الرجال وهزّ الوسط في مصر: غرام أم انتقام؟

18-05-2013

الرجال وهزّ الوسط في مصر: غرام أم انتقام؟

رجال في مصر يقتحمون مملكة الرقص الشرقي الخاصة بالنساء. يتمايلون على أنغام الموسيقى بحركات مثيرة للغرائز والشهوات ليسحبوا البساط من الأنثى المتباهية دوماً بجمالها وفتنتها.
وبين حقهم في ممارسة هواية يعشقونها الى النخاع، وبين دخولهم عالم هز الوسط بسبب البطالة الخانقة وانسداد آفاق العمل أمامهم، دائماً ما يواجهون سهام النقد والتجريح من مجتمع شرقي يرفض أن يتحوّل الذكر الى مجرد جسد للفرجة وإثارة الشهوة.
وتنشط في مصر بعض الفرق الرجالية للرقص الشرقي، والتي تنافس الراقصات الشهيرات على إحياء الحفلات والليالي الساهرة في الفنادق الكبرى والملاهي.
وبالرغم من أن العروض تنهال عليهم، فضلاً عن وجود إقبال على حفلاتهم وسهراتهم من السياح، إلا أن كثيرين من المجتمع المصري يرفضون ما يقوم به الراقصون ويعتبرونه «تشبّهاً بالنساء». وينظر مصريون إلى الراقصين من الرجال نظرة «دونية»، حيث يربطون بين الرقص الشرقي والشذوذ الجنسي أو الدعارة.
وترفض لجنة في نقابة المهن الفنية إسناد تصاريح لمن يمتهنون مهنة الرقص الشرقي من الرجال بدافع أن «هزّ الوسط لم يخلق يوماً للذكور»، وتعتبر أن وضعهم غير قانوني.
وبات امتهان الرجال هزّ الوسط يشكل قلقاً على ممتهنات الرقص الشرقي اللاتي خضنَ حرباً طويلة منذ سنوات لمنع قدوم راقصات من لبنان وروسيا ورومانيا ودول أخرى.
ولا يعترف معظم الراقصين من الرجال بنظرية الرقص من أجل الدولارات، بل يظهرون على الهواء مبررين مهنتهم بأنها هواية ولقمة عيش. ويسخط بعضهم، وهم من حاملي الشهادات، على الاوضاع المزرية التي عاشتها مصر في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، والتي ازدادت سوءاً في عهد «الإخوان المسلمين». ويبررون امتهانهم الرقص بانسداد آفاق العمل في مصر وعجز الشباب عن ايجاد موارد رزق. وتفوق معدلات الفقر والبطالة 54 في المئة بين الشباب المصري بحسب تقرير الأمم المتحدة للتنمية البشرية للعام 2013.
ويعتبر شق آخر من عشاق مهنة الرقص الشرقي في صفوف الرجال أنها مهنة مثيرة ومختلفة، وتحتاج إلى ليونة ومرونة جسدية عالية، بالإضافة إلى الإحساس العميق بالنغم والموسيقى والموهبة التي تسبق الخبرة والممارسة.
وتعتمد بعض الحضارات المتطورة على الرقص كأداة ثقافية واجتماعية تحتضن فوائد صحية وجسدية.
ويعتبر علم النفس أن الرقص الشرقي للرجال هو بمثابة تحدّ للمرأة التي اقتحمت جميع مجالات العمل الذكورية الصعبة، ومحاولة لسحب البساط منها في مجال تتقنه وتتفنن فيه.
ويلخص علماء النفس أن الرقص عموماً علاج لكثير من المشاكل الحياتية اليومية، ويشكل هروباً من الواقع نحو عالم آخر مليء بالفرح على إيقاع موسيقى تفرز هرمونات مضادة للتوتر لحياة أكثر شباباً ورومانسية. ويعتبرون أنه الملاذ الآمن للتخفيف من حدّة التوتر والضغط النفسي. ويمنح الرقص إحساساً بالسعادة والثقة بالنفس أكثر، كما ينمي مهارات الاتصال والتواصل مع الجسد.
يُذكر أنه في القرن التاسع عشر، كان الرجال الذين يمارسون مهنة الرقص الشرقي يتمتعون بصيت أكبر من النساء. وفي كتاب «أخلاق وعادات المصريين المحدثين» لمؤلفه المستشرق إدوارد لين، حول المجتمع المصري في القرن التاسع عشر، ذكر أن «ممارسة الرجال للرقص الشرقي كانت سائدة، وذلك لتسامح المجتمع مع رقص الرجال، ورفضه أن ترقص النساء أمام الرجال، ولهذا منعت الراقصات أو الغوازي من الرقص في القاهرة».
ويمثل الرقص الشرقي سواء في صفوف النساء أم الرجال مادة دسمة ومثيرة للجدل في الشارع المصري وكثيراً ما توجه لهم سهام النقد الحادة، ومع وصول «الاخوان» إلى سدة الحكم زادت الضغوط على هواة ومحترفي الرقص الشرقي، وتعالت الاصوات المتشددة التي تطالب بإحلال دمهم على اعتبارهم مدعاة لإثارة الفجور والفساد.
«زمن العوالم انتهى وحجاب العقول مقبل» شعار يرفعه «الإخوان المسلمون» في وجه الجميع، ويبدو أنه بدأ تطبيقه فعلاً بخطة تطهير كباريهات وفنادق شارع الهرم وهي أكبر منتجعات للرقص في مصر.
وعقدت إحدى مدارس الرقص الشرقي في القاهرة مهرجانًا للرقص، وصرّح القائمون عليه أنهم تلقوا رسائل تهديد على هواتفهم المحمولة خلال فعاليات المهرجان.
ويتجه رجال الأعمال المنتمون إلى «الاخوان» الى شراء الملاهي الليلية لتحويلها الى فنادق او محلات تجارية لملابس المحجبات، وفقاً لما اوردته صحف مصرية.
كذلك، كشف مصدر في نقابة المهن التمثيلية أن الدعاة يحرضون على غلق الكباريهات لتصبح مهنة الرقص في مصر «آيلة للسقوط».


(«ميدل ايست اونلاين»)

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...