إلغاء العقائدية في المدارس السورية ألغت معها النظام والانضباط

09-03-2009

إلغاء العقائدية في المدارس السورية ألغت معها النظام والانضباط

ما كان يعرف بالنظام «المنضم» وتوابعه لم يعد موجوداً في مراحل التعليم الإعدادي والثانوي في سورية. فقد تم الاستغناء عنه بعد تداوله عشرات السنين، ليبدأ عهد جديد خال من العقائدية وتعبئة المواطن أو الطالب السوري لنصرة قضايا الأمة العربية.

مادة التربية العســكرية ما عــادت موجودة في المناهج اليوم. لا بل بمجرد صدور قرار إلغائها في عام 2004 حتى نسي الطالب ما كانت حــوته. «لم أعد لأتذكر شيئاً من الجانب النظري لتلك المادة، لكن تعذيب المدرب لي من خلال تقليد طريقة البطة في المشي، لا يغيب عن ذهني» يقول محمد جنيدي، الطالب في الصف الثــاني الثانوي.

كانت مادة التربية العسكرية تقوم على مبدأ ضرورة تنشئة الجيل الطالبي تنشئة عسكرية من خلال تدريبه في باحة المدرسة على النظام المنضم «مشي عسكري» وإلقاء التحية العسكرية ونظام المشاة وغيره. أما نظرياً فكان مطلوباً منه معرفة الإسعافات الأولية وطرق الدفاع المدني والأسلحة العسكرية الخفيفة والبوصلة. يقول غنام فكري الطالب في الصف الثالث الثانوي: «أشعر بارتياح الى إلغاء مادة التربية العسكرية فما عدت في حاجة إلى الانصياع لأوامر أحد في المدرسة».

ولم يتوقف الأمر عند إلغاء مادة التربية العسكرية في عهد الرئيس بشار الأسد، بل تعدى إلى إلغاء الاحتفالات الخاصة بالأعياد الوطنية كثورة الثامن من آذار وميلاد الحزب الحاكم وعيد الجلاء، ليقتصر الأمر على احتفالات رسمية «ضيقة».

البعض ينظر إلى قرار الاحتفالات على إنه غير صائب. ويقول نضال طنوس الطالب في قسم التاريخ :«في الاحتفالات كنا نتذكر معاناة السوريين القدامى الذي جاهدوا لتحقيق الاستقلال ما يعطينا الفخر والاعتزاز».

إلغاء العقائدية لم يقتصر على التربية العسكرية والاحتفالات، بل امتد ليشمل بعض العبارات التي كانت تردد في المدارس السورية كعبارة «زمجر بغضب وانتقم من أعداء بلادي صاعقه» ليقتصر على بعض العبارات والمبادئ الأساسية كالوحدة والحرية والاشتراكية. وتروي سامية اسماعيل التي تدرس الجغرافيا: «لم أكن استطيع اللحاق بما يقوله رفاقي أثناء ترديد الشعار بسبب طوله، أما الآن فلا يتجاوز الأمر دقيقتين ويكون الطلاب في قاعات الدروس».

ويرى الكادر التعليمي العسكري إن إلغاء المادة العسكرية والاحتفالات الوطنية والعبارات القومية كرس جيلاً غير منضبط ولا يمت لأصول النظام بصلة. وما زاد من عدم تقيد الطلاب بأوامر المدرسين وضرورة التزام المدرسين الصمت أمام ما يتعرضون له من تلامذتهم، القرار الذي اتخذ من سنتين بإلغاء استخدام العصا في المدارس «طلاب كثر يتعرضون لنا ويتحرشون بنا من دون القدرة على تحريك ساكن» تقول أميرة علوش، مدرسة مادة الرياضيات. والسبب يعود برأي أميرة إلى إلغاء العقوبات التي كانت مفروضة سابقاً في حال تعرض الطالب لأحد من رفاقه أو لمعلميه. ومن تلك العقوبات الزحف في ساحة المدرسة أو ضرب الطالب بالعصا جزاء لما اقترفه من سوء معاملة لزملائه أو مدرسيه. ولمجرد استخدام المدرسة يدها في وجه الطالب للدفاع عن نفسها، يأتي في اليوم التالي «أهله وعشيرته ليعاقبوا المدرسة من خلال تهديدها بالضرب أو بتقديم شكوى ضدها». ويتعجب سمير ظافر الذي كان مدرس تربية عسكرية من التناقض الذي يحصل في المجتمع الذي يعيشه. ويقول: «ينشأ الطالب في جو عنف ويأتي إلى المدرسة ويتعامل بعدوانية مع مدرسيه من ثم يستغل القرارات الموضوعة لمصلحته».

عفراء محمد

المصدر: الحياة

التعليقات

طالما أن المدارس الحكومية تدار كشركات الغزل والنسيج فلا عجب أن يكون إنتاجها فاشلا ولا يصلح إلا للتخزين سنة بعد سنة. فالعملية التربوية تدار كالعمليات الانتاجية من الأعلى إلى أسفل وخط الإدارة طويل طويل، من قيادات مختلفة، ووزارة، ومديرية، وشعب، .... ومدراء المدارس، والأساتذة، والطلاب مع ذوييهم هم في آخر السلسلة ولا حول لهم ولا قوة إلا أن يكونو فئران تجارب لمن يعلوهم في السلسة. الدولة حريصة في توفير التعليم الأساسي لكل من هب ودب، على حساب جودة التعليم، أي على حساب المعلم والمتعلم، وعلى الرغم من أهمية ذلك، فالمتخرجون من هذا النظام التعليمي أبعد ما يكونون عن المتعلمين؟؟!! الحل بيد من يملك زمام الأمور، فإما المتابعة على النهج الذي كرسوه، أو ثورة في التعليم بعد تحديد أو تبني الأهداف روحا لا نصا (كما في الخطة الخمسية العاشرة)، وبإشراك جميع المستفيدين (وزارة- طلاب - ذوي الطلاب- جهات معنية) في نقل عبء التربية والتعليم إلى أدنى مستوى ممكن لكي يلبي التعليم حاجات المستفيدين ضمن رؤية واسعة، لا أن يتم تنفيذ خطط كمية بغض النظر عن النتائج.

أوافق تماما "leave it" على ما يقوله، ليس الحل بالعودة إلى الوراء وإنما ابتكار طرق حضارية لإضفاء الجدية ""من جديد""

انا مع الغاء مادة التربية العسكرية في مدارسنا لانها كانت تذل الطالب وتكسر نفسيته وما يحصل الان من انحطاط وعدم التزام ليس السبب من الغاء مادة العسكرية بل من نتاج المجتمع ككل حيث نرى الفوضى وعدم التزاموالفساد والاستهتار وفقدان القيم الاجتماعبة والوطنية في كل مناحي الحياة وليس فقط عند طلاب المدارس وهذه نتيجة عملية متراكمة منذ سنوات عديدة والنتائج تظهر على الواقع مع تقدم كل جيل في مناصب اتخاذ القرار وما ينعكس منه ما تربى عليه وما تعلمه خلال شبابه وتعليمه والجو المحيط به آنذاك

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...