بن علي ينكسر ويتعهّد بترك الرئاسة في العام 2014

14-01-2011

بن علي ينكسر ويتعهّد بترك الرئاسة في العام 2014

ظهرت امس أولى علامات الانكسار على وجه الرئيس التونسي زين العابدين بن علي، وعلى خطابه الرابع منذ بدء الانتفاضة الشعبية الاقوى على حكمه المستمر منذ 23 عاما، والذي جاء عشية يوم غضب عام في جميع انحاء تونس، وأطلق فيه سلسلة وعود بالحرية والديموقراطية بدا انها كانت تهدف الى قطع الطريق على احتمال تسلم الجيش السلطة، وتعهد بوقف اطلاق النار على المحتجين الذين استمر تساقطهم بالعشرات برصاص قوات الامن الخاصة، ووعد بعدم ترشيح نفسه لولاية رئاسية سادسة في العام 2014 . عناصر من مكافحة الشغب تحيط بشاب خلال تظاهرات في العاصمة تونس أمس
ومن الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة، استعار زين العابدين بن علي تفضيله اللغة العامية على الفصحى للتحدث إلى شعبه، واستعار من الجنرال شارل ديغول عبارته الشهيرة، لقد «فهمتكم» في خطاب دخل التاريخ، حاول فيه أن يهدئ من غضب المستعمرين الفرنسيين للجزائر وتهديدهم بالثورة إذا فكرت فرنسا بالتخلي عن «جزائرهم».
وبدا الرئيس التونسي شاحبا، ومتعبا وهو يتوجه مساء أمس إلى التونسيين، ويطلق سلسلة من الوعود الجديدة، التي لا يمكن اعتبارها، بسبب التنازلات التي تقدم بها، سوى خط انسحابه الأخير، ليس من بعدها إلا الاستقالة، او القبول بتسليم السلطة إلى حكومة اتحاد وطني تتولاها المعارضة وبعض اجنحة التجمع الدستوري، واجراء انتخابات مبكرة.
واعترف بن علي للمرة الأولى منذ نشوب الانتفاضة في القصرين والرقاب، بالبعد السياسي لهذه الانتفاضة، التي وصم المشاركين فيها بالارهاب، في خطاب أخير، واتهمهم بتلقي أوامرهم من الخارج. وتعهد بن علي بان الشرطة لن توجه رصاصها الحي إلى المتظاهرين: «وقد أصدرت أمرا بذلك إلى وزير الداخلية». ورغم حظر التجول ليلا، كانت مواكب السيارات «العفوية» تعبر شوارع العاصمة تونس، مطلقة العنان لأبواقها، تفاؤلا بالخطاب الرئاسي، كما قالت وسائل الإعلام الرسمية، التي كادت تتجاهل أحداث الانتفاضة التونسية.
وبدت «ديغولية» الرئيس التونسي متأخرة بعض الشيء. إذ قال للتونسيين لقد «فهمتكم وفهمت العاطل من العمل، والسياسي المعارض والمناضل من اجل الحريات» وستشهد تونس منذ صباح اليوم ودون انتظار عودة «الحرية الكاملة للصحافة، والتوقف فورا عن حجب مواقع الأنترنت، الا ما يسيء منها لقيمنا».
وكان الرئيس يتحدث قبل ساعات من نزول الإتحاد العام للشغل إلى تظاهرة تاريخية. اذ تعود آخر تظاهرات النقابات الأقوى في العالم العربي، إلى العام 1978. ويراهن كثيرون في تونس، على تحولها موعدا جديدا في «الانتفاضة» تدفع بن علي إلى المزيد من التنازلات. ويعتبر توقيت الخطاب الرئاسي محاولة جديدة لتنفيس التعبئة التي قد يضاعف منها دخول الإتحاد التونسي للشغل بقوته في الاحتجاج، وفي قلب العاصمة تونس.
