القاهرة: انفجار قرب الحسين قتيـلة فرنسـية و20 جـريحاً

23-02-2009

القاهرة: انفجار قرب الحسين قتيـلة فرنسـية و20 جـريحاً

ايقظ الانفجار الذي وقع في منطقة الحسين وخان الخليلي في القاهرة امس، ذكريات أليمة عند المصريين اعادت الى اذهانهم سنوات «ضرب السياحة». لكن الانفجار الذي اوقع قتيلة فرنسية و20 جريحا من جنسيات مختلفة، جعل المشهد في هذه المنطقة التاريخية والسياحية، الى جانب التساؤلات التي طرحها حول توقيته واهدافه، شديد الغرابة والبؤس بعدما تحولت، بخلاف شهرتها العالمية، الى مكان مهجور غارق في القلق.
وتضاربت التقارير حول كيفية وقوع الانفجار. ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط عن مصدر أمني مصري قوله إن الدلائل الأولية تشير إلى أن العبوة كانت موضوعة أسفل مقعد حجري في الحديقة المواجهة لمسجد الإمام الحسين، قال شهود إن «عبوتين ألقيتا من سطح عمارة تطل على الشارع، فيما قال آخرون إن مهاجما على دراجة نارية ألقى العبوة. كما قال البعض إنها
ألقيت من الفندق القريب من موقع الانفجار، وإن خبراء المتفجرات فجروا أخرى بعد حوالى الساعة.
كما تضاربت التقديرات حول عدد قتلى الانفجار. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، في بيان، سقوط قتيلة فرنسية وإصابة 20 شخصا، هم 13 فرنسيا و3 سعوديين و4 مصريين، موضحة أن حالات المصابين تتراوح بين نزيف بالبطن وإصابات نتيجة شظايا بأنحاء متفرقة بالجسم وجروح سطحية. ونقلت «رويترز» عن مصادر أمنية وفي وزارة الصحة إن أربعة أشخاص قتلوا في الانفجار، وهناك 6 من الجرحى في حالة خطيرة، فيما نقلت «فرانس برس» عن مصدر اشارته الى سقوط 22 جريحا هم 15 سائحا فرنسيا، بينهم ثلاثة اصاباتهم متوسطة، والماني وثلاثة سعوديين وثلاثة مصريين.
وكانت مصر شهدت سنوات من الهدوء بعد أحداث العنف في التسعينيات من القرن الماضي والتي استهدفت ضرب السياحة بالإضافة إلى أهداف أمنية. وبخلاف آخر تفجير في «الموسكي» بالقرب من منطقة الأزهر شرقي القاهرة في العام 2005 والذي وصف بالعمل الفردي، كادت عبارات «ضرب السياحة» وحتى «الإرهاب» تختفي من القاموس السياسي هنا.
وتراوحت روايات شهود  بعد وقوع التفجير مباشرة بين هلع مما رأوا وبين منتقدين لـ«المبالغة» في نقل الأحداث. وحسب سيدة في الخمسينيات من عمرها قالت إنها من سكان الحسين وإنها كانت تقف خلف مسجد الحسين التاريخي وقت وقوع الانفجار، فان «المنطقة بأكملها، بما فيها الجمالية وقصر الشوق وخان الخليلي، اهتزت بعنف حتى تصورنا أن هناك زلزالا شديدا، خرج بسببه عشرات من السكان إلى الشارع خوفا من سقوط منازلهم عليهم». وأضافت إن الصراخ والفزع تسبب في وقوع إصابات، لان المنطقة كانت مكتظة نسبيا بالزوار و«سقط الكثير على الأرض و دهستهم الأقدام».
وقال محمد سعيد، 56 عاما، وهو صاحب كافيتريا «السنوسي» التي تطل مباشرة على موقع الانفجار على بعد ٥ أمتار من مسجد الحسين، إن التفجير كان «مجرد صوت مخيف هز المنطقة، لكنه لم يكن ضارا ولم تنبعث منه مواد تتسبب في إصابات، بدليل أن عدد المصابين قليل وإصاباتهم ليست خطيرة».
وأشار سعيد، لـ«السفير» إلى انه رأى القنبلة وهي تسقط من فوق قهوته، و«تحديدا من فندق الحسين» الذي يقع في الدور الأول والثاني من بنايته. واستغرب عدم التحقيق مع رواد الفندق وصاحبه. وكان لافتا عدم تضرر الواجهات الزجاجية للمقاهي والمطاعم الشعبية التي تقع قرب مكان التفجير. وأضاف سعيد «يبدو أن ما حدث غرضه التخويف وليس القتل».
