الدور السوري الإيراني وحسابات حزب الله

15-07-2006

الدور السوري الإيراني وحسابات حزب الله

الجمل : أن الإمساك بجنديين إسرائيليين , مصحوبا ً  بمقتل ثمانية جنود إسرائيليين أيضا ً في هجوم نوعي عابر للحدود بواسطة عناصر حزب الله اللبناني , وذلك في نفس الوقت الذي تقوم فيه القوات الإسرائيلية بشكل مستمر في قطاع غزة بالبحث عن الجندي الإسرائيلي  , الذي تم أسره  عن طريق حركة حماس , إضافة ً إلى القيام بتنظيف القطاع من كل عوامل إطلاق صواريخ قسام . جميعا ً تمثل أبرز معالم ومؤشرات انفتاح جبهة ثانية في الحرب ضد إسرائيل , والمزيد من القتال الذي تقوم بشنه ِ هاتان الجماعتان , وفقا ً لدعم ومساندة دول المنطقة الـ ( راعية للإرهاب ) والتي تمثل كلاً من سوريا وإيران .
كذلك تسلط هذه التطورات الضوء على الاحتمالات والإمكانيات الكامنة لحدوث تصعيد أكبر وتعكس المخاطر المتزايدة  التي تفرضها توجهات محور مناهضة ومعاداة أمريكا , ومناهضة ومعاداة إسرائيل , والذي يتمثل في حماس , حزب الله وسوريا .. وإيران.
 
ـــ حسابات حزب الله :
يمثل هجوم حزب الله إيفاء ً لوعد والتزام زعيمه  السيد حسن نصر الله , بالتواصل إلى إطلاق سراح السجناء اللبنانيين الثلاثة , الذين مازالوا في قبضة  إسرائيل والآن , بتنفيذ العملية . وربط عملية إعادة الجنديين الإسرائيليين بإطلاق سراح المعتقلين اللبنانيين الثلاثة و آلاف السجناء الفلسطينيين , يكون حزب الله قد سعى متقدما ً باتجاه تعزيز وتدعيم موقفه المحلي والإقليمي بربط  عجلته مع القضية الفلسطينية .

فمن غير الواضح أن عملية المناورة هذي سوف تحقق نجاحا ً مميزا ً .. لأن إثارة إسرائيل وخسائر الحياة وتخريب البنيات التحتية اللبنانية . من الممكن أن تؤدي إلى سخط متزايد تجاه الميليشيا الشيعية بواسطة السكان اللبنانيين  . وبالفعل بعد يوم واحد من القتال , ثم تخريب مطار بيروت , على النحو الذي يرجح احتمالات فشل الموسم السياحي الذي بدأ مبشرا ً في لبنان , وإذا ما أصبحت بيروت مسرحا ً ومكانا ً للقتال فإن التكاليف الاقتصادية والإنسانية سوف تكون كبيرة بشكل ملحوظ.

 

 

ـ الدور السوري والإيراني: 

بوضوح تام نلاحظ أن  كل قرارات وسياسات حزب الله تقريبا ً تتم بالتنسيق مع القيادة المرجعية الدينية الإيرانية , ومن الصعب جدا ً علينا الاعتقاد أن هذه الجماعة اللبنانية ـ أي ( حزب الله ) قد تخلت عن مباركة ودعم طهران قبل أن تقدم بالتحرك من أجل تنفيذ هذه المغامرة . بل والقيام بذلك في مثل هذا الوقت .
 إضافة ً لذلك , يخدم  المصلحة الإيرانية لأنه يصرف الانتباه عن المواقف الدبلوماسية  الراهنة  حاليا , إزاء البرنامج النووي الإيراني وإحالة أمره إلى مجلس الأمن الدولي .

سوريا أيضا ً تسعى من أجل تحقيق عدد من المكاسب من الأزمة القائمة حاليا ً , وذلك عن طريق استضافتها لمؤتمر جديد هذا الأسبوع عقده رئيس المكتب السياسي لحركة حماس   خالد مشعل  , والذي أعلن فيه عن نفسه باعتباره المتحدث والمحاور الرئيسي إزاء كل الجهود التي تهدف إلى إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي المأسور " شاليط "  وقد سعى الرئيس السوري بشار الأسد من أجل تقليل اهتمام بلده إزاء أي جهود تهدف إلى حل هذي الأزمة , وعن عزمه لاستغلال واستخدام ذلك من أجل تخليص سوريا من عزلتها الدولية . هذا , ومغامرة حزب الله تزود وتقدم لسوريا فرصة أخرى من أجل إحراز التقدم في هذه الأجندة .

خيارات إسرائيل :

يجب النظر لخيارات إسرائيل ضمن سياق خبرتها التاريخية في التعامل مع هجمات واعتداءات الفلسطينيين وحزب الله الماضية ,العابره للحدود . وقد تضمنت ردود الفعل المنصرمة , كالآتي :

* عمليات أرضية كبرى رئيسية في جنوب لبنان , لتفكيك البنيات التحتية لمنظمات وجماعات معادية لإسرائيل هناك ,حيث قتلت وقبضت على عدد كبير ٍ من أعدائها هناك , وقامت بتجديد واستحداث منطقة أمنية على طول الحدود ( على سبيل المثال , عملية الليطاني في آذار عام 1978 , وعملية سلام الجليل في حزيران/  عام 1982 ) .


