الكليبات السورية من الحاصودة إلى رعد ولزلزال وكاتيوشه
الجمل ـ حلب ـ باسل ديوب : إن هي إلا أيام على بداية العدوان الإسرائيلي على لبنان حتى شرعت أقلام مؤلفي الأغاني الشعبية بكتابة الأغاني من وحي المناسبة ونبض الشارع الشعبي، والأغاني الشعبية من هذا النوع لا تسوقها محطات "الهشك بشك" التي تبث كليبات من الدرجة العاشرة لكثير من المغنيين الشعبيين أنفسهم الذين يغنون هذه المرة للمقاومة، ولكن يمكن اعتبار محلات باعة السيديات في محطات نقل الركاب أو بسطات البيع في مراكز المدن أهم وسيلة دعائية لهذه الأغاني.
في حلب يتوقف المارة ويسدوا الرصيف بالقرب من سينما حلب والسبب شاشة محل سيديات يعرض أغنية لـ "ضياء حمادي " يرد فيها بطريقته على وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل قبل خطاب الرئيس السوري بشهر !
إحنا نغامر مو مشكل بس متل السيف/ نضرب بالقوة اعدانا و نعمر الدار
ويخاطب نصر الله :
حني كفوفك لا ترحم حيلك بعداك / كلنا نشوفك نصر الله والكل وياك
على بعد أمتار بالقرب من فلافل الفيحاء يحمل الشبان سندويشاتهم ويقفون بالقرب من محل آخر ليشاهدوا كليب عن المنار ولكن بصوت " مظهر يوسف "
إيش ما دارت خلها تدور ويفرجها الله / بشار وحوله نسور وحسن نصر الله
وهو متابع للعمليات ميدانياً، فأسماء الصواريخ التي أصبحت أشهر من نار على علم أصبحت مثار اعتزاز وتحدٍ، أما المقاطع المرافقة فهي تواكب الأغنية كشروحات توضيحية
بشر الخاين بالموت ما ينفع بوشه / رعد و فجر وقسام سام و كاتيوشه
بنص البحر بالليل بوارج إسرائيل / تصرخ هذا الصاروخ ما حدا يحوشه.
يوقف البائع القرص دفعاً للجمهور للشراء فيتقدم بضعة منهم للشراء، ثم يشغل سي دي آخر اللهجة الفراتية ليست الوحيدة فيه، اللهجة الساحلية حاضرة فبعد موال "حام ٍ"
يطالب "علي الديك " المحتلين بالرحيل
يا محتل رحال عن أرض الأجداد / لا تحرم الأطفال من بسمة الأعياد
غلاف الـ "سي دي" مميز صورة لنصر الله ممهور بختم يتطاير حبره حول الأحرف مذكراً بوثائق الدولة العثمانية : لا للاستسلام / نعم للمقاومة
في سي دي آخر يعبر تقديمه تماماً عن محتواه، نظرة عميقة للسيد حسن نصر الله، وإلى جانبها كتب مصممه : إنه زمن سقوط الأقنعة / رجال الله يصنعون/ شرقاً أوسطاً جديداً
بخلفية موسيقية لأغنية فيروز الشهيرة زهرة المدائن يكتب منفذ الشريط:
"ولد حزب الله بعد إخفاق البدائل الأخرى للمقاومة وانتحارها أمام أبواب الاحتلال"
ثم يتابع التعريف بتاريخ المقاومة حاصراً إياهاً بالمقاومة الإسلامية متجاهلاً تاريخ حركة المقاومة الوطنية اللبنانية " جمول " لكن مع استحضار أغان مارسيل خليفة عن تلك المرحلة كخلفية موسيقية، وتتابع المشاهد و شروحاتها الشرق الأوسط الجديد صنعته المقاومة
عمليات التسعينيات ومشاهد لأفراح 25 أيار 2000، ومع مشاهد لأطفال يسبحون على الشاطىء يأتي التعليق: "شرق أوسط مقاوم يحمي الطفولة ويحمي الكرامة "
وينهي قصي كبيبو منفذ الشريط شريطه بجملة :"إلى فكر المقاومة وثقافة المقاومة في كل مكان برسم الشعوب !"
أما حسام سرميني فيحافظ على إيقاعاته الراقصة المرحة نفسها ويغني:
نصر الله يا محبوب / يا محرر أرض الجنوب / أبطالك أسوار الدار/ نصرك ع زنودن مكتوب
تبدو أغنيته روحاً ونصاً مسلوقة من أجل مواكبة الحدث دون أي إحساس أو شغل على الكلمة، و الطريف حضور صورته بالتناوب مع صورة السيد نصر الله ! أغنية فرح تصلح للدبكة وتسجيل موقف أو مواكبة السوق لا أكثر .
الاعتبارات التسويقية لها دور كبير في جعل الأقراص تتجاوز العشرين، لتضع الشاري في حيرة من أمره، ولكن مضطراً للشراء، فمن بارجة تغرق إلى حشد لأسماء أهم المغنين الشعبيين من علي الديك إلى ثائر العلي إلى ربيع الأسمر، ولا ينسى الباعة أن يستخرجوا سيديات لعمليات المقاومة العراقية واشهرها " سباع الفلوجة " " معارك الفلوجة " فهي ممكنة التسويق و مناسبة للحدث .
التحايل على إمكانية منعها كونها تشكل تحريضاً جهادياً عالي الجرعة بسيط وهو تطعيمها بأغان تمجد الرئيس بشار. خطب السيد نصر الله الأخيرة لها زبائن أيضاً يطلبونها بكثرة، والسعر شعبي هو الآخر 15 ليرة للقرص الواحد . أما الجديد وهو جديد ليوم أو يومين لا أكثر فيباع بـ 25 ليرة . كل يوم هنالك جديد وكثيراً ما يقع الشاري في مقلب فالاختيار يتم عبر الصورة، وكل مورد للأقراص له وجهة نظر، ولهذا قد يشتري الشخص نفس المحتوى أكثر من مرة لكن العرف واضح البضاعة التي تباع لا ترد ولا تبدل وجواب البائع جاهز خيو كلها 15 ليرة !!!
"محمود قره قولي "يبيع كل يوم بين 200 و 300 قرص يقول: كل الشرائح تشتري نساء ورجال كبار وصغار بعض الأقراص قمنا نحن بتطبيقها ، و بعضها نشتري صورة له وننسخ كمية منه على أجهزتنا ، وكثيراً ما يعترض الزبون على زمن التسجيل في القرص "
ولعلها طريقتهم في الاستفادة بأكبر قدر ممكن من المادة المرئية في تطبيق أكبر عدد من الأقراص فبعضها يتجاوز الساعة وأكثرها بين 30 و 45 دقيقة ، فقرص حسام سرميني فيه أغنية واحدة جديدة ،والباقي نقلاً عن قناة المنار ، أما "حسن" فقد اشترى عشرة أقراص بـ 150 ليرة وحصل على اثنين مجاناً ، يقول : شقيقتي الكبيرة تفضل مشاهدة الأغاني العاطفية وتحرمنا من مشاهدة قناة المنار لكن يوجد جهازي تلفزيون في المنزل وبعد عودتي من الورشة أشاهد الأغاني .
صور نصر الله وأغاني المقاومة وأفلام عملياتها اكتسحت السوق، والمفارقة هي أن الإعجاز في عمليات المقاومة وصمودها ، يعاكسه هنا ارتجال وركاكة في تنفيذ الكليبات .
الجمل
إضافة تعليق جديد