نهر قويق تحت الحصار

07-05-2008

نهر قويق تحت الحصار

نهر قويق الذي أحيته الحكومة وكلفها ملياراً ومئتي مليون ليرة عبر جر مياه الفرات إليه للاستفادة منه خدمة لحلب وجمالها وسقاية أراضيها ووفاء منها لمدينة أبي فراس الحمداني وقلعتها المنيعة..!! يلقى اليوم تعدياً واضحاً على عذوبته من جراء إهمال الجهات المعنية في المحافظة برفع الحيف عنه من مصبات الصرف الصحي ومناشر الحجر المتكاثرة على ضفافه ولا ننسى الدباغات التي تحرق مخلفاتها الأخضر واليابس لتنتهي بمياه محطة المعالجة (غير المعالجة) التي وجدت طريقها إلى نهر قويق.. وهي التي كلفت ما يفوق الثلاثة مليارات ليرة سورية ولا زالت مشكلاتها مستعصية على الحل..!!‏

لا أخفي دهشتي من الفوضى وقلة الخدمات في تلك المحافظة من ناحية وجود طرقات وأحياء كاملة (منظمة) تفتقر إلى مادة الاسفلت وكذلك الحفريات الكثيرة في معظم شوارعها, ناهيك عن القمامة المنتشرة هنا وهناك.‏

عند وصولنا إلى الشلال الجميل لنهر قويق اعتقدنا أن من شكا من التعديات عليه إنما أراد وضعنا بصورة مغايرة.. فالمياه نظيفة ومجرى النهر مبلط ونظيف والمواطنون يسبحون ويتنزهون..!!‏

سرعان ما تغير المشهد عند وصولنا إلى إطراف المدينة فهدارات الصرف الصحي التي تصب في النهر لوثته وقللت من هيبته.‏

وكذلك مناشر الحجر التي تصب مخلفاتها في نهر قويق وعند وصولنا إلى منطقة الدباغات المحاذية نوعاً ما لمحطة المعالجة شاهدنا ما لم نرغب فيه..‏

الأرض المحاذية للنهر منها ما هو محروق.. ولم تعد صالحة للزراعة.. وبعضها الآخر يسقى من مياه الصرف الصحي.. وخاصة (الملوخية - الأرضي شوكي..) وعندما شاهدنا ذلك العجوز يسقي أرضه من هذه المياه.. قلنا له ألا يضر ذلك بأرضك وماشيتك.. والمواطن الذي يأكل من تلك المزروعات..?! حينها لم يتردد بالقول: وماذا نفعل ياعم.. هل اعطونا مياهاً نظيفة ورفضناها.. ثم من يوم يومنا ونحن نسقي من هذه المياه.. ضاحكاً, أصبحت معنا حصانة ضد الأمراض.. على عكس شباب هذا الزمان (فقاسة)..!! أما ذلك البدوي الذي يرعى قطيعه على ضفاف النهر فعرض علينا أن يهدينا غنمة (إنما سكرانة) حينها استغربنا كيف أن الغنم يسكر.. إلا أن جوابه بوجود نبتة تدعى (السكرانة) موجودة على ضفاف النهر وما إن تأكل منها الغنمة حتى تفقد توازنها..!! بطل العجب..!!‏

في نفس المكان هدر محطة المعالجة الذي تذهب مياهه غير المعالجة إلى النهر لتزيد الأمر سوءاً وتكثر عليه همومه..!‏

تقع في الشيخ سعيد وتمتد على مساحة 125 هكتاراً بطاقة قدرت ب 371520م3 باليوم وبلغت كلفتها الإجمالية 2.8 مليار ليرة وبدأت بالعمل بتاريخ 2/3/.2002 حيث اعتبر المهندس عزيز الأبير أن مصب الدباغات على نهر قويق من أخطر المصارف بما تحمله من مخلفات ومواد سامة ومعادن ثقيلة والتي تؤثر على الإنسان والنبات والحيوان والتربة.‏