ورغم «الجيوش» الأمنية التي أحاطت بالمكان، إلا انه لم يكن صعبا على الصحافيين الاقتراب إلى مكان وقوع الانفجار. ولاحظت «السفير» وجود بقعة دم كبيرة قرب مدخل مسجد الحسين. وقام الصحافيون بالتقاط صور لها، بينما كان بعض الصبية يقفزون فوقها.
إلا أن المثير في الأمر توقيت وقوع الحادث في اليوم ذاته الذي تحدثت فيه بعض الصحف عن ضغوط أميركية تتعرض لها القاهرة حاليا لإنهاء حالة الطوارئ المفروضة منذ العام 1981، وانه يترتب على ذلك قيام الحكومة بالتقدم بقانون «الإرهاب» الذي لم تنته من إعداده بعد.
يذكر أن البرلمان المصري وافق على تمديد العمل بقانوني الطوارئ في أيار 2008، لمدة عامين. وهو ما أشار إليه معلقون مصريون تحدثوا في الفضائيات المحلية تعقيبا على التفجير الذي اعتبروه «مخرجا جيدا للحكومة حتى تستمر في قانون الطوارئ».
وخلف مسجد الحسين، قال خالد، 21 عاما، وهو بائع للمسابح والهدايا التذكارية لـ«السفير» إن ما حدث «ليس سوى حيلة للاستمرار في قانون الطوارئ، ومن قاموا به أرادوا إقناعنا بذلك، والدليل أن القنبلة كانت خفيفة ويبدو أنها للتخويف و ليست إرهابا».
وأعرب المحامي الإسلامي منتصر الزيات، في مقابلة مع قناة «الجزيرة»، عن اعتقاده أن الهجوم قد يكون على علاقة بالغضب الشعبي الناجم عن العدوان الإسرائيلي على غزة. وقال «إن نوعية الانفجار تظهر أنها من عمل شبان لا خبرة لهم وهواة اشتعلت نفسيتهم بسبب الأحداث في غزة».
ردود
وأعلن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، في بيان، عن «تأثره الشديد» للاعتداء، مؤكدا انه يتوجه «بكل الدعم للسلطات المصرية التي يثق فيها ثقة تامة في تقديم المساعدة لجميع الضحايا وإلقاء الضوء على ظروف هذه المأساة».
وأعلنت وزارة الخارجية الفرنسية أنه ليس هناك حالياً ما يدعو إلى إصدار نصائح للرعايا والسائحين الفرنسيين بعدم التوجه إلى مصر.
وسارع شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي إلى إدانة الانفجار. وقال إن «الذين قاموا بهذا العمل الإجرامي خونة لدينهم ووطنهم ويشوهون صورة الإسلام السمحة التي ترفض الإرهاب بكل أشكاله وتحرم قتل الأبرياء والآمنين والنفس من دون وجه حق»، مشيرا إلى أن «الإسلام بريء تماما من مثل هذه الأعمال الإرهابية وغير المسؤولة».
وباستثناء بعض سكان المنطقة الفضوليين وأصحاب المتاجر القليلة التي لم تغلق أبوابها، امتلأت المنطقة بالحشود الأمنية التي حاصرت الطرق المؤدية إلى مسجد الحسين وخان الخليلي، وكذلك مستشفى الحسين الذي نقل إليه الجرحى. ورغم السكون الذي خيم على هذه المنطقة الحية والمزدحمة عادة، ظهر التوتر والقلق واضحا في الأحاديث التي كانت تدور أمام المستشفى أو في المقاهي القليلة التي ظلت مفتوحة لمتابعة نشرات الأخبار.
وسبق لحي خان الخليلي أن تعرض لهجوم شنه انتحاري في نيسان العام 2005 أسفر عن مقتل فرنسيين اثنين وأميركي. وهذا أول اعتداء تشهده مصر منذ نيسان العام 2006، حين تـــعرض منتجع دهب السياحي في شبه جزيرة سيناء لثلاثة تفجيرات انتحارية متزامنة أوقعت 20 قتيلا بينهم ستة أجانب، فضلا عن الانتحاريين الثلاثة. ونســـبت السلطات المصرية يومها الاعتـــداء إلى جماعة التوحيد والجهاد الإسلامية.

أميرة هويدي

المصدر: السفير


 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...