تصفية الحسابات تنتهي إلى فضيحة: أولمـرت يعـزل عامـوس جلعـاد

24-02-2009

تصفية الحسابات تنتهي إلى فضيحة: أولمـرت يعـزل عامـوس جلعـاد

للمرة الأولى في تاريخ إسرائيل تنفجر فضيحة أمنية على صفحات الصحف فور حدوثها نتيجة خلافات شخصية بين رئيس الحكومة إيهود أولمرت ووزير دفاعه إيهود باراك. وخلافاً للسابق لم تتخذ الفضيحة شكل تسريبات وتلميحات وإنما جاءت في عناوين الصحف وبألسنة أصحابها.
واعتبر المراسل العسكري لـ«هآرتس» عاموس هارئيل أنه في أساس الأمور يكمن الاحتقار العميق والمتبادل بين أولمرت وباراك. كما أن عاموس جلعاد، وهو رجل باراك في المفاوضات مع مصر، كان قد أغضب رئيس الحكومة بانتهاجه مقاربة اعتبرت في تل أبيب استقلالية مفرطة. لكن الانشغال المكثف من جانب ديوان رئاسة الحكومة بقضية جلعاد، لأسابيع معدودة قبل تبديل الحكومة، يشير بعض الشيء إلى طباع أولمرت نفسه.
فرئيس الحكومة، الذي يشعر منذ عام تقريباً أن وزير دفاعه يعمل بجد على الإطاحة به، عمد إلى إظهار الاختلاف معه في كل مناسبة تقريباً. وظهر ذلك جلياً خلال حرب غزة عندما تم رفض اقتراحات وقف النار الفرنسية لأن باراك كان يؤيدها. واستمر هذا الخلاف في مفاوضات التهدئة مع مصر، والتي انفجرت مؤخرا باستبدال الأولويات وإحلال الإفراج عن الجندي الأسير جلعاد شاليت في المقدمة خلافاً لما كان قد اتفق عليه مع المصريين.
وترافق هذا الخلاف مع اتهامات صريحة من جانب ديوان رئاسة الحكومة لباراك والجنرال عاموس جلعاد الذي يدير الاتصالات مع المصريين بأنهما يعملان لفرض موقف على الحكومة. وذهبت الاتهامات أبعد من ذلك بإلإعلان أن جلعاد يمارس سياسة مستقلة عن تلك التي يضعها رئيس الحكومة. ورد جلعاد في صحيفة «معاريف» باتهامات مضادة طالت أسلوب أولمرت في التعاطي مع المسائل الأمنية، والأهم عدم انشغاله بقضية الإفراج عن شاليت.
وتطورت الازمة فطلب أولمرت من جلعاد الاعتذار لكن الأخير رفض، مما حدا بأولمرت إلى إقالته من مهمة المبعوث إلى مصر وتقديم شكوى رسمية ضد جلعاد إلى مفوض الخدمة العامة شموئيل هولندر. وأرسلت الشكوى باسم ديوان رئاسة الحكومة وجاء فيها أنه في مقالة نشرت في «معاريف» يتبين أن موظف دولة رفيع المستوى هو عاموس جلعاد يوجه انتقادات غير لائقة ضد رئيس الحكومة ورجال ديوانه بشأن مفاوضات مع مصر. وأضافت الرسالة أن جلعاد اعترف في حديث لاحق مع رئيس الحكومة بأنه يقف خلف ما جاء في ذلك المقال.
واعتبر الديوان في شكواه أن هذه الأقوال تمثل مخالفة انضباطية، «لأنها توجه انتقاداً غير لائق لرئيس الحكومة، عبر تسريب معلومات من مداولات سرية وكشف مواقف إسرائيل في مفاوضات سياسية حساسة مع مصر. ولأن الانتقاد كان مهيناً أو مؤذياً بدرجة كبيرة ولأن تصرفاً كهذا غير لائق لمنصب جلعاد كمبعوث رئيس الحكومة للمفاوضات مع مصر.
وجاء في الشكوى الموجهة لوزير الدفاع إيهود باراك أن «تصريحات جلعاد كما نشرت في المقالة خطيرة على وجه الخصوص وفيها ما يمس بالعلاقات الخارجية لإسرائيل ومكانة رئيس الحكومة».
