فشل سياسة المحافظين الجدد في العالم ومراسم التشييع في لبنان

06-08-2006

فشل سياسة المحافظين الجدد في العالم ومراسم التشييع في لبنان

الجمل: منطق التغيير العلمي، يقول بأن أجندة السياسة الخارجية الأمريكية التي سبق وأن وضعها مركز مشروع القرن الأمريكي الجديد (PNAC) كانت في حقيقة الأمر تتضمن قدراً مفرطاً من وهم القوة القائم على تحقيق نموذج الهيمنة على العالم.
النماذج التاريخية للهيمنة، التي صممها وحاول تنفيذها الطغاة لإخضاع الكرة الأرضية، الاسكندر الأكبر، هولاكو، ونابليون، وهتلر، تكسرت جميعها على صخرة الإرادة الإنسانية الحرّة.
بعد تفكك الاتحاد السوفييتي وانهيار المعسكر الاشتراكي، بدأت جماعات المحافظين الجدد واللوبي الإسرائيلي نشاطاً محموماً، من أجل تحقيق أطروحة أن السيطرة على أمريكا سوف تؤدي إلى السيطرة على العالم.
اخترقت جماعات المحافظين الجدد، الحزبين الأمريكيين الكبيرين: الديمقراطي، والجمهوري، وذلك على مبدأ أن (كلا الطريقين يؤدي إلى البيت الأبيض).. وكان رهاناً ناجحاً، فقد دخل المحافظون الجدد البيت الأبيض، وبقية المؤسسات السيادية الأمريكية من أوسع أبوابها.
ثم جاءت أحداث الحادي عشر من أيلول 2001، والتي شكلت اللحظة المناسبة لانطلاق مشروع المحافظين الجدد، الذي يقوم على فلسفة سياسة تطبيق نظرية المؤامرة، وفقاً لأطروحات ليوشتراوس –عضو في الحركة الصهيونية منذ أن كان عمره 18عاماً- والتي جمع فيها بين قوة هوبز، مؤامرة ميكافيلي، باطنية ابن ميمون، سوبرمان نيتشه، وعقدة الاضطهاد اليهودي.
كان مشروع القرن الأمريكي الجديد، واضحاً، وكان بريقه كافياً لإثارة مشاعر النزعة القيمية الاجتماعية الأمريكية، فاندفعت كل أمريكا وراءه، باعتباره إنجيلاً يبشر بالثورة والمجد الأمريكي الجديد.
ورغم ذلك، كانت ثمة حلقة ضعيفة، في هذا المخطط، تتمثل في الـ(تبعية التي تفرضها إسرائيل) على الإدارة الأمريكية، والتي يفترض أنها (إدارة الهيمنة على العالم..)، وبعد كل هذه السنوات من عمر الهيمنة، كان الحصاد مراً أمام الـ(قوميين الاجتماعيين الأمريكيين).
• أفلتت أوروبا من حالة التشرذم، وتوحدت ضمن الـ(اتحاد الأوروبي)، ووحدت عملتها النقدية، على النحو الذي أدى إلى المزيد من (تآكل) قيمة الدولار في البورصات والأسواق المالية العالمية.
• كما تصاعدت قوة الصين: تكنولوجياً، اقتصادياً، وعسكرياً، ولم تتغلب على أمريكا في أسواق جنوب شرق آسيا وحسب، بل أغرقت السلع الصينية الأسواق الأمريكية، وأصبحت الأرصدة المالية الصينية لا تمثل الأكبر والأضخم في البنوك الأمريكية فحسب، بل إن قيام الصين بسحب أرصدتها من البنوك الأمريكية، سوف يؤدي إلى جعل الدولار يفقد 90% من قيمته دفعة واحدة!!
• آسيا الوسطى، والتي كانت عملية السيطرة عليها تمثل حلماً «استراتيجياً» ظل عالقاً في أذهان كل رجال الإدارة الأمريكية، منذ أيام روزفلت وحتى بوش الأب، وعندما تقدمت إدارة بوش الابن من أجل تحقيقه، وأقامت القواعد والاتفاقيات الدبلوماسية، كانت ردة الفعل الأخيرة عندما أدارت أمم آسيا الوسطى ظهرها للإدارة الأمريكية، وبدأت عملية طرد جماعي للقوات الأمريكية من أراضيها، بحيث لم تبق لأمريكا شيئاً، سوى بعض التسهيلات العسكرية في أذربيجان.
