فقدان الجرو تشارلي بسبب لعنة التاريخ والجغرافيا

15-01-2007

فقدان الجرو تشارلي بسبب لعنة التاريخ والجغرافيا

 قبل بضعة أشهر فقد بعض الاصدقاء الكنديين في القدس جروهم.

وهربت الجرو تشارلي التي لم تألف حياة المدينة بعد ناهيك عن سوء سلوكها ذات ليلة بعد أن روعها دوي الالعاب النارية في بداية شهر رمضان.

ويعيش الاصدقاء وهم صحفيون يعملون في المنطقة في حي أبو طور الذي يسكنه خليط من اليهود والعرب ويقع على مشارف القدس الشرقية العربية.

وتطل شرفتهم على منظر يمتد من الحي القديم مرورا بتلال الضفة الغربية وحتى البحر الميت.

ولانهم كانوا غير متأكدين ان كانت تشارلي هربت شرقا أي توغلت في القدس الشرقية ونحو الضفة الغربية أم غربا نحو الشطر اليهودي من المدينة وباقي اسرائيل قرروا أن يفتشوا في كل الاماكن.

ووضعوا ملصقات على أعمدة الاضاءة وجالوا بسيارتهم وعلى أقدامهم في طرق متعرجة بالاحياء المجاورة ووضعوا اعلانا مع صورة لتشارلي في صحيفة فلسطينية كبيرة يسألون فيها ان كان أحد قد رأى الجرو.

ولعدة أيام ساد صمت تام..فلم ير أحد الجرو بشكل محدد ولم يقدم أحد معلومات مهمة أو حتى دلائل يعتد بها.

ثم جاءهم اتصال من الصحيفة. وقال المتصل ان الصحيفة وردتها بعض الردود على الاعلان لكن أصحاب تشارلي على الارجح لن يسعدوا بها.

فقد اتصل مجموعة من الفلسطينيين المحتجزين في سجن بشمال اسرائيل وتركوا رسالة مسيئة قالوا فيها "لماذا تكترثون لامر هذا الكلب الغبي..لما لا تتوقفون عن اضاعة وقتكم ومساعدتنا في الخروج من هناك.."

ولجأ اخرون الى السخرية حيث اتصلوا بالصحيفة ثم أخذوا ينبحون ويصيحون ضاحكين "أنا تشارلي تعالوا وخذوني."

ولم تزدد المحنة والاحساس بوجود سوء تفاهم الا سوءا. ففي الايام التي أعقبت ذلك صادف أصحاب تشارلي جيرانا لهم في حي أبو طور لم يقدموا لهم سوى نصائح مقتضبة.

وفي مرحلة ما قال بعض الفلسطينيين الذين يعيشون في شارع مجاور انه اذا هربت تشارلي غربا أي الى الشطر اليهودي من المدينة فانها حتما ستواجه مشاكل.

وقال أحدهم بصوت هامس حمل نبرة تامرية "اليهود يعاملون كلابهم بفظاعة لو كنتم تعلمون..اليهود يسرقون كل شيء واذا كانوا يسرقون الاراضي فسيسرقون كلبكم.

ولم تكن ردود فعل الجيران اليهود أقل حدة.

وقالت امرأة يهودية "لو هربت (الكلبة) تجاه الضفة الغربية فلا يوجد أمل كبير. أنتم تعرفون ما يفعله العرب بالكلاب أليس كذلك.."

ورغم دهشتهم وصدمتهم من سوء التفاهم والاتهامات المتبادلة التي تبينت لهم خلال بحثهم استمر أصحاب تشارلي في البحث عن جروهم الاسود وهي من نوع لابرادور هجين. وذهب بعضهم في جولات بالقرى الفلسطينية التي تقع على تل خلف القدس ليروا ما الذي بامكانهم العثور عليهم. وبدا أن كل شيء يمشي على أربع يشبه تشارلي.

وفي نهاية المطاف طلب أصحاب الجرو من أحد معارفهم أن يعرفهم على أشهر لص كلاب في الضفة الغربية. وسافروا الى منطقة متواضعة على مشارف رام الله في أحد الايام ليروا ماذا يخبيء الرجل في حظيرته.

وفي عشرات الاقفاص القذرة كانت هناك عشرات الكلاب البائسة التي غطتها البراغيث والتي لا تستطيع الوقوف منتصبة الا بمشقة ناهيك عن النباح للفت الانتباه. لكن لم يكن هناك أثر لتشارلي.

وبدا اللص مستمتعا بشكل غير مفهوم ببحث الاصدقاء المحموم عن الجرو.

وفي نهاية الامر لم تعد تشارلي أبدا. وكل ما خرج به أصحابها هو الشعور المتبادل بالشك بين العرب واليهود الذين يعيشون جنبا الى جنب في حيهم.

وبعد أن زاروا الحظيرة عدة مرات للبحث عن تشارلي اقتنى الاصدقاء كلبة جديدة أسموها روزي. ولا ينزع المقود من على روزي في أي وقت.

المصدر: رويترز

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...