قمة الناتو: الأجندة والنتائج

06-04-2009

قمة الناتو: الأجندة والنتائج

الجمل: شهد الأسبوع الأول من شهر نيسان 2009 انعقاد قمة حلف الناتو وقد وجدت قمة الناتو اهتماماً مركزياً بواسطة أجهزة الإعلام العالمية والأوروبية بسبب الأجندة الخلافية التي تطرقت القمة للتداول حولها.
* قمة الناتو 2009: ماذا حملت الإشارات؟
انعقدت قمة الناتو على مدى يومي 3 و4 نيسان وكان اللافت للنظر أن فعاليات القمة تم اقتسامها بين فرنسا وألمانيا بحيث:
• تم إجراء فعاليات اليوم الأول في مدينة ستراسبورج الفرنسية.
• تم إجراء فعاليات اليوم الثاني في مدينتي كولن وبادن الألمانيتين..
واقتسام قمة الناتو بهذه الطريقة هو أمر يحتمل في حد ذاته أكثر من دلالة ويمكن الإشارة إلى بعض هذه الدلالات على النحو الآتي:
• إن فرنسا وألمانيا ستلعبان دوراً قائداً في حلف الناتو في الفترة المقبلة.
• إن التفاهم الفرنسي – الألماني سيترتب عليه الانسجام بين توجهات الاتحاد الأوروبي ككيان جيو-سياسي إقليمي أوروبي وحلف الناتو ككيان جيو-عسكري إقليمي أوروبي.
• توازن علاقات عبر الأطلنطي سيستند على توازن تفاهم أطراف مثلث باريس – برلين – واشنطن.
• مواقف إدارة أوباما الديمقراطية الجديدة أكثر تطابقاً وانسجاماً مع مواقف تفاهم باريس – برلين.
• إن على حلفاء واشنطن في شرق أوروبا السعي للتعاون مع محور برلين – باريس باعتباره المفتاح الأساس لتعزيز روابطهم مع واشنطن.
أما بالنسبة لتحركات واشنطن التي حدثت قبل وبعد قمة الناتو مباشرة فقد تضمنت ما يلي:
• ما قبل القمة: عقدت لقاءات ثنائية مع فرنسا وألمانيا وبريطانيا، إضافة إلى روسيا والصين والمشاركة في قمة مجموعة الـ20.
• ما بعد القمة: عقدت لقاءات مع رئيس التشيك (رئيس الاتحاد الأوروبي) ولقاء مع تركيا.
وتشير التحليلات إلى أن أهداف واشنطن غير المعلنة من دبلوماسية قمة ما قبل وما بعد الناتو كانت أكثر أهمية من أهدافها المعلنة وتشير التوقعات إلى أن دبلوماسية واشنطن الجديدة سعت بشكل حثيث ليس فقط إلى تغطية الانكشاف الدبلوماسي الذي خلفته إدارة بوش وحسب، وإنما إلى خلق المزيد من الفرص الدبلوماسية لتعزيز قدرة السياسة الخارجية الأمريكية للتحرك بحرية أكبر في المسرح الدولي.
* جدول أعمال قمة الناتو 2009:
تقول التقارير والمعلومات أن قمة الناتو 2009 شاركت فيها ثمانية وعشرون دولة هي: ألبانيا – بلجيكا – كندا – أوكرانيا – تشيكيا – الدنمارك – إستونيا – فرنسا – ألمانيا – اليونان – المجر – إيسلندا – إيطاليا – لاتفيا – ليتوانيا – لكسمبرج – هولندا – النروج – بولندا البرتغال – رومانيا – سلوفاكيا – سلوفينيا – إسبانيا – تركيا – بريطانيا – الولايات المتحدة الأمريكية.
هذا، وقد تطرقت أجندة القمة إلى الملفات الآتية:
• ملف حرب أفغانستان.
• ملف العلاقات مع روسيا.
• ملف إعادة إدماج فرنسا.
• ملف المفهوم الاستراتيجي الجديد.
هذا، وبرغم الاتفاق بين زعماء الناتو حول الخطوط العامة لهذه الملفات الأربعة، فإن النقاش ظل محتدماً بينهم حتى اللحظة الأخيرة دون الوصول إلى إجماع حقيقي يعكس تطابق وجهات النظر والإرادة الموحدة حول هذه الملفات. هذه الخلافات عكست داخل القمة الخلافات بين دول الناتو وتحديداً تلك الخلافات القائمة على تضارب المصالح وعلى سبيل المثال:
• عارضت تركيا تعيين الدنماركي روسمان أميناً عاماً جديداً للناتو، وفي نهاية الأمر وافقت لكن بعد حصولها على التنازلات المطلوبة.
• تحفظت دول حلف الناتو الأوروبية كثيراً على المشاركة الموسعة في حرب أفغانستان وبدلاً من الإجماع على دعم أمريكا فقد توصلت القمة إلى الإجماع للتوصل إلى ما يحقق الإجماع حول هذا الملف.
• أكدت القمة على ضرورة التفاهم مع روسيا حول مسائل حفظ الاستقرار والحفاظ على استقلالية البلدان الأوروبية.
• أكدت القمة على أن تكون قمة هذا العام بمثابة نقطة البداية لعملية إعادة إدماج فرنسا ضمن هياكل حلف الناتو.
كانت التوقعات خلال فترة ما قبل القمة بأن هذه القمة ستتخذ القرارات الآتية:
