من وراء التنشيط الإسرائيلي لمبادرة السلام العربية ولماذا؟

22-11-2008

من وراء التنشيط الإسرائيلي لمبادرة السلام العربية ولماذا؟

من المقرر أن تنشر حركة »السلام الآن« الإسرائيلية إعلانا في صحيفة »القدس« الفلسطينية، تعلن فيه تأييدها لمبادرة السلام العربية.
وقد يكون هذا الإعلان، التجاوب الأبرز من جانب جهة إسرائيلية مع الإعلان الذي نشرته السلطة الفلسطينية في الصحف العبرية. ومع ذلك، أعلن الأمين العام لـ»السلام الآن« أن هدف الإعلان المقابل هو تشجيع معسكر السلام في الجانب الفلسطيني.
وثمة معلقون في إسرائيل يعتقدون أن عودة الحديث عن المبادرة العربية يعكس انسداد أفق التسوية من ناحية، وميل البعض في إسرائيل للتكيف مع واقع جديد يتمثل في وصول باراك أوباما إلى البيت الأبيض.
وأشار عكيفا ألدار في »هآرتس« إلى تطورات جرت على ثلاث جبهات، دفعت المبادرة العربية إلى الواجهة، تتلخص في فوز أوباما، والتقدير بقرب فوز بنيامين نتنياهو في الانتخابات الإسرائيلية العامة، والخوف من انهيار سلطة الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
وتأمل جهات عربية وإسرائيلية في أن يؤثر إعلان الرئيس الأميركي الجديد، عن تأييده المبادرة العربية، في موقف الناخب الإسرائيلي أو في تشكيلة الحكومة المقبلة.
لكن ألدار يُرجع حديث الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز، الإيجابي حول المبادرة العربية، إلى تأثيرات صديقه الملياردير داني أبراهام، الذي مول قسما من الحملة الإعلانية المؤيدة للمبادرة، لافتاً إلى أن نشر التأييد للمبادرة في الصحف الإسرائيلية، و»نيويورك تايمز« الأميركية، ليس سوى جزء من حملة واحدة منظمة.
وتذهب اريئيلا رينغل هوفمان، في »يديعوت أحرنوت«، إلى ما هو أبعد من ذلك، معتبرةً أن توقيت نشر الإعلانات الضخمة في كل الصحف الإسرائيلية لم يكن صدفة، مشيرةً هي أيضاً إلى الإعلان ذاته في »نيويورك تايمز«، حيث »هناك أيضاً، ظهر الإعلان على صفحة كاملة مزينة بأعلام الدول العربية المؤيدة«.
ولكن خلافا لإعلان »نيويورك تايمز« الموقع من أبراهام، الذي يرأس »مركز السلام والتعاون الاقتصادي في الشرق الأوسط«، فإن الإعلانات في الصحف الإسرائيلية جاءت من السلطة الفلسطينية. الأمر الذي رأت أنه يشهد على العلاقات القائمة بين أبراهام وقادة السلطة.
ولاحظت هوفمان أن من أعاد المبادرة العربية إلى النقاش العام في الأشهر الأخيرة بإصرار وعناد هو الرئيس الإسرائيلي، وأن آفي غيل، الذي كان مديرا عاما للخارجية الإسرائيلية في عهد بيريز ويعمل حالياً في معهد أبراهام، هو المحرك من وراء هذه الخطوة.
وأعرب بيريز، في افتتاح الدورة الشتوية للكنيست، عن رأيه في المبادرة العربية داعياً إلى »الإصغاء إلى الأصوات الآتية من الدول العربية والعالم الإسلامي، التي تدعو إلى وضع حد للصراع في الشرق الأوسط والوصول إلى السلام«. وتابع أن »مبادرة السلام العربية (في العام ٢٠٠٢) وضعت نهاية للإجماع العربي منذ مؤتمر الخرطوم، أي لا اعتراف ولا تفاوض ولا سلام مع إسرائيل. الآن أصبح الرد العربي بنعم. نعم للسلام مع إسرائيل. ينبغي ألا نتجاهل التغيير الايجابي، حتى وإن لم نقبل بكل بند في صيغة المبادرة... ثمن الاتفاق الشامل لا يزيد عن الأثمان التي دفعتها إسرائيل أو وافقت على دفعها في المفاوضات المنفردة مع كل دولة عربية على حدة. ولكن المردود الشامل لذلك سيكون ذا قيمة كبيرة، نهاية الصراع في الشرق الأوسط كله وعلاقات طبيعية مع كل الدول العربية«.
وعن التعامل الإسرائيلي مع المبادرة، قالت هوفمان إن أرييل شارون لم يصدقها ورفضها، وأن رئيس مجلس الأمن القومي آنذاك عوزي ديان رأى فيها »شيئا جديدا«، إذ »كانت المرة الأولى التي توافق فيها الجامعة العربية على اتخاذ موقف، والمشاركة في مساعي حل الصراع. مع ذلك، بدت لنا البنود، منذئذ، إشكالية. شعوري كان أن الأمر مثير، ولكن الخلاص لن يأتي من هناك. هذا ما قلته أيضا لرئيس الوزراء أرييل شارون«.
وتابع ديان »اعتقدت حينئذ وما زلت أن هذه الخطة ليست مقبولة، وأن ما يجب عمله هو طرح البديل، بما في ذلك إقامة تحالف مع الدول العربية المجاورة، عبر التعامل مع العدو المشترك المتمثل بالإسلام المتطرف. يجب أن تكون ركيزة التسوية، هي اتفاقية سلام مقابل سلام، مع الاعتراف بأنه ليس من المجدي لنا أن نحكم الفلسطينيين، ولكن كل كلمة تقال حول العودة إلى خطوط ،٦٧ ليست واقعية«.
ومن أهم المواقف الإسرائيلية في هذا الشأن، ما عرضته إسرائيل في إطار ملاحظاتها على خريطة الطريق، حيث طلبت في الملاحظة العاشرة، شطب التطرق إلى المبادرة العربية ضمن مراجع الخطة.
وفي كل الأحوال، رأت هوفمان أن إسرائيل اختارت تغليف رفضها للمبادرة بانتهاج موقف غامض. وهو ما بقي عليه الموقف الإسرائيلي حتى الآن، حيث أكثر إيهود أولمرت وإيهود باراك وتسيبي ليفني من الإشارة إلى المبادرة، ولكن من دون إعلان قبولهم بها.

حلمي موسى

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...