هذا الكلام أكده مدير الصرف الصحي المهندس وائل علوان بكتابه 41/ص تاريخ 6/11/.2005‏

وأكد عزيز أن المياه الذاهبة إلى نهر قويق غير المعالجة تقدر بأكثر من 25% من الكمية الواردة.. أما نظام تعقيم المياه (المكلورة) لم يتم التمكن من وضعه بالخدمة منذ تركيبه..!!‏

أما عن الحمأة فقال مدير المحطة إن ترسبها في قيعان أحواض المعالجة يشكل مشكلة حقيقية حيث بلغ حجم الحمأة المترسبة في جميع قيعان الأحواض حتى نهاية 2006 حوالي 396486م.3‏

وأضاف إن محطة معالجة حلب لا تحقق الكفاءة المطلوبة في تخفيض الملوثات الكيميائية والعضوية فهي عند القيمة المتوسطة للحمل العضوي وفي المناخ الدافئ الملائم لم تتجاوز كفاءتها الكلية 76% بينما التصميمية هي 96% وكذلك بالنسبة ل COD هي 74% و98% ل F.C وهذه الأخيرة تعتبر نسبة جيدة إلا أن عدد الكوليفورم المتبقي كان أعلى من المسموح بكثير وهي بالتالي لا تصلح للري الزراعي.‏

بدوره أكد المهندس وائل علوان مدير عام الشركة العامة للصرف الصحي بحلب أن شبكة الصرف الصحي في حلب هي باستلام مجلس مدينة حلب منوهاً إلى أنه في نهاية عام 2003 كان عدد المصبات المخالفة على نهر قويق 49 تمت إزالتها جميعاً باستثناء هدارين جنوب حلب في الأراضي الزراعية.‏

أما بالنسبة لمحطة معالجة الدباغات فقد تعاقدت وزارة الإسكان مع شركة الدراسات من أجل دراسة إنشاء محطة معالجة للدباغات.‏

وعن موضوع كميات المياه غير المعالجة التي تصب في نهر قويق من محطة المعالجة فعزاها السيد علوان إلى العواصف المطرية والصيانات الطارئة مؤكداً أن كفاءة المحطة 75% بينما الكفاءة التصميمية هي 96% أيضاً عزاها إلى أسباب منها ارتفاع قيمة مؤشرات التلوث عند المدخل وإدخال كامل مياه الصرف الصحي لمدينة حلب إلى المحطة التي تزيد عن قيمتها التصميمية.‏

وبخصوص تجهيزات المحطة أشار علوان إلى أن هناك ملاحظات عليها منذ تشغيلها ومن بينها نظام الكلور مشيراً إلى أن الشركة الإيطالية تتحمل المسؤولية.‏

وعن مناشر الحجر أكد علوان أن مشكلتها مؤقتة حيث توجد خطة لنقل هذه المنشآت إلى منطقة حليصة شمال غرب حلب.‏

المهندس أحمد مخللاتي مدير البيئة في حلب اعتبر أنه تم تحديد عدة نقاط ساخنة (وصل التلوث بها إلى مرحلة الخطورة) وهي الشيخ سعيد والبلليرمون وكفرحمرة.. حيث تتمركز في هذه المناطق صناعات ملوثة والتي تسبب تلوثاً شديداً للهواء ونسب التحاليل أظهرت تجاوز النسبة المسموحة بها ما يؤثر على الإنسان والبيئة, وخاصة قياس ثاني أكسيد الآزوت وثاني أكسيد الكبريت وقياس الأوزون.‏

وأكد مخللاتي أن هذا التعداد والتنوع في مصادر التلوث يجعلنا نؤكد أن هذه المناطق هي بقع ساخنة ملوثة تتدهور بيئتها بسرعة شديدة واقترح السيد مخللاتي بضرورة الإسراع بإنهاء وضع محطة المعالجة للمياه الناتجة عن الدباغات ولاسيما بعد أن عادت الحياة إلى نهر قويق وكذلك ضرورة مراقبة معامل صهر الرصاص.. إلخ.‏