* توجيه الضربات الجوية والمدفعية الهادفة من أجل القضاء على البنيات التحتية لحزب الله , وتشريد أكبر عدد من المدنيين اللبنانيين وتهجيرهم .
 ( عملية المحاسبة في تموز / 1993 م , عملية عناقيد الغضب في نيسان 1996 .
وذلك لوضع وتشديد الضغوط على عاتق الحكومة اللبنانية من أجل الحد من قوة حزب الله .

الضربات الجوية , وغارات وهجمات كوماندوس القوات الخاصة ضد عناصر البنيات التحتية المدنية اللبنانية , والتي كان من بينها شبكات نقل الكهرباء ( في نيسان 1996 وظروف أخرى بعد ذلك ) ومطار بيروت ( تشرين أول 1998 ) وذلك من أجل وضع المزيد من الضغوطات على الحكومة اللبنانية كي تحد من أنشطة هذه الجماعات الإرهابية .

 ـــ توجيه الضربات الجوية ضد رادارات الدفاع الجوي السورية في وادي البقاع
( نيسان وتموز 2001 ) وضد معسكر تدريب إرهابي فلسطيني جنوبي شرقي دمشق (أكتوبر عام 2003 ) وذلك من أجل  ردع سوريا وكبح جماح حزب الله .

 اختطاف كبار ضباط ومسؤولي  حزب الله ( الشيخ عبد الكريم عبيد , اختطف في تموز 1980 )  أو الأفراد الآخرين وبالذات الذين لديهم معلومات حول الجنود الإسرائيليين المأسورين .

( رئيس أمن حركة أمل السابق مصطفى ديراني , اختطف في أيار 1994 ) .
وقد تمت إعادة الاثنين إلى لبنان ضمن جزء من عملية تبادل الأسرى في يناير 2004 مع حزب الله .

لقد أدت هذه الأنشطة عموما ً إلى نتائج معتدلة , وربما مختلطة إلى حد ٍ ما في بعض الأحيان . كذلك فقد أدى غزو لبنان في عام 1978 إلى احداث استرخاء ومساعفة مؤقتة , إلا أنه ُ قاد إلى استحداث ولاية قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان  (    UNIFIL  ) وإلى تكوين دولة منظمة التحرير الفلسطينية المصغرة
في جنوب لبنان كذلك دمر غزو عام / 1982 , دولة منظمة التحرير الفلسطينية المصغرة وأدى ـ إلى انفراج  بالنسبة لسكان شمال إسرائيل , ولكنه أيضا ً أدى إلى تدعيم زراعة بذور حزب الله وصعوده . وقد كانت استعدادات حزب الله تجعل من أي عملية غزو بري إسرائيلي , تجربة موجعة شديدة الإيلام , إلا أنه ما من سبيل غير ذلك لاجتثاث أكثر من عشرة ألف صاروخ كاتيوشا  يقال بأن حزب الله قد قام بتخزينها والتحوط  عليها
  
الهجمات على البنيات التحتية تم تصميمها من أجل الضغط على الحكومة اللبنانية , ولكنها أصبحت ذات قيمة محدودة مؤقتة , وفي بعض الأحيان تولد نتائج عكسية , تعزز الموقف المحلي لحزب الله . هذا وأن حزب الله قد فعل وقام بالكثير في الوقت الماضي من أجل توزيع  وإخفاء أنشطته  والحد من توسيع بنياته التحتية في جنوب لبنان , لذلك فإن الضربات الجوية وضربات المدفعية الإسرائيلية لن تُحْدِث سوى ضرر محدود ولن تسفر عن أي شيء ٍ يمس قدراته .

ـ إن لعمليات الأسر والخطف التي تمت تجاه الجنود الإسرائيليين قيمة ردعية محدودة . وحيث أن إسرائيل لم يحدث قطعا ً أن تخلت عن قتلاها وسجنائها وعلى الأرجح سوف تستمر متمسكة في القيام بذلك, فمن الممكن أن تؤثر بالتقليل من أهمية هذي المسألة من جهة وفي نفس الوقت من الجهة الأخرى تقوم بتوسيع نطاق عملياتها العسكرية كوسيلة من أجل حل نطاق أوسع من الأمور المتعلقة والتي  من بينها صواريخ حزب الله وبنفس القدر السجناء الإسرائيليين .

وأخيرا ً , هناك الخيار السوري , فقد كانت الهجمات على المصالح السورية في السنوات الأخيرة ذات قيمة رمزية , ـ رادارات الدفاع الجوي في لبنان ومعسكر التدريب الفلسطيني المهجور في سوريا ـ فهذي الأمور ليست ذات قيمة محرجة بالنسبة لسوريا . وسواء ً ما رأت سوريا أن العمليات ضد الأهداف الهامشية  دليلا ً على افتقار إسرائيل للحل , أو أنه  نذيرا ً إلى ما هو أكثر سوءاً   وعلى أية حال , فإن التأثير الطويل الأمد على دعم سوريا للإرهاب يعتبر محدودا ً . ومن بعد , فإن  ثمة إمكانيات واحتمالات لأن تكون إسرائيل ميالة ً إلى استهداف المنشآت العسكرية السورية الهامة من أجل اختبار إمكانيات ودبلوماسية القسر والإكراه في إزالة عقبات الأزمة الطويلة الامتداد .

 

الجمل : قسم الترجمة

ـ الكاتب : ميشيل أيزينشات

ـ المصدر : معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى



 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...