تركيا تزداد تديّناً تدريجياً

18-05-2012

تركيا تزداد تديّناً تدريجياً

بعد كف يد المؤسسة العسكرية، حامي العلمانية في تركيا، عن التدخل في الشؤون السياسية، وإلقاء قادتها في السجون وبدء محاكمة انقلابيي العام 1980، كما انقلابيي 28 شباط العام 1997 ضد حكومة نجم الدين أربكان، باتت الطريق ممهدة أمام سلطة «حزب العدالة والتنمية» الإسلامي لتعزيز النزعة الدينية في المجتمع، من خلال مجموعة من المشاريع التي تظهر رويدا.
وأعطى رئيس الحكومة رجب طيب اردوغان إشارة الانطلاق في سباق العودة إلى الجذور قبل أشهر قليلة، عندما قال إن على الدولة أن تنشئ جيلا متدينا ومحافظا، ما اعتبر خطة رسمية ضمنية في هذا الصدد.
ومن بعدها أقر البرلمان قانون تعديل النظام التعليمي لجهة تقسيم مراحل التعليم إلى ثلاث، كل منها يتألف من أربع سنوات، ويستطيع الطالب والطالبة، بعد انتهاء المرحلة الأولى الابتدائية، أن ينتقل إلى الدراسة في معاهد إمام خطيب حيث رجحان لمواد التدريس الدينية، وفتح الطريق أمام الفتيات للتحجب باكرا.
وفي السياق كان إلغاء قرار منع المحجبات الدخول إلى الجامعات، الذي ينتظر مع ذلك نصا دستوريا أقوى لتثبيته، كي لا يتم التراجع عنه في حال تغيرت السلطة السياسية.
ولم تخرج عن هذا السياق «زلة لسان» اردوغان عندما تحدث عن «امة واحدة، وعلم واحد، ودين واحد» بدلا من لغة واحدة، خصوصا أن تراجع اردوغان عن «زلة اللسان» هذه لم تأت مباشرة، بل بعدما أثارت لغطا على مدى يومين وهو ما استدعى «التوضيح».
وأعلنت وزارة التربية أمس عن خطة لتدريس القرآن الكريم في دورات خاصة، سيصل عددها إلى 900 نقطة تدريس. وسيتولى كلفة التدريس «وقف الخيرات» بإشراف وزارة التربية، وليس رئاسة الشؤون الدينية كما كان الأمر سابقا.
وينص البروتوكول، الذي وقع بين وزارة التربية و«وقف الخيرات»، تدريس القرآن واللغة العثمانية القديمة في الوقت ذاته، بهدف الاستفادة القصوى من التراث العثمــاني المكتوب باللغة التركية القديمة وإجادة تلاوة القرآن. وستتألف الدورة من مرحلتين، مجموعهما 64 ساعة، أولى لتعليم الأبجدية العربيــة والثانية لتجويد القرآن. أما دورات اللغة العثــمانية فستــكون على أربع مراحل، يتعلم خلالها الطالب أيضا بعض القواعد الفارسية. وسيتم تجديد الاتفاق بعد سنتين. وستبدأ الخطة بفتح 300 مركز للتدريس في مختلف المدن التركية، ومن ثم توسيع ذلك ليشمل مناطق أوسع تصل إلى 900 نقطة تدريس. وستكون هذه الدورات، التي ستقام طيلة العام، مجانية لتسهيل توجه الطلاب، من دون تحديد لعمر المشترك، إلى هذه الدورات وتعزيز ارتباطهم بالقيم القومية والمعنوية.
ولوحظ أن العبارات المتعلقة بمبادئ الثورة الاتاتوركية قد حذفت من مقدمة النظام الخاص بإدارة دورات القرآن الجديدة.
الجدير ذكره أن «وقف الخيرات»، الذي تأسس في العام 1974 وكان نجم الدين اربكان شريكا في حكومة تلك الفترة، بادر في العام 1997، بالاتفاق مع الحكومة التي رأسها اربكان نفسه، إلى فتح دورات مماثلة في 52 محافظة.
ومن المفيد الإشــارة هنا إلى أن السعي لكسب تأييد الفــئات المتــدينة في المجتــمع التركي لم يكن حــكرا على الجماعات الإسلامية، بل كان العلمانيــون أيضا يبادرون إلى اتخاذ إجراءات لفتح دورات للــقرآن أو معاهد إمام ـ خطيب لتخــريج الأئمــة، بل حتى التحــالف مــع أحزاب إسلامية في الانتخابات أو لتشكيل الحكومات.

محمد نور الدين

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...