المصارف السورية الخاصة تطرح جملة من الحلول لاستمرار عملها

10-01-2013

المصارف السورية الخاصة تطرح جملة من الحلول لاستمرار عملها

تعود المصارف الخاصة، اليوم، لتطرح جملة من المطالب من خلال تقرير أصدرته مؤخراً تحت عنوان “أولويات الإصلاح الاقتصادي”، تضمن جملة من النقاط، وصفتها بالمهمة لتسهيل عمل المصارف الخاصة في سورية.

وبيّنت المصارف، في تقريرها، مجموعة من العقبات والمعوقات التي تحدّ من عملها، الأمر الذي ينعكس سلباً - من وجهة نظرها- على أدائها المصرفي، لا سيما خلال الظرف الراهن. كما شدّدت على استقلالية المصرف المركزي، وعلى أهمية تجاوز البيروقراطية والروتين، كما انتقدت سياسة وزارة المالية التي تفتقد – حسب رأيها - وجود رؤية واضحة لتطوير القطاع المالي والمصرفي، وغيرها من النقاط. في المقلب الآخر، تؤكد الحكومة والسلطة النقدية في سورية أنّ القوانين التي وضعتاها لعمل تلك المصارف بشكل عام لا تتجاوز كونها ضوابط للعمل المصرفي حتى لا يخرج الموضوع عن سيطرتها.

خلل في التعامل بين الخاصة والعامة
وبالعودة إلى التقرير آنف الذكر، كانت المصارف الخاصة أكّدت على ضعف ممارسة المصرف المركزي ومجلس النقد والتسليف مهامهما، إضافة إلى عدم استقلالية القرار المتخذ، مع وجود فجوة بين التشريعات والقرارات. كما أوضح التقرير أنّ هناك خللاً في التعامل بين المصارف الخاصة والعامة الأمر الذي ينعكس سلباً على أدائها، لا سيما أنّ هناك تمييزاً حتى بالقانون الذي يعطي الأولوية لتحصيل ديون المصارف العامة باعتبارها ديوناً ممتازة ذات أولوية على ديون المصارف الخاصة عند التنفيذ، فضلاً عن أنّ تعامل جهات القطاع كافة مرهون بموافقة رئاسة مجلس الوزراء، هذا إضافة إلى عدم خضوع هيئة الرقابة الشرعية لسلطة القوانين والتعليمات المصرفية النافذة.

¶ حلول اقترحتها
كما أوضح التقرير جملة من الحلول، تتمثّل في ضرورة ضمان استقلالية المصرف المركزي بصكّ قانوني يجدّد مسؤولياته، وممارسته دوره في إدارة السياسة النقدية بإشراف مجلس النقد والتسليف والرقابة بالتنسيق مع السلطة التنفيذية، إضافة إلى إعادة تعريف دور المصرف المركزي بشكل واضح في الاقتصاد وتحديد مهامه بالحدّ من التضخّم باستخدام أدواته، وبضبط الكتلة النقدية وأسعار الصرف ونسب الفائدة، بالتزامن مع إجراءات تحفز تحول الاقتصاد من التعامل النقدي إلى المالي، بما يحفز النمو والعمل جدياً على إزالة العقبات التي ما زالت تحول دون إحداث جمعية المصارف، وتحديد مهامها، مع تأكيد ضرورة المساواة بين المصارف العامة والخاصة، والسماح للجهات الحكومية والمحلية بالتعامل مع المصارف الخاصة دون قيود.
وفي السياق ذاته، انتقد التقرير وزارة المالية، مؤكداً أنّه لا يوجد لديها أيّ رؤية واضحة في تطوير القطاع المالي والمصرفي، مع غياب واضح للمرونة في التعامل مع القطاع الخاص، وقال التقرير إنّ تداخل المسوؤليات بين المصرف المركزي ووزارة المالية والحكومة أدّى إلى عدم وضوح العلاقة فيما بينها.
وفي استطلاع أجرته “بلدنا” حول بعض النقاط التي تضمّنها التقرير، وافق بعض الخبراء الاقتصاديين على بعض مطالب المصارف الخاصة، ووجدوها مشروعة، وتفيد الطرفين، سواء العام أم الخاص، في حين خالفهم آخرون ووجدوا أنّ المرحلة التي نعيشها تتطلّب التريث والتأجيل في اتخاذ أيّ قرارات اقتصادية جديدة غير مضمونة النتائج بما يخدم المرحلة الراهنة.
 