• في افريقيا، أصبح الاتحاد الأفريقي  يطبق (مبدأ بوش) في التعامل مع إدارة الرئيس بوش، بحيث كلما حاولت الإدارة الأمريكية إصدار قرار حول أفريقيا، يقوم الاتحاد الأفريقي بإصدار قرار جماعي (استباقي) يساوي ويعادل القرار الأمريكي في الـ(مقدار)، ومضاد له في الاتجاه.
• في أفغانستان، بدأت الأمور تتقلب، بعد فشل عملية اناكوندا في القضاء على حركة طالبان، وتنظيم القاعدة. والآن بعد أن أحست بالرمال الأفغانية تتحرك تحت أرجلها بدأت الإدارة الأمريكية بـ(خبث) تعمل من أجل سحب قواتها، ووضع الطاقية خلسة على رأس حلفائها الأوروبيين بحيث تصبح الأمور في يد (قوات الناتو)، وذلك من أجل توريط حلفائها الأوروبيين في حرب إقليمية، قد تقضي بالكامل على مصداقية الناتو العسكرية.
• أما في الشرق الأوسط، فالمشهد أصبح واضحاً، وكل القراءات تقول: إذا كان خبراء النظام الدولي يجمعون على أن حرب أمريكا الأولى ضد العراق تمثل البداية الحقيقية لـ(نظام القطب الواحد)، فإن حرب أمريكا الثانية ضد العراق تمثل بداية النهاية لهذا النظام، ونطاق لحظة النهاية، يبدأ طرفه مع انطلاقة المقاومة ضد القوات الأمريكية في العراق، ولكنه ليس بالضرورة أن ينتهي ضمن العراق، بل لقد استطاعت صواريخ حزب الله تمديد هذا النطاق، بحيث جعلت من سرير احتضار نظام هيمنة الأحادية الأمريكية، يتحول من العراق، إلى جنوب لبنان، حيث يتوقع أن تتم قريباً مراسم التشييع.
الآن، وفقط الآن: حتى حكومة السنيورة التي كانت ضعيفة، بشهادة السنيورة نفسه عندما كان يقول أمام الملأ: إن هذه الحرب لا تقع مسؤوليتها على الحكومة اللبنانية، أصبح (السنيورة) –قوياً هذه المرة- بفصل صواريخ.. ومهارة مقاتلي حزب الله في اضطهاد دبابات الميركافا، فبعد إلغائه لزيارة وزيرة الخارجية الأمريكية، تقدم أكثر وأعلن عن رفض حكومته لمسودة القرار (الفرنسي- الأمريكي)، متهماً أمريكا وفرنسا بأنهما زورتا إرادة لبنان، وجعلتاه يقول ما لم يقله.
صواريخ حزب الله، والمؤسسة العامة لـ(مصايد الميركافا)، التي أقامها في جنوب لبنان –ويملك أسهمها حزب الله- أربكت كل مخططات الإدارة الأمريكية:
- خطة الإدارة الأمريكية حول الاعتداء على إيران أصبحت على حلقة الفشل.
- بدأت المخاوف تتزايد حول المستقبل المظلم الذي ينتظر أمريكا في الملف العراقي.
- طالبان والقاعدة، لم تعودا حصراً في أفغانستان، بل في الصومال.
- انهار تماماً نموذج الصراع السني- الشيعي.
ومسلسل النتائج والأخبار غير السعيدة مايزال مستمراً.
مؤشر السياسة الأمريكية يحمل الكثير من الملامح والتي صاغ أبرزها هذا الأسبوع الكتّاب والمحللون الأمريكيين ومنهم:
• ميشيل فلاين: من الصعب أن يكون لأطروحات المحافظين الجدد تأثيراً كبيراً على أجندة السياسة الأمريكية المتعلقة بالشرق الأوسط، كما كان من قبل.
• جيم لوبي: أزمة الشرق الأوسط الراهنة، حالياً، سوف تؤدي إلى تمرد الأمريكيين بشكل يمكن أن يطيح في الانتخابات القادمة بكل صقور الإدارة الأمريكية.
أما مركز دراسات رايتويب آناليسيس فقد أصدر نشرتين تحدثت الأولى عن إدارة بوش والتي كانت دائماً تركز على التصعيد أصبحت الآن بعد التجربة الصعبة في لبنان تحاول التهدئة. أما الثانية: فقد حملت عنوان (الإدارة الأمريكية في مواجهة حالة الشيزوفرينيا).

الجمل

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...