وكلاء حصريون لكساد مياهنا المعدنية وتسويق المياه المستوردة

20-07-2011

وكلاء حصريون لكساد مياهنا المعدنية وتسويق المياه المستوردة

أياً كانت المبررات التي يمكن أن تسوقها المؤسسة العامة الغذائية لتكدس منتجات المياه بأشكالها وحجومها وأنواعها المختلفة في معامل الإنتاج وصولاً إلى باعة المفرق ومروراً ببعض الوكلاء الحصريين لهذا المنتج فإن آلية إيصال المياه بعبواتها المتنوعة إلى المستهلك هو ما أوصل هذه المادة الحياتية المهمة للجميع إلى حالة الكساد الذي بدأ يعلن عنها القائمون على الشركة العامة لتعبئة المياه، وليعزف البعض عن شرائها متجهاً نحو أسواق عربية وأجنبية مجاورة، ولتتقدم العبوات المستوردة على المحلية في جميع المنشآت السياحية والاستراحات المنتشرة على امتداد الطرقات الدولية والداخلية وحتى في البقاليات داخل المدن.

إن الوكيل الحصري لجميع منتجات مياه الفيجة سببه قلة الراغبين في شرائها وقلة المتقدمين من الوكلاء لتوزيعها، وهي المعروفة بسمعتها الجيدة في جميع أنحاء القطر، وكذلك لامتناع الوكيل الحصري عن التعاقد بالسعر الأعلى كما قال سلمان عرابي مدير عام شركة المياه إذا أدخلت الشركة معه وكلاءً آخرين. ‏

ويعزو بعض وكلاء بقين إدخال المؤسسة للوكيل «شبه الحصري» في المعمل واختصار الوكلاء المتعاملين منذ سنوات عديدة من(85) وكيلاً إلى (47) فقط إلى غاية تعلمها المؤسسة الغذائية فقط. ‏

لا تصريح ‏
بدوره لم ينطق مدير معمل الفيجة بأي كلمة مفيدة، مبرراً ذلك أن التوجيهات جاءته بعدم إعطاء أي تصريح، وان دوره يقتصر على مراقبة الإنتاج فقط في المعمل، وان مكتباً صحفياً في المؤسسة الغذائية هو المخول بإعطاء أي معلومات. ‏

وعبثا ًتحاول الحصول على أي معلومة من الجهات العامة سواء كانت مؤسسة أو شركة تابعة، خاصة إذا كان الأمر غير مقبول شكلاً وغير مبرر قانونياً، في غمزه من البعض إلى أن الوكيل الحصري لأي من منتجات القطاع العام هو أمر غير قانوني. ‏

الوكلاء يتساءلون ‏
في المعمل وجدنا عدداً من الوكلاء الذين تم الاستغناء عن خدماتهم حين تم تخفيض عدد الوكلاء المتعاملين مع بقين إلى النصف وهناك قالوا: لماذا قامت المؤسسة بإعلان المزايدة العلنية في كانون الثاني الماضي إذا لم تكن ترغب في أن يكون هناك وكيل حصري، وأشار بعضهم إلى أن ذهابهم إلى المؤسسة والوزارة لم يغير في الأمر شيئاً. ‏

قصي الخطيب قال: أنا أعمل بوكالة السيد مروان جديد ولدينا سجل تجاري وسيارات توزيع وخبرة في هذه المسألة تجاوزت عشر سنوات، وفي اجتماعنا بالمؤسسة الغذائية قال لنا مدير التسويق في شركة المياه: ماذا يضركم إذا اشتريتم من وكيل حصري؟. ‏

وفوجئنا بعدها أن أحد الوكلاء طلب مليوناً و(800) ألف جعبة مياه وتمت الموافقة عليها في حين تمت الموافقة لبقية الوكلاء على 23 % من الكمية التي تقدموا بها، وأعلمونا أن مبرر ذلك يعود إلى أن ذلك الوكيل وعد بالدفع 20 يوماً مقدماً، وبإمكانكم السؤال عن ذلك الأمر إذا أردتم؟. ‏

تسويق المياه المستوردة ‏
أشار بعض الوكلاء إلى أن بعضهم عمل على استيراد بعض الأصناف اللبنانية والتركية وغيرها وهذا أضعف تسويق المنتجات المحلية بأنواعها المختلفة، على الرغم من أن بعض تلك الأصناف تباع بـ (150) ليرة سورية للجعبة الواحدة في حين أن المحلي يتم تسويقه بـ (24) ليرة فقط. ‏

