ما قبل الحرب!

22-04-2024

ما قبل الحرب!

في دراستنا لمقرر مناهج البحث الإعلامي، علمنا أستاذنا الكبير الدكتور أديب خضور أنه لضمان موضوعية أي بحث علمي يجب الحرص على إجراء البحث في ظروف طبيعية، وإلا فإن نتائجه ستكون معرضة لبعض الإنحرافات، التي تفقد البحث أهميته وقيمته المضافة.

فمثلاً... لا يمكننا عند القيام بتحليل مضمون لصحيفة ما اختيار أعداد استثنائية صادرة عن تلك الصحيفة، وهذا ما ينطبق كذلك على البحث في العلوم ومجالات الحياة الأخرى.

وتبعا لذلك فإن تقييم الواقع السوري اليوم، وفي مختلف المجالات، لا يمكن أن يتم من خلال مراجعة وتقييم السياسات والإجراءات والقرارات المطبقة خلال سنوات الحرب فقط، فالأهم هو فترة ما قبل الحرب لكونها الناشئة لكل ما نحن فيه من مشاكل وصعوبات.

مع التنويه هنا أن ما سبق لا يعني بأي شكل من الأشكال تبرئة مسؤولي سنوات الحرب، وما ترتب على سياساتهم وقراراتهم وتصرفاتهم من نتائج أسهمت في تأزيم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، ولا يعني في المقابل أيضاً إدانة "عمياء" لسياسات ما قبل الحرب، واتهام أصحابها بالتقصير والفشل.

ولهذا فإنني في معظم مقالاتي الاقتصادية أعود إلى سنوات ما قبل الحرب، وأحاول البناء على البيانات والأرقام الإحصائية المتوفرة عن تلك المرحلة في مراجعة أثار أي سياسة أو قرار حكومي أو غير حكومي، وهذا الإجراء اتبعه حتى في تقييمي الشخصي لأداء وموقف أي فرد مهتم بالشأن العام حالياً.

فالعديد من الأفراد الذين يكتبون ويعلقون اليوم على قضايا سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية محلية لم نكن نسمع لهم صوت قبل الحرب، ولم نقرأ لهم مقالاً واحداً يمكن أن يزعج رئيس بلدية، ولم يكونوا يتحدثون سوى عن نصف الكأس الملأن!

هؤلاء لا يمكن أن يكونوا موضوعيين أو أصحاب رأي محايد...

لا أقول أنه ليس من حق هؤلاء قول ما يريدون وإبداء رأيهم بكل صغيرة وكبيرة، لكن ليس من حقهم تقييم الأخرين، أو فرض ما يفكرون به، أو الإدعاء بما هو مغير لما كانوا عليه... فليس هناك من ينجح في الهروب من تاريخه.

باختصار... تقييم ما نحن عليه، وما أوصلنا إلى هذه المرحلة، يبدأ من مراجعة سياسات العقود الماضية ومناقشتها بعمق، وإعادة تصحيحها وتصويبها بغية منع الوقوع في فخ نظيراتها مستقبلاً.


زياد غصن - شام إف إم

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...