يزن غنام الكيميائي الأصغر في سورية

10-02-2011

يزن غنام الكيميائي الأصغر في سورية

مع مرور الأيام، تتراجع في داخلنا تلك الأمنيات التي كنا نعلقها على مراحلنا الدراسية الأولى كمعبر إلى ما نتمنى أن نكون عليه في المستقبل.. تمر السنون، وتتلاشى في زحمة الاعتياد على أسس نظامنا التعليمي والقبول الجامعي ما كنا نعتقده ضرورة للإبقاء على جذوة الإبداع في نفوس أجيالنا..
 
وبعد سنين ليست بالقليلة، يعود أحد الطلبة المتفوقين ممن لا يزالون يحاولون القبض بأيديهم على ذلك المعبر، ليلقي بالمشكلة في أحضاننا من جديد مستخدما عبارات لا يزال صداها يتردد في أذهاننا.. يزن غنام، ابن الخمسة عشر ربيعا، والفائز الأول بمادة الكيمياء في الأولمبياد العلمي السوري الأخير، يختبر وهو لا يزال في الصف العاشر نظام تعليمنا العالي، متسائلا عن السبب الذي يدفع بالكثير من طلبتنا لتمجيد أحلام الالتحاق بالفروع الجامعية الأعلى تطلبا للعلامات في الثانوية العامة، وبمحاكمته العقلية الغضة، يدرك يزن بأنه يمكن للطالب الراغب بالفروع المتقدمة من حيث علاماتها المطلوبة أن ينجح، بل أن يعتلي مراتب علمية متقدمة، لكن قد يفوته الإبداع في اختصاصه الذي يهوى، مضيفاً إنه على يقين من أنه لو تسنى لكل طالب أن يدرس الاختصاص الذي يحبه في الجامعة، لحقق الإبداع والتفوق. ويزن الذي يصلح وصفه بالكيميائي الأصغر في سورية، يصر على إيصال رسالته هذه إلى أقرانه وأهاليهم مطالبا إياهم بضرورة الوقوف للحظة واختيار الاختصاص الأقرب إلى رغباتهم. لا يعلم يزن في سنه الصغيرة الكثير عن ذلك التداخل بين ما يمكن لتزايد العلامات أن يضيفه على الحياة المستقبلية، كما لا يعلم عن الجدية التي يمكن أن تفصح عنها العلامات العالية كمؤهل لفروع بعينها، لكن ذلك لا يعني في أي حال من الأحوال عطبا في تفكيره، إذ إن الأمثلة المتزايدة من حولنا عن العلاقة الهشة بين الإبداع والتحصيل العلمي تزيد من صدقية رسالته التي يؤكد أنه سيعمل على الاستمرار بتلاوتها على من حوله. يخشى يزن الذي حاز في الشهادة الإعدادية مجموعاً قدره 305 من أصل 310، من أن تتدخل يد القدر في يوم من الأيام لتحرمه دراسة ما يستهويه، لكنه يطمئن نفسه بالقول: سأدرس أياً من الاختصاصات التي تدخل الكيمياء كعلم أساسي فيها، مطمئنا بذلك إلى الوعد الذي قطعته لنا هيئة الأولمبياد العلمي السوري بدعم ورعاية خاصة للمتفوقين كلّ منهم حسب الاختصاص الذي تفوق فيه خلال مجريات الأولمبياد.

- اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، يستشرف يزن مستقبله حيث يعمل في مختبره متسلحا بما لقيه شغفه واجتهاده من اهتمام بالغ كلله تكريم السيدة أسماء الأسد له ولأقرانه من المتفوقين في الأولمبياد العلمي، تكريم شحذ عزيمتهم لناحية المضي في اجتهادهم كما لناحية التمسك بما يعتقدونه طريقا لهم في مستقبلهم، وليحظى قبل أيام بتكريم من الجمعية الجمعية الكيميائية السورية حيث احتضنه العشرات من أساتذة الكيمياء في جامعاتنا بالقبول ضمن صفوف الكيميائيين السوريين «وشعروا بوجودي رغم صغر سني».. كما يقول، مضيفاً: «منذ ذلك الوقت، شعرت أنهم يضعون ثقتهم الكبيرة بي، ولذلك لن أحيد عن دراسة الكيمياء في المستقبل.. وتمنوا أن أكون عضواً في الجمعية مستقبلا وقالوا لي ألا أتردد في اللجوء إليهم عند الحاجة لأي قضية تتعلق بالكيمياء..».

- يسجل يزن ملاحظته بأن معظم المتفوقين في مادة الكيمياء يثبتون تفوقهم في المواد العلمية الأخرى، مشيراً إلى اختباره هذه المادة التي أحبها إلى حدود أنه يحاول في يومياته العادية توظيف معلوماتها. يقول يزن: «إذا رأيت أحدهم يقوم بإحراق كيس نايلون، فإنني أعرف أن نتيجة هذا الاحتراق هو عبارة من مزيج من المواد والغازات الضارة بالصحة والبيئة، لذلك أتوجه إليه ناصحا بعدم القيام بهذا الأمر، وخاصة حين ألاحظ أنهم يشمون الغازات الناتجة عن الاحتراق.. كما أنني أنصح من أشاهدهم يقومون بتلويث البيئة عن غير قصد بعدم تكرار هذه العادة السيئة لأن النفايات والغازات الضارة التي تتجمع بشكل غير منظم تسهم في تغير كيمياء كوكب الأرض، وأيضاً فإن من يقم بكسر أغصان الشجر يسهم في التقليل من الموارد الأساسية التي تغذي كوكبنا بالأوكسجين ويؤثر في مستقبلنا.. ودائماً أنصح جميع من أعرفهم بعدم القيام بهذه العادات السيئة..».

- العلاقة بين يزن والكيمياء، تعيد الاعتبار لدور أساتذة المدارس، ذلك أن حبه لمادة الكيمياء، قابله تفهم وتشجيع كبيران من أساتذته لينتجا معا وسط كيمياء خاصة تراكما في المعلومات حول أسس هذا العلم، انعكس بدوره حبا متزايدا.. يقول يزن: «في البداية، لم يكن أهلي على دراية تامة بولعي بمادة الكيمياء، وبعد مشاركتي في المنافسات الأولى على مستوى المدرسة والرابطة في مجال الكيمياء، بدؤوا بتشجيعي ومذاك لم يوفروا جهداً لدعمي حيث وفروا لي جميع الاحتياجات والمتطلبات للسير قدما والنجاح في الامتحانات المؤهلة للأولمبياد.. كما ساعدني تشجيع رفاقي وأساتذتي على تحقيق النجاح والوصول إلى المرتبة الأولى، وعقدت العزم ليس لنفسي فقط، وإنما من أجل ألا أخذلهم جميعاً بعد هذه الثقة القوية والآمال الكبيرة التي عقدوها عليّ».
كما لا يغيب عن ذهن يزن مدرسته لمادة الكيمياء، السيدة سميرة الحافظ التي عرضت عليه بعد مشاركته في منافسات الأولمبياد مساعدتها الكاملة في أي وقت يطلب، مشيراً بالقول: «خلال الصف الدراسي في الأيام العادية للمدرسة، قدمت لنا المدرسة الكثير من المعلومات المفيدة والمهمة التي لا يحويها المنهاج الدراسي وأجابتنا في جميع الأسئلة الكثيرة التي طرحناها عليها».

حسان هاشم

المصدر: الوطن

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...