ما هو مصير تحالف المعتدلين العرب

01-02-2007

ما هو مصير تحالف المعتدلين العرب

الجمل:    خارطة التحالفات الجيو- سياسية في منطقة الشرق الأوسط أصبحت تضم معسكرين هما: دول وقوى تحالف المعتدلين من جهة، ومن الجهة ا لأخرى دول وقوى المقاومة.. وتجدر الإشارة إلى ان هذه الخارطة الجديدة قد تشكلت معالمها الرئيسية، خلال فترة حرب إسرائيل- حزب الله اللبناني التي اندلعت في الصيف الماضي.
كثيرة هي  الحروب التي دارت في القرن الماضي، وكثيرة نتائجها التي أدرت إلى تشكيل الخرائط الجيو-سياسية الإقليمية والدولية. فقد أدت نتائج حرب 67 إلى تشكيل تحالف عربي واحد في مواجهة العدوان الصهيوني، وأعقب ذلك حرب تشرين التي أدت نتائجها إلى بلورة تكتلين عربيين، الأول يقوم على أساس المقاومة والرفض للاحتلال. والثاني يقوم على أساس التطبيع.. ثم تزايدت التكتلات بتزايد الاعتداءات والحروب، وحالياً اندمجت نتائج حرب العراق، وحرب الصيف الماضي بين إسرائيل وحزب الله لتؤدي إلى تشكيل خارطة تحالفات مثيرة للجدل، ومن أبرز المقارنات التي تطرحها هذه الخارطة مايلي:
- الانقسام في الصف العربي لم يتم على أساس اعتبارات اختلاف المواقف من قضية معينة، بل قامت قوى وأطراف أجنبية بتكوين تحالف المعتدلين العرب بدليل أن فكرة تحالف المعتدلين العرب تحدّث وكتب عنها الخبراء الإسرائيليون- الأمريكيون، قبل أن يتم وضعها موضع التنفيذ وتتحول إلى واقع قائم.
- ان تحالف المعتدلين العرب، لا يعتبر نفسه في حالة مواجهة لا مع إسرائيل ولا مع أمريكا، بل يوظف جهوده المضادة في مواجهة سوريا وإيران والمقاومة الفلسطينية والعراقية واللبنانية.
- انخراط تحالف المعتدلين في علاقات تعاون تطورت بسرعة إلى علاقة استراتيجية أمنية عسكرية داعمة لجهود إسرائيل وأمريكا، الهادفة إلى استدامة احتلال العراق، وتصفية المقاومة الفلسطينية واللبنانية، وشن الحرب ضد إيران.
- تحول تحالف المعتدلين إلى العمل داخل بعض الدول العربية التي تعاني من الاضطراب وعدم الاستقرار، بحيث يتم دعم قوى داخلية على حساب أخرى، كما هو الظاهر في حالة لبنان، حيث ظل تحالف المعتدلين العرب يعمل بأقصى ما يمكن على دعم قوى 14 آذار ضد قوى المقاومة التي يساندها الشارع اللبناني، وفي فلسطين ظل تحالف المعتدلين يدعم جماعة محمود عباس (أبو مازن) في مواجهة حركة حماس التي انتخبتها أغلبية الشارع الفلسطيني.
على خلفية هذه العناصر يمكن القول: إن ديناميكيات عمل تحالف المعتدلين ضمن الخارطة الجيو-سياسية العربية تتمثل في الآتي:
• الاندماج: وتتمثل في قيام تحالف المعتدلين العرب بالاندماج والتوحد والتطابق مع التوجهات الأمريكية.
• الذرائعية: وتتمثل في تبني وتغليب مبررات المنفعة باعتبارها بديلاً للحقوق الثابتة المشروعة.
• السيولة: وتتمثل في عدم وجود مواثيق أو معاهدات ثابتة تحكم تحالف المعتدلين، بل ينسق هذا التحالف أنشطته عن طريق التحركات الثنائية والجماعية، والتي على الأغلب يكون قد تم التمهيد لها باجتماعات فرعية بحضور إسرائيلي أمريكي (كما في حالة مؤتمر العقبة)، وعلى ما يبدو فإن أمريكا وإسرائيل لا تريدان التوقيع على أي معاهدة أو اتفاقية، وذلك لأن جعل تحالف المعتدلين العرب يعمل بشكل سائل فضفاض سوف يساعد على سهولة انقياده لكوندوليزا رايس وايهود أولمرت.
• الفوقية: وتتمثل في طريقة صنع واعتماد قرارات تحالف المعتدلين، والتي تتم لا عن طريق المؤسسات الدرستورية، وإنما عن طريق عملية (التلقين) الإسرائيلي- الأمريكي، والتي تعقبها عملية التبني الفوري والتنفيذ على الأرض، وتؤكد ذلك كل التحركات والمواقف السابقة التي تبناها تحالف المعتدلين إزاء الأوضاع اللبنانية، الفلسطينية، والعراقية، وأيضاً إزاء سوريا.
إن خبرة تحالف المعتدلين العرب سوف تؤدي إلى تشويه العملية السياسية الإقليمية بأكملها، وذلك لأن آليات العمل التي تعتمدها هذه المجموعة، لا تتماشى ولا تنسجم مع الأعراف والتقاليد السائدة في العمل السياسي المتعلق بالشؤون السياسية الإقليمية والدولية.
كذلك تتمثل واحدة من أخطر التداعيات في هشاشة القوام التي يتميز بها تحالف المعتدلين العرب، وذلك لان انتقال عدوى هذه الهشاشة إلى داخل المؤسسات الإقليمية الموجودة في المنطقة (الجامعة العربية، منظمة التعاون الخليجي.. وغيرها) سوف يؤدي إلى انفراط عقد البنيات القانونية والإدارية التي تقوم عليها هذه التكتلات والتحالفات.
وعموماً نقول: إن أخطر ما يواجه تحالف المعتدلين هو ظاهرة الانقطاع وعدم التواصل، والتي تبرز بوضوح في القطيعة الكاملة بين توجهات زعماء وقادة هذا التحالف، وبين قاعدتهم الشعبية، لذلك فإن التورط في ارتكاب الأخطاء الكبيرة –وأمريكا وإسرائيل لن تتورعا عن دفعهم للقيام بذلك- مثل شن الحرب ضد إيران، وتقديم الدعم العسكري للوجود الأمريكي في العراق، أو دعم إسرائيل في عدوانها المحتمل ضد سوريا.. هي جميعاً سوف تؤدي إلى زعزعة استقرار وهزّ الأرض تحت أقدام زعماء المعتدلين العرب.

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...