سورية: «بيبي شاور» الأمهات العصريات تنافس «كراوية» الجدّات

12-02-2009

سورية: «بيبي شاور» الأمهات العصريات تنافس «كراوية» الجدّات

على رغم اختلاف عادات استقبال المولود الجديد بين منطقة سورية وأخرى، يبقى مشروب «الكراوية» المكون من الرز المطحون المغلي مع مزيج السكر والمكسرات وبهارات الكراوية المشروب الذي توالت الأجيال في سورية على تقديمه للمهنّئين الذين يتوافدون إلى منزل الأم الحديثة الولادة. لكن هذا المشروب الحار نسبياً بدأ يفقد بريقه أمام الطرق الحديثة والمبتكرة للاحتفال بـ «القادم» الجديد. تقول رانيا (27 سنة): «من زمن ستي!»، وهي أم لطفل في الثانية من عمره. وتتابع: «هذا فضلاً عن أنه غير ملائم بتاتاً لبرستيج العائلة أمام الجيران والأصحاب».

لكن للسيدة هدى، وهي جدّة في الخمسين من العمر، رأياً آخر: «الكراوية اليوم مختلفة عن سابق عهدها فأنا ما زلت أضيفها في ولادات بناتي ولكن بعد إغراقها باللوز والجوز والفستق الحلبي وطبعاً من دون أن أستغني عن الضيافة المحببة لجيل اليوم، الشوكولا، لا أريد أن يقول عني الناس أنني بخيلة وفي الوقت نفسه لا أتصور الاستغناء عن الكراوية التي اعتمدتها عائلتي لأجيال».

عند الكلام عن الولادة في سورية، لا يمكنك إغفال ما يسمى بـ «الديارة» وهي مجموعة كاملة مؤلفة من كل ما قد يحتاجه المولود الصغير من ملابس وأغطية تحيكها نساء العائلة خصيصاً للمولود الجديد. وطبعاً اللون الأزرق يكون دوماً من نصيب المولود الذكر بينما تنفرد الفتاة بالزهري اللطيف.

«حتى الديارة استغنوا عنها»، تحتج أم عدنان، وهي جدة في الستين من عمرها. وتتذمر قائلة: «ثياب المولود الحديثة التي يشترونها من السوق ليست متقنة ولا دافئة على جسد الطفل هذا فضلاً عن أنها تكلف آلاف الليرات بلا مبرر، أيام زمان كنّا نخيط كل قطعة بتأنٍ ممزوج بالحنان والحب». وتقاطعها زوجة ابنها بتحبب: «الحياة كلها تغيرت، لم نعد نملك الوقت لصناعة ديارة بكاملها هذا بالإضافة إلى أن كل شيء أصبح اليوم متوافراً في السوق». جواب «الكنة» لا يقنع أم عدنان فتضيف بإصرار: « نعم ولكن كل شيء بثمنه».

إلى جانب «الديارة» ومشروب «الكراوية»، تنفرد كل محافظة في سورية بتقاليد خاصة للاحتفال بالولادة فهناك من يحتفلون بالأم بعد أسبوع من وضعها مولودها الأول فيقيمون لها حفلة نسائية صغيرة ترقص فيها النسوة القريبات والصديقات حول الأم الجديدة والتي جرت العادة أن ترتدي ثوب زفافها نفسه لهذه المناسبة، بينما يقيم البعض الآخر احتفالاً عائلياً صغيراً في اليوم السابع بعد الولادة بحلاقة رأس المولود الذكر وختانه.

اليوم، لم يعد لـ «الكراوية» التقليدية مذاقها المرغوب فيه ولا لـ «الديارة» اليدوية الصنع مكان في عالم الماركات العصري، واستبدلت الأسر الميسورة الحال الاحتفالات التقليدية بحفلة الـ baby shower، ذات الطراز الغربي والتي تجتمع فيها صديقات الأم الحامل على غداء أو عشاء ليحتفلن بها ويقدمن الهدايا الخاصة بالطفل أو الطفلة، قبل موعد الولادة.

كما أصبح كثير من الأهل يلجأون إلى محلات متخصصة لمساعدتهم على التحضير لاستقبال المولود الجديد واختيار الضيافة اللائقة بالمناسبة. والبعض يفضلون تذكاراً صغيراً يوزع مع قطعة الشوكولا الفاخرة ويجد البعض في صورة طفله أجمل تذكار فلا يتردد في طبعها على ورق تغليف الحلوى المقدمة، ولكن وعلى رأي أم عدنان كل شيء له ثمن. ولعل الضيافات التقليدية كـ «الكراوية» لا تزال المهرب الأمثل للعائلات الفقيرة والمتوسطة الدخل لتفادي دفع المبالغ الطائلة التي، وعلى العكس، تتلهف العائلات الغنية للتباهي بإنفاقها على «المولود الغالي».

ومع ذلك لا تزال «الكراوية» الشعبية تفوز بالنصيب الأكبر من الاحتفالات بالمواليد الجدد، في سورية حيث يُسجّل واحد من أعلى معدلات النمو السكاني في العالم العربي اذ تبلغ الولادات وسطياً من 430 إلى 500 ألف طفل سنوياً، بحسب دراسة نشرتها إحدى الصحف الرسمية.

بيسان البني

المصدر: الحياة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...