¶ الربح دائماً..
في هذا الإطار، خالف الخبير الاقتصادي الدكتور حميدي العبد الله، بعض النقاط التي ذكرها التقرير، حيث لم ير أنّ هناك إجحافاً في القوانين الناظمة لعمل تلك المصارف، وعلّل ذلك بأنّ القطاع المصرفي الخاص يبحث دائماً عن الربح سواء من ناحية منحه التسهيلات، إن كان عبر قروض عقارية أو خدمية (سيارات وكومبيوترات...)، أم مشاركته في الاستثمارات إن كانت كبيرة أو صغيرة، بينما المصارف العامة - يتابع العبد الله تحليله - تذهب أرباحها إلى خزينة الدولة، التي هي اليوم في أمس الحاجة إلى تلك الأرباح والأموال، لأنّها؛ أي خزينة الدولة، في ظلّ هذه الظروف، ستشهد زيادة في الإنفاق أكثر من المعتاد، مقارنة بمدخولاتها في الفترات الماضية، مؤكداً أن دول العالم عندما تواجهها أوضاع استثنائية كالتي نعيشها اليوم فإنّها تتّجه إلى مايسمى “اقتصاد الحرب”.
 
¶ الاستثمارات..
وتابع الخبير الاقتصادي العبدالله، معلقاً على موضوع استثمارات المصارف الخاصة، بأنّها تلجأ دائماً إلى الاستثمارات ذات الربح المضمون بما يؤمن لأصحابها والمساهمين فيها الأرباح الأكيدة، فالرأسمال لا يقوم بأيّ استثمار إلا إذا حقّق له الربح المطلوب (وطبعاً هذا من حقّها في النهاية)، إلا أنّ المصارف الحكومية تستثمر في المشاريع ذات الطابع التنموي، وهو ما نحتاج إليه اليوم. وأضاف الخبير الاقتصادي أنّ لدى الدولة اليوم أولويات، وبالتالي يطالب الخبير أصحاب المصارف الخاصة الذين حققوا أرباحاً في سورية، خلال الفترات الماضية، أن يحملوا كتفاً مع الدولة في هذه الظروف الاستثنائية من خلال تخفيض أرباحهم. 
 
¶ استقلالية المركزي
وجد العبد الله أنّ موضوع استقلالية المصرف المركزي الإدارية، أمرٌ مطلوب بالتأكيد، إدارياً فقط، إلا أنّ الخبير الاقتصادي ليس مع استقلالية المركزي في رسم السياسة الاقتصادية، وهو أمر غير معتمد حتى في الدول الغربية، وبالتالي فإنّ رسم السياسات يجب أن يكون منوطاً بالحكومة بالتعاون مع المركزي.

تشريعات المركزي موحدة
من جهته، وجد الخبير الاقتصادي، الدكتور محمد حمرا، عدم وجود إجحاف في القوانين الناظمة لعمل المصارف الخاصة في سورية، على اعتبار أنّ التعليمات والتشريعات الصادرة عن المصرف المركزي هي عامة وموحدة، حيث تحدّد عمل المصارف العامة والخاصة معاً. كما رأى الخبير حمرا أنّ استقلالية المركزي مطلوبة حتى في الدول الغربية، وإن كان وافق الدكتور العبد الله على أنّ هذه الاستقلالية يجب ألا تكون كاملة، على اعتبار أنّ المصرف يرسم السياسة النقدية للبلد، فيجب أن يكون تابعاً، أيضاً، للحكومة. وبخصوص هذه النقطة تحديداً يقول حمرا: إنّه من المبكر، في ظل الظروف الراهنة، الحديث عن أيّ تشريعات جديدة، لذلك لابدّ من التريث، على اعتبار أنّ النظر في مثل هذه الأمور يتمّ في ظلّ ظرف من الاستقرار والأمان، وليس في ظل الفلتان الأمني، وعدم الاستقرار.
ووافق الخبير الاقتصادي من ناحية ثانية على ما أشارت إليه المصارف الخاصة في تقريرها حول وجود فجوة بين التشريعات والتنفيذ، لافتاً إلى أنّ التعليمات التنفيذية التي يتمّ إصدارها بعد إصدار التشريعات، تفرغ تلك التشريعات من محتواها، لذلك لا بدّ من أخذ هذه النقطة في الاعتبار عند القيام بإصلاح اقتصادي.


   ¶ بيروقراطية وروتين المركزي
بدوره، مدير المصرف العقاري، الدكتور عابد فضلية، وافق كلاً من الخبيرين ورأى أنّ المصارف العامة غير مميّزة أبداً عن الخاصة من الناحية القانونية والتشريعية، بل ذهب فضلية إلى ما هو أبعد من ذلك، حيث اعتبر أن المصارف العامة هي المظلومة في هذه الناحية، وبرّر وجهة نظره بأنّ المسؤوليات والضوابط لا تنسجم مع الصلاحيات الممنوحة لها، إلا أنّ مدير المصرف العقاري لم يخفِ وجود بيروقراطية وروتين في التعامل مع المصرف المركزي حتى بالنسبة إليهم كمصارف عامة، ولفت في هذا الإطار إلى أنّ هناك تشريعات فنية في المركزي وإجرائية مجحفة بحق القطاعين العام والخاص، كما هناك شدة في التعامل، ونوع من العبء الإجرائي بالنسبة إلى العام والخاص معاً، وأكّد أنّ المصارف العامة والخاصة بحاجة، على سبيل المثال، إلى مديرية للتعامل فقط مع متطلّبات المركزي الورقية والفنية.
 