• إعادة إدماج فرنسا ضمن هياكل القيادة العسكرية لحلف الناتو ولكن شيئاً من ذلك لم يتحقق وعلى ما يبدو فإن على الرئيس ساركوزي أن يقطع شوطاً طويلاً من تطبيع العلاقات الفرنسية – التركية طالما أن اتخاذ قرار إدماج فرنسا لن يتم بالإجماع ولما كانت لأنقرة حسابات أخرى مع فرنسا فإن عدم مباركة أنقرة ستحول دون استعادة باريس لموقعها القيادي داخل حلف الناتو.
• كانت أنقرة قبل انعقاد القمة أكثر تشدداً لجهة رفض تولي الدنماركي روسمان منصب الأمين العام للناتو، ولكن وكما هو واضح، وافقت تركيا على تعيينه ضمن صفقة تضمنت عدم إعادة فرنسا دفعة واحدة لموقعها في القيادة العسكرية مقابل موافقة تركيا على تعيين روسمان.
• التوقعات قبل القمة كانت تقول باحتمالات أن تتخذ القمة قرارات حاسمة إزاء التعامل مع روسيا خلال الفترة القادمة، ولكن كما هو واضح، فإن واشنطن أرادت أن تحتفظ بورقة التفاهم مع روسيا بعيداً عن طاولة الحلف، الأمر الذي دفع القمة لصياغة قرار مطاط غير محدد إزاء العلاقة مع روسيا، وذلك بما يتيح لواشنطن المضي قدماً في عقد صفقاتها الثنائية مع موسكو.
هذا، وبالإضافة إلى ذلك، فقد ربط بعض الخبراء بين قرار الحلف بضم ألبانيا وكرواتيا إلى عضويته وبين تفادي الحلف التطرق إلى موضوع عضوية جورجيا وأوكرانيا على أساس اعتبارات أن عدم التطرق لجورجيا وأوكرانيا ليس معناه أن الناتو قد تخلى نهائياً عن مشروع ضمن هاتين الدولتين وإنما يتمثل معناه بشكل واضح من خلال الرسالة التي يجب أن تلتقطها موسكو والتي مفادها أن قرار ضم ألبانيا وكرواتيا إلى عضوية الناتو معناه أن عملية توسيع الحلف شرقاً ستستمر طالما أن موسكو ترفض تقديم التنازلات لواشنطن وحلفائها.
* مستقبل الناتو والإدراك الأوروبي الجديد: إلى أين؟
ترافقت قمة الناتو 2009 مع حملة شعبية أوروبية واسعة النطاق لمعارضة ليس أجندة القمة وإنما لمعارضة استمرار بقاء الحلف نفسه وما كان جديداً في الحملة تمثل في تزايد الحركيات والفعاليات السياسية المطالبة بحل الحلف وتسريح قواته وتفكيك قوامه المؤسسي. وحالياً، تراهن الحملة الشعبية على تفعيل أجندة بناء حملة الذرائع الآتية ضد الحلف:
• أصبحت ميزانية الحلف تشكل عبئاً كبيراً على ميزانيات الدول الأوروبية والاتحاد الأوروبي وبالتالي فإن تداعيات الأزمة المالية العالمية لن تسمح بتحمل المزيد من النفقات، وتأسيساً على ذلك، فمن الضروري تحويل المخصصات المالية الخاصة بتمويل الناتو إلى دعم اقتصادات البلدان الأوروبية.
• أصبحت ترسانة حلف الناتو من الأسلحة النووية أكثر تهديداً للقارة الأوروبية إضافة إلى قيام واشنطن باستغلال قواعد الناتو في تخزين أسلحتها النووية بعيداً عن أمريكا.
• مهمة الناتو هي الدفاع عن أوروبا، ولكن تم توريط الناتو في حروب العراق، وأفغانستان التي ليست لها علاقة بأمن أوروبا.
• تم استخدام الناتو في العمليات العسكرية ضد يوغوسلافيا ولكن لاحقاً تبين أن الناتو قد تم استخدامه ضمن مخطط تقسيم يوغوسلافيا.
• تورط الناتو في استخدام الأسلحة المحظورة والمحرمة دولياً في عملياته العسكرية في يوغوسلافيا وأفغانستان.
• انتهك حلف الناتو معاهدات وبروتوكولات جنيف المتعلقة بالأسلحة الممنوعة والمحرمة دولياً.
• تجاهل الناتو ميثاق الأمم المتحدة وتحديداً الفصل السادس والسابع، اللذان يحددان للمجتمع الدولي والمنظمات الدولية شروط وبنود عمليات إسقاط القوة لجهة حفظ الأمن والسلام الدوليين.
• فشل الناتو في تنفيذ الاتفاقيات الدولية الخاصة بحماية المدنيين في حربي يوغوسلافيا وأفغانستان.
• فشل الناتو في الالتزام بميثاق الأمم المتحدة للحد من انتشار الأسلحة النووية.
• تورط الناتو في حرب العراق كما تورط في العديد من المناورات العسكرية التي شكلت تهديداً للأمن والسلام في العالم.
الحملة ضد حلف الناتو ستستمر وستكتسب زخماً أكبر لأن الرأي العام الأوروبي أصبح يفهم جيداً الحقيقة القائلة أن التخلص من حلف الناتو معناه التخلص من النفوذ الأمريكي المسيطر على رقاب الأوروبيين.

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...