بعض أعلام الصوفية

15-06-2006

بعض أعلام الصوفية

الجمل:  إن ذا النون المصري / م 245 – 859 / سبق أن أخفى تجاربه الصوفية ( يا إلهي علنا أدعوك    (( سيدي )). ولكن عندما أكون لوحدي أدعوك ( يا حبي )! وحسب التقاليد فإن ذا النون كان أول من صاغ التعارض بين المعرفة الحدسية ( التجربة ) Intuitive لله والعلم الاستدلالي ( غير حدسي ) Discursive. ( مع كل ساعة تمضي يصبح العارف ( الغنوصي ) أكثر تواضعاً، لأن كل ساعة تقربه أيضاً أكثر، من الله }....{إن العارفين ليسوا ذاتهم، وإنما في المقياس الذي يوجدون في الله. إن حركاتهم مثارة من قبل الله. وكلامهم هو الكلمات التي نطقها الله بلسانهم).
    وتقتضي الإشارة هنا إلى عبقرية ذي النون. حيث أن تراتيله الممجدة لعظمة الرب افتتحت التقييم الصوفي للشعر.
    والفارسي أبو يزيد البسطامي ( م 46 / 874 ) هو واحد من الصوفية الذين كثر معارضوهم ومنتقدوهم في الإسلام وهو لم يكتب كتاباً ولكن تلامذته نقلوا ما هو أساسي في تعاليمه تحت شكل قصص صغيرة وحكم. وبتنسكه القاسي بخاصة، وتأمله المركز على جوهر الله، حصل البسطامي على ( الفناء )، انعدام الذات الذي كان أول من صاغه، تماماً كما كان أول من وصف تجاربه الصوفية في عبارات من المعراج ( الصعود الليلي لمحمد) ( ف 261 ع ). ولقد حقق ( التوحد) أقله موقتاً، كما اعتقد الوحدة المطلقة بين المحبوب والمحب والحب. وفي انتشاء تلفظ البسطامي         بـ (تعابير طوباوية Locutions theopathiques ) ومتكلماً كما لو أنه إله. ( كيف وصلت إلى هنا ؟ ـ إنني متجرد من ذاتي، كحية تسلخ جلدها ثم تأملت جوهري وكنت أنا هو! )      وأيضاً: ( إن الله راقب كل الضمائر في العالم. ورأى أنها فارغة منه، ما عدا ضميري حيث يرى نفسه في طوبى ).
    لقد فسر المستشرق زهنر Zehner ، بعد مستشرقين آخرين، تجربة البسطامي الصوفية كمحصلة لتأثير هندي، وبصورة دقيقة تأثير الفيد انتاشاتكريان. ومع رؤية الأهمية المعطاة للتنسك ولتقنيات التأمل، يرد التفكير في اليوغا. ومهما يكن من أمر ، فإن بعض معلمي الصوفية شككوا في أن البسطامي حقق الاتحاد مع الله. وحب الجنيد ( لقد بقي في البدء، إنه لم يدرك حالة التمام أو المطلق والنهاية ). والحلاج اعتقد بوصوله إليها ( الوصول لعتبة الصيغة الإلهية ) وظن أنه ( من الله أتته هذه الكلمات )؛ ولكن الطريق كان مرصوفاً بالعقبات من ( أناه ) Son Moi.                    ( مسكين أبو يزيد ) لقد قال، إنه لا يعلم التعرف أين وكيف يجب توحيد الروح مع الله .
    وأبو القاسم الجنيد ( من 29 / 910 ) كان المعلم الحقيقي لصوفية بغداد. وقد ترك العديد من الرسائل في اللاهوت والتصوف والثمينة بخاصة من أجل تحليل التجارب الروحية المتوجبة لامتصاص الروح في الله. ويشير الجنيد في تعليمه لأهمية القناعة التي يضعها في مقابل السكر الروحي المطبق من قبل البسطامي. وبعد التجربة الوجدية التي تعدم الفرد، يقتضي الحصول على    ( الزهد الثاني ) عندما يرجع الإنسان واعياً لذاته وتعاد إليه صفاته. متحولاً إلى روح في حضرة الإله. والهدف الغائي للتصرف ليس هو ( الفناء ) وإنما حياة جديدة في الله ( البقاء )                       ( هو الذي يبقى ).
