النباتات الطبية والعطرية في الساحل السوري نحو الانقراض

25-01-2009

النباتات الطبية والعطرية في الساحل السوري نحو الانقراض

انتشرت النباتات الطبية والعطرية بكثرة في محافظة طرطوس خلال العقود الماضية بشكل عفوي في الطبيعة وعلى مساحة جغرافية متنوعة بدءاً من الساحل ومنطقة السهول والهضاب وحتى الجبال العالية وكانت كافية لسد حاجة السكان واليوم مع الازدياد الكبير للسكان وتوجه الأنظار نحو التداوي بالأعشاب والنباتات الطبية ازداد جمع هذه النباتات بشكل عشوائي ما جعل بعض أنواعها نادراً جداً بل على وشك الانقراض.

ومع زيادة الخطر الذي يداهم النباتات الطبية كيف يمكننا ضبط القطاف للحد من انقراضها، وأين تكمن أهميتها الاقتصادية والطبية، وهل من اجراءات لاستزراع هذه النباتات لحمايتها وتنظيمها؟! ‏

اعتمدت الأعشاب الطبية بشكل رئيس لدى سكان محافظة طرطوس بل الساحل السوري منذ مئات السنين فلا يخلو بيت منها كما تقول السيدة هالا من قرى القدموس وأضافت: نبدأ بجمع النباتات هذه مع فصل الربيع والصيف لنستخدمها كمشروب رئيس في فصل الشتاء فهي من أهم مواد «المونة» في فصل الشتاء.. وتضيف أم محمد: كنا نجمع باقة «الزوفا» خلال نصف ساعة واليوم نحتاج لأيام لنستطيع جمع باقة.. وتتساءل أم ابراهيم : ما أسباب اختفاء هذه النباتات التي تعد مصدراً رئيساً للعلاج في ريفنا. ‏ ‏

أنواع النباتات في الساحل السوري ‏

إن أغلب النباتات الحراجية تتمتع بخواص طبية سواء كانت شجرية أو شجيرية أو عشبية وأهمهاكما أوردتها المراجع وهي موجودة بكثرة ومشاهدة ضمن حراج طرطوس:

ـ الزعتر البري بنوعيه عريض الورق «الزوبع» وله فوائد طبية وغذائية لاحتوائه مادة Thymol التي تدخل في كثير من التراكيب الصيدلانية ويستعمل في حالات السعال الديكي ـ والالتهابات التنفسية والربو والحصى. ‏

ـ إكليل الجبل: يستخدم في علاج أمراض الجهاز البولي وأمراض المعدة ومفرغ للصفراء ويعالج أمراض الروماتيزم وطارد للغازات وغيرها. ‏

ـ الطيون: يحتوي مضادات للجراثيم والديدان الحلقية ويستخدم في علاج داء السكري وتحسين امتصاص عنصر الكالسيوم.. ‏

ـ السماق: يستخدم في صناعة الأدوية القابضة والقاطعة للنزف ويستعمل في الدباغة.. ‏

ـ الختمية: تحتوي مادة الميوسيلاج وتستخدم طبياً كمادة ملطفة وملينة في حالات الامساك ومعالجة التهاب القصبات والرئة.. ‏

ـ الغار النبيل ـ الزوفا ـ الآس ـ الميرمية ـ الختمية ـ البابونج ـ الخبيزة ـ القراص ـ العجرم وغيرها.. ‏

بعد توجه الأنظار الى الأعشاب الطبية والاهتمام بشكل كبير بها لأنها رخيصة ولاحتوائها على مركبات فعالة ذات خواص علاجية وبكلفة بسيطة وعديمة التأثيرات الجانبية المؤذية على عكس الأدوية الكيميائية.. وبعد أن أصبحت نادرة بل على وشك الانقراض أصبحت الحاجة ماسة لاستزراع النباتات الطبية والعطرية وتحسينها وذلك لعدة أسباب أهمها: إمكانية تصديرها كمواد دوائية أولية والنباتات البرية غير كافية لتغطية الكميات المطلوبة للصناعة الدوائية التي تعتمد على المواد الأولية الطبيعية المنشأ، يحتوي النبات الطبي المزروع والمحسن على نسبة أكبر من المكونات الفعالة بالنسبة للنبات البري، وندرة النباتات الطبية البرية وغيابها في سنوات الجدب والجفاف ما يهدد الصناعات الدوائية بالنقصان وامكانية التحكم في جعل النبات الطبي المزروع ذي مواصفات دستورية وعلى مستوى السوق العالمية. ‏

