بانوراما الصناعات الكيمياوية في سوريا

19-02-2009

بانوراما الصناعات الكيمياوية في سوريا

تتميز الصناعات الكيمياوية عن غيرها من الصناعات بأنها صناعة الاستثمار الكبيرة, وبالتالي فإن عائد الإستثمار يكون منخفضاً مما لا يشجّع القطاع الخاص والحرفي على الدخول في هذه الصناعة ويفضّل تركها للمؤسسات الكبيرة أو العامة. أضف إلى ذلك أن فترة الدراسات وتنفيذ المشاريع طويلة وتزيد من النفقات.
والصناعات الكيميائية تعتمد بشكل أساسي على مواد أولية مستوردة (بإستثناء صناعة النفط ).
وأن متوسط إنتاجية العامل في الصناعات الكيميائية أعلى منه في أي نشاط آخر, وهذا ناتج عن تكثيف رأس المال على حساب العمل, وسرعة تطور التكنولوجيا الحديثة في هذه الصناعة بالمقارنة مع غيرها من الصناعات.

الصناعات القائمة

الصناعات القائمة منذ أن أقيمت الخطط التنموية في القطاع العام هي: الأسمدة, الزجاج, الأدوية, المنظفات, الأحذية, الدهانات, الجلود, المنتجات البلاستيكية, المصابيح الكهربائية, الورق, الإطارات.
رغم أن هذه المصانع قد أقيمت منذ أكثر من 30 عاماً إلا أنها لم تتطور وطبيعة عمل هذه الصناعات تستلزم البحث العلمي والتطوير المستمر ولكن أغلب هذه المصانع أقيمت بموجب عقود خارجية أي مفتاح باليد دون مراكز بحث واختبارات وتطوير, لذلك بقيت دون تطوير يذكر إلا في صناعة الدواء حيث تم تصنيع مستحضرات دوائية إعتماداً على نباتات طبية.

واقع الشركات:

الشركة الأبرز الرابحة والناجحة هي الشركة الطبية العربية (تاميكو) ولكن:
- تعاني من مشكلة التسويق.
- تواجه منافسة كبيرة بسبب وجود عشرات المعامل في القطاع الخاص.
- لا اعتمادات للدعاية والإعلان.
- تعاني الشركة من صعوية تسجيل منتجاتها في الدول الأجنبية.
- عدم التزام فارمكس بالاستجرار من الشركة.
الشركة العامة للمنظفات (سار).
شركات وورش ومعامل أقامها القطاع الخاص نتيجة تراخيص عشوائية وتنتج إنتاجاً رديئاً دون مراقبة تموينية وبأسعار رخيصة لذلك فإنها تعاني من منافسة شديدة وتعترضها صعوبات وعقبات أبرزها:
- معامل خاصة غير مرخصة وإنتاجها رديء.
- صعوبة التصدير إلى الدول المجاورة.
- عدم استجرار مؤسسات التوزيع ومنافذ البيع في القطاع العام بشكل كبير لمنتجات الشركة.
الشركة العامة للدهانات (أمية):
كانت من أهم شركات القطاع العام الرابحة والتي تنفذ خططها الإنتاجية بنسبة عالية وإنتاجها مسوق بشكل جيد ومرغوب ولكن:
أقيم في سوريا في الأعوام القليلة الماضية 700 معمل للقطاع الخاص ويعني هذا ضرب شركة أمية لعدم إمكانية مجاراة القطاع الخاص في أساليب البيع ونسب العمولة الممنوحة للزبائن. لأن القطاع العام تحكمه قوانين وأنظمة خاصة تسبب الخوف من المحاسبة, البيع الأجل, البيع بالأمانة, تحاسب الإدارة إذا إجتهدت ولكن لا تحاسب على التخريب والسرقة.
أيضاً ماذا يعني تراجع مؤسسات القطاع العام من استجرار مادة الدهانات وخاصة مادة دهان الشوارع والطرقات واستجرارها من معامل القطاع الخاص, والوقائع تقول:
بسبب العمولات والفساد والرشوة..

الشركة العامة للكبريت وأقلام الرصاص

هذه الشركة متوقفة عن العمل منذ سنوات طويلة مع تراكم المخزون وعدم وجود سيولة مادية, ولم تستطع الجهات الوصائية إتخاذ قرار أو حل لتحويل خطوطها الإنتاجية إلى مواد جديدة وصناعات أخرى.
الشركة العامة للصناعات الزجاجية والخزفية كانت من أبرز شركات القطاع العام الرابحة والمنفذة لخططها الإنتاجية بشكل جيد, ولكن من خيرات الشراكات والانفتاح امتلأت الأسواق السورية بالزجاج من السعودية ومصر وبلدان أخرى وضربت الشركة في الصميم.
أيضاً الشركة العامة للزجاج في حلب قدم ألاتها دون تطوير أو تحديث أدى إلى تدني الإنتاج وسوء الجودة والمستودعات امتلأت بالإنتاج دون تصريف, وتقف الإدارة والجهات الوصائية تتفرج..!!
والشركة العامة للصناعات التحويلية تعاني من تدني الإنتاج والسبب يعود إلى قلة استجرار المؤسسة العامة الإستهلاكية لإنتاجها.
أيضاً أقيمت عشرات المعامل من قبل القطاع الخاص الذي يملك المرونة في التسويق والتسعير ووفرة الإنتاج, وقد أثر هذا سلباً على منتجات الشركة إضافة إلى قدم آلاتها.
الشركة العامة للأسمدة.. فضائح بعض الإدارات التي تواكبت عليها أزكمت الأنوف رغم أنها شركة استراتيجية هامة ويتبع لها عدة معامل منتجة, وفي أعوام عديدة كانت تبلغ خساراتها السنوية مئات الملايين من الليرات السورية, كانت الشركة وعبر سنوات مصدر رزق لفئة من السماسرة والتجار كانوا يحاصرون الشركة بالإتفاق مع إداريين لتوريد قطع تبيديلية أو مواد أولية, وتم تغيير أكثر من مدير ولكن كيف كان يجري التغيير؟
أحد المدراء جاء إلى الشركة بطريقة شرعية وقانونية وأول خطوة اتخذها تغيير الطاقم الإداري في مفاصل الشركة فانقطعت الأرزاق ووصلت أرباح الشركة في عام واحد إلى مليار ل.س لذلك اتخذ قرار بإعفائه من العمل وجيء بمدير جديد أخر عن طريق الفئات التي قُطعت أرزاقها, فتراجعت الشركة ووصلت إلى الخسارة وتم إعفاءه.. الخ..