    إن الجنيد وهو مقتنع بأن التجربة الصوفية لا يمكن صياغتها في لغة عقلية، حظر على تلامذته الكلام أمام غير المسارين ( وهذا من أجل حصول الموافقة على هذه القاعدة التي رفعها الحلاج ). إن رسائله ومحرراته دونت في نوع من ( اللغة السرية) غير مفهومة للقارئ الغير متآلف مع تعليمه.
    وهنالك معلم إيراني آخر، حسين الترمزي ( م 285 / 898 ) لقب بالحكيم ( الفيلسوف ) لأنه الأول بين الصوفيين، استعمل الفلسفة الهيللنسية. إنه مؤلف غزير الإنتاج ( نحواً من تسعين         كتيب ). وقد عرف الترمزي بصورة خاصة في ( خاتم الولاية ). وقد طوَّر فيه لغة الصوفية كما استعملت منذئذ. إن زعيم التراتبية الصوفية هو ( القطب ) أو ( الغوث ). ولا تشكل درجات القداسة التي وصفها ( تراتبية للحب )، إنها ترجع للعرفان وإشراقات القديس. ومع الترمزي يصبح التأكيد على العرفان أكثر وضوحاً مهيئاً هكذا الطريق إلى تعليمات دينية صوفية متأخرة.
    لقد أكد الترمزي بملائمة على معنى الولاية ( الحب الإلهي ) مسارة روحية. وميَّز فيها بين درجتين: ولاية عامة معطاة لكل المؤمنين، وولاية خاصة، محفوظة لنخبة روحية ( خلص لله يتعاملون ويتواصلون، معه، لأنهم معه في حالة اتحاد فعَّال ومتصاعد ). وعليه يلاحظ هنري كوربان ( أن المعنى للولاية المزودجة هو في المحل الأول قد وضع وأقيم بوساطة النظرية الشيعية ) . وبتحليل علاقات الولاية والنبوة يستخلص الترمزي سيادة الأولى، لأنها دائمة وليست مرتبطة بلحظة تاريخية كالنبوة. وفي الواقع، فإن دورة النبوة تكتمل مع محمد، بينما دورة الولاية تتمدد لآخر الزمان.
الحلاج، الصوفي والشهيد:
    ولد الحلاج في 244/857 في الجنوب الغربي من إيران ( حسين بن منصور ) وتلقى من معلمين روحيين قبل أن يتلقى في بغداد، مع الشيخ الشهير الجنيد ويصبح تلميذه ( في 274/877 ). وحج الحلاج إلى مكة حيث مارس الصوم والصمت وعرف انتشاءاته الصوفية الأولى. ( مزجت روحي بروحه مثل مزج المسك بالعنبر والخمر مع الماء الزلال ). وبعودته من الحج، أبعد من قبل الجنيد وقطع العلاقات مع غالبية الصوفيين في بغداد، وترك المدينة خلال سنة. وعندما بدأ أول تبشيره السياسي فيما بعد، لم يثر التقليديين فحسب، وإنما الصوفيين أيضاً الذين اتهموه بكشف              ( الأسرار )، لغير المتلقين. وقد اتهم كذلك ( بصنع  معجزات ) ( كالأنبياء ) لمعارضة شيوخ آخرين لم يظهروا قدرتهم إلا للمتلقين. وعندئذ طرح الحلاج ثياب التصوف، لكي يختلط بحرية مع الشعب.
