلانا او فلانا بل قال سبحانه «واتبعوا ما انزل اليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه اولياء», ولكن العلماء هم طريق من اجل فهم الكتاب والسنة. لا يوجد هناك حركة سياسية تدعى «حركة سلفية» وأحد الأسباب ان السلفيين لا يرغبون في المشاركة في هذه النظم السياسية الموجودة حالياً, ولا في طريقة سياسة الدولة المخالفة للدين. أما بالنسبة الى جماعة التكفير والهجرة الذين قاموا بأحداث الضنية فنحن لا نعرف ان هناك تنظيما موجودا في الضنية قبل ان تحدث الاشتباكات بينهم وبين القوى العسكرية وما يحدث هنا هو أنه اما أنك فاهم كتاب الله سبحانه وتعالى وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام فتعلم انك حالياً في لبنان في طور الدعوة, اي لست بمقاتل او صاحب حركة عسكرية, وإما انك غير فاهم للدين او تضع النصوص في غير موضعها والثورة هي التي تدفعك لارتكاب الأفعال التي قاموا بها.
وأضاف: ما قامت به جماعة احداث الضنية وما يقوم به «فتح الاسلام» ليس امرا مشروعا في الاسلام, لأن الاسلام لا يقول بمثل هذه الأعمال. فالرسول صلى الله عليه وسلم كان يصلي في الكعبة وكانت الأصنام لا تزال فيها, فلهذا الدين مرحليات وهناك فرق ما بين ان تكون في دولة تقاتل عن معتقداتك وعن النظام الذي تقتنع به, وبين ان تكون فرداً ضمن دولة ويجب عليك ان تتعايش على اساس المجتمع الذي تعيش فيه, وحينها تبين فكرتك للناس وتوضحها وتشرحها للناس يقتنع بها الذي يقتنع ومن لا يقتنع فلا إكراه في الدين من حيث العبادات او المعتقدات الفردية للأشخاص, ولكن بعض الأشخاص الذين لا يفهمون الدين هم من يقومون بهذه الأعمال ومن الناحية المنطقية كيف لبضعة اشخاص لديهم جزء من الأسلحة يريدون ان ينشئوا دولة؟ ولا اعتقد ان هناك انساناً عاقلاً يفكر بهذا الاسلوب, فهل من المعقول ان الفكر السلفي الذي هو أمثل فكر في الاسلام يفكر بهذا الأسلوب؟ قسم كبير من جماعة التكفير والهجرة الذين تمركزوا في الضنية كان هارباً من ظلم الدولة ومما يلاقونه من تعذيب حيث التقوا ببضعة اشخاص لديهم خطة تخريبية واتخذوا من المنطقة مقراً لهم واريد ان اسأل عندما انتهت أحداث الضنية هل كان بين هذه الجماعة اشخاص من الضنية او هل عرف بأن احداً من الضنية من قيادات او غير ذلك قام بمساعدة هذه الجماعة.
€ ألا يوجد هناك ارتباط ما بين جماعة «التكفير والهجرة» و«فتح الاسلام» و«السلفية»؟
­ المشكلة اليوم موجودة في الصحوة, وعلماء الأمة الاسلامية يعلمون ان الانسان في مكان الدعوة يكون داعيةً وفي مكان الجهاد والقتال مقاتلا وعليه ان يأخذ في كل مكان دوره السليم. ولكن ما يحدث هو ان هناك بعض الشباب الثوريين او المتحمسين يقومون بتجاوز كل مراحل الاسلام على ان كتاب الله سبحانه وتعالى وسنة الرسول عليه الصلاة والسلام تدعو الى الجهاد فلنجاهد اذاً, ولكنهم غافلون عن ان للجهاد مبدأ ووقتا وقيادة. لا أعلم ان كان هناك ارتباط ما بين «فتح الاسلام» و«جماعة التكفير والهجرة», وقطعاً لا ارتباط مع السلفية, ومن المؤكد ان هناك اناسا مغرضين من وليد جنبلاط الى ميشال عون الى كل من اتهم السلفية بالوقوف وراء «فتح الاسلام» أو اي جماعة مثلها فهولاء الذين اتهموا السلفية يبغون اهدافا خبيثة من وراء كلامهم. فهل بمجرد ان ظهرت مجموعة ما وشكلت قوة عسكرية يجب ان تكون من السلفيين؟ ان كل من اتهم السلفية بهكذا جماعات يملكون داخل انفسهم خبثا وحقدا على الدعاة السلفيين, لذلك نراهم يمررون مفاهيمهم في هذه الأحوال والظروف. أما عن انشاء خلافة اسلامية فنسأل هل إن السلفيين هم الوحيدون الذين يريدون انشاء خلافة اسلامية؟ اذاً فان جميع المسلمين مطعون في دينهم, وهذا الكلام غير صحيح فكل المسلمين يحبون العيش في ظل خلافة اسلامية وخصوصاً الذين لديهم علم من التيارات الاسلامية, ولكن دورك في لبنان هو الدعوة الى عبادة الله سبحانه وتعالى ولا يحق لك القيام بأكثر من ذلك.


مصباح العلي

المصدر: الكفاح العربي

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...