وحتى نصل الى استزراع النباتات ذكر المهندس حسن صالح رئيس دائرة الحراج في طرطوس بأنه لابد من قيام دائرة الحراج بتجارب حقلية على هذه النباتات ضمن أراضي الدولة الحراجية وتشجيع المزارع لادخالها واعتمادها خاصة في الأراضي قليلة الخصوبة وذات الانحدارات الشديدة وكثيرة الأمطار وذلك بعد تأمين الشتول في مراكز انتاج الغراس الحراجية وتوزيعها مجاناً كمرحلة أولى ليتم بعد ذلك انتاجها محلياً من قبل المزارع وتوسيع زراعتها في ملكياتهم مع توفير الدعم الفني من قبل المختصين الحراجيين لانجاح هذه الزراعة وأسلوب استثمارها. ‏

ولحماية الأصول الوراثية لابد من استزراع النباتات والحد من الجني الجائر الذي استمر لعقود طويلة من قبل المواطنين، كذلك فإن استخدام المبيدات للتخلص من الأعشاب قضى على كم هائل من هذه النباتات وبالتالي تم القضاء على الكثير من الأصول الوراثية التي كانت متوفرة وهنا مكمن الخطر الهائل والأساسي فيجب الانتباه الى هذه القضية واعادة تجميع ما تبقى من أصول وراثية في سبيل الحفاظ عليها لاستخدامها في مراكز البحوث العلمية حالياً ومستقبلاً لتطوير هذه النباتات إذ إن منطلق البحث العلمي من الأصل الوراثي البري لأي نبات. ‏

تعتبر سورية بشكل عام والساحل السوري بشكل خاص من أهم الدول التي تحتوي على كم هائل من هذه النباتات حيث تصدر الزوبع ـ الغار النبيل ـ الميرمية ـ إكليل الجبل وبعض النباتات الأخرى الى بلدان عربية وأجنبية ومنها الأردن ـ مصر ـ تركيا ـ الصين ليعاد توضيب وتصنيع هذه المواد في تلك البلدان وتصديرها كمنتج وطني لهذه البلدان دون ذكر بلد المنشأ بالرغم من إرفاق وثائق التصدير بشهادة منشأ صادرة عن الجهات الرسمية أي يتم في تلك البلدان إهمال بلد المنشأ علماً بأنها تباع بأسعار زهيدة جداً للتجار. ‏

وهنا يأتي وعي المزارع لزراعة هذه النباتات واظهارها كمنتج سوري محلي وبالتالي تحسين دخله في حال زراعتها، من هنا كان اشراك دائرة الحراج في مهرجان قطاف المواسم الأول في طرطوس بكم كبير من النباتات الطبية والعطرية لإظهار أنها منتج سوري محلي ومحاولة لتشجيع المزارع لاعتمادها كزراعات بديلة أو قائمة الى جانب الزراعات الأخرى وبالتالي تحسين الدخل وتشجيع المستثمر لإنشاء صناعات مستقبلية تقوم على هذه المواد ورديفاً أساسياً للصناعات الطبية والعطرية. ‏

ويؤكد السيد محمد جنيدي المهتم بالنباتات الطبية والعطرية بأن أجدادنا ومنذ القدم استخدموا هذه النباتات كجزء من حياتهم اليومية وقد توفرت بكثرة في ساحلنا السوري سهلاً وجبلاً حتى وصلنا اليوم الى انقراض العديد منها وأهمها الزعتر الجوي «الناعم» والزوفا بسبب الجني الجائر وبيعها للتجار بأسعار بخسة، رغم الردة الكبيرة للتداوي بالأعشاب حالياً وذلك لخلوها من الآثار الجانبية ولفاعلية الأعشاب على العديد من الأمراض ومنها «اللاشمانيا ـ الأكزيما ـ القلاع» وغيرها والتي أثبتت نجاحها من هنا لابد من الحفاظ على هذه الثروة الهامة من الضياع. ‏

تأتي اجراءات تشديد الحماية على المواقع الحراجية أول الاجراءات للحفاظ على هذه الثروة فهي لا تزال المورد الرئيس للأصول الوراثية «البنوك الوراثية» الوحيدة في سورية وتنظيم استثمارها ومؤخراً قامت بعض التجارب على نطاق ضيق لإكثارها وانتاجها وبدأ البعض على نطاق تجاري ما زرع الأمل لنجاح هذه الزراعة وتعميمها على الساحل السوري خاصة في المناطق الجبلية قليلة الخصوبة والمعرضة لانجراف التربة وكونها تحقق هدفاً سامياً آخر وهو تنظيم مساقط المياه وهذا ما نحتاجه بشكل كبير في وقتنا الحاضر.

 

رفاه نيوف

المصدر: تشرين

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...