    وقد أكمل الحلاج حجه الثاني مصحوباً بـ 400 من تلامذته في 291/900. وذهب بعدئذ في سفرة طويلة إلى الهند والتركستان وحتى حدود الصين. وبعد الحج الثالث لمكة، حيث بقي سنتين استقر الحلاج نهائياً في بغداد ( 294/905) ونذر نفسه للتبشير العلني} ماسينيون ـ عشق الحلاج { لقد أعلن أن الهدف الكامل لكل كائن بشري هو الاتحاد الصوفي مع الله، والمنجز بالحب ( عشق ) وفي هذا الاتحاد تقديس وتؤله أفعال المؤمنين. وفي حالة وجد تلفظ الكلمات الشهيرة ـ ( أنا الحقيقة  ( الله ) ـ والتي سببت له الإدانة. وهذه المرة، أثار الحلاج فقهاء الشريعة ووحَّدهم ضده                    ( الذين اتهموه بالإلحاد ) وأثار السياسيين ( الذين اتهموه بإثارة الاضطراب في المجتمع ) وأثار الصوفيين أيضاً. وما يدعو إلى الدهشة، هو رغبة الحلاج بأن يموت ملعوناً Anath Eme .                   ( مريداً تحريض المؤمنين لإنهاء هذه الفضيحة لإنسان يتجاسر بالقول أنه توحد مع الألوهية، لتقتله  وهتف فيهم، في جامع المنصور ( إن الله أحل لكم دمي: فاقتلوني ... لا يوجد واجب في الكون بالنسبة للمسلمين أكثر من إماتتي ).
    إن هذا التصرف الغريب من الحلاج يذكر بالملاماتية * . وهم جماعة من الحالمين الذين من أجل عشقهم لله، بحثوا عن الملامة من رفاقهم. إنهم لم يرتدوا التصوف، وتعلموا إخفاء تجاربهم الصوفية، وما هو أكثر من ذلك، حرضوا المؤمنين، بسلوكهم المنحرف والكافر بشكل واضح. وهذه الظاهرة كانت من جهة أخرى معروفة عند بعض الرهبان المسيحيين في الشرق بدءاً من القرن السادس ولها مثيلاتها في الهند الشمالية.
    وقد أوقف الحلاج في 301/915 وأودع في السجن لمدة تسعة أعوام ثم أعدم في 309/922 وقد روى بعض الشهود أنهم سمعوا هذه الكلمات الأخيرة من هذا المعذب ( إن هذا يكفي للوجد عندما وحدانيته فيه هي الوحيدة لتشهد لنفسها ) ، ( كلمة فكلمة : ( إن ما يحسب، بالنسبة للانتشائي هو أن الواحد يرجعه للوحدة ) .
    إن عمله المكتوب حفظ في قسم منه فقط؛ مقاطع من تفسير القرآن، و بعض الرسائل، وعدد من الحكم والقصائد. كتاب صغير ( كتاب الطواسين ) يعالج فيه الحلاج الوحدة الإلهية وعلم النبؤة. والقصائد مشبعة بحنين حاد للاتحاد الكامل بالله . وتصادف أحياناً عبارات مستعارة من العمل الكيميائي أو رجوع للمعنى السري للأحرف الهجائية العربية.
    ومن كل هذه النصوص ومن بعض الشهادات، التي أحصاها ونشرها وحللها بطريقة وافية لويس ماسينيون، يستخلص سلامة إيمان الحلاج وتمجيده للرسول. فطريقة الحلاج لا ترمي لتحطيم الشخصية البشرية، إلا أنه بحث عن المعاناة بهدف معرفة ( الحب المشبوب العاطفة ) ( العشق ) وإذن جوهر الله وسر الخليقة. إن العبارة   ( أنا الحقيقة ) لا تقتضي الإلحاد، مطلقاً ( كما اتهمه بعضهم بذلك )، لأن الحلاج أشار دوماً لتصاعد الله. وأنه في تجارب وجدية نادرة فقط، تستطيع روح المخلوق أن تكون موحدة مع الله.
