إلى جانب مسلميها:مسيحيوا القصير في الجامع والمطران يلقي خطبة الجمعة

13-05-2006

إلى جانب مسلميها:مسيحيوا القصير في الجامع والمطران يلقي خطبة الجمعة

الجمل ـ خاص: في حدث يعتبر الأول من نوعه في تاريخ منطقة القصير(15 كم عن مدينة حمص) وعموم سورية، شارك فيها المسلمين أبناء مدينتهم المسيحيين الصلاة في الكنيسة، وذلك ضمن الأحتفال الشعبي الكبير الذي أقيم لاستقبال المطران آزيدور بطيخة الذي كلف برعاية طائفة الروم الكاثوليك في المنطقة الوسطى "حمص وحماه ويبرود" خلفاًَ للمطران إبراهيم نعمة، وقد جرت العادة أن يقام احتفال شعبي لاستقبال المطران في أول زيارة له لكل مدينة وبلدة تابعة لإدارته الكنسية.

وقد زحفت منطقة القصير بشيبها وشبابها ، وبكامل فعالياتها الرسمية والأهلية ، وبمسلميها ومسيحييها، لتتحول هذه المناسبة الى يوم وطني  وصفه كاهن رعية القصير الأب نبيل نادر بأنه "يوم من السماء" وقبل البدء بصلاة القداس الإلهي ، رحب مفتي القصير  الشيخ حسين العتر بالمطران ، وقال أن هذه الأرض الطاهرة التي نقف عليها ويقصد ارض الكنيسة أنها كانت مقبرة ، وبجوارها مقبرة للمسلمين، وعندما جرى نقل المقبرة الى مكان آخر انتقلتا معاً، لتجاور المسلمون والمسيحيون جماجم وعظاما، فبحق الموتى وحرمة الموتى ابقوا متوحدين وعيشوا سوية بكرامة.
 وكذلك إمام وخطيب الجامع الشيخ تاج الدين المصري، والذي رد عليه المطران بطيخة بالقول أنت لست تاجاً للدين فقط بل تاجاً على رأس المطران . وألقى كلمة عن عمق التآخي بين المسلمين  والمسيحيين، وبأنه لا يؤمن بشاب يؤمن بدينه ، وإنما يؤمن بشاب يؤمن بالله ، وفي ختام القداس دعا المطران بطيخة الجموع المتواجدين في الكنيسة كي يذهبوا معه للمشاركة في صلاة الجمعة، قائلاً : لقد صلينا في الجامع "وكان يقصد الكنيسة" والآن جاء دور الصلاة في الكنيسة ويقصد الجامع ، فالجامع والكنيسة كبناء هما من حجر، أما الجامع والكنيسة بالمعنى الحقيقي فهما قلوب المؤمنين.
وخرجت الجموع  من الكنيسة سيراً على الأقدام باتجاه جامع القصير الكبير، لتكون هذه هي المرة الأولى التي يصلي فيها مطران في جامع الكبير ، والمرة الأولى التي يتم فيها تبادل الصلاة بين رعية ورعية.
وفي الجامع رحب المفتي بالمطران وصحبه ودعاه الى المنبر ليلقي خطبة ، وبدوره قام المطران بقراءة الفاتحة قبل أن يخطب في جموع المصلين. ولدى انتهائه توجه الى المفتي بالقول: أنت لا تستحق فقط أن تكون مفتي القصير بل مطرانها، وأنا أهديك عصا الرعية لتقوم بها كل مسيحي لا ترى فيه مسلماً حقيقاً في مشهد مؤثر للغاية.
