على حافة الهاوية

17-07-2006

على حافة الهاوية

الجمل : مرة أخرى ، يُكتب تاريخ الشرق الأوسط بالدم ، بينما ينظر الآخرون إلى ذلك عن كثب .
وحالياً القتال بالمنطقة ، في أسوأ حالاته ، وهو مازال مستمراً منذ فترة عشر سنوات على الأقل . هذا ، وبالنسبة لمجموعة البلدان الثمانية ، يمكن أن يكون اندلاع القتال الحالي بمثابة فرصة جيدة ، إذا سعى اجتماع قمتهم من أجل القضاء على دوامة العنف الانتقامي وتبادل الضربات الصاروخية بين الجانبين اللبناني والإسرائيلي .
إن اجتماع قمة الثمانية ، في سان بطرسبيرغ يمثل فرصة سانحة لزعماء الدول الأكثر قوة في العالم ، أن يجلسوا معاً ، ويقوموا بحث وتشجيع كل  الأطراف  من أجل احترام وقف إطلاق النار وفرض فترة من الهدوء والسكينة .. ولكن ، بدلاً عن ذلك ، فقد كان اجتماع قمة الثمانية منقسماً . وأصدر بياناً رسمياً طارئاً ، طالب فيه فقط بمجرد ضبط النفس بأقصى حد ، وإيقاف الهجمات .. كذلك طالب مجلس الأمن الدولي بالنظر في أمر إرسال قوة مراقبة على الحدود بين إسرائيل ولبنان
تقع وتكمن لغة ولهجة مجموعة الثمانية ، على أية حال ، ضمن مستوى ، يعتبر أقل من  وقف إطلاق النار ، وقد جاءت كذلك ، برغم جهود وطموحات جاك شيراك .
هذا وبالنسبة لإسرائيل ، فإن حدوث وقفاً لإطلاق النار معناه التمتع بفترة راحة واستجمام من الضربات الصاروخية ، وبالذات من نوع ذلك الصاروخ الذي ضرب محطة سكة حديد حيفا وقتل ثمانية إسرائيليين .
وبالنسبة للبنان ، من الممكن إن يعني هذا الوقف إفساح المزيد من المجال للحكومة اللبنانية العاجزة ، بحيث تجد الفرصة للاهتمام بأمر التوترات السكانية المفاجئة ، التي حدثت من من جراء حركة النزوح القسرية بتأثير الرعب الذي أحدثه  القصف الإسرائيلي ، إضافة إلى أن تحاول الحكومة اللبنانية أيضاً أن تعمل العمل على كبح جماح التوجهات المتعصبة التي يمكن أن تهيج وتثير حفيظة الإسرائيليين بقدر أكبر .
أما بالنسبة للفلسطينيين ، فمن الممكن أن يؤدي وقف إطلاق النار إلى إيقاف التصعيد الحالي والذي ينذر بالمزيد من الصراع ، والذي إن اتسع نطاقه ليشمل سوريا وإيران ، فسوف يكون سيناريو كابوس الشرق الأوسط قد تحقق تماماً ..