    إن مفهوم ( الاتحاد المتحول ) المعلن من قبل الحلاج جرى تلخيصه بدقة من قبل لاهوتي خصم رغم تقديمه له بنية سيئة. فبحسب قول هذا اللاهوتي، إن ( الحلاج قال: أن الذي يروض جسده بإطاعة الشعائر. يشغل قلبه بأعمال فارغة، ويعاني من الحرمان من اللذات ويمتلك روحه بالامتناع عن الرغبات ـ سيرتفع بنفسه هكذا حتى محطة ( أولئك المقربين ) من الله ). وتبعاً لهذا لا يتوقف عن هبوط درجات المسافات، حتى تصبح طبيعته مطهرة من كل ما هو جسدي. ومن ثم } ... {تنزل به هذه الروح من الله، التي منها ولد يسوع، ابن مريم. وعندئذ يصبح (ذلك الذي يطيعه كل شيء      ( مطاع ) ) ، إنه لا يريد شيئاً سوى ما يضعه أمر الله موضع التنفيذ، فكل تصرف منه منذئذ هو تصرف الله، وكل أمر منه هو أمر الله.
    وبعد استشهاد الحلاج، لم تكف قداسته عن التنامي في كل مكان من العالم الإسلامي. كذلك فإنه كان من المهم جداً تأثيره بعد الوفاة، على الصوفيين وعلى بعض العلوم الدينية الصوفية.
الغزالي والتوفيق بين علم الكلام و الصوفية:
    إن مقتل الحلاج، كان له بين نتائج أخرى، نتيجة الزمت الصوفيين على البرهان، وفي مظاهرهم العامة أنهم لا يناقضون أبداً التعاليم الأصولية، وقد موَّه بعضهم تجاربه الصوفية وأفكاره اللاهوتية في سلوك شاذ. وتلك كانت حالة الشبلي ( 247/861 ـ 334/945 ) مثلاً.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* ـ الملامتية : هم الذين لم يظهر على ظواهرهم مما في بطونهم أثر البتة .. ألخ.
الصديق الذي سأل الحلاج المعلق على المشنقة حول معنى الوحدة الصوفية. والذي عاش                بعده (23) سنة، وليبدو مضحكاً قارن الشبلي نفسه بعلجوم.
    وبتناقضاته وبوحه بعواطفه الشاعرية، وفر لنفسه ( امتياز حصانة ) ( ماسينيون ).                  وقد قال:( من يحب الله من أجل أفعاله من النعمة فهو مشرك ). وطلب الشبلي مرة من تلامذته أن يتركوه لأنهم أينما وجدوا، سيكون معهم وسيحميهم.
    وهنالك صوفي آخر، العراقي ( النفري ) ( م354/865 ) الذي استعمل كذلك التناقض وإنما متجنباً حذلقة الشبلي. على الأرجح ، كان أول من أعلن أن الصلاة هي عطاء إلهي. ( إنني أنا الذي أعطي، إذا لم أجب على صلاتك، فلن أحضك للبحث عنها ).
    وفي القرن التالي بعد مقتل الحلاج، أظهر عدد من المؤلفين المذهب والممارسات الصوفية. ولنأخذ النظرية، التي أصبحت تقليدية، للمقامات والأحوال والطريقة. ويميز هنالك ثلاث مراحل أساسية: مرحلة المريد ( المبتدئ ) ومرحلة المتقدم ( الصالح ) ومرحلة ( الكامل ). فبناء على نصيحة شيخه يجب على المبتدئ تطبيق تمارين تقشفية عديدة، مبتدئاً مع التوبة، ومنتهياً بالقبول الصادق لكل ما يحصل له. ويشكل التنسك والتعليم معركة داخلية مراقبة بعناية من قبل المعلم. وفي حين أن المقامات ( محطات ) هي النتيجة لجهد شخصي فإن ( الأحوال ) هي منحة مجانية من الله .
    ويقتضي التذكير بأنه في القرن 3/9 ، كان الصوفي المسلم يعرف ثلاث نظريات عن الاتحاد الإلهي. ( الاتحاد مفهوم: أ ( كاتصال أو وصال يستبعد فكرة وحدة الروح والله ؛ أو ب ) كاتحاد الذي يكشف بذاته معنيين مختلفين: ( أحدهما، مرادف للسابق، والثاني مثير لاتحاد في الطبيعة      أو ح ) كحلول: روح الله تسكن بدون اختلاط الطبيعة الروح المطهرة للصوفي. ولم يقبل فقهاء الإسلام الرسمي سوى الاتحاد بمعنى الاتصال ( أو مماثلة المعنى الأول للاتحاد )، ولكنهم رفضوا بحماس، كل فكرة للحلول ) .
