عندما يطالب أوغلو سوريا بالرد على إسرائيل

04-02-2013

عندما يطالب أوغلو سوريا بالرد على إسرائيل

أطلق وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو مواقف مثيرة تجاه الغارة الإسرائيلية على مركز للبحوث العلمية في سوريا.
ففي طريق عودته من بلغراد على الطائرة التي أقلته تحدث إلى الصحافيين الأتراك المرافقين، قائلا «إننا لا نعلم حتى الآن حقيقة ما جرى، لكننا لن نبقى متفرجين وساكتين على أي اعتداء تقوم به إسرائيل على أي بلد مسلم».
لكنه استتبع ذلك بهجوم على النظام السوري لعدم رده على العملية الإسرائيلية، بقوله «كيف يمكن للجيش السوري الذي يهاجم بالطائرات من الجو وبالدبابات والمدافع من البر، ومنذ 22 شهرا شعبا أعزل بريئا، ألا يرد بالمثل على الغارة الإسرائيلية؟ لماذا لم يرم النظام حجرا واحدا على إسرائيل التي تنتهك كرامة البلد بتحليق طائراتها فوق قصر (الرئيس السوري بشار) الأسد. لماذا لا يقوم الأسد بشيء ضد إسرائيل فيما يعطي أوامره بقصف حلب بصواريخ سكود؟ على سوريا أن تقوم برد تقوم به أي دولة تتعرض للعدوان، ويجب أن تقوم بالرد».
وتساءل داود اوغلو «هل هناك اتفاقية سرية بين إسرائيل والأسد؟ لماذا تأسس الجيش السوري؟ لحماية البلاد والشعب ضد اعتداءات كهذه ولحماية المجال الجوي أم بالعكس لتدمير شعبه بالدبابات والطائرات والمدافع؟ نظام الأسد يمارس الاستغلال فقط. القوة التي تستخدم ضد النساء والأطفال العزل لماذا لا يستخدمها ضد إسرائيل التي يراها عدواً منذ تأسيسها حتى الآن».
يذكّر كلام داود اوغلو هذا بكلام سابق لرئيس الحكومة التركية رجب طيب اردوغان من العام الماضي حول الجيش السوري، ولماذا لم يطلق قذيفة واحدة على الجولان. واعتبر أردوغان، امس، أن «الهجوم الاسرائيلي على سوريا بعد انتهاك الأجواء اللبنانية والسورية يتناقض تماما مع القوانين الدولية»، مضيفا «من الممكن أن يحصل أي شيء في المنطقة، ومن الممكن أن تفعل إسرائيل كل شيء، لأن الدول التي تقف بجانبها تتعامل معها مثل تعامل الولد المدلل وسوف لا يغفر التاريخ لإسرائيل».
ولا شك بأن تصريحات اردوغان وداود اوغلو تطرح العديد من الأسئلة:
1 ـ عندما تكلم اردوغان عن موقف الجيش السوري في الجولان كان يعكس جهلا بمسيرة هذا الجيش على امتداد الصراع مع العدو الصهيوني، منذ حرب العام 1973 مرورا بدعمه المقاومة وعدم التنازل عن الحقوق السورية.
2 ـ إن تركيا نفسها قد أجرت مناورات عسكرية مشتركة مع الجيش السوري قبل سنوات قليلة، عندما كانت العلاقات تمر في شهر عسلها. ولم يكن لديها أية ملاحظات سلبية على عمل الجيش السوري.
3 ـ إن كلام داود اوغلو عن ضرورة أن ترد سوريا يتناقض بالكامل مع موقف رئيس الحكومة التركية بعد إسقاط سوريا طائرة تركية فوق المياه الإقليمية السورية في نهاية حزيران الماضي، والذي اعتبر فيه الدعوات لرد تركي على انه استدراج إلى فخ لن تقع فيه أنقرة. فلماذا يعتبر اردوغان هذا استدراجا لفخ ولا يترك للحكومة السورية اتخاذ حق الرد في المكان والزمان الذي يتناسب مع تقديراتها؟
4 ـ كيف يمكن لوزير الخارجية التركي أن يطالب بالرد على الغارة على سوريا ولم يفعل ذلك عندما شنّت إسرائيل غارة جوية قبل أشهر على السودان؟ وكيف يستقيم كلام الوزير التركي عن أن أنقرة لن تقف متفرجة ضد أي عدوان على بلد إسلامي، مع مشاركة تركيا البنيوية بعمليات حلف شمال الأطلسي في العالم، وكلها ضد دول إسلامية، وأمام عدم النبس ببنت شفة على غارات الطائرات الأميركية على المدنيين في باكستان وأفغانستان؟
5 ـ وبالطبع فإن الجميع فور سماع تعليق داود اوغلو تبادرت الى ذهنه طريقة الرد التركي على مقتل تسعة أتراك في المياه الدولية في العدوان الإسرائيلي الموصوف على سفينة «مرمرة» ضمن «أسطول الحرية» في 31 ايار العام 2010. وماذا فعلت حكومة حزب العدالة والتنمية، وكان داود اوغلو وزيرا للخارجية، للرد على العدوان. وهذا بات غير خاف حتى على المواطن التركي العادي، حيث امتلأت مواقع التواصل الاجتماعي التركية بتعليقات القراء على كلام داود اوغلو والتهكم على هذه الحمية التي لم تجلب لأنقرة حتى اعتذارا من إسرائيل.
6 ـ إن التشكيك بموقف سوريا من العدو الإسرائيلي هو جزء من خطة تهدف إلى تهشيم كل الرموز والدول والقوى في المنطقة المعادية لإسرائيل، والتي تقف الآن موقفا متعارضا مع السياسات الغربية لأنقرة في المنطقة، والتي كانت سببا في إفشال الخطط التركية الداعمة حتى العظم للمعارضة المسلحة، من أجل هدف وحيد، هو إسقاط النظام كمقدمة لإسقاط المنظومة الإقليمية والدولية التي ينتمي إليها النظام. وفي هذا المجال تقف العلاقات التركية مع إسرائيل عقبة أمام أي حجة لإظهار أن تركيا تقف على طرفي النقيض مع إسرائيل. فالعلاقات مع الدولة العبرية مستمرة وبقوة، ديبلوماسيا وعسكريا وامنيا واستخباراتيا واقتصاديا، حيث ازداد ولم يتراجع حجم التبادل الاقتصادي بين البلدين بعد حادثة «مرمرة» بالذات من مليارين ونصف المليار دولار في العام 2009 إلى أربعة مليارات دولار العام 2012.
7 ـ ولا تخفى العلاقة بين نصب رادار الدرع الصاروخية و«الباتريوت» في تركيا عن اللعبة الإقليمية التي يؤكدها جميع الخبراء. وقبل يومين نشرت صحيفة «لوس أنجلس تايمز» تصريحا للخبير الإسرائيلي في الشأن السوري موشي ماعوز، الأستاذ في الجامعة العبرية في القدس المحتلة، انه يمكن أن يكون قد حصل تنسيق بين تركيا والولايات المتحدة بشأن الغارة الإسرائيلية على سوريا، علما أن مواقع إسرائيلية كتبت أن بطاريات صواريخ «الباتريوت» في تركيا قد وضعت أثناء الغارة الإسرائيلية في حالة تأهب، وان الغارة قد تمت تماما بعدما أعلن أن ترتيبات نشر الصواريخ وجهوزيتها للعمل في تركيا قد اكتملت.

محمد نور الدين

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...