30 وثيقة سرية أمريكية تخرج إلى العلن

01-05-2006

30 وثيقة سرية أمريكية تخرج إلى العلن

أظهرت وثائق أميركية، رفعت عنها السرية في 28 نيسان الماضي، أن الولايات المتحدة تسترت، في العام ,1969 على حيازة إسرائيل للسلاح النووي، وساعدتها في الاستهزاء بمعاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، كما أنها قمعت كل من حاول في الإدارة الاميركية التحرك ضد المشكلة.
ونشر مركز <أرشيف الأمن القومي> الأميركي في 28 الحالي، 30 وثيقة رفعت عنها الحكومة الاميركية السرية، تكشف وجود مناقشات سياسية سرية داخل الإدارة الاميركية، خلال العام الأول من ولاية الرئيس الاميركي ريتشارد نيكسون حول برنامج إسرائيل للتسلح النووي، وحول ما إذا كان يمكن لإدارة نيكسون، سياسيا أو تقنيا، منع إسرائيل من الحصول على سلاح نووي، أو إيجاد نوع من <القواعد> التي يمكن أن تسمح للإدارة الاميركية بالتعايش مع إسرائيل نووية.
وذكرت الوثائق انه في 9 أيلول ,1969 تسلم البيت الأبيض مغلفا كبيرا أرسله مدير وكالة الاستخبارات (سي آي ايه) ريتشارد م. هلمز، وكتب عليه <يفتح فقط من قبل: الرئيس، البيت الأبيض>. وأوضحت أن محتوى الرسالة الدقيق لا يزال غير معروف، إلا انه كان يتضمن المعلومات الأخيرة حول أكثر القضايا السرية في السياسة الخارجية لواشنطن: البرنامج النووي لإسرائيل، مشيرة إلى أن محتوى المغلف سري للغاية، إلى درجة أن مدير الاستخبارات لم يكن مستعدا لمشاركته مع أي شخص سوى الرئيس الاميركي ريتشارد نيكسون فقط، ولا يزال ممنوعا الاطلاع عليه إلى اليوم.
والمغلف موجود اليوم ضمن ملف كتب عليه <م س س م 40>، وهو لدى مركز نيكسون في الأرشيف القومي. ويحتوي الملف على مذكرة دراسة الأمن القومي حول الموضوع الإسرائيلي والمقدم إلى إدارة نيكسون، وهي لا تزال مصنفة سرية.
واعتبرت صحيفة <واشنطن بوست>، في تقرير تحت عنوان <الرواية غير المحكية لقنبلة اسرائيل>، انه بعد أربعة عقود تقريبا، حيث يصارع العالم الطموحات النووية لإيران والهند ودول أخرى، فإن عواقب السياسة الاميركية التي اعتمدتها الإدارة الاميركية مع إسرائيل لا تزال حاضرة.
وأشارت الصحيفة إلى أن <إسرائيل بدأت برنامجها النووي قبل أن يسلم مغلف هلمز إلى نيكسون بعشرة أعوام، ففي العام ,1958 بدأت إسرائيل العمل سرا في مفاعل ديمونا للأبحاث. وفي العام ,1961 قدرت ال<سي آي ايه> انه يمكن لإسرائيل إنتاج أسلحة نووية في غضون 10 أعوام>.
وذكرت الصحيفة أن مسؤولين في إدارتي الرئيسين نيكسون وجون كنيدي <قاموا بزيارات مخطط لها إلى ديمونا للتأكد من أن إسرائيل لن تطور أسلحة نووية، إلا أن الإسرائيليين تأقلموا مع كيفية إخفاء نشاطاتهم، ففي أواخر ,1966 بدأت إسرائيل نشاطاتها النووية، بالرغم من أنها قررت عدم إجراء تجربة نووية>.
وتظهر الوثائق <انه في خريف العام ,1968 توصل مساعد وزير الدفاع الاميركي باول وارنكي إلى اقتناع بأن لدى إسرائيل القنبلة النووية، وذلك بعد أن فسر له السفير الإسرائيلي لدى واشنطن (آنذاك) اسحق رابين أن إسرائيل لا تريد أن تكون الدولة الأولى في إنتاج الأسلحة النووية في المنطقة>. ونقلت الصحيفة عن رابين قوله <انه لإنتاج الأسلحة النووية فإنه يجب أن تتم تجربتها وإعلان ذلك>، ما يعني ضمنيا انه يمكن لإسرائيل حيازة القنبلة <من دون الإعلان عن ذلك>.