معمل الإطارات في حماه

عبر سنوات طويلة والشركة متوازنة وتنفذ خططها الإنتاجية وهي شركة استراتيجية هامة قامت بدورها في سنوات الحصار على سوريا.
الخطوط الإنتاجية لم تطور ولم تحدث رغم المطالبات والمذكرات المرفوعة من قبل إدارتها والنقابة منذ أكثر من 20 عاماً, وبدأت تتراجع ورافق ذلك إغراق السوق السورية بالإطارات المستوردة من جميع دول العالم دون أن تفرض الدولة رسوم إغراق لحماية الصناعة الوطنية, علماً أن الولايات المتحدة الأمريكية تفرض هذه الرسوم على الإطارات الصينية واليابانية المستوردة, تراكم الإنتاج ورافق ذلك أعطال فنية وصعوبة في استيراد المواد الأولية والتي يبلغ عددها أكثر من 100 مادة وما يرافق ذلك من روتين وبطء في اتخاذ القرار.
وتبلغ ديون الشركة على الشركات الإنشائية بمئات الملايين.
وأمام حاجة المعمل لإدخال تكنولوجيا جديدة تواكب تطور صناعة السيارات وإدخال قياسات جديدة رفعت مذكرات عديدة وتم الاتفاق مع الصين لمنح قرض للشركة يبلغ 80 مليون يورو لتطوير خطوطها ومنذ سنوات ولازال السجال قائماً مع الصين حول هذا القرض ولم ينفذ..
والسؤال هنا:
عندما أقيم مصنع للسيارات في سوريا (شام) بالشراكة مع الجانب الإيراني ونفذ في زمن قياسي, لماذا لم تلحظ الجهات الوصائية السورية تطوير معمل الإطارات في حماة ليواكب معمل السيارات وحاجته من الإطارات بدلاً من الاستيراد؟
هذا يعطينا صورة واضحة عن قصور عام في العقل الصناعي والاقتصادي, ولكن بكل صراحة أقول ليس قصوراً ولكن أرزاق السماسرة والمستوردين (نقطة انتهى).
وفي الجانب النفطي ماذا نجد؟ وهي صناعة كيمياوية أيضاً:
الشركة السورية للنفط: يرفع الإتحاد المهني مذكرات تطالب بضرورة العمل على تجديد واستبدال الآلات النوعية والحقلية ذات الوضع الفني والسيئ لأن استثمارها غير اقتصادي مع تخصيص الشركة بالقطع الأجنبي ووضعه تحت تصرف الإدارة دون العودة الى لجنة القطع. أيضاً تعاني شركة المحروقات من القلة في السعات التخزينية والاستيعابية للمشتقات النفطية وقلة أسطول وآليات التوزيع, أيضاً الشركة السورية للغاز تشكو من نقص في الآليات بكافة أنواعها وتطالب بسد النقص في الكادر الإداري والفني وخاصة الكوادر المؤهلة ذات الخبرات, وشركة توزيع الغاز تشكو من ضعف اسطول نقل الغاز السائل وضرورة تغيير وحدات التعبئة واستبدالها بوحدات حديثة لأن العمر الإنتاجي للوحدات الموجودة قد استهلك مع تحديث اسطول نقل اسطوانات الغاز لقدمها.
وتشكو المؤسسة العامة للجيولوجيا والثروة المعدنية من قلة وسائط النقل وتطالب بتزويد العاملين في الحقول بوسائل اتصال حديثة لضمان العمل في الصحراء والمناطق النائية.
وشركة مصفاة حمص أعتقد أنها الأقدم في العالم دون تطوير أو تحديث.. وهي بحاجة إلى إعادة التأهيل والأتمتة وخاصة في عمل المخازن والمستودعات وحركة المواد وهناك نوايا من سنوات لتجديد شبابها أو نقلها أو إلغائها من موقعها بسبب التلوث.
ومعمل مزج الزيوت وهو الوحيد في سوريا الذي ينتج كافة أنواع الزيوت اللازمة للاستهلاك المحلي ولكن صعوباته تتمثل في:
- قدم الروافع الشوكية.
- نقص في عدد الصهاريج التي تنقل زيت الأساس..
ورغم أن شركة مصفاة بانياس من أهم الشركات المنتجة لكن معاناتها كبيرة مع العمال نتيجة حرمانهم من حقوق عديدة كالحوافز الإنتاجية والوجبة الغذائية والفحص الطبي..

 

نزار عادلة
بورصات وأسواق

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...