ما هي خيارات رئيس الحكومة الإسرائيلية داخلياً وخارجياً

07-04-2009

ما هي خيارات رئيس الحكومة الإسرائيلية داخلياً وخارجياً

الجمل: تشهد الساحة السياسية الإسرائيلية بعض التحركات التي تتقاطع فيها أجندة السياسة الداخلية مع أجندة السياسة الخارجية وعلى خلفية هذه التقاطعات أصبح رئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد بنيامين نتينياهو في مواجهة إما خيار المثالية السياسية والدخول في المواجهة الصعبة مع الحقائق الموضوعية، أو خيار الواقعية السياسية والدخول في عملية تكيف مع الأمر الواقع. فهل سيتغير نتينياهو أو سيسعى لتغيير الحقائق؟
* أبرز التطورات الميدانية الجارية في الساحة الإسرائيلية:
أولاً: على صعيد السياسة الخارجية الإسرائيلية:
تقول التقارير والمعلومات بأن التحركات الدبلوماسية ستشمل الآتي:
• زيارة نتينياهو لمصر تلبية للدعوة التي تلقاها من الرئيس المصري محمد حسني مبارك.
• عودة مبعوث السلام الأمريكي جورج ميتشل إلى المنطقة وزيارته لإسرائيل.
• مجيء مبعوث سلام الاتحاد الأوروبي مارك أوتي للمنطقة وزيارته لإسرائيل.
• زيارة الرئيس أوباما لإسرائيل والضفة الغربية.
إضافة لذلك، تواجه نتينياهو حالياً المزيد من الضغوط الدبلوماسية التي يمكن الإشارة إليها على النحو الآتي:
• تصريحات إدارة أوباما أن واشنطن ستتمسك بالمضي قدماً في عملية سلام الشرق الأوسط والوصول إلى حل إقامة الدولتين.
• تصريحات مبعوث السلام الأمريكي ميتشل بأن مبادرة السلام العربية ستشكل جزءاً أساسياً من سياسة أوباما الخارجية الشرق أوسطية.
• تصريحات طوني بلير مبعوث سلام اللجنة الرباعية الذي طالب فيها نتينياهو بضرورة الاستمرار والتمسك بمحادثات السلام.
• تصريحات الرئيس الروسي ميدفيديف بإقامة الدولة الفلسطينية.
• مطالبة رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون لنتينياهو بضرورة دعم الجهود الدولية الرامية لإقامة حل الدولتين.
• مطالبة المستشارة الألمانية ميركل لنتينياهو بضرورة تعزيز الجهود من أجل إقامة حل الدولتين.
ثانياً: على صعيد السياسة الداخلية الإسرائيلية:
أسفرت جهود الزعيم الليكودي عن تشكيل حكومة ائتلافية من 69 عنصراً منهم  30 وزيراً والباقي توزعت مناصبهم ما بين نائب رئيس وزراء ونائب وزير وما شابه ذلك. وتقول التقارير بأن حجم طاقم الوزارة الائتلافية الجديدة أثار العديد من الانتقادات خاصة أن نتينياهو عندما كان زعيماً للمعارضة كان يكثر من الانتقادات لجهة كبر حجم الحكومة الائتلافية السابقة. إضافة لذلك تشير التقارير والتسريبات إلى الآتي:
• تزايد تحركات الشرطة الإسرائيلية لإجراء المزيد من التحقيقات مع وزير الخارجية ليبرمان زعيم حزب إسرائيل بيتنا، الذي يعتبر ثاني أكبر كتلة في التحالف الائتلافي الإسرائيلي الحاكم بزعامة نتينياهو.
• انفراد تسيبي ليفني زعيمة حزب كاديما بزعامة المعارضة داخل الكنيست.
• تزايد ضغوط الرأي العام الإسرائيلي لإطلاق سراح الجندي الإسرائيلي جيلعاد شاليط من قبضة حماس.