مسابقة تشجيعية ‏
في التاسع من آذار الماضي تم عقد اجتماع بين إدارة معمل بقين ومتعهدي توزيع المياه تمت فيه مناقشة تراجع استجرار المياه خلال تلك الفترة عن الفترة التي سبقتها من العام الماضي، وتم الإعلان عن مسابقة لتوزيع الكميات الزائدة عن الخطة الإنتاجية على الوكلاء وذلك حسب استجراراتهم يحصلون فيها على نسب استجرار إضافية تتراوح بين400% و150% ووافقت الشركة العامة على مضمون المسابقة ليتنفس الوكلاء الصعداء وليجد بعضهم في تلك المسابقة، فرصة ثانية ليستعيدوا ما كانوا يستجرونه سابقاً، وحسبما قال الوكيل شاوي العش: فإن هذه المبادرة من إدارة معمل بقين أعادت للوكلاء بعض حقوقهم، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن تكدس الإنتاج برأيه يعود إلى عزوف بعض الوكلاء عن الاستجرار بعد أن أعطوهم ربع ما طلبوه. ‏

المواطن يحيى بلال قال: عملت وكيلاً لمعمل بقين لمدة عشرين عاماً سابقا ًومع صدور تعديلات جديدة للوكلاء عام 2011 م ولأسباب خاصة بي لم أتمكن من الحصول على الوكالة هذا العام وقد تضررت كثيراً من جراء شراء المياه بأسعار مرتفعة من الوكلاء الجدد، وسبق لي أن شاهدت المياه ناشدت الجهات المعنية في المؤسسة الغذائية لحل مشكلتي، ولكن تم رفض طلبي. ‏

إعلان مزايدة ‏
سلمان عرابي مدير عام شركة المياه في المؤسسة الغذائية قال: إن الشركة أعلنت عن رغبتها عن طريق إجراء مزايدة بالظرف المختوم لبيع منتجات معامل تعبئة المياه الطبيعية والمعدنية المعبأة ضمن قياسات وأصناف تشمل الفيجة وبقين، وذلك في بداية العام الحالي، وانتقينا في النهاية حوالي (47)وكيلاًً لبقين وفي الفيجة جاءنا عدد قليل من الوكلاء حوالي (4)فقط وكل واحد منهم يريد الإنتاج كاملا، وفي النهاية أخذنا الأفضل سعراً، وبرأيه فإن الأمور سارت بشكل جيد. ‏

وزير الصناعة متسائلاً ‏
في اجتماعه الأخير مع مجلس إدارة الشركة العامة للمياه تساءل وزير الصناعة عن الأسباب التي تعوق الشركة عن العمل بكامل طاقتها الإنتاجية ووجود وحدات تعمل بوردية واحدة فقط وهل لدى الشركة دراسة لحاجة السوق من منتجات معامل المياه، مؤكدا على تحسين الأداء في الشركة بدءاً من مدخلات الإنتاج وانتهاء بالتسويق، مشيراً إلى أن الربح الذي حققته الشركة خلال العام الماضي والبالغ (436) مليون ليرة سورية يجب أن يكون مضاعفا، خاصة ان المادة الأولية متوافرة بشكل مجاني، ولم يبق على الشركة سوى إدارة الموارد بشكل جيد حتى يتضاعف ربحها. ‏

وعندما نشير إلى مبيعات الشركة في معمل بقين وحدها بلغت ما نسبته 57% أما الفيجة 15% والدريكيش 17% و11% لمعمل السن. ‏

وتقول مصادر الصناعة إن أرباح معمل بقين وحدها بلغت (352) مليون ليرة سورية من أصل الأرباح لكامل الشركة، وإن الكساد الذي يشهده سوق المياه المعدنية والمعبأة في بقين وغيرها مرده إلى امتناع بعض الوكلاء عن الاستجرار نتيجة للمخصصات القليلة نسبياً والتي تؤثر في النهاية على أرباحهم.
 
‏ تكدس الإنتاج ‏
حسان الكويفي مدير معمل بقين قال: إننا نعمل بورديات ثلاث وعليه فقط حققنا ربحاً كبيراً لشركة المياه، ومع ذلك فإن أحدا منا لم يتلق ثناءً على عمله أو مكافأة، ووصلنا إلى إنتاج (11) مليون جعبة مياه، ولأن الشركة قامت بالإعلان عن استقطاب وكلاء لتوزيع المياه فقد انخفض عدد الوكلاء الذين كانوا يتعاملون مع بقين من(85) وكيلاً إلى (47) وكيلاً فقط، فقد أصبح لدينا تراجع في استجرار المياه، ودعينا الوكلاء إلى اجتماع لنسألهم عن القصة، ومن بعده تم الاتفاق على إعلان مسابقة لتوزيع الفائض من الخطة الإنتاجية وذلك حسب استجراراتهم في أشهر الشتاء وفق نسب مرضية لهم، ولتعود كفة الميزان لصالح الطرفين، وتوزيع ما هو راكد في أرض المعمل من إنتاج لم يسبق أن رأيناه من قبل، ولدى سؤاله عن سبب إعطاء ربع الإنتاج لوكيل واحد قال: إنها مسألة تخص الشركة والمؤسسة الغذائية وليس لنا علاقة بهذا الأمر. ‏