ووعد بن علي بأن تكون ولايته الحالية الأخيرة، وبعدم تعديل الدستور، ليتمكن من التقدم إلى ولاية سادسة، وتكريس السنوات المقبلة لتعديل قوانين الانتخابات والحريات. وهذا مطلب أساسي من مطالب المعارضة. وقال انه ما زال على وعده ألا تكون الرئاسة في تونس مدى الحياة. وهو وعد أعلنه برنامجا لحركة «السابع من نوفمبر87 » التي خلع خلالها الحبيب بورقيبة. لينزل قصر قرطاج الرئاسي 23 عاما من دون انقطاع .
وانعكست «بورقيبية» زين العابدين بن علي، كما فعل سلفه الذي خلعه لأسباب صحية في العام 1987 بالتنصل من كل مسؤولية في قمع الحريات السياسية «فالأمور لم تسر كما اشتهي في مجال الحريات الإعلامية والديموقراطية، وقد خدعوني وسيحاسبون»، من دون تسمية من خدعوا رئيس الجمهورية الجنرال زين العابدين بن علي.
وفي سجل البورقيبية، يسجل له محاولة استعادة السلم الأهلي بتخفيض اسعار المواد الأساسية، وإعلانه طلبه من رئيس الوزراء محمد الغنوشي تخفيض اسعار المواد الغذائية الأساسية من حليب وخبز وسكر. ويعزز حديثه عمن «خدعوه «خلال الحكم، انطباعات بأن الرئيس المريض بالسرطان، منعزل في قصره في قرطاج، وقد لا يكون مطلعا على كل ما يجري في البلاد.
ونقلت مصادر تونسية ، إصابة مواطن برصاص الشرطة الحيّ بعد انتهاء بن علي من خطابه، فيما أكدت مصادر عديدة أنه عقب الخطاب خرج «بعض المرتزقة من التجمع الدستوري في محاولة إلى مغالطة الجماهير والتسويق لخطاب الجنرال لكن سرعان ما تقاطرت الجموع وطردتهم».
وساد ارتباك حقيقي الأوساط الحكومية، بعد اعلان وزير الخارجية كمال مرجان استقالته، على مدونته الشخصية الألكترونية. قبل أن يتبين أن الموقع تعرض للقرصنة، ونفت السلطات النبأ، ويؤكد ذلك تسعير «الانتفاضة» على جبهة الانترنت، حيث يعمل أكثر من 600 موظف في مركز الإتصالات في العاصمة على مطاردة المواقع الالكترونية للاحتجاج.
وبخلاف الأنباء التي تحدثت عن انسحاب الجيش من الشوارع، كانت وحدات صغيرة من القوات المسلحة، لا تزال تتمركز مساء أمس أمام المراكز الحكومية، ومقرات التجمع الدستوري الحاكم، وعلى مداخل المدن. وقالت مصادر المعارضة إن بعض القوى الأمنية قد انسحبت من القصرين والرقاب، حيث دارت أعنف المواجهات في الأيام الماضية، وسجلت حصيلة عالية من القتلى، لا تزال الرسمية منها تتوقف عند العشرين قتيلا، فيما تحصي حصيلة المعارضة أكثر من ستين قتيلا. وقالت رئيسة الإتحاد الدولي لجمعيات حقوق الإنسان سهير بلحسن، انها تملك لائحة اسمية بـ63 قتيلا.
وفي وسط العاصمة تونس، دارت مواجهات عنيفة بين المواطنين المحتجين والشرطة، قتل خلالها شاب عمره 25 عاما، وأصيب 4 آخرون على الأقل، وذلك في مناطق باب الخضراء وشارع مدريد لافاييت.
كما أفادت مصادر من العاصمة، بمقتل شاب عمره 17 عاماً في مدينة القيروان بعد الخطاب، وتوالي مواجهات في حي التضامن في ضاحية تونس. كما أكد المعارض أحمد نجيب الشابي لقناة «فرانس 24» الإخبارية تواصل التظاهرات المناهضة لبن علي في أنحاء البلاد ليلاً.

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...