إذا لم يحدث وقف حقيقي لإطلاق النار ، فلن يحدث أي شيء إيجابي علماً بأنه ، برغم الدعم والتأييد الفاعل لوقف إطلاق النار من جانب فرنسا وروسيا ، فإن الولايات المتحدة الأمريكية تعمل حالياً من أجل سد الطريق وعرقلة أي مطالبة بوقف إطلاق النار . ومن أبرز الدلائل على ذلك ، قيام توني بلير رئيس الوزراء البريطاني ، بإلقاء اللائمة والمسؤولية عن دعم وتأييد الإرهابيين ، على عاتق سوريا وإيران .
أما جورج بوش ، فقد تم الضغط عليه من أجل أن يؤيد الإسرائيليين ، ويدعم وقفاً لإطلاق النار ، ولكنه بدلاً من ذلك صرح قائلاً (رسالتي لإسرائيل والإسرائيليين هي ، بما أنكم دولة ذات سيادة ، فمن حقكم استخدام كل السبل من أجل الدفاع عن النفس ، في مواجهة الأنشطة الإرهابية ) .. اما كوندليزا رايس ، فيبدو أنها كانت مجبرة للجوء إلى استخدام حركة المنطق البهلواني ، دعماً لموقف الرئيس بوش ، وذلك عندما تحدثت عن وقف إطلاق النار الذي يوقف العنف الحالي من الممكن أن يجعل الأمور أكثر سوءاً
لقد مضى وانقضى وقت المطالبة بضبط النفس ، طالما أن الكثير من الأطراف على مستوى الجانبين ، لا يبدو ن أي إشارات إيجابية إزاء ممارسة أي نوع من ضبط النفس .
فقد أدت هجمات حزب الله الصاروخية القاتلة على وجه الخصوص إلى تصعيد الصراع  إلى النقطة التي لا يمكن ضمنها          
وضع الخطر المحدق موضع التقدير والنظر ، وما كان مثيراً للأسى  والكآبة بقدر كبير حدث عندما ظهر فؤاد السنيورة رئيس الوزراء اللبناني ، على شاشات قناة الـ(سي إن إن  CNN) في الوقت الذي يقتل فيه اللبنانيون من كل نوع ،
وهو يتوسل متضرعاً حول مستقبل بلده ، فالحكومة اللبنانية أصبحت بشكل واضح تحمل بذور وعلامات الانهيار ضمن ما يعرف بمفهوم واصطلاح  الـ(الدولة الفاشلة ) .
كيف نتوقع من الحكومة اللبنانية أن تنزع سلاح ميلشيات حزب الله ، في الوقت الذي تقوم فيه الطائرات الإسرائيلية بقصف بيروت وغيرها من المدن اللبنانية موقعة عقاباً جماعياً شاملاً ،  ومدمرة الاقتصاد اللبناني ، الذي هو بالأساس اقتصادا يتميز بالضعف و الهشاشة، وما هو معقول ، أنه من غير المعقول أن نتوقع من فؤاد السنيورة القيام بشيء في هذه الظروف .
يتحدث آخر التقارير، عن أن إيطاليا ، قد أصبحت تعمل كـ( وسيط ) ، ويمكن اعتبار ذلك إشارة إيجابية ، ومن ثم فعلى قادة إسرائيل أن يفهموا ويدركوا مدى الخطر الكبير الذي يمكن أن يواجهوه ، كذلك عليهم أن يفهموا أيضاً بأن الطريق الذي يمضون فيه حالياً هو نفس الطريق الذي مضت فيه إسرائيل من قبل وانتهى بكارثة عام 1982 وحالياً تؤكد تمادي قادة إسرائيل ، تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي عاميربيريتز ، الذي تحدث بوضوح عن ما أسماه بـ(عملية إعادة احتلال لبنان ) ..
من المفيد أن نشير إلى أن الكارثة ، قد بدأت قبل ثلاثة أسابيع بقيام حركة حماس بالقبض على الجندي الإسرائيلي ، والتي بدورها أثارت حفيظة الإسرائيليين ، ثم أعقب ذلك قيام حزب الله بالقبض على جنديين إسرائيليين آخرين ، وإزاء هذه الأحداث فقد كان رد الفعل الإسرائيلي غير المتناسب والمفرط للقوة ، هو السبب الأساسي الذي جر المنطقة إلى الكارثة ، فقد تصرفت إسرائيل بطريقة ، وكأنما لا توجد سياسات أو حكومات في المنطقة ، وذلك على خلفية قيامها بالرد المباشر على كل طرف وكل صاروخ .
إذا سلمنا ، بأن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها(وهي مهمة  يصعب على إسرائيل القيام بها في ظل وجود ترسانة حزب الله )، وبأنه في وسع إسرائيل أيضاً أن تعترض على كل المطالبات وحيدة الجانب من أجل التهدئة وضبط النفس ،  فإن عليها أن تعلم أيضاً بأنها لن تستطيع السيطرة على ردود أفعال خصومها في المنطقة ، و كل ما بوسعها أن تفعله ، هو أن تسيطر على نفسها .


الجمل: قسم الترجمة
المصدر: الغارديان اللندنية
الكاتب رئيس التحرير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...