ومن على منبر الجامع تحدث المطران بطيخة قال أننا لن نتركك وحدك يا بشار ، فأسمك من البشارة والبشارة من الله ، وخاطب كل من يتطلع الى سورية بعين الغدر : أننا لن نسمح لهم بدق أبواب الإسلام ليدخلوا الينا، ويفعلوا ما فعلوا بالعراق الشاهد والشهيد، وما فعلو بفلسطين حيث لا يفرق الظلم بين مسلم ومسيحي، وحذر بطيخة من الفتنة وقال أن من يقرع باب المسلمين لن يجد فيهم من يدافع عن عيس ابن مريم وحسب بل عن كل مسيحي في هذا البلد، أما أؤلئك الذين يريدون نهب خيرات بلادنا ويظنون أنهم إذا قرعوا ابواب كنائسنا ستفتح لهم لأننا أخوة في الدين فهم مخطئين ، فلن نسمح لأحد أن يمس سوريا أبداُ ، "نحن  الله حقاً لكننا  نعشق الوطن" .
الأب نبيل نادر الذي كان في غاية الفرح والسرور قال أنه بعد الانتهاء من الاحتفال سارع الى مقامي مار الياس والسيدة العذراء القريبين من "القصير" لتأدية صلاة الشكر على هذا اليوم الذي منت به السماء على أهالي المنطقة، وعلى هذه النعمة التي فاضت ، في منطقة عرفت دائماً كمثال للعيش المشترك ، وقد جاء هذا اليوم ليكرس المحبة والاحترام المتبادل، وأضاف: أثناء التحضير للمناسبة  لم أكن اتوقع أن يتحقق هذا النجاح المبهر، كما تحدث عن المساعدة والجهود الكبيرة التي قدمتها الجهات الرسمية من أجل ذلك إذ اعتبروا المناسبة وطنية لا دينية اجتماعية تخص طائفة دون أخرى.
إبراهيم الشاعر كان مشاركاً في الاحتفال وقام بتصوير كامل وقائعه قال: أنه يعجز عن وصف مشاعر الناس ، بل يعجر عن وصف مشاعره، كان هناك شعورغامر بالمحبة وفضل أن نشاهد فيلم الفيديو لنسمع ونرى لأنه لا يوجد كلمات تعبر . مواطن آخر قال أن تصرف رجال الدين على هذا النحو وضعنا أمام مسؤولياتنا الوطنية، وضرورة التوحد تحت خيمة الوطن والسير خلف رئيسنا بشار الأسد الذي يفتخر بوحدتنا الوطنية.
والمطران آزيدور بطيخة الذي كان يخدم في بتركية الروم الكاثوليك في دمشق عرف عنه علاقاته الوثيقة والواسعة في الأوساط الدينية  الإسلامية والأوساط السياسية بمختلف المؤسسات، وهذا ما ساعده برأي أهالي المنطقة على استعادة مفاتيح كنيسة القصير التي كانت بعهدة وزارة التربية منذ تم تأميم المدرسة التابعة لها، علماً أن الكنيسة والمدرسة مقامة على أرض كانت مقبرة للطائفة الكاثوليكية وهي الطائفة المسيحية الوحيدة في القصير، وتعتبر أكبر رعية في المنطقة الوسطى، وعندما صدر قرار بتأميم مدرسة الراهبات الخاصة، جرى شمل كامل العقار، وقد سعى الآباء والمطارنة الذين تعاقبوا على المنطقة كثيراً لاستعادة العقار دون جدوى، مع أنها لم تعد تستخدم كمدرسة وتم تأجيرها لعدة جهات تارة لشعبة الحزب وأخرى للأمن قبل أن تتحول الى مكاتب إدارية تابعة لمديرية التربية في حمص، واليوم ومع استعادة المفاتيح التي كانت ستسلم للمطران خلال الاحتفال  ، صارت فرحة المسيحيين في القصير فرحتين ، الأولى بالوجه الحضاري والإنساني الرفيع الذي كشف عنه الاحتفال والثاني باستعادة ارض كنيستهم الوحيدة في المدينة. ولعل التعبير الأجمل الذي يمكن أن يوصف به ما جرى اليوم في القصير هي دموع الفرح التي انهمرت من مآق كثيرة .  

 

 

الجمل

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...