فيروز اهتزاز الرؤية التي توثق بداياتها

11-06-2007

فيروز اهتزاز الرؤية التي توثق بداياتها

حين حاولت ان استعيد حكاية بداية انطلاقة المطربة الكبيرة فيروز , في عوالم الرومانسية الغنائية والموسيقية , رحت ابحث في متاهات ارشيفي الموسيقي الغني , عن لقطة فوتوغرافية نادرة لها .

ومن خلال تأملي الطويل لصور بدايتها الاولى مع الغناء , وجدت ان الصورة المنشورة هنا, هي الاكثر دفقا وارتباطا بذكريات انطلاقتها الاولى , يوم كانت تلميذة في مدرسة البنات في نهاية الاربعينات من القرن المنصرم , ولقد كان عمرها اربعة عشر عاماً , حين اكتشف الموسيقي محمد فليفل الاحساس الرومانسي في صوتها , وعلى اثر ذلك طلب الالتقاء بوالدها , الذي كان يعمل في مطبعة جريدة ( لوجور ) ويقيم مع عائلته في حجرة متواضعة في منطقة زقاق البلاط البيروتية , وسرعان ما اقتنع الأب والأم بموهبة ابنتهما , وبدأت تتعلم اصول الانشاد والصولفيج وتشارك في الحفلات الوطنية الرسمية .‏

اضافة لمشاركتها في برنامج فرقة الاخوين فليفل اللذين كانا ضابطين في موسيقا الدرك اللبناني . ويشار في هذا الصدد ان النشيد العربي السوري ( حماة الديار ) هو من ألحان الاخوين فليفل . والمعروف ان ألحانهما الوطنية والقومية عرفت انتشاراً واسعاً منذ نهاية الاربعينات ومهدت لظهور استحقاقات جديدة في مرحلة استقلالية رافقت الانتفاضات الثورية الكبرى .‏

هكذا نرى ان محمد فليفل هو الذي اكتشف موهبتها في العام 1947 , وليس حليم الرومي ,0 وسرعان ما قدمها إلى رئيس القسم الموسيقي في الاذاعة اللبنانية ووقع عنها الاتفاق مع الاذاعة لكونها امضت ست سنوات في مدرسة الاخوين فليفل , ومن بنود الاتفاق الا تكون من بنات الكورس , بل مطربة سولو اي منفردة , وحدد لها اوقات الحضور الى الاذاعة في اوقات لاتتعارض مع تواجدها في المدرسة .‏

وفي تلك المرحلة اطلق عليها حليم الرومي ( والد المطربة ما جدة الرومي ) اسم فيروز بعد ان كان نهاد , وجاء ذلك بعد التماسه لحساسيتها المرهفة في التلاعب بتدرجات صوتها حين أدت بعض اغنيات اسمهان وفريد الاطرش .‏

بعد ذلك قدمت مجموعة اغنيات خاصة من ألحان خالد ابو النصر وحليم الرومي . ويذكر ان الاخير تعاون معها في بداياتها بالصوت واللحن بحوارية غنائية عنوانها ( عاشق الورد ) وكانت اول اغنية من الحانه لها ( تركت قلبي ) من تأليف شاعر سوري اسمه ميشال عوض , ولقد بثت تلك الاغنية على الهواء مباشرة في منتصف شهر نيسان من العام 1950 . كما سجل لها اول اسطوانة لحساب شركة ايليا بيضا .‏

والمعروف ان الانطلاقة الكبرى لها في عالم الفن والغناء , جاءت بعد تفاعلها المثمر مع محمد عبد الوهاب والاخوين رحباني وفيلمون وهبي وزكي ناصيف ومحمد محسن وغيرهم .‏

وبعد النضج الشعري والموسيقي والغنائي , سعى الاخوان رحباني , من خلال الاعتماد على صوتها بالدرجة الاولى , الى التعبير المسرحي الحواري المرتبط بمعطيات الاسطورة والتاريخ والواقع , في خطوات الوصول الى نهاية ايقاع متناغم لحلم جماعي , يبحث عن الخلاص , باحتضان المواقف الانسانية الثائرة والاسكتشات الغنائية الساخرة والمعبرة عن هموم الشعب وتطلعاته المستقبلية .‏

فالصور الشعرية والكتابات الموسيقية في المسرح الغنائي الرحباني اخذت تتملص منذ البدايات من الوقوع في فخ الرتابة الفلكلورية , وذلك في اتجاهها التدريجي نحو الاصول الشعبية والجذور التاريخية عبر العروض التي قدمت في اواخر الخمسينات والستينات , ولقد برز عاصي الرحباني كمايسترو يقود فرقة موسيقية اوركسترالية ترافق غناء فيروز عبر استخدامه لفنون التوزيع الموسيقي الآلي والصوتي والايقاعات التوافقية ( الهارمونية ) المناسبة والمسايرة لانسيابات الأغنية الشعبية الخفيفة والأغنية الراقصة . الى جانب القصائد والاناشيد الوطنية والقومية والاغاني المختلفة والمتنوعة .‏

أديب مخزوم

المصدر: الثورة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...