• تزايد ضغوط المتطرفين داخل الائتلاف الحكومي الجديد والكنيست بضرورة المضي قدماً في تنفيذ مخططات توسيع المستوطنات الإسرائيلية والاستعداد لجولات الصراع العسكري الجديد مع حماس وحزب الله إضافة إلى تقويض محادثات السلام مع سوريا والفلسطينيين والمضي قدماً في حملة بناء الذرائع ضد مصر ومبادرة السلام العربية وما شابه ذلك.
• تزايد الخلافات في إسرائيل من تداعيات الأزمة الاقتصادية والتأثيرات السالبة على قدرة الحكومة في الإنفاق على بنود ميزانيتها الجديدة إضافة إلى تزايد المخاوف من تداعيات زيادة حجم الدعم الحكومي لذوي الأسر الكبيرة وهو الدعم الذي يفسره ذوو الأسر الصغيرة أنه تمييز لجهة حصول اليهود الشرقيين على المزيد من المزايا التي تعطيهم وزناً اجتماعياً واقتصادياً أكبر على حساب الغربيين.
هذا، وبمطابقة التطورات السياسية الخارجية مع التطورات السياسية الداخلية نلاحظ الآتي:
• إن تأثير البيئة السياسية الخارجية على البيئة السياسية الداخلية أكبر.
• إن الزعيم نتينياهو الذي يتولى منصب رئيس الوزراء أصبح أكثر ميلاً لخيار تكييف الأوضاع الداخلية بما ينسجم مع الأوضاع الخارجية.
على خلفية التناقض الداخلي – الخارجي بدا الائتلاف الحكومي وهو على عتبة الدخول في الخلافات والصراعات، بما سيهدد تماسك الائتلاف وربما يؤدي إلى انهيار الحكومة الجديدة.
* خيار نتينياهو:
تحليل الأداء السلوكي السياسي الإسرائيلي الداخلي يفيد لجهة أن نتينياهو سيسعى إلى تحقيق عملية إعادة ترتيب للأوضاع الداخلية بما يمكن أن يتضمن الآتي:
• إحراق ليبرمان: اعتمد نتينياهو على استدراج ليبرمان وحزبه للقيام بالانسحاب من حكومة أولمرت بما أدى إلى انهيارها، ثم إلى إدخاله وحزبه ضمن التحالف الجديد بقيادة الليكود بما ضمن لنتينياهو الصعود إلى رئاسة الوزراء، والآن فإن نتينياهو بدأ يدرك أن وجود ليبرمان في الحكومة سيترتب عليه خلال المرحلة القادمة إلحاق المزيد من الأضرار بنفوذ نتينياهو السياسي طالما أن توجهات ليبرمان السياسية تؤدي إلى توتير العلاقات الأمريكية – الإسرائيلية الأمر الذي سيدفع الإسرائيليين إلى التخلي عن نتينياهو وحزب الليكود. وقد سبق أن دخل الليكود وزعيمه نتينياهو في خلافات مع إدارة كلينتون وترتب على ذلك أن دفع نتينياهو الثمن بخسارته للحكومة أمام الجنرال باراك زعيم العمل، والآن لو سعى نتينياهو للاستمرار في تطبيق برنامجه المشترك مع ليبرمان وحزبه، فإن نتينياهو سوف لن يشرب من الكأس نفسها مرة أخرى وحسب، وإنما سيكون قد أطلق على نفسه وحزبه رصاصة الرحمة الأخيرة. القضاء على ليبرمان يمكن أن يتم بطريقتين، الأولى تتمثل في تصعيد الخلافات السياسية معه، بما يؤدي إلى إخراجه من الحكومة، ولكن مخاطر هذه الطريقة ستكون أكثر تهديداً لمستقبل نتينياهو السياسي لأن الرأي العام الإسرائيلي المتعصب سيتخلى عن نتينياهو وحزبه ويتحول إلى ليبرمان وحزبه، أما الطريقة الثانية فتتمثل في استخدام