القمة السعودية- الإيرانية لم تتجاوز الحديث عن وحدة الصف الإسلامي

05-03-2007

القمة السعودية- الإيرانية لم تتجاوز الحديث عن وحدة الصف الإسلامي

الجمل:    جاءت القمة السعودية- الإيرانية، في وقت فائق الدقة، وشديد الحرج بالنسبة لتطورات الأوضاع في الشرق الأوسط. فقد عبأت الولايات المتحدة الأمريكية واحداً من أكبر حشودها العسكرية في الفترة الممتدة من انتهاء الحرب العالمية الثانية وحتى الآن من جهة، ومن الجهة الأخرى رفضت إيران وقف المضي قدماً في برنامجها النووي، إضافة إلى تزايد مأزق الإدارة الأمريكية في العراق.

الإدراك المتبادل في القمة:
- تنظر القيادة الإيرانية إلى القيادة السعودية باعتبارها الحليفة الداعمة، رغم  أنفها، للتوجهات الأمريكية الهادفة إلى ضرب إيران، وذلك بسبب مشاركتها لتحركات الإدارة الأمريكية عن طريق الدعم المالي، وفتح أراضيها وشواطئها للحشود العسكرية الأمريكية.. إضافة إلى تبني السعوديين (نغمة) الخطر الإيراني المتوقع على منطقة الخليج، والبلدان العربية.
- تنظر القيادة السعودية إلى القيادة الإيرانية باعتبارها المسؤولة عن تحريض الإدارة الأمريكية للقيام بعملية الحشد العسكري في الخليج، وذلك لسببين، هما:
أ‌- رفض الإيرانيون إيقاف العمل في البرنامج النووي.
ب‌-  تبني خطاب سياسي سافر العداء للولايات المتحدة والغرب.
كذلك تنظر القيادة السعودية إلى القيادة الإيرانية باعتبارها مسؤولة عن الآتي:
* دعم الفصائل المسلحة الشيعية في جنوب العراق.
* دعم الحركات الفلسطينية المسلحة وبالذات حماس والجهاد الإسلامي، على النحو الذي أفشل فعالية الضغوط والمخططات السعودية إزاء هذه الحركات.
* دعم حزب الله اللبناني، الذي تعتبره القيادة السعودية خطراً مهدداً على توجهاتها الشرق أوسطية، وتحالفاتها وروابطها الوثيقة مع قوى 14 آذار، وحكومة السنيورة.
* توطيد علاقاتها مع سوريا، والتي تحاول القيادة السعودية الضغط عليها لكي تصبح جزءاً من المشروع السعودي في المنطقة.
القمة السعودية- الإيرانية، جاءت بعد زيارة الأمير السعودي بندر بن سلطان –رئيس مجلس الأمن القومي السعودي- لإيران، واجتماعه مع علي لاريجاني المسؤول الإيراني التفاوضي في أزمة الملف النووي، وتفيد المعلومات والتسريبات بأن هذه الزيارة، تعلقت بالتفاهم مع الإيرانيين من  أجل الآتي:
• إقناعهم بضرورة إيقاف العمل في البرنامج النووي.
• الضغط على حزب الله من أجل:
- القبول بالمحكمة الدولية وفقاً لشروط 14 آذار.
- القبول بتنفيذ القرار الدولي، الخاص بنزع سلاحه.
- التخلي عن فتح ملف مزارع شبعا.
- إطلاق سراح الجنود الإسرائيليين.
- التخلي عن المطالبة بإطلاق سراح الأسرى اللبنانيين.
- الموافقة على مبدأ نشر القوات الدولية على الحدود السورية.
• إقناعهم بعدم التدخل في العراق.
ويقول بعض المحللين بأن المطالب السعودية تهدف إلى تحقيق هدف  آخر، أكثر  أهمية بالنسبة لأمريكا وإسرائيل، وهو فصم عرى العلاقة الوطيدة الإيرانية- السورية، وذلك لأن موافقة إيران وقبولها بهذه الملفات يؤدي تلقائياً إلى حرق ملف العلاقات السورية- الإيرانية.
ترتبط السياسة الداخلية بالأمن الداخلي، وترتبط السياسة الخارجية بالأمن الخارجي.. ولما كانت كل معطيات البنية السياسية الدولية تفيد بأن السياسة الخارجية السعودية الإقليمية والدولة قد اندمجت بشكل كامل مع أطروحات السياسة الخارجية الأمريكية، القائمة على أساس اعتبارات الأمن القومي الأمريكي المرتبط بالمشروع الصهيوني- الإسرائيلي، فقد جاءت القمة السعودية- الإيرانية تجسيداً لجهود مهندس الأمن القومي والسياسة الخارجية السعودية –الأمير بندر بن سلطان- والذي تحدث عنه الكاتب الإسرائيلي ألوف بن في مقال حمل عنوان (مبعوث إسرائيل إلى جيرانها : الأمير السعودي بندر).
القمة السعودية- الإيرانية كانت قمة (السائل- والمجيب)، وذلك على أساس أن مضمونها الجوهري يتمثل في تقديم القيادة الإيرانية الإجابة على الطلبات السعودية، وعلى ما يبدو، فقد كانت القيادة الإيرانية أكثر حرصاً وإدراكاً للأسلوب الذي درج عليه السعوديون في إدارة اللقاءات.. والذي يبدأ عادة بالحديث عن وحدة الأمة الإسلامية وتماسك الإسلام والمسلمين، ونبذ الفتنة والشقاق وتوحيد كلمة المؤمنين والإسلام.. وبسبب الإدراك الإيراني العميق لأزمة السياسة الخارجية السعودية الراهنة، فإن القمة لم تتجاوز حدود الحديث عن (وحدة الصف الإسلامي).. وانفضت بانتهاء اليوم الأول.. بعد  أن كان مقرراً استمرارها ليومين..
نشرت صحيفة النيويورك تايمز، تحليلاً اخبارياً اليوم 5 آذار 2007م، حمل عنوان (اللقاء السعودي- الإيراني أثمر عن القليل).
تقول الصحيفة بأن المحللين قد اختلفوا حول القمة، على أساس الاعتبارات المتعلقة بالتأثير النهائي الكلي للقاء، وذلك وفقاً للآتي:
• المتفائلون بأن القمة تمثل اختراقاً يكسر دوامة دورة الحركة باتجاه الهاوية في المنطقة، وذلك لأنها تمثل نقطة البداية في قيام السعودية وإيران بالتركيز على الحلول البناءة لاختلافاتهما.
• المشككون يرون بعدم إمكانية إيجاد الحلول والمبادرات للأزمة الراهنة، ويستدلون على ذلك على أساس اعتبارات أن أحمدي نجاد مازال مستمراً في تصريحاته المتشددة والمعادية للغرب.
وعموماً، يدرك السعوديون تماماً، أن العدوان العسكري الأمريكي على إيران سوف يترتب عليه قيام إيران بالرد، وبأن هذا الرد سوف لن يميز بين أمريكا وحلفائها في المنطقة.. ومن ثم فإن القصاص الإيراني سوف لن يكون السعوديون استثناء منه، وحتى إذا لم يقم الإيرانيون بالقصاص من السعوديون، فإن (هناك أطرافاً أخرى في المنطقة).. سوف تعمل في زحمة وفوضى حالة الحرب على استخدام أياديها الخفية للنيل من العربية السعودية.. وذلك من أجل إزكاء نار الصراع والحرب السنية- الشيعية، التي ظلت حلماً طويلاً يراود خيال إليوت أبراهام، ونتنياهو وجماعة المحافظين الجدد.

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...