المهندس نادر البني وزير الري اعتبر أن نهر قويق هو جزء من منظومة متكاملة ومن مكوناتها نقل مياه الفرات عبر أقنية رئيسية إلى سهول حلب لإرواء 100 ألف هكتار وبالتالي يعتبر نهر قويق جزءاً من هذه المنظومة لسببين:‏

1- تأمين المياه اللازمة للمدينة الصناعية.‏

2- تجميل مجرى النهر ضمن المخطط التنظيمي.‏

واستطرد البني قائلاً: إن هذه المنظومة المتكاملة تحتاج إلى العام 2015 لننتهي منها وتبلغ كلفتها 20 مليار ليرة, كما أن لدى الوزارة العديد من المشاريع ضمن منظومة نهر قويق ومنها بناء سدين هما (خان طومان - المويلح) إلا أن هناك العديد من العوائق التي يجب التخلص منها وخاصة المياه الخارجة من محطة المعالجة وهي ليست بالمواصفات المطلوبة وكذلك الدباغات ومناشر الحجر.. ملقياً المسؤولية على محافظة حلب وجهاتها المعنية.‏

وقال البني: أنا لن أتدخل في شؤون المحافظة بخصوص مجرى النهر إنما سأتدخل فيما يخص موضوع المياه ولهذا فقد تم الاتفاق مع المحافظة على أن تقوم وزارة الري بإجراء صيانات دورية لمجرى النهر مقابل أن تقوم المحافظة بمعالجة مشكلة مناشر الحجر والدباغات ومحطة المعالجة.. ولهذا سأقول لمحافظة حلب: فقط عالجوا مشكلة المناشر والدباغات ومحطة المعالجة واتركوا لنا أمور الصيانة.‏

-السيد محافظ حلب الدكتور تامر الحجة أكد في معرض رده على معظم التساؤلات والاستفسارات المذكورة قائلاً: ذكرنا في حفل التدشين أن مشروع نهر قويق سيتابع بمشاريع لاحقة, وسينجز في سنوات, وحينما كنا نهيئ للعمل في مجرى النهر, كنا نعمل بالتوازي على منطقتي التلوث, فبعد أن خلصنا مجرى النهر من 49 نقطة تلوث من مجاري الصرف الصحي, والتي قمنها باغلاقها, انتقلنا منها إلى منطقتي مناشر الحجر والدباغات.‏

فيما يخص مناشر الحجر يبلغ عدد المنشآت فيها 153 منشأة تقع في القسم الجنوبي من المدينة, وقد زرناها أكثر من 6 مرات وتم إنذار أصحابها بضرورة التزامهم بالشروط البيئية وإلا سيتم إغلاقها, إضافة إلى أننا قمنا بإنذارهم من أجل إخلائها مستقبلاً والانتقال بهم إلى منطقة حليصة شرقي مدينة حلب ب 22 كم إلى جانب المدينة الصناعية في الشيخ نجار.‏

وهذا الأمر ليس بالشيء السهل, حيث تبلغ كلفته بحدود 2 مليار ليرة سورية, ويكفي أن نعلم أن كلفة محطات الكهرباء لتلك المنطقة بحدود 11 مليون ليرة سورية, ولا نستطيع أن نعطي موعداً لوضع المنطقة في الخدمة, لأننا بصدد إعداد البنى وإنهاء المعاملات وهذا كله بحاجة إلى وقت, ولكن في المقابل لم ولن نترك المناشر, بل طلبنا منها الالتزام بوضع الأحواض ورمي الكمخة خارج المناشر, وعدم رميها في مجرى النهر.‏

أما بخصوص الدباغات فلدينا حوالي 150 دباغة منها 140 دباغة بسيطة ذات ضرر خفيف تعتمد على مرحلة واحدة في عملها, أما التي تعتمد على مرحلتين فعددها 10 دباغات, حيث المرحلة الثانية تشكل ضرراً أكبر وخطورة من خلال استخدامها لمادة الكروم.‏