    وبحق فإن اللاهوتي الشهير الغزالي، هو الذي بفضل احترامه، نجح في أن يجعل الصوفية مقبولة من الأصوليين ( الأرثوذكس ). لقد ولد في فارس الشرقية ( 451/1059 ) ودرس                        ( أبو حامد الغزالي ) علم الكلام وأصبح مدرساً في بغداد. وأتقن فيما بعد طرائق الفارابي وابن سينا المستوحاة من الفلسفة اليونانية. وذلك كي يستطيع نقدها ولطرحها في رفضه للفلسفات. وعلى أثر أزمة دينية. ترك الغزالي التعليم في ( 1075 ) وسافر إلى سورية، وزار القدس وجزءاً من مصر. ودرس اليهودية والمسيحية، وقد تعرف الباحثون في فكره الديني على بعض التأثيرات المسيحية.
    وخلال سنتين من وجوده في سورية، اتبع طريق الصوفية، وبعد غياب عشر سنوات رجع الغزالي إلى بغداد واستعاد التعليم، لوقت قصير. إلا أنه انتهى بالانسحاب مع تلامذته إلى مسقط رأسه حيث أسس مدرسة وديراً للصوفيين. وقد جعلته مؤلفاته الكثيرة مشهوراً منذ زمن طويل ولكنه استمر في الكتابة. وكان موضع احترام مجمع عليه ومات في ( 505/111 ).
    من غير المعروف من هو الذي كان الدليل الروحي للغزالي، وما هو النموذج للتلقين الذي تلقاه. ولكن مما لاشك فيه أنه على أثر تجربة صوفية اكتشف عدم كفاية اللاهوت الرسمي( علم الكلام ) وكما كتب بدعابة: ( أولئك الذين هم علماء باحثون في بعض أشكال نادرة من الطلاق لا يستطيعون أن يقولوا لك شيئاً في موضوع الأشياء الأكثر بساطة للحياة الروحية مثل معنى الإخلاص اتجاه الله أو الثقة به ). وبعد اعتناقه للصوفية وتكريسه متصوفاًُ، عرف الغزالي أن تعليم الصوفيين لا يجب أن يبقى سراً، محصوراً بنخبة روحية ولكن أن يصبح مقبولاً من كل المؤمنين.
    إن رسمية ونشاط تجربته الصوفي ( 56 ) أقرَّتا في كتابه الأكثر أهمية ( إحياء علوم الدين ) . إنه يتعلق بمجموع من أربعين فصلاً، درس فيها الغزالي تباعاً المسائل الشعائرية، والعادات ورسالة النبي ( الأشياء التي تقود للهلاك ) والأشياء التي تقود للخلاص . وفي هذا القسم الأخير نوقشت بعض مظاهر الحياة الصوفية. ومع ذلك ، جهد الغزالي للحفاظ دائماً على الوسط الصحيح مكملاً الشريعة والسنة بتعليم الصوفية، ولكن بدون أن يعطي الأفضلية للتجربة الصوفية. وبفضل هذه الوضعية تبنى علماء اللاهوت الأصوليون إحياء علوم الدين فحصل على سلطة لا مثيل لها.
    إن الغزالي كمؤلف موسوعي غزير المادة، كان أيضاً مجادلاً كبيراً. وقد هاجم الإسماعيلية بدون انقطاع كما هاجم الاتجاهات الغنوصية ، ومع ذلك فإنه في بعض من كتاباته، يستوحي تعاليمه الصوفية حول النور بنية غنوصية.
    وحسب رأي عدد من العلماء، فإن الغزالي قد خاب في قصده ( إعادة إحياء ) الفكر الديني للإسلام. ( مهما كان متألقاً فإن تقدمته لم تفلح أبداً بمنع تصلب المفاصل الذي سيجمد إلى قرنين أو ثلاثة تالية الفكر الديني الإسلامي ) .

 

الكاتب: ميرسيا إلياد

 ترجمة عبد الهادي عيسى  
    
  

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...