شلف "الأرقام"!

26-08-2023

شلف "الأرقام"!

رقمان مختلفان لفاتورة الدعم قالتهما الحكومة خلال الأيام القليلة الماضية..

الأول جاء في الجلسة الاستثنائية لمجلس الشعب، وفيها أكد رئيس مجلس الوزراء أن فاتورة الدعم وصلت إلى حوالي 27 ألف مليار ليرة. وللمفارقة فإن هذا الرقم هو أعلى من اعتمادات الموازنة العامة للدولة للعام الحالي!

أما الرقم الثاني فقد قيل في الاجتماعات التي عقدت بين اللجنة الاقتصادية في مجلس الوزراء وبين لجنة خاصة من أعضاء مجلس الشعب، إذ نقل أحد الحضور لنا أن الحكومة بررت تمسكها بسياسة رفع الدعم، بأن كلفته يمكن أن تصل إلى 44 ألف مليار ليرة.

إذاً خلال أقل من أسبوع ارتفعت تقديرات الحكومة لفاتورة الدعم بنسبة تصل إلى 63%. وهذا يؤكد أن أرقام الحكومة وبياناتها الإحصائية تفتقد إلى الموضوعية والمصداقية لسببين:
-الأول أن الحكومة تعتمد مبدأ "الشلف" في تقديم الأرقام الإحصائية تحقيقاً لغاية قوامها تبرير بعض السياسات والقرارات المخالفة للمنطق والعقل كما هو الحال في مقاربتها لملف الدعم منذ تسلمها مهامها. وإلا ما معنى التضارب الحاصل دوماً في الأرقام والبيانات الإحصائية الرسمية؟

وأعتقد أنكم لم تنسوا كيف تلاعبت الحكومة بنسبة مساهمة مادة المازوت في تكلفة النقل للسيارات والباصات قبل حوالي عامين، وذلك بغية تصوير أن رفع مادة المازوت إلى 500 ليرة لن تكون له تداعيات كبيرة على تكلفة النقل.

-أما السبب الثاني فيكمن في طرق احتساب التكاليف الإنتاجية في المؤسسات الحكومية، والتي هي طرق غير موثوقة وتنقصها الدقة والشفافية، فاحتساب تكلفة منتج لا يمكن أن تتم بتقسيم نفقات هذه المؤسسة أو تلك على كمية السلع أو الخدمات المنتجة كما يحدث اليوم. فهذا يعني أن قيمة الفساد والهدر ستكون محملة حكماً على فاتورة الدعم.

مما سبق نخلص إلى أن الخطوة الأولى في تصحيح مسار الدعم الحكومي، تتمثل في إعداد تكاليف حقيقية وموضوعية لملف الدعم الحكومي، وما يعنيه ذلك من ضرورة تحييد لقيم الفساد والهدر، لا أن نقوم برفع أسعار السلع المدعومة، وتالياً زيادة حصة الفاسدين والسوق السوداء!

 

زياد غصن - شام إف إم

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...