الجيش اللبناني يلاحق ميلشيات السلطة اللبنانية في الجبل والشمال

25-01-2007

الجيش اللبناني يلاحق ميلشيات السلطة اللبنانية في الجبل والشمال

وفي اليوم التالي على الإضراب العام الذي نفذته المعارضة وما رافقه من احتجاجات حوّلتها قوى في فريق السلطة الى يوم دموي، بدت الصورة السياسية شديدة التعقيد مع استئناف الاتصالات السعودية ــــــ الايرانية التي لم تعرف تفاصيلها بعد رغم أن مصدراً دبلوماسياً عربياً أشار الى احتمال التوصل الى اتفاق يعلنه وزير الخارجية السعودية سعود الفيصل في خطابه أمام مؤتمر باريس ــــــ3 على شكل مبادرة تتيح التوصل الى حل، فيما استمر التوتر في خطاب فريق السلطة الذي يعمل على تعبئة جمهوره لأجل القيام بتحرك قريب. علماً بأن وقائع المتابعات الامنية والسياسية امس أظهرت أن “القوات اللبنانية” جندت أكثر من 800 عنصر مع كامل اسلحتهم بقصد القيام بأنشطة مختلفة وأن شخصيات من فريق السلطة تورطت في نقل هؤلاء من مكان الى آخر مع كميات من الأسلحة، وهو ما دفع بالقوى الامنية المعنية الى توسيع حملة المداهمات في مناطق عدة انتهت الى تحويل 132 شخصاً الى القضاء العسكري غالبيتهم من عناصر “القوات”، بينما انطلقت مساء امس حملة دهم واعتقال في منطقتي بعل محسن وباب التبانة في طرابلس وشملت عناصر من تيار “المستقبل” وأخرى من الحزب العربي الذي يقوده النائب السابق علي عيد، الى جانب موقوفين من الحزب التقدمي الاشتراكي أطلقوا النار على مناصرين للوزير طلال ارسلان في الجبل.
وكانت بيروت وبقية المناطق قد أفاقت أمس على نشاط أقل من العادة تجارياً وتربوياً وشهدت بعض الجامعات الخاصة إشكالات كتابع لما حصل الثلاثاء، لكن الأهم كان في المتابعة الأمنية للتسلح الكبير الذي ظهر من جانب قوى السلطة في أكثر من مكان، حيث أظهرت المداهمات والتوقيفات التي قام بها الجيش اللبناني وجود عدد كبير من المسلحين الذين ينتمون الى “القوات اللبنانية” والحزب التقدمي الاشتراكي وتيار “المستقبل” اضافة الى آخرين من الحزب السوري القومي الاجتماعي والحزب العربي في طرابلس وعكار. لكن المفاجأة كانت في ما كشفته مصادر معارضة عن أن التيار الوطني الحر كان قد أبلغ البطريرك الماروني نصر الله صفير وقيادة الجيش اللبناني معلومات عن خطة عسكرية أعدتها قيادة القوات اللبنانية بعد اجتماعات برئاسة الدكتور سمير جعجع لنشر 800 من عناصر القوات المدججين بالاسلحة الفردية المرخصة تحت ستار عناصر الحماية، في كل المناطق المسيحية، والاعتداء على مكاتب التيار الوطني الحر ومنازل قيادييه قبل صباح الثلاثاء، وهو ما جعل عمليات إطلاق النار تتم من بعض هؤلاء في وقت مبكر أول من امس وقبل دقائق من بدء تحرك المعارضة.
كذلك كشفت المعلومات عن تحقيقات خاصة تجرى الآن بخصوص ما حصل مع النائب السابق فارس سعيد الذي يعقد اليوم مؤتمراً صحافياً ينوي خلاله اتهام جهات بمجاولة اغتياله، بعدما كان صباحاً قد قدم للبطريرك صفير معلومات عما حصل معه تناقض ما سبق لقيادة الجيش أن وضعت صفير في أجوائه، حيث تبيّن أن سيارات تعود الى سعيد كانت تحتوي على أسلحة فردية تتجاوز بكميتها الأسلحة المخصصة عادة للمرافقين، وأنه كان حاضراً في اجتماعات مع كوادر من “القوات” وقاد بعضهم صباح الثلاثاء وقت المواجهة مع عناصر التيار الوطني الحر. ويبدو أن هناك معلومات عن تورط شخصيات اخرى من فريق السلطة منها نواب، ساعدوا باستخدام سياراتهم التي تتمتع بحصانة لنقل مسلحين من القوات من منطقة الى اخرى. علماً بأن فريق “القوات” قرر المضي من جانبه بحملة قضائية ضد عناصر قال إنها تنتمي الى التيار الوطني الحر والى تيار المردة والى الحزب السوري القومي الاجتماعي وانها تعرضت لعناصره بالضرب وبإطلاق الرصاص، مع محاولة لجعل تشييع أحد عناصر “القوات” في إحدى بلدات قضاء البترون الى مناسبة للتحريض السياسي ما دفع بالقوى الاخرى الى الاستعداد لمواجهة معه، يعمل الجيش على منعها بمساعدة رجال دين مكلفين من الكنيسة.