يمكننا اغلاق كل الدباغات دفعة واحدة, ولكن هنالك حالة اجتماعية.‏

- نحن دعونا أصحاب الدباغات إلى اجتماع في غرفة صناعة حلب, وتعهدت الغرفة بأن تقوم بدراسة الموضوع والتهيئة لمحطة معالجة مركزية, ورغم مرور 3 أشهر لم تف غرفة الصناعة بوعدها, ولهذا فإن هذا الموضوع يحظى باهتمامنا, ولا يمكن أن نعول فيه على أحد, ونحن نعمل ضمن هذا المنحى باتجاهين:‏

1- موضوع المعالجة البيئية الأولية وسترفع التلوث من الدباغات العادية بنسبة 60 - 70% وهو ما نقوم به حالياً من تركيب للأحواض والمصائد.. أما الدباغات ال 10 الباقية ستنذر بالإغلاق إذا لم تقم بتركيب محطات معالجة.‏

2- الاتجاه الثاني هو محطة المعالجة المركزية وهنالك تفاوض حالياً ما بين وزارة الإدارة المحلية والبنك الدولي ولكن سأكون صريحاً وواضحاً, فليس بالضرورة أن يصل معنا البنك الدولي إلى آخر الخط, ولهذا فإننا سنعمل على أن تقوم الدباغات الكبيرة التي تعتمد على الكروم بإنشاء محطات معالجة لكل منشأة وعلى حسابها, وأما الدباغات الصغيرة فتذهب مياهها بالتالي إلى المحطة المركزية.‏

- أقول للأسف بعض مستثمري الدباغات في حلب لديهم دباغات في الدول الأوروبية, وهنالك يلتزمون بالشروط البيئية, أما عندنا فلا يلتزمون ويقومون بتلويث البيئة.‏

- أنا شخصياً سأعمل على إغلاق الدباغات التي تعمل بالوايت بلو /الكروم/ إن لم تقم بتركيب محطات معالجة فردية.‏

- الآن سنعمل على تفعيل قرارات الإغلاق بالنسبة للمناشر والدباغات ونحن جادون في ذلك خاصة بعد أن انتهت الفرصة الممنوحة لهم لتسوية أوضاعهم.‏

- نحن بحاجة إلى تعاون كافة الجهات.‏

- سأعمل على منح ترخيص منشأة سياحية لكل صاحب منشرة حجر ينتقل إلى حليصة.‏

أعتقد أن حلب تستحق أكثر من هذا لجهة الاهتمام بالقضايا الخدمية وهموم المواطنين والسماح لشكاواهم وعدم الاكتفاء بالتنظير على حساب العمل.. كون الزمن لن ينتظرنا طويلاً.. أما بخصوص الاهمال والبيئة فهذه حقيقة تهدد وتنذر بكوارث لا تحمد عقباها إذا استمرت الجهات العامة بحلب تراهن على الزمن.‏

هذه التجمعات لمياه الصرف الصحي قادمة عبر أقنية مكشوفة من مخلفات القرى لتستقر بين المنازل السكنية وهنا حقيقة لا أدري إذا كان السيد محافظ حلب على دراية بهذا الموضوع.. إضافة إلى مواضيع أخرى فضل السيد المحافظ عدم الحديث عنها أثناء لقائنا معه وخاصة فيما يتعلق بتوسيع طريق حلب - أعزاز... وكيف أن المصالح الخاصة فرضت نفسها بقوة بشأن تعديل مساره... خاصة تلك اللوحة الاعلانية الدالة على مطعم ما... فهذه معها حصانة والاقتراب منها ممنوع... ولو أدى ذلك إلى خراب بيوت الناس..!!!‏

شعبان أحمد- فؤاد العجيلي

المصدر: الثورة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...