مصر: «صقور الإخوان» يغتالون محاولات التقارب مع الدولة

25-09-2013

مصر: «صقور الإخوان» يغتالون محاولات التقارب مع الدولة

في الساعة الثانية من بعد ظهر يوم الجمعة الماضي، بتوقيت مكة المكرّمة، وهو التوقيت المعتمد في موقع «إخوان أونلاين» القاهري، أصدر الأمين العام لجماعة «الإخوان المسلمين» محمود حسين بياناً، مقتضباً قال فيه إن «الآن ليس الوقت المناسب» لإعلان أن الجماعة «قد تكون أخطأت أو أصابت في اجتهاداتها (السياسية)». بيان محمود حسين كان رداً سريعاً على بيان للأمين العام السابق للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية وأحد أبرز رموز الحشد على منصة اعتصام رابعة العدوية لصلاح سلطان، يعتذر فيه عن «أخطاء سياسية» وقعت فيها «الإخوان».
بيان سلطان وبيان الرد عليه من قبل حسين، جاء عقب أسبوع على صدور بيان سابق من القيادي في «حزب الحرية والعدالة» التابع لجماعة «الإخوان المسلمين» حمزة زوبع، الذي اعترف بارتكاب جماعته أخطاء أوصلتها إلى نقطةٍ عَزَلَ فيها الجيشُ محمد مرسي. لم يمر يوم على صدور هذا البيان، حتى خرج المتحدث باسم جماعة الإخوان إلى وسائل الإعلام الأجنبية جهاد الحداد (محبوس حالياً)، ليؤكد أن «لا بديل عن عودة كامل الشرعية» وإلغاء كل ما ترتب على الانقلاب العسكري»، حسب قوله.
في المرتين جاءت المبادرة من شخصيات طالما كانت محسوبة على ما يسمى جبهة «عقلاء الجماعة». وفي المرتين جاء الرد سريعاً على لسان «صقور» الجماعة. وفي الحالتين أيضاً حذف موقع «الإخوان» مبادرات التهدئة سريعاً في حالة خطاب صلاح سلطان، أو بعد أيام كما في حالة مبادرة زوبع.
«هناك أجواء صراع مكتوم بين الإصلاحيين والقطبيين حالياً داخل صفوف الجماعة، لكن أعتقد أن الشباب سيلتزم بطاعة القيادات لأنهم تربوا أنها طاعة لله وليست طاعة لمسؤول»، هكذا يحلل أحمد بان، المختص بمتابعة جماعة «الإخوان المسلمين» كمحلل سياسي في «مركز النيل للدراسات السياسية والإستراتيجية»، وباعتباره أحد الأعضاء المنشقين عن «الإخوان» عقب «ثورة 25 يناير».
يوضح بان أن «المجموعة القطبية سيطرت على ما يسمى «مجلس التربية» الذي يعتبر بمثابة «مدرسة فكرية» لتربية أعضاء وكوادر الجماعة وتشكيل «عقلها» السياسي والدعوي. استقى هذا التيار أفكاره من سيد قطب وهم معروفون في الأدبيات التحليلية للجماعة بـ«القطبيين» المؤمنين بخطاب العزلة عن المجتمع وعدم الانفتاح عليه، وهذه المجموعة حولت الجماعة إلى ما يمكن تسميته طائفة معزولة عن باقي المجتمع».
مستقبل الجماعة يبدو رهين هذه المجموعة المسيطرة وصاحبة الصوت الأعلى، حتى اللحظة، داخل الجماعة.
ويعتقد أحمد بان أن هذه المجموعة لا تدافع فقط عن رؤيتها للجماعة وعلاقتها بالدولة وإنما هي في حقيقة الأمر تدافع عن وجودها ونفسها. ويفسّر ذلك بالقول إن «الاعتراف بالخطأ من وجهة نظرها سيفتح الباب لمحاكمة هذه القيادات تنظيميًا باعتبارهم قادوا الجماعة للفشل السياسي والعزلة المجتمعيّة، بالإضافة طبعا إلى المحاكمة الجنائية من قبل الدولة لأنهم متورطون في أحداث جنائية مثل قضية قتل المتظاهرين أمام مكتب الإرشاد يوم 30 حزيران الماضي، وبالتالي هؤلاء ظهرهم للحائط»، بحسب وصفه.
يعود المراقب والمحلل السياسي لجماعة الإخوان وحزبها بالتاريخ إلى الوراء لاكتشاف هذا التيار.
يقول: «تيار الصقور هو التيار الغالب وتمثله حالياً القيادة العليا والقيادات الوسيطة، وهذه المجموعة التي يقودها محمود عزت، القيادي الهارب في غزة، والمرشد المحبوس محمد بديع، خرج أفرادها بعد اعتقالات أيلول العام 1981 وأسسوا التنظيم الدولي وزرعوا رجالاتهم فيه، قبل أن يعودوا إلى مصر في العام 1982 عقب إعلان لائحة التنظيم الدولي، واستمروا في العمل الداخلي التربوي والفكري لأعضاء الجماعة حتى العام 1990، وهم الآن في مرحلة الحصاد».
يضيف بان لـ«السفير»: «كان في مواجهة هذا التيار مجموعة تسمح بالعمل السلمي العلني والتطبيعي مع المجتمع المصري، قادها المرشد الأسبق عمر التلمساني من العام 1973 حتى العام 1986، وهو يعتبر بمثابة آخر المرشدين المنتمين للتيار الاصلاحي، والذي سمح لإصلاحيين صغار وقتها بالظهور مثل عبد المنعم أبو الفتوح، المرشح الرئاسي والمنشق عن الجماعة عقب الثورة، وأبو العلا ماضي، رئيس حزب الوسط والمحبوس حاليًا بعد تحالفه مع الإخوان ثانية، وحلمي الجزار، القيادي المحبوس هو الآخر. هذه المجموعة كانت تدفع بالجماعة لتأسيس حزب سياسي علني».
المستقبل في هذه الحالة لا يبدو بهذا القدر من الضبابية، إذ يراهن بان على المجموعة المعارضة لترشيح عضو من الجماعة في انتخابات الرئاسة (كان المرشح خيرت الشاطر قبل استبداله بمحمد مرسي)، قائلا: «في التصويت الأول على الدفع بمرشح للرئاسة كان المعارضون 80 في المئة من إجمالي مجلس شورى جماعة «الإخوان المسلمين» (الإجمالي 108 أعضاء)، قبل أن يتدخل خيرت الشاطر ويحرف التصويت بادعائه وجود معلومات لديه من أجهزة سيادية تفيد بأن الإخوان سيتعرضون لضربة أمنية إذا لم يترشحوا، فانتصر التيار المؤيد للترشيح بفارق 4 أصوات، وكان المرشح هو الشاطر نفسه والبديل محمد مرسي».
«أراهن على هذه المجموعة» يقول بان، مضيفًا: «على الدولة من جانبها التدخل الناعم لدعم هذا التيار كما فعلت قبل الانتخابات الداخلية لمكتب الإرشاد في العام 2009، ودعمت بشكل غير مباشر التيار القطبي عبر القبض على رموز الإصلاحيين باتفاق مع الشاطر»، بحسب قوله، مؤكدا أنه «إذا انتصر التيار الاصلاحي سينشط الأعضاء في جمعيات أهلية و دعوية، ومن يرغب العمل في السياسة سيتجه إلى تأسيس حزب يعبر عن وجهة النظر الإسلامية على غرار حزب العدالة والتنمية الحاكم في المغرب».

سيد تركي

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...