دور مهم
 يتابع فضلية حديثه بالتأكيد على الدور المهم للمصرف المركزي بالنسبة إلى القطاع المصرفي في سورية بشكل عام، فالمصارف العامة تؤيّد دوره الرقابي، سواء على المصارف العامة أم الخاصة لضبط دور القطاع المصرفي، بالإضافة إلى دوره التدخّلي الإيجابي لحماية المصارف خاصة في هذه الظروف الحالية.
من جانب آخر، بيّن فضليّة أنّ موضوع استقلالية العمل بالنسبة إلى المصارف العامة قد يكون وجهة نظر صحيحة، على اعتبار أنّ استقلاليّتها محدودة في العمل، لكنّه أوضح أنّ المصارف العامة ليست مميّزة أبداً عن الخاصة من ناحية القوانين على العكس، في رأيه..
وأخيراً، ختم مدير المصرف العقاري بالقول إنّ المصارف العامة أدت دوراً جيداً في العمل المصرفي، وتطوّرت بشكلٍ كبير خلال الفترة الماضية، وأثبتت وجودها، ولكن مازال أمامها طريق طويل لتحسين العمل المصرفي ليصبح أكثر مرونة بشكل يوازي عمل المصارف الخاصة، لافتاً إلى أنّ الظروف التي تمرّ بها سورية أثبتت متانة المصارف العامة وثباتها وقدرتها على الاستمرار.

¶ سوء استخدام قانون السرية المصرفية
الجدير بالذكر أنّ التقرير انتقد، أيضاً، محدوديّة إصدارات أذونات الخزينة، مؤكداً عدم فعاليّة مزادات بيعها، وعدم اعتماد أسس اقتصادية سليمة في تسعيرها. كما لفت، بالنسبة إلى التشريعات والقوانين، أنّ هناك سوءاً في استخدام قانون السريّة المصرفية من خلال الإفراط في طلب المعلومات عن عدد كبير من العملاء بشكل مستمرّ دون الرجوع إلى المصارف بنتائج التحقيق بالمعلومات المقدمة، هذا إضافة إلى القيود الموجودة على تداول وتسعير القطع، والتي تحابي مكاتب وشركات الصرافة على حساب المصارف، إضافة إلى تقييد مراكز القطع الأجنبي للمصارف، وتخفيضها إلى 2 % فقط مقابل 10 % قبل الأزمة، ما يتسبّب في إرباكات وخسائر للمصارف، لاسيما في ظلّ عدم استقرار أسعار الصرف، فضلاً عن ضعف البنية التحتية الضرورية لتطوير الصيرفة الإلكترونية، الأمر الذي يتطلّب ضرورة إعادة النظر في الحد الأدنى المطلوب لرأسمال المصارف التقليدية والإسلامية وربطه بحجم أعمال المصرف.


يعمل في سورية 14 مصرفاً خاصاً، ثلاثة منها إسلامية. وكانت بعض البيانات ذكرت أنّ بعض المصارف استطاعت أن تحقّق “أرباحاً رغم الظروف التي تمرّ بها سورية، بينما بعضها الآخر نجا من الخسائر بالاعتماد على ارتفاع سعر صرف الدولار في الأسواق السورية، الذي ارتفع من 47 ليرة مع بداية الأزمة إلى 76 ليرة سورية حالياً. وفق نشرة المركزي.
كما بيّنت تقارير اقتصادية أخرى أنّ القطاع المصرفي الخاص في سورية قطاع متين وقويّ، استطاع خلال عام ونصف العام مواجهة الأزمة، على الرغم من تداعياتها الكبيرة، مبيناً أنّ المصارف ما زالت رغم هذه الظروف تحقّق أرباحاً، وتملك من الاحتياطيات والمخصّصات ما يضمن لها مواجهة أي تبعات أخرى.‏
وقال التقرير، إنّ: “نسبة السيولة لدى المصارف الخاصة ليست فقط ضمن حدودها القانونية التي حدّدها مصرف سورية المركزي بنسبة لا تقلّ عن 30 % بكلّ العملات، لكنّ نسبتها الفعلية تفوق ذلك بكثير في معظم المصارف الخاصة”.

                                                                                                                                        آنا البني: بلدنا

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...