وعن المسابقة قال: إنها تشجيعية ونختار (14) وكيلاً حسب استجرارهم ونعيد إليهم الكميات المخصصة لهم، وبهذا نكون قد أنصفناهم، وأضاف: إن المعمل ينتج بثلاث ورديات، وقد تراجعت المبيعات مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي، والمسابقة جعلت المبيعات تزداد نتيجة الحافز والتنافس بين الوكلاء، وبرأيي... فإن المسابقة التي هي اجتهاد في إدارة المعمل هدفها إنقاذ الإنتاج الذي بدأ يتكدس، وترونه خارج المعمل، ونحن لم نتعود الكساد حتى في أحلك الظروف، ولم نتصل يوماً بأحد كي يأتي ويستجر إنتاجنا. ‏
وعن الهدر قال: إنه ضمن المعيار النظامي المسموح به. ‏
أما الأسباب التي جعلت المعمل يزيد طاقته بالإنتاج فقال: إن المنتج له رواج في الأسواق، وهذا تطلب منا إصلاح الأعطال الطارئة في حينها والقيام بالصيانة الدورية وتشغيل الخطوط بالشكل الأمثل. ‏

رأي المواطنين ‏
أحد المواطنين سألناه عن سبب وجود المياه المعبأة في دول مجاورة بكثافة في أسواقنا قال: أعد هذا الموضوع غير لائق بحق الصناعة الوطنية والسلع المحلية، ولاسيما المتعلقة بالمياه، فهل من المعقول أن يتفوق علينا الصناعيون العرب في صناعة المياه وفي عقر دارنا، وبعض الدول العربية التي تصدر المياه المعبأة وتنتشر مياهها في أسواقنا هي أفقر منا في مسألة المياه، ولا تتوفر لديها الجودة أكثر مما هو موجود في ينابيعنا الطبيعية؟ وكمواطن أطالب بمعرفة السبب الذي يجعل المياه المستوردة تتفوق على ما هو متوفر عندنا، و1صحتماً الأمر لا يتعلق بالجودة وإنما بأمور أخرى تساهم في تخفيض تكلفة منتجاتهم. ‏

مواطن آخر قال: أعتقد أن توفرها يأتي في إطار اتفاقية التجارة الحرة وعليه فإن وجودها نتيجة لتكلفتها القليلة، وتوزيعها بهذا الشكل لأنهم يتركون للموزعين بعض المحفزات غير الموجودة في القطاع العام، ولأن تكلفة المؤسسة العامة أعلى، ونسمع باتهامات للبضائع المستوردة بأنها مخالفة. ‏

بعض المواطنين أبدوا تذمرهم من عدم تقيد باعة المفرق بالتعرفة الحقيقية للمياه المعبأة، وتغالي بعض الاستراحات في رفع سعرها مستغلة حاجة بعض المواطنين لها في أماكن وجود محالهم بعيداً عن مراكز المدن، ورأوا ضرورة مراقبة تلك الاستراحات ومراكز انطلاق الباصات التي لا تخضع عادة لأي رقابة. ‏

المنافسة ‏
تجد المؤسسة العامة الغذائية نفسها عاجزة عن منافسة المستورد من المياه نتيجة عدم قدرتها على سد حاجة السوق الداخلية المتنامية برغم توفر المادة الأساسية (المياه) وبكثرة في بعض المناطق وتعزو ذلك إلى عدم التكافؤ في المنافسة التي تحظى بميزة انخفاض تكاليفها وترى ضرورة مراقبة شهادات المنشأ العربية التي يتسرب بوساطتها إنتاج بلدان غير عربية، وترى أن ضعف التسويق لديها مرده إلى عدم وجود كوادر تسويقية بمؤهلات علمية وعملية، وتبقى فكرة إعطاء كامل منتجات أحد معامل تعبئة المياه لوكيل حصري واحد مسألة تحتاج إلى إعادة نظر ودراسة تأثيراتها في التسويق على نحو عام، وفي توفير هذه المادة الحيوية في الأماكن التي تكثر فيها البضائع المستوردة وبأسعار منافسة وحقيقية. ‏

إسماعيل عبد الحي

المصدر: تشرين

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...