وتظهر الوثائق أن القضية النووية كانت على طاولة المباحثات بين نيكسون ورئيسة الحكومة الإسرائيلية غولدا مائير، في أيلول ,1969 إلا انه وقبل زيارة مائير إلى واشنطن بأيام، أصدرت وزارة الخارجية ملفات توحي بأن الحصان أصبح خارج الحظيرة. وجاء في الملفات <من المرجح أن يكون لدى إسرائيل القنبلة النووية، وبالتأكيد أنها تمتلك القدرة التكنولوجية ومصادر المواد لإنتاج مواد لصنع عدد من الأسلحة> النووية.
وعلى الرغم من أن مائير لم تفصح عن محتوى ما دار في اللقاء مع نيكسون، فإن وثائق إسرائيلية غير سرية، تشير إلى أن مائير كانت مقتنعة منذ أوائل الستينيات بأن <على إسرائيل إبلاغ الولايات المتحدة الحقيقة (حول القضية النووية) وشرح هذا الأمر لها>. وبعد سنوات، قال نيكسون لمحطة <سي ان ان> الاميركية انه كان يعلم بأن لدى إسرائيل قنبلة نووية.
ويشير مستشار نيكسون للأمن القومي هنري كيسينجر في مذكراته إلى انه فهم أن نيكسون شدد لمائير على أن <همنا الأولي هو ألا تعلن (الحكومة) الإسرائيلية عن أنها تمتلك أسلحة نووية أو تجري تجارب نووية>.
ونقلت الصحيفة عن رابين قوله لكيسينجر سرا، في 23 شباط ,1970 انه يريد أن يعرف الرئيس الاميركي، انه في ضوء المحادثات بين مائير ونيكسون، فإن <إسرائيل لا تنوي التوقيع على معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، وانه يريد التأكد من انه لن يكون هناك سوء فهم في البيت الأبيض حول نوايا إسرائيل>.
وأشارت الصحيفة إلى أن كيسينجر ابلغ رابين انه سيعلم الرئيس بكلامه، مضيفة انه منذ ذلك الحين انتهت جهود الولايات المتحدة لضبط البرنامج الإسرائيلي.
وتوضح الصحيفة أن نيكسون وكيسينجر سمحا لإسرائيل بالاستهزاء بمعاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، كما أن كيسينجر استطاع التحكم بالمسؤولين الرئيسيين في الإدارة الاميركية الذين أرادوا التحرك ضد المشكلة.
وسياسيا، سمح الاتفاق لنيكسون ومائير بالاستمرار في سياساتهما القديمة المعلنة من دون أن يجبرا على الاعتراف بالحقيقة الجديدة، فما دامت إسرائيل قادرة على إبقاء القنبلة النووية مخفية، أي لا تجارب، أو إعلان عنها، أو أي عمل يكشف عن قدرتها النووية، فإنه يمكن لأميركا أن تتعايش مع هذا الأمر. وأصبح التفاهم بين نيكسون ومائير، مع الوقت، أساسا رائعا للاتفاق بين تل أبيب وواشنطن.
ويظهر الاتفاق السري الاميركي الإسرائيلي، في العام ,1969 التضارب مع ما تطالب به واشنطن حول الشفافية والمحاسبة، ويكشف المعايير المزدوجة التي تعمل بها الولايات المتحدة في ما يتعلق بسياسة الحد من انتشار الأسلحة النووية. كما يمكن مقارنة كيفية وقوف نيكسون إلى جانب إسرائيل بالطريقة التي تحاول واشنطن التكيف مع القضية النووية الهندية في العام .2006
واعتبرت الصحيفة انه على خلاف القضية الإيرانية اليوم، حيث إن طهران <تخرق> تعهداتها لاتفاقية الحد من انتشار الأسلحة النووية بشكل علني والولايات المتحدة والمجتمع الدولي يحاولان علنا منعها، فإن البيت الأبيض تعامل مع برنامج إسرائيل للتسلح النووي في العام ,1969 بشكل سري للغاية.
واعتبرت الصحيفة انه من دون الإعلان عن البرنامج النووي الإسرائيلي، فإن أفكارا، مثل شرق أوسط خال من الأسلحة النووية أو حتى إدخال إسرائيل في نظام جديد من عدم التسلح النووي، لا يمكن بحثه على نحو لائق، وانه يجب استبدال التفاهم بين نيكسون ومائير بإعلان إسرائيل الحقيقة، وفي النهاية تطبيع الشؤون النووية.

 

المصدر : السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...