في هذه الاثناء توجهت الانظار الى طهران لمعرفة نتائج الاجتماعات بين الموفد السعودي بندر بن سلطان والقيادة الايرانية، وقال دبلوماسيون معنيون ان البحث يدور حول مساع لأجل إعادة القوى اللبنانية كافة الى طاولة الحوار على قاعدة أن كل العناوين الخلافية قابلة للحل، لكن هناك مشكلة جدية في إيجاد مخرج للخلاف حول ملف المحكمة الدولية. وقال مسؤولون إيرانيون لـ“الأخبار” إن المهم هو الهدوء وضرورة التفاهم الداخلي ومنع الفتنة، لكن هذا لا يعني، بحسب المصادر نفسها، أن طهران ستتوانى عن تقديم أي مساهمة لحل الازمة اللبنانية، لهذا فهي ستتعامل بإيجابية كاملة مع الزيارة المفاجئة لبندر الذي “يُعرف بفتور علاقته مع الايرانيين، وتعاليه عن الجلوس والتفاوض معهم على طاولة واحدة”، وقد احيطت الزيارة بتعتيم إعلامي كبير وعقدت الجلسات والمشاورات خلف أبواب موصدة بعيداً عن الاعلاميين او عدسات الكاميرات “بهدف إنجاح المساعي، وما يمكن ان يكون مبادرة سعودية لحل الازمة اللبنانية”. وأشارت مصادر متابعة في طهران إلى أن “هذا التعتيم جاء بناءً على رغبة وطلب من الوفد السعودي”، مضيفة أن بندر حمل معه رسالة من الملك السعودي عبد الله الى المرشد الأعلى للجمهورية الاسلامية علي خامنئي لم يفصح عن مضمونها، كما التقى نظيره الايراني علي لاريجاني. وبالتزامن أجرى وزير الخارجية الايراني منوشهر متكي محادثات هاتفية مع نظيره السعودي الأمير سعود الفيصل، أكد فيها الجانبان “على ضرورة استمرار المشاورات لتسوية الأزمة في لبنان والتوصل الى حل عادل يرضي جميع الافرقاء السياسيين”. وكشف متكي، أمام أعضاء في البرلمان الايراني، أن تفاهمات حصلت بين إيران والسعودية بشأن الملفين اللبناني والعراقي، لكن لم يفصح عن طبيعتها او مضمونها. واكتفى بالاشارة إلى قوة الموقف الايراني في الموضوعين.
ومع أن الخلافات الداخلية ظلت كبيرة، فإن قادة المعارضة باشروا التدارس في التحرك المقبل إذا لم تنجح المبادرات السياسية، بينما أعلن الرئيس فؤاد السنيورة من باريس رفضه إجراء انتخابات مبكرة وقال: “لا يمكن تعديل الدستور عندما نشاء. يجب ان تتم الامور في وقتها. في هذا الجو المحتقن لا يمكن ان تتم انتخابات تؤدي الى مزيد من التشنجات”. وأضاف “لبنان دولة ديموقراطية حصلت فيه انتخابات ديموقراطية مئة بالمئة بشهادة الجميع”.
أما الرئيس نبيه بري فقال امس: “أنا لست يائساً رغم سواد الصورة وسواد الحرائق التي اتّشح بها لبنان أول من أمس. ما زال لديّ الأمل بالقدرة على اختراق السدود والوصول إلى تسوية تخرج الوضع من حالة الاستنقاع والمراوحة”. ويعلق بري أهمية كبيرة على الاتصالات السعودية ــــــ الإيرانية المكثفة لإنهاء النزاع في لبنان، ويقول: بوابة الحلول قيام حكومة وحدة وطنية بثلث ضامن، ومن جهتي لا مانع لديّ أن تكون بوابة الحل الاتفاق على المحكمة ذات الطابع الدولي وأنا وضعتها بنداً أول في مبادرتي التي تم قصفها وتصويب الرماية السياسية عليها قبل أن تقرأ وقبل أن يُعرف مضمونها. لكن بعض الموالين كانوا أغبياء سياسة ففوّتوا على أنفسهم كسلطة وكفريق فرصاً لتعزيز وضعهم وتفعيل الحكومة التي يحتفظون برئاستها وبالأكثرية فيها، داعياً إلى الحفاظ على الجيش ووحدته لأنه ضمانة السلم الاهلي.
وبينما اعلن الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله مساء امس ان “المعارضة يمكنها لو أرادت أن تسقط الحكومة في الشارع غداً أو بعد غد، لكن الذي حال حتى الآن دون سقوط الفريق المتسلط ليس الدعم الدولي بل حرص المعارضة على السلم الأهلي”، أكد ان “مشهد الإضراب امس أكد وحدة المعارضة وقوتها وتماسكها ومدى التزام قواعدها تجاه قيادتها وقدرتها على قيادة حركة إضراب كبرى مع التدرج في التصعيد” وأعلن ان الحكومة هي “حكومة ميليشيات تملك السلاح”. وقال إن “القوى التي تشكل الحكومة هي ميليشيات، والحكومة هي حكومة ميليشيات تملك السلاح ومجموعات مسلحة”. وأضاف انه “في الصراع الداخلي تلجأ هذه الحكومة سريعاً الى استخدام السلاح”.
ومن جهته، اتهم العماد ميشال عون “القوات اللبنانية” بـ“جر الساحة المسيحية الى فتنة”، واتهم مجموعة منها بإطلاق النار امس على مناصريه مما ادى الى سقوط سبعة جرحى منهم. وقال إنه هو من طلب وقف الإضراب الذي أراده سلمياً “وإذا بالبندقية تظهر وسال الدم في الشارع”. واتهم الحكومة بأنها “حكومة مجرمة”. وأورد عون تفاصيل كثيرة عما حصل يوم الثلاثاء داعياً البطريرك الماروني نصر الله صفير الى التحرك، كما طالب مفتي الجمهورية محمد رشيد قباني بإدانة عمليات إطلاق النار على المتظاهرين.

المصدر: الأخبار

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...