سيناريو تفجير الفضيحة، لأنه الأكثر فعالية في إحراق ليبرمان وأوراقه السياسية إضافة إلى أنه يخرج ليبرمان من المسرح السياسي دفعة واحدة وهو ما لجأ إليه نتينياهو حيث تحركت الشرطة الإسرائيلية وأجرت أكثر من جلسة تحقيق جنائي مع وزير الخارجية وزعيم حزب إسرائيل بيتنا ليبرمان حول تورطه في جرائم غسيل الأموال، وأكدت تصريحات مصدر رفيع المستوى بالشرطة الإسرائيلية أن الوثائق الموجودة في حوزة الشرطة حالياً تفيد من جهة منظور الأدلة الجنائية إلى أن ليبرمان سوف لن يفلت من الإدانة، وهذا معناه أن نتينياهو سينجح في توجيه الضربة الاستباقية ضد ليبرمان وحزبه. وتقول المعلومات والتقارير بأن الزعيم ليبرمان يسعى حالياً لتفادي هذه الضربة الاستباقية، وذلك عن طريق السعي للتخفيف من مواقفه السياسية المتشددة عن طريق إطلاق التصريحات التي تلمح بأنه سوف لن يرفض التفاوض من أجل السلام مع السوريين والفلسطينيين.
• تعزيز التفاهم مع القاهرة: أكدت التقارير أن نتينياهو سيقوم بزيارة لمصر واللقاء مع حسني مبارك في شرم الشيخ وأشارت المعلومات إلى أن الزيارة تمت بناء على دعوة وجهها مبارك خلال اتصال تلفوني مع نتينياهو، كما أكد مكتب نتينياهو أن هذه الزيارة تعتبر ضرورية وهامة لتعزيز العلاقات المصرية – الإسرائيلية ودعم الجهود المشتركة لمواجهة التحديات والمخاطر التي أصبحت تهدد السلام. هذا، وتقول المعلومات أن وجود ليبرمان في منصب وزير الخارجية سيؤدي إلى توتير العلاقات على خط القاهرة – تل أبيب طالما أن القاهرة أعلنت مقاطعتها لليبرمان، إضافة إلى ذلك فقد تحرك بعض القانونيين المصريين وقدموا لإحدى المحاكم المصرية عريضة تطالب برفع دعوى ضد ليبرمان بسبب استخدامه لعبارة "فلتذهب إلى الجحيم"، في معرض حديثه عن الرئيس حسني مبارك.
وعموماً فإن إحراق ورقة ليبرمان ستتيح لنتينياهو وتحالفه الحاكم المزيد من هوامش المناورة وسيمكن الإشارة إلى ذلك على النحو الآتي:
• المناورة على الخطوط الداخلية لأن إحراق ليبرمان سيردع باقي الزعماء من اليهود الشرقيين الذين يمثلهم حزب شاس وزعماء اليهود الغربيين الذين يمثلهم حزب هاتورا ايهودا.
• المناورة على الخطوط الخارجية: وذلك عن طريق مسايرة توجهات الإدارة الأمريكية الشرق أوسطية ومجاراة ومسايرة أنقرة والاحتفاظ بعلاقات مستقرة مع مصر وعمان وفتح وقوى 14 آذار في لبنان.
وما هو واضح يتمثل في أن نتينياهو سيلجأ إلى إظهار نفسه بمظهر جديد عن طريق استبداله لجلود الذئاب بجلود الحملان، بحيث يبدو في مظهر الزعيم السياسي الذي يعمل من أجل السلام على المستوى المعلن بينما في الوقت نفسه وعلى المستوى غير المعلن فإن فكرة أن نتينياهو سيعمل من أجل السلام هي فكرة ما تزال تنطوي على قدر كبير من الشكوك واللايقين طالما أن الشرط الموضوعي لصدق هذه الفكرة هو أن يكون نتينياهو قد قام خلال الأسبوع الماضي بتغيير مذهبيته السياسية والعقائدية.

 


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...