وختم ديوان رئاسة الحكومة شكواه بالمطالبة «بإصدار الأوامر فوراً لفتح تحقيق انضباطي بشأن عاموس جلعاد وإذا تبين أنه اقترف تلك الأخطاء الانضباطية فاتخاذ الإجراءات الانضباطية اللازمة».
وقد حملت جهات أمنية عديدة على أولمرت لهذا القرار. ونقلت وسائل الإعلام الإسرائيلية عن جهات أمنية قولها إن «قرار أولمرت بعدم الاستعانة بقدرات وخبرات عاموس جلعاد هو أمر من حقه، لكن الجهة الخاسرة من ذلك هي دولة إسرائيل». وشددت هذه الجهات على أن أولمرت لا يستطيع الإطاحة بجلعاد لأن الأخير يتولى منصب رئيس الطاقم السياسي الأمني في وزارة الدفاع، الذي يخضع لمسؤولية وزير الدفاع. وأضافت أن جلعاد سيواصل عمله هذا والاتصال بجهات دولية، بما في ذلك مصر، ولكن كممثل للمؤسسة الأمنية وليس لرئيس الحكومة. وخلصت إلى أنه «من المؤسف أن الضوضاء في الخلفية تطغى الآن على المفاوضات المهمة حقاً».
كما أن اللوبي الداعي للإفراج عن شاليت أعلن أن «من المؤسف والمقلق أنه عندما يذوي جندي إسرائيلي في الأسر، لا يشغل بال القادة سوى ألاعيب ذاتية».
وطالب زعيم شاس الوزير إيلي يشاي أولمرت بتعليق الخطوات التي بدأها ضد جلعاد. وجاء في رسالة أرسلها لأولمرت أن تجميد عمل جلعاد ينظر إليه شعبياً على أنه عرقلة أخرى للإفراج عن شاليت. وأضاف «من الواضح أن هذا ليس المقصود، ولذلك ينبغي تأجيل النقاش حول أداء عاموس جلعاد... فكل قدرة مؤهلة، ولو قليلاً، لتقصير أسر جلعاد، مطلوبة الآن».
فعاد ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية للرد على اتهامات الجهات الأمنية بأن الإطاحة بعاموس جلعاد من مهمة الاتصالات بشأن التهدئة مع مصر تضر بقضية شاليت. وجاء في الرد أنه «في أعقاب نشرات مغرضة بودنا التوضيح أن عاموس جلعاد لم ينشغل أبداً ولم يفوض البتة بالانشغال بقضية الإفراج عن الجندي المختطف جلعاد شاليت». وقال إن جميع الاتصالات بشأن شاليت جرت بشكل حصري على يد المبعوث الخاص عوفر ديكل والذي يواصل أداء مهمته.
وشدد ديوان رئاسة الحكومة على أنه «ليس هناك أي صلة بين حقيقة عدم قدرة عاموس جلعاد على العمل كمبعوث لرئيس الحكومة ومعالجة قضية جلعاد شاليت. ومن المؤسف هذا الاستخدام اللامبالي والمرفوض لقضية الجندي المختطف في سياق المعالجة الانضباطية لمسألة عاموس جلعاد». وشدد الديوان على أنه حتى بعد الإطاحة بجلعاد يتواصل العــمل من أجــل الإفراج عن شاليت.
ولكن في «الحرب كما في الحرب» أعلن ديوان وزير الدفاع «أن «اللواء احتياط» عاموس جلعاد موظف دولة مخلص ومتميز وصاحب إسهام طوال عشرات السنين في أمن الدولة ومعروف بجديته ومسؤوليته ونزاهته». وختم الديوان كلامه «مؤسف أن رئيس الحكومة اختار في الأيام الأخيرة للحكومة برئاسته طريقاً متطرفاً للمكايدة ومحاولة تصفية حساب مع خادم جمهور مخلص وممتاز».

حلمي موسى

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...