سورية: حرب الناتو "الإنسانية" التالية (34)

27-03-2013

سورية: حرب الناتو "الإنسانية" التالية (34)

الجمل - طوني كارتالوتشي- ترجمة: د. مالك سلمان:

بالنسبة إلى الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا, وشركائهم الإقليميين بما في ذلك إسرائيل والمملكة السعودية وتركيا وقطر, لم يكن هناك أي شيء يناسب مصالحهم أكثر من إثبات (أو إمكانية تصوير) تورط الحكومة السورية في الهجوم الكيماوي الأخير الذي حصل في حلب, أو حتى أسلحة "فالتة" سقطت في أيدي إرهابيي القاعدة الذين يمولهم الغرب ويدينهم في الوقت نفسه.
ومع ذلك, خيم صمت غريب على الإعلام الغربي بخصوص الهجوم الكيماوي الذي زعمت إسرائيل "تأكيده" حتى. والآن, قدم تقرير جديد نشرته "لندن تلغراف" لمراسل "القناة الرابعة" آلكس طومسون دليلاً مقنعاً يورط وكلاء الغرب الإرهابيين في هذا الهجوم, ويذهب بعيداً في تفسير هذا الصمت الغريب الذي يخيم على آلة الدعاية الحربية في "وول ستريت" ولندن. فقد ذكر طومسون في تقريره المعنوَن "الأسلحة الكيماوية في سوريا: توجيه أصابع الاتهام إلى الجهاديين":
"تقول نسخة الجيش عن الأحداث إن الصاروخ المصنع محلياً قد أطلق على حاجز عسكري في مدخل البلدة. وتجلت النتائج الفورية في الإقياء والإغماء والاختناق والجلطات بين المتواجدين في المنطقة التي وقع فيها الصاروخ.
وقال مصدر آخر, وهو طبيب يعمل في المشفى المدني المحلي, إنه شهدَ شخصياً كيف كان الجيش السوري يساعد المصابين ويتعامل مع القتلى في المكان. ولم ينكر أي من الطرفين أن جنوداً سوريين كانوا بين القتلى اﻠ 26.
وقد أكد المصدر العسكري الذي تحدث إلى ‘تشانل 4 نيوز’ أن تقارير الجيش السوري تشير إلى غطلاق صاروخ صغير من مكان قريب من الباب, وهو حي قريب من حلب تسيطر عليه جبهة النصرة – وهي مجموعة جهادية مرتبطة بالقاعدة ومصنفة بصفتها ‘منظمة إرهابية’ من قبل الولايات المتحدة."
يصف طومسون مصدره في سوريا على أنه "مصدر موثوق". وينطوي تقرير طومسون, والصمت الذي يخيم على الحكومات ودور الإعلام الغربية, على أن هذه النسخة من القصة هي الأقرب إلى الحقيقة. ويمكن لصمت الغرب أمام فرصة ذهبية لتصعيد أجندته أن يشير أيضاً إلى شرعيته المتهاوية وفقدان الثقة في قدرته على إعادة كتابة الواقع, كما يحلو له, ليتناسب مع أجندته – كما فعل مرات عديدة في الماضي.
كما يواجه الغرب أزمة متفاقمة في حال استمرار وكلائه الإرهابيين باستخدام الأسلحة الكيماوية, مهما كانت أصولهم. فقد ذكرت "سي إن إن" في كانون الأول/ديسمبر 2012, في تقرير بعنوان "مصادر: الولايات المتحدة تساعد في تقديم التدريب للمتمردين السوريين لضمان الأسلحة الكيماوية":
"تستخدم الولايات المتحدة وبعض حلفائها الأوروبيين مقاولي دفاع لتدريب المتمردين السوريين على ضمان مخزون الأسلحة الكيماوية في سوريا, كما صرح مسؤول أمريكي رفيع وعدد من الدبلوماسيين الكبار ﻠ ‘سي إن إن’ الأحد.
ويتضمن التدريب, الذي يتم في الأردن وتركيا, كيفية مراقبة وضمان المخزون والتعامل مع مواقع الأسلحة وموادها, تبعاً للمصادر. ويتواجد بعض هؤلاء المقاولين على الأرض في سوريا حيث يعملون مع المتمردين على مراقبة بعض هذه المواقع, تبعاً لأحد المسؤولين."
من شأن ذلك أن يورط الغرب بشكل مباشر في تزويد الإرهابيين, الذين يستخدمون الأسلحة الكيماوية ضد الشعب السوري, بالمعلومات والتدريب اللازمين للتعاطي مع هذه الأسلحة بالذات. وبينما يستمر الغرب في إصراره على التفريق بين الإرهابيين الذين يسلحهم ويمولهم ويدربهم, والإرهابيين الذين يقاتلون علناً تحت راية التطرف الطائفي, من الواضح أنه حتى "الحكومة المؤقتة" التي اختارتها الولايات المتحدة تدار بشكل كامل من قبل المنظمة المتطرفة الطائفية, "الإخوان المسلمون". ويشير تقرير طومسون إلى مسؤولية النصرة المرتبطة بالقاعدة عن الهجوم, كما يشير إلى أنها مصنفة بصفتها "منظمة إرهابية" من قبل الولايات المتحدة. ومع ذلك, قام ما يسمى بقائد المعارضة السورية, معاذ الخطيب, شخصياً بالدفاع عن النصرة, حيث اعترف علناً أنها تقاتل إلى جانب جبهته المدعومة من الغرب.
مع تهاوي مصداقية الغرب بخصوص سوريا, ومع احتراق "نجاحها" في ليبيا بشكل مستمر, فإن تسليحه وتدريبه ومساعدته ودعمه للإرهابيين الذين يرتكبون أعمالاً وحشية فظيعة يبدو الآن أنها تشمل استخدام الأسلحة الكيماوية, سوف يقض مضجعَه ليس فقط في سعيه لإعادة تشكيل المشرق العربي, بل أيضاً طيلة السنوات القادمة, فيما يتصل بكافة طموحاته الجيوسياسية.

تُرجم عن ("غلوبل ريسيرتش", 25 آذار/مارس 2013